بعد قيام أهالي أبوالمطامير بوقف وتعطيل الدراسة بإحدي المدارس إعتراضا علي عمل المرأة وأنها السبب في تدني وإنهيار العملية التعليمية "لكثرة غيابها عن المدرسة لظروف تتعلق بها ما بين الحمل ورعاية الطفل" والمطالبة باستبدال المدرسات بمدرسين رجال.. "عقيدتي" تحاورت مع بعض الخبراء وعلماء الدين حول موقف الشريعة الإسلامية من عمل المرأة وتحديداً في مجال التعليم خاصة مع تزامن ذلك بصدور فتوي للدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية يجيز فيها تلقي العلم علي يد إمرأة وفي السطور القادمة التفاصيل : بداية أكدت الدكتورة سهير عجلان أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس إلي أن كل المشاكل التي يعانيها المجتمع المصري بسبب حالة الفوضي التي عمت البلاد والتي لم تفرق بين ما يجب فعله وما لا يجب فعله فمن غير المنطق والعقل أن يقوم أولياء أمور بإيقاف العملية التعليمية ومنع المدرسين والمدرسات والتلاميذ من الدخول بدعوة أن المدرسات يعوقن العملية التعليمية وأنهن السبب في حالة التردي والتأخر في المجال التعليمي فنحن لا ننكر وجود مشكلة كبيرة في التعليم في بلادنا لكن ليس بهذا الشكل تحل الأمور.. فهذه حالة من العشوائية والفوضي غير المقبولة وهناك من يستغل هذه الأمور ويدخل الدين في هذا الشأن ويحاول العودة بنا للعصر الجاهلي وحرمان المرأة من العمل والاستحواذ علي كل شيء. وأضافت: عمل المرأة في مجال التعليم وكافة المجالات الأخري لا يقل أهمية عن الرجل فطالما أنها قادرة علي فعله ومؤهلة لذلك فلا مانع ديني ولا اجتماعي من هذا.. لكن ماذا نقول لمن يدعي أنها تؤخر التعليم وتعمل علي انهياره لا يسعني إلا أن أقول لهم: "اتقوا الله في مصر وفي أبنائنا وكفوا هذه الفوضي التي تضر ولا تفيد". تكريم الإسلام للمرأة وقالت الدكتورة أمال ياسين أستاذة الفقه والعميد السابق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات. بالخانكة: لقد كرم الإسلام المرأة وأعطاها من الحقوق ما لم تعطه لها القوانين الوضعية في وقتنا الحاضر التي تتشدق بحماية حقوق المرأة وأنزالها مكانتها التي تستحقها في مجتمعها ولم لا؟ وهي الزوجة والأم والابنة والأخت وهي المربية ففي حجرها نشأ الرجال ومنها تعلموا الفضائل والأخلاق ثم هي بعد ذلك شريكة الرجل في الحياة فلا يعقل أن ينفرد أحدهما بميزات دون الآخر الا بما ميزه الله تعالي بها وهي في واقع الأمر تكريم لها وما نسمعه اليوم من دعوات حول عدم صلاحية المرأة لتعليم النشء بحجة أنها كثيرة المشاغل والتغيب عن عملها فهذا قول ليس له في الواقع ما يؤيده لأن كثرة أعباء المرأة لم تكن يوماً عائقاً لها عن ممارسة العمل في المجالات الأخري في الحياة. ولا أظن أنها كل يوم في حالة حمل ووضع تؤثر في ذلك علي العملية التعليمية. ولو فرض أنها في اجازة لظروفها السابقة فهناك من يقوم مقامها في هذه الفترة المؤقتة ثم ما الفرق بين حصول الرجل علي إجازة مرضية وبين حصولها علي إجازة ثم إن تعليم المرأة الناشئة أولي من الرجل لما جبلت عليه من عاطفة الأمومة فهي مربية الأجيال. وأضافت د. أمال: إن سلب المرأة حقها في التعليم والتعلم ردة للوراء ورغبة في عودتها إلي المنزل في ظل ظروف اقتصادية يصعب علي الرجل تحملها بمفرده. وهي في ذات الوقت انقضاض علي حق من الحقوق التي كفلها الإسلام لها وهي حق التعليم والتعلم والتي لم يفرق فيها بين ذكر وأنثي حيث قال صلي الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة" وإذا كان طلب العلم فريضة كما يقول النبي صلي الله عليه وسلم فمن مستلزمات الفريضة العمل بما تعلمه الانسان ونشره حتي يستفيد أكبر قدر ممكن من الناس والا كان كاتماً للعلم وقد قال صلي الله عليه وسلم: "من كتم علماً ألجمه الله بلجام من النار" فالنبي صلي الله عليه وسلم لم يفرق في حديثه الشريف بين الرجل والمرأة وبقدر ما تبذله المرأة من جهد في التعليم والتعلم بقدر ما تظهر مهارتها ونبوغها وتحتل المكانة التي تليق بها. وأشارت إلي أن دور المرأة في نشر العلم وتبليغ الدين إلي الناس لا يمكن إنكاره فقد كانت زوجات النبي صلي الله عليه وسلم ينشرن العلم عملاً بقول الله عزوجل: "واذكرن ما يتلي في بيوتكن من آيات الله والحكمة" الأحزاب - ..34 كما كان الصحابة يأتون زوجات النبي صلي الله عليه وسلم ويسألوهن عما خفي عليهم من أحكام الدين وأحاديث النبي وقد برزت في هذا السيدة عائشة رضي الله عنها فقد أكثر الصحابة من الرواية عنها وسؤالها وقد كانت تجيبهم وتناقشهم وتعترض علي بعض أقاويلهم وترشدهم للصواب ولم يقتصر الأمر علي زوجات النبي فقط فقد روي أن زوجة أبي الدرداء كان لها مجلس علم في جامع دمشق كان يأتي اليه الرجال ليأخذوا العلم عنها ويتفقهوا علي يديها حتي أن الخليفة عبدالملك بن مروان كان من الذين يجلسون اليها ويتعلم منها وهو الخليفة. وأوضحت أن كتب التاريخ والتراجم تزخر باسماء نساء كثيرات تعلمن العلم وروين الأحاديث وبرعن في الفقه والافتاء وكان منهن الشاعرات والأديبات وليس هذا فحسب فهناك من النساء من تميزت باتقان بعض العلوم الإنسانية كالرياضيات والفلك والطب والصيدلة وغير ذلك من العلوم التي تناسب المرأة وكن مثالاً في التعليم ونشر العلم بمختلف الوسائل المتاحة لهن وقد نتج عن الاهتمام بتعليم المرأة أن ظهر في ديار الإسلام عدد كبير من النساء العالمات في مختلف علوم العصر وكان لهن أثر واضح في إثراء الحركة العلمية في تاريخنا الإسلامي علي مر العصور. ولم يقتصر دور المرأة علي التعليم فقط بل كان لها بالغ الأثر في نشر ما تعلمته حيث تتلمذ علي يديها كبار العلماء فكان منهن المحدثات كأمثال كريمة المروزية والسيدة نفيسة بنت محمد وقد ذكر الحافظ بن عساكر وهو أحد رواة الحديث أن عدد شيوخ وأساتذته من النساء كان بضعا وثمانية أستاذة حيث كان منهن الأستاذات والمدرسات للامام الشافعي والامام البخاري وابن حبان وجميعهم من الفقهاء والأدباء والعلماء المشهورين ورغم ذلك لم ينفوا يوماً من الاعتراف بأنهم درسوا علي أيدي نساء بل انهم افتخروا بذلك. تشدد مرفوض ووافقتها الرأي الدكتورة زينب عياد مدرس الفقه المقارن بجامعة الأزهر قائلة: لم يمنع الإسلام المرأة من العمل فالله عزوجل شرع لعباده العمل وأمرهم به حيث قال تعالي: "وقل إعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون" وهذا يشمل المرأة والرجل علي حد سواء.. لكن يجب علي المرأة مراعاة العناية بالحجاب والستر والبعد عن أسباب الفتنة في العمل. وأضافت: للأسف الشديد فقد اتخذ بعض المتشددين الأحاديث سواء الموضوعة أو التي أسيء فهمها في هذا الشأن وتعارضها مع السنة الصحيحة ذريعة لمنع المرأة من الخروج من بيتها باسم الدين علي سبيل المثال من هذه الأحاديث الضعيفة قول النبي صلي الله عليه وسلم لابنته فاطمة: "أي شيء خير للمرأة" فقالت فاطمة: "ألا تري رجلاً ولا يراها رجل" فضمها إليه وقال لها ذرية بعضها من بعض. أكد العراقي في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين للإمام الغزالي ان هذا الحديث سنده ضعيف. وبالتالي فالإسلام في تشريعاته يهدف لتحقيق منهجه المتكامل والمرأة في نظر الإسلام ليست خصماً للرجل لكنها مكملة له.. ولقد فضل القرآن الكريم بكثير من الآيات الدالة علي تكريم الإسلام للمرأة وإهتمامها به علي أساس المساواة بينها وبين الرجل في الإنسانية ومساواتها معه في العمل وقد ذكرها عزوجل بجانب الرجل في كثير من الآيات حيث قال تعالي: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" وكذلك قوله تعالي: "وما خلق الذكر والأنثي إن سعيكم لشتي".. كما أن هناك سورا من القرآن الكريم تحمل اسم المرأة مثل سورة مريم أو سورة تتناول موضوعات تهم النساء كسورة المجادلة والنساء فسورة المجادلة نزلت في خولة بنت ثعلبة الخزرجية الأنصارية التي جادلت النبي صلي الله عليه وسلم بالحجة والمنطق والفصاحة بعد أن ظاهر منها زوجها فقال سبحانه وتعالي: "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلي الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير".