تواجه كل جامعاتنا الحكومية اتهامات بالجملة في ضعف مستوي خريجيها مما دفع أولياء الأمور يتسابقون نحو الجامعات الخاصة لإلحاق ابنائهم بها دافعين كل ما يملكون من أموال استثمارا في مستقبل أبنائهم. علي الجانب الآخر نجد جامعاتنا الحكومية تئن وتصرخ من قلة مخصصاتها المالية في ميزانية الدولة مما يعيقها عن أداء عملها. ومع ذلك يجاهد المسئولون بها ويحفرون في الصخر للتغلب علي كافة الصعاب والتحديات. وفيما يلي نستعرض جانبا من معاناة الجامعات وطرق معالجتها للأزمة. يشير الدكتور حسام كامل. رئيس جامعة القاهرة. إلي أن عدد طلاب الجامعة يقرب من 250 ألف طالب منهم نحو 180 ألف طالب منتظم و70 ألف طالب منتسب إلي التعليم المفتوح. مشيراً إلي أن هذا العدد يفوق القدرة الاستيعابية للجامعات التي تتراوح بين 30 و40 ألف طالب.. موضحا ان الموازنة السنوية لجامعة القاهرة تصل إلي مليار و750 مليون جنيه سنويا. مضيفا ان الجامعة تتحمل منها 750 مليون جنيه من مواردها الذاتية. وكشف أن الدولة تحدد موازنة الجامعة وفقا للأعداد المقبولة بها كل عام. مشيراً إلي أن ما توفره الدولة لا يكفي لمواجهة الاعداد المقبولة بالجامعة ولا يسهم في تحقيق عمليات التطوير المستهدفة. وسائل مبتكرة يؤكد انه لا يوجد حل لهذه المشكلة. إلا من خلال إنشاء جامعات حكومية باستثمارات مرتفعة. وابتكار وسيلة جديدة للتعامل مع هذه الأعداد خاصة في الكليات النظرية وبين ان الجامعات لديها خطط لمشروعات متميزة ولا تستطيع تنفيذها لعدم وجود تشريع ينظم هذه العملية مثل تحديد كيفية اشتراك الجامعات الحكومية مع القطاع الخاص في إقامة مشروعات استثمارية تدر عليها عائداً مادياً. أضاف د. حسام: ان الهدف الذي نسعي إليه هو وضع الجامعة في جامعات الجيل الثالث. موضحا ان الجامعات تنقسم لجامعات جيل أول وثان وثالث ونحن مازلنا في الجيل الثاني فهذا النوع من الجامعات لا يهتم سوي بالتعليم والبحث العلمي. أما جامعات الجيل الثالث فتهتم بذلك إلي جانب اهتمامها بالنهوض بالاقتصاد وريادة الاعمال. ويقول: إن الجامعات في الدول المتقدمة تقوم بمشاركة الباحثين في دراستهم خاصة في الجانب التطبيقي وتعتمد علي هذا في تمويلها مثلا جامعة هارفارد تحصل علي 3 مليارات دولار سنويا من ذلك. ومن المهم البحث عن العقبات التي تحول دون تحقيق هذا ومواجهتها. أربعة * واحد يؤكد الدكتور محمد عبدالشافي.. نائب رئيس جامعة الأزهر لفرع أسيوط.. أن جامعة الأزهر تعتبر أربع جامعات في جامعة واحدة بدءا من الإسكندرية حتي أسوان. فهي تضم 72 كلية وهذه الكليات تضم بداخلها 15 كلية عملية ومعروف للجميع أن تكلفة الطالب في الكلية العملية ضعف طالب الكلية النظرية.. كما أن جامعة الأزهر بها نصف مليون طالب و12 ألف عضو هيئة تدريس فضلا عن الموظفين والعاملين بالجامعة. ورغم ذلك تتعامل الدولة مع جامعة الأزهر علي أنها جامعة واحدة مثلها مثل أي جامعة أخري رغم انها تفوق أي جامعة في كل شيء. وعلي الدولة ان تضاعف هذه الميزانية أربع مرات لتعطي الجامعة حقها. حقوق محفوظة أضاف د. عبدالشافي: لا مساس بأجور ورواتب العاملين بالجامعة فهي محفوظة والدولة تتكفل بها.. لكن التقصير يكون في جانب الإنشاءات وتجهيز الكليات. فهي تعاني النقص والفقر وهذا ليس وضعا خاصا بجامعة الأزهر إنما هو حال كل الجامعات المصرية. فالجميع بلا استثناء يشكو نقص الخدمات وضعف الامكانيات. أوضح ان جامعة الأزهر جزء أصيل من الدولة والدولة اليوم علي حافة الانهيار والافلاس ولا يجوز بأي حال من الأحوال المطالبة بتعديل أوضاعنا لحين استقرار الأوضاع. وأشار إلي انه رغم ما تعانيه الجامعة إلا أنه لا فرق بين خريج الأزهر وخريج أي جامعة أخري حتي ان خريج الأزهر تفوق علي نظيره في بعض مجالات العمل كالسلك القضائي وغيره. الاكتفاء الذاتي وقال الدكتور عصام عبدالمحسن عميد طب بنين الأزهر بالقاهرة: لا أحد ينكر ان جامعة الأزهر وطلابها يعانون من ظلم شديد في كل شيء. فعلي حد معلوماتي تخصص الدولة ألفي جنيه لطالب الأزهر من الموازنة العامة في حين أنها تخصص سبعة آلاف جنيه لنظيره في الجامعات الأخري. وهذا ظلم بين لطلاب الأزهر وغير مبرر فالمفترض مساواتهم بزملائهم في الجامعات الأخري بل علي العكس المفترض ان ينفق عليه ببذخ لأنه لا يمثل الأزهر إنما يمثل الإسلام في مصر وفي العالم العربي والإسلامي. أضاف د. عصام: أن عدد طلاب جامعة الأزهر بكلياتها العملية والنظرية في كل أنحاء مصر يزيد عن 450 ألف طالب في حين لا يزيد عدد طلاب أكبر جامعة أخري عن 150 ألف طالب ورغم ذلك هناك نقص شديد في الخدمات المقدمة للأزهر من الدولة وهذا إجحاف لجامعة الأزهر.. لكن ما يعطينا بريق أمل هو تغير هذا الوضع بعد الثورة حيث بدأت الدولة رغم الظروف الصعبة تولي الأزهر بعض الاهتمام ومع استقرار الأوضاع سنشهد تغيراً أفضل من ذلك. أشار إلي أن نقص ميزانية جامعة الأزهر انعكس بالسلب علي بعض الاشياء حيث تم اغلاق مباني كاملة في عدد من الكليات لأنها متهالكة وفي حاجة للإصلاح والترميم لكن عدم القدرة علي ذلك لاغلاقها. أوضح ان كلية الطب في حاجة ماسة لأموال كثيرة لخدمة العملية التعليمية والارتقاء بالمستوي العلمي بالطلاب فالكلية تحتاج لموديلز وأجهزة كمبيوتر ونحن نعوض هذا النقص بالجهود الذاتية وجميع التبرعات من محبي الأزهر الراغبين في مساعدة أبناء والارتقاء به لكن هذا الوضع غير مرضي لكثير منا لأن لدينا موارد لو تركتها الجامعة لنا تحققنا اكتفاءاً ذاتياً وجهزنا المعامل بأحدث الاجهزة وقدمنا أعلي خدمة علمية للطالب.. هذه الموارد تتصل في الرسوم التي يرفضها الطلاب الماليزيين الذين يدرسون بالكلية حيث يقومون بتسوية هذه الرسوم وهي مالية بإدارة الجامعة ولاحق لنا فيها. والإدارة تحاول قدر المستطاع مساعدتنا ليس بالشكل الذي نتمناه ولكنهم كثيراً ما يخبروننا بأنه لا توجد المواد ويرجئون مطالبنا لحين توافر السيولة. عيوب المركزية وانتقد بشدة المركزية في جامعة الأزهر التي تجعل الإدارة تتحكم في كل شيء وتعوق الكليات عن انجاز أي لها حيث يوجد 64 كلية طب علي مستوي الجمهورية وهناك صعوبة شديدة في تواصل هذه الكليات بالإدارة وطالب بالتحلل من هذه المركزية خاصة فيما يتعلق بالأمور الإدارية علي أن توفق كل كلية أوضاعها. أضاف: تعاني من نقص شديدة في عدد الممرضات وأهمال وذلك لتدني أجورهن لدينا فعائد الممرضة عن "النباطشية" بمستشفي الحسين الجامعي لا يزيد عن عشرين جنيها.. لذا تعزف الممرضات عن العمل بالمستشفي كما ان هذا المبلغ البسيط غير متوفر وتحاول الحصول عليه من صندوق تحسين الخدمة الذي هو ناضب الآن وبلا موارد تمويل. أقل ميزانية أما الدكتور إبراهيم الهدهد عميد كلية لغة عربية الازهر فقد صرح لنا من قبل بأن ميزانية جامعة الأزهر أقل من ميزانية جامعة حلوان التي تضم 12 كلية وهذا ظلم شديد لجامعة الأزهر العريقة التي يعد دعمها دعماً لمكانة الأزهر في العالم العربي و الإسلامي. أضاف: الغالبية العظمي من الكليات سواء بالقاهرة أو بالأقاليم يتم بناؤها بالتبرعات الذاتية بفضل الله عزوجل وبفضل الجهود التي يبدلها رجال الأزهر للارتقاء به. الوحدات الإنتاجية من جانبه أوضح بهاء مختار أمين مساعد الجامعة لشئون الطلاب والتعليم لجامعة حلوان أن إطلاق الوحدات الانتاجية لخدمة الجامعات تدعم موارد الجامعة وترفع عن كاهل وزارة التعليم العالي الدعم المخصص لجامعات بعد خمس سنوات شريطة أن تصدر لها قوانين خاصة ونظام مراقبة خاصة مع رفع الضرائب التي تطبق بحوالي 20% علي دخل هذه الوحدات لأن موارد الجامعات لا تكفي وهذا استثمار جيد يخسرها المنتج الجامعي فلم يزكوا للجامعة فرصة تنمية مواردها وتدخل السوق بالمنتج لتنافس فاليوم هذه الوحدات رغم قانون الضرائب وغيره إلا أنها تساعد في تنمية موارد الجامعات وتعتمد عليها كليا اليوم فإذا رفع قانون الضرائب ووضعت قوانين استثمارية جديدة لا تحتاج الجامعات لدعم الدولة بعد خمس سنوات وإلغاء قانون 89 المكبل للمنتج الجامعي إضافة إلي دعم البحث العلمي فهناك في جامعات أخري فيها مستشفيات تعد دخلا للجامعة وكلية الزراعة وغيرها يحول الجامعة إلي دعم ذاتي وكذلك رسم الاتحادات الطلابية لا يساعد علي البرامج والانشطة والمسابقات مع زيادة الاسعار وإذا تم رفع هذا الرسم وكذلك تسويق المنتج الانتاجي الجامعي سيساهم ايضا في النشاط والبرامج للأسف الدم المخصص سواء من وزارة التعليم العالي ووزارة الشباب لايكفي لهذه الانشطة. وقال د. بهاء مختار جامعة حلوان بها أكثر من 20 كلية وبها مالا يقل عن 80 ألف طالب وطالبة وأعضاء السلك الجامعي يزيد عن 5 آلاف ما بين معيد واستاذ مساعد واستاذ ومدرس ومدرس مساعد ويعمل لخدمة الطلاب ما بين 10 - 9 آلاف موظف والجامعة في الاصل خدمي فقدم خدمات تعليمية وتثقيفية للطلاب وليست جهة استثمار ولهذا فالدعم الحكومي لايكفي إلا بمساعدة موارد داخلية للجامعة فلهذا الواجب أن تقوم كل جامعة بتنمية مواردها من خلال المنتج الجامعي الذي سيكفي الجامعة إذا استغل استغلالا صحيحاً واستثمارياً.