اتحاد منتجي الدواجن: السوق محكمة والسعر يحدده العرض والطلب    الرئيس الأمريكي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية    منتخب مصر يكتسح بوروندى ويتأهل لدور الثمانية بالبطولة الأفريقية للساق الواحدة    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    ضبط موظفة لقيامها بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين    التصريح بدفن جثمان طفل صدمته سيارة نقل بكرداسة    وكيل "صحة مطروح" يزور وحدة فوكة ويحيل المتغيبين للتحقيق    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    المجلس الدولي لحقوق الإنسان: نتنياهو لن يستطيع الخروج من إسرائيل    بعد ارتفاعها ل800 جنيها.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي «عادي ومستعجل» الجديدة    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي من آرسنال ل توتنهام    حسين لبيب: زيزو سيجدد عقده وصبحى وعواد مستمران مع الزمالك    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء في الدوري المصري    الدوري الإيطالي.. حفل أهداف في تعادل بولونيا ويوفنتوس    طبيب الزمالك: إصابة أحمد حمدي بالرباط الصليبي؟ أمر وارد    بعد الفوز بالكونفدرالية.. لاعب الزمالك يتحدث عن أداء وسام أبو علي مع الأهلي    وزير الصحة: 5600 مولود يوميًا ونحو 4 مواليد كل دقيقة في مصر    "رياضة النواب" تطالب بحل إشكالية عدم إشهار22 نادي شعبي بالإسكندرية    مراقبون: قرار مدعي "الجنائية الدولية" يشكك في استقلالية المحكمة بالمساواة بين الضحية والجلاد    قتلها وحرق الجثة.. ضبط قاتل عروس المنيا بعد خطوبتها ب "أسبوعين"    كيفية الاستفادة من شات جي بي تي في الحياة اليومية    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    حدث بالفن| حادث عباس أبوالحسن وحالة جلال الزكي وأزمة نانسي عجرم    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    إبراهيم عيسى: حادثة تحطم طائرة الرئيس الايراني يفتح الباب أمام أسئلة كثيرة    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن مصير الكوادر الطبية بالمستشفيات الحكومية (فيديو)    طريقة عمل ماربل كيك بالفول السوداني، فاخرة ومذاقها لا يقاوم    باتباع نظام غذائي متوازن، إنقاص الوزن الزائد بدون ريجيم    مصطفى أبوزيد: تدخل الدولة لتنفيذ المشروعات القومية كان حكيما    إجازة كبيرة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    ضحية جديدة لأحد سائقي النقل الذكي.. ماذا حدث في الهرم؟    المجلس التصديري للملابس الجاهزة: نستهدف 6 مليارات دولار خلال عامين    إيران تحدد موعد انتخاب خليفة «رئيسي»    بعد تعاقده على «الإسترليني».. نشاط مكثف للفنان محمد هنيدي في السينما    مشيرة خطاب تشارك مهرجان إيزيس في رصد تجارب المبدعات تحت القصف    أفلام صيف 2024..عرض خاص لأبطال بنقدر ظروفك الليلة    «بطائرتين مسيرتين».. المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف هدفًا حيويًا في إيلات    لميس الحديدي تعلق على طلب اعتقال نتنياهو وقادة حماس : مساواة بين الضحية والجلاد    خفض الفائدة.. خبير اقتصادي يكشف توقعاته لاجتماع البنك المركزي    كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي؟.. مصطفى أبوزيد يجيب    جهاز تنمية القاهرة الجديدة يؤكد متابعة منظومة النقل الداخلي للحد من التكدس    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    «حماني من إصابة قوية».. دونجا يوجه رسالة شكر ل لاعب نهضة بركان    سعر الدولار والريال السعودي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    متى تنتهي الموجة الحارة؟ الأرصاد الجوية تُجيب وتكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء    على باب الوزير    شارك صحافة من وإلى المواطن    غادة عبدالرازق أرملة وموظفة في بنك.. كواليس وقصة وموعد عرض فيلم تاني تاني    أزمة الطلاب المصريين في قرغيزستان.. وزيرة الهجرة توضح التطورات وآخر المستجدات    بشرى سارة.. وظائف خالية بهيئة مواني البحر الأحمر    المصريين الأحرار بالسويس يعقد اجتماعاً لمناقشة خطة العمل للمرحلة القادمة    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في البحث عن الصحابة
البحث عن ابن العاص المسجد العمري بالإسكندرية..عطر الصحابة
نشر في آخر ساعة يوم 17 - 07 - 2013

لم يبق من مسجد الفتح الإسلامي (العمري بالإسكندرية) إلا الموقع والاسم وعطر الصحابة. فقد تم تجديده أكثر من مرة علي مدي 1400سنة (رصدت سبعة تجديدات) حتي انهار تمام عام 1980 وأعيد بناؤه بطراز حديث علي بعض من مساحته وألحق به مستشفي خيري.
يقع علي ناصيتي شارعي أبو الدرداء من الغرب و الخديوي الأول (شريف) من الجنوب وأمامه بعرض الشارع المعهد الصناعي الإيطالي دون بوسكو (منذ عام 1896 م) والذي كان موقعه بوابة سدرة إحدي بوابات سور الإسكندرية الخمس ومن ثلاث برية منها وسماها العرب بذلك لوجود شجرة نبق (سدر) أمامها وكانت بوابة ضخمة لها قنطرة وخلفها ربوة ثم سور بعرض 5 م وراءه خندق بعمق 8م (رآها الأستاذ يوسف الجزايرلي حتي عمر 15 سنة وسجلها في موسوعة شوارع الإسكندرية فهو مواليد1881م ).. ويقول ابن الحكم (في فتوح مصر) أن عمرو فتح الإسكندرية من ناحية القنطرة التي في نهاية الطريق الي باب السدرة.
وهو ما يقوي احتمالات أن يكون هو مسجد الفتح فقد تمركز الجيش حوله في المنطقة 14 شهرا 3 منها في الحصار و11 بعد توقيع اتفاقية الإسكندرية التي نصت علي خروج جند الروم بعد 11 شهرا وطبيعي وجود مسجد للجماعة ومقر الإدارة والحكم كما تكررفي كل تمركزات الفتح وحتي بناء مسجد الفسطاط (مسجد الدولة الرسمي) ويزيد الاحتمالات وجود مقام للصحابي أبو الدرداء في شمال شرق المسجد وقد يكون الخباء (الخيمة) الذي أقام فيه مع الصحابي عبادة بن الصامت.
فكان يواجه أسوار المدينة بارتفاع 20 قدما (6 أمتار - دورين) يدعمها أبراج (لم يتبق منها إلا الجزء الشرقي المتصل بباب رشيد بقاعدة مستطيلة من طابقين. في حديقة الشلالات في باب شرق).
المنطقة كان بها أشجار زيتون (يعشقه الرومان) وفواكه ويغمرها فيضان النيل في يوليو فيملأ خزانات المدينة (400 خزان ضخم فسميت الإسكندرية بيت النهر وتأتيها المياه من بحير (ماريا) مريوط عن طريق ترعة شيديا (قرب مسار ترعة المحمودية حاليا) وتقع المنطقة قرب مدينة نكروبولس مدينة الموتي (مقابر كوم الشقافة وعمود السواري أو مقابر غرب اسكندرية حاليا) لذلك كان الأهالي والبدو يأتون في المناسبات لزيارة المقابر وتقديم الصدقات وصف مصر للحملة الفرنسية) ويدعي الأهالي وحتي الآن بوجود دهاليز فرعونية أسفل المنطقة تمتد حتي منطقة الأهرامات بالجيزة (قول يتكرر في كل مناطقنا الأثرية).
4 درجات رخامية طوبية اللون تصعد بك بعد رصيف الشارع الي المسجد العمري تمتد واجهته أمامك يتوسطها مستطيل جصي مكتوب عليها (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر) يحدد إطار البوابتين المزركشتين للبابين الخشبيين العريضين ويفصلهما عمود كبير وعلي الجانب الأيمن 3 نوافذ طويلة تطلان علي سقيفة معدنية علي الرصيف لزحام صلاة الجمعة وعلي اليسارأشجار (في نهاية شارع أبو الدرداء).
واجهته الجنوبية (علي شارع شريف) لها 14 نافذة زجاجية علي مستويين بزجاج أبيض وأعلاها بزجاج ملون بالأخضر والأصفر.
ارتفاع المسجد 9 أمتار (3 أدوار) وفي جنوبه مئذنة بارتفاع مماثل فتصل بقاعدتها في المسجد لارتفاع الدور السادس في عمارة مجاورة ولها شرفتان مثمنتان إحداهما في الثلث الأسفل والثانية في الثلث الأعلي أسفلها ساعة خشبية تقارب مئذنته القديمة المملوكية في وصف الحملة الفرنسية.
والمسجد في مجمله أقرب للحصن بضلعيه الغربي والجنوبي يتصدرهما حائط عرضي كأنه حصن يواجه السور القديم (إذا وقفت أمامه بعرض شارع شريف أمام معهد دون بوسكو) ويمر أمامك ترماي أصفر من شارع أبو الدرداء وآخر من شارع شريف.
والمسجد مستطيل 20 * 25 م (أرضه مفروشة بموكيت بمساحة 500 م في آخر تجديداته كما قال الحاج عبد ربه من اللجنة الأهلية لإدارة المسجد) محرابه في الجنوب بالرخام الأبيض والأزرق وبجواره المنبر الخشبي وسقفه مكسو بخشب بني بخطوط صفراء ومربعات خضراء ودوائر ومكعبات ويرتكز المسجد علي 16 عمودا جرانيتيا تبدأ من قمتها الكسوة الخشبية.
تتدلي من سقفه نجفة كريستال كبيرة علي شكل كمثري ونجفتان صغيرتان كريستال أبيض بشكل الشموع ومراوح.
وفي أعلي السقف شخشيخة (مستطيل لضوء النهار) بها واجهات زجاجية مستطيلة بها 18 مربعا وفي عرض الواجهة الغربية مكتبتان للمصاحف والكتب الدينية (المكتبة القديمة نقلت إلي مسجد الشيخ أثناء إعادة البناء) وتنتشر في المسجد ستاندات خشبية لقراءة القرآن في خلفية المسجد ميضة وضوء بعرض المسجد يسبقها سلم بإطار معدني لمصلي النساء في دور مسحور يطل علي منتصف المسجد.
ويلاصق المسجد مستشفي العمري الخيري بارتفاع 4 أدوار (بزيادة دور عن المسجد).
وقد تبرع الأهالي من أصحاب الورش المجاورة لإعادة بنائه في عام 1980 بمساعدة مقاول حديد تسليح ونفذته شركة متخصصة من القاهرة وكونوا جمعية تشرف علي إدارته ومتابعة صيانته عن طريق صناديق التبرع.
ووصف الجزايرلي المسجد وقد رآه حتي وفاته 1973 (8 سنوات قبل إنهيار المسجد) وكان مستطيل الشكل بابه علي شارع أبو الدرداء (كما هو الآن) له 6 أعمدة رخامية في صفين (تضاعفت 3 مرات) محرابه علي اليسار متواضع (حاليا بالرخام) ومنبر عادي وفي مقابل باب الدخول باب دورة المياه (مكانها المكتبة الحالية) ثم علي اليمين مقصورة بها ضريح وفوقها قبة مضلعة تكريما للعمري ( لايوجد حاليا ضريح ولا قبة) وليس للمسجد مئذنة (موجوده حاليا) وخلف المقصورة باب الي مقابر (أصبحت مستشفي خيري) ويقام أمام بابه صلاة الجنازة للمدفونين في مقابر باب سدرة وعمود السواري (مستمرة حتي الآن). وقد يكون ذلك شكله في آخر تجديداته المرصودة قبل ذلك 1824م والتي تولاها إبراهيم باشا الشيخ عميد أسرة الشيخ بالإسكندرية ذات الأصول الجزائرية وكان عالما وفقيها وذلك بعد الحملة الفرنسية (1798م) بحوالي 23 سنة في عهد محمد علي الكبير والتي وصفته في كتاب وصف مصر بطول واجهتيه (126 * 127) أي قرابة 1600م مربع فيكون ثلاثة أضعاف المساحة الحالية (يمتد الي قرب مقام أبو الدرداء في شماله علي بعد 150م) وله رواقان وصفان من الأعمدة الرخامية والجرانيتية يتوسطه قبة للوضوء حولها أحواض وبداخله حمامات وأماكن لرجال الصوفية وله مئذنة من 3 أدوار بشرفتين ثمانيتين في الدورين الأولين والثالث اسطواني ينتهي بقبة مضلعة بطراز مملوكي (غالباً من تجديدات الناصر بن قلاوون 703 ه) وبالقطع كان قوي البناء فاتخذوه لمرابض مدفعيتهم وبذلك تحمل الكثير من الاهتزازات العنيفة وسلوكيات الجنود (لمدة 3 سنوات) مما حتم التجديد.
وقد أقام بجوار غرب المسجد الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري (يطل موقعه القديم علي شارع شريف).
والمسجد العمري غير مسجد الرحمة الذي بناه عمرو بن العاص بعد الفتح الثاني للإسكندرية 25 ه (مرجح أن يكون بحديقة الشلالات - قرب أطلال سور باب شرق).
من الأعيب اللغة العربية أن اسم العمري إذا ضمت العين نسب الي عمر بن الخطاب (أمير المؤمنين) عند الفتح كما يري د. خالد عزب (مكتبة الإسكندرية) وإذا فتحت ينسب إلي عمرو بن العاص فاتح الإسكندرية كما يراه الأهالي الإسكندرية تشرفا بالصحابي الذي جاء بلادهم وهو أمر تكرر في كثير من مساجد مدن مصر والدول العربية وحتي قبرص وفسر الاسم بالطريقتين.
وأن طرح الجزايرلي احتمال أن يعود الإسم إلي القاضي شهاب الدين بن فضل الله العمري (700 - 786 ه) من سلالة ابن الخطاب وكاتب سر السلطان الناصر قلاوون في دمشق والقاهرة ومؤلف موسوعة (مسالك الأبصار في ممالك الامصار) من 20 مجلدا ومؤلفات أخري وقد استقر في الإسكندرية واحتمال موته ودفنه في مسجد العمري ويضعف ذلك أن القاضي مدفون بالقاهرة وليس هناك ما يبرر إطلاق اسمه علي مسجد مقام من 800 سنة قبله تقريبا.
وتاريخيا وجدت أن موقع المسجد في 300ق.م كان دارا للعلم ترجمت فيه الكتب غير اليونانية، وأشهرها التوراة وترجمت من العبرية إلي الرومانية حسب طلب بطليموس الثاني وقام بها 70 مترجما فسميت الترجمة السبعينية ويقول علي مبارك في الخطط التوفيقة كانت دار الحكمة أو الندوة.
ثم أصبحت كنيسة العذراء 300 م (بعد 600 سنة) وكانت خرائب في الفتح الإسلامي (بعد 340 سنة) إما من زلزال قوي أو من تدمير الغزو الفارسي (616 - 626م) الذين طال حصارهم للمدينة لأكثر من عام فدمرو ونهبوا ما خارج الأسوار من أديرة وكنائس ومبان وتعدوا علي أجساد القديسين المحفوظة والكنوز العلمية من خزانتها ولم يتسع الوقت للقبط ببناء ما تهدم خلال 14 عاما تفصل خروج الفرس عن الفتح العربي مما عانوه من اضطاد ديني من الروم وهروب الأنبا بنيامين في أديرة الصعيد.
أثر مسجد العطارين (في الشرق) في اسم وتاريخ جامع العمري ففي أواخر العصر الفاطمي قام الوزير بدر الدين الجمالي 487 ه بتجديده، فميز العمري باسم المسجد الغربي وفي تجديدات الوزير الأفضل شاهنشاه بن بدر الجمالي 488 ه سمي الجامع العتيق وجاء صلاح الدين الأيوبي (576ه) فأوقفت صلاة الجمعة في العطارين مثل الجامع الأزهر في القاهرة لوقف التدريس والصلاة بالمذهب الشيعي (وجعلت في العمري) وقد أعاد الظاهر بيبرس الصلاة للأزهر بعد قرابة مائة عام (660ه) لكنه صلي الجمعة في العمري 616 ه وأمر بكسوة مقامه وإنارته وتجديده من ماله الخاص ولم تعد صلاة الجمعة للعطارين إلا بعد 137 سنة مع الناصر محمد بن قلاوون بعد زلزال 703 ه وترميم مساجد الإسكندرية كما رمم العمري 722 ه بعدما صلي به السلطان الأشرف شعبان 770 ه عقب غزوة القبارصة كما صلي فيه السلطان سليم الأول العثماني عقب غزو مصر صلاة الجمعة 6 يونيو 1517م.
واستوقفتني أسماء المسجد في كتاب وصف مصر هما السبعيني والألف عمود وموسوعة الجزايرلي (مسجد الرحمة) و( مسجد السبعين) منسوبة لترجمة التوراة ولا آري منطقية في إطلاق مسمي حادث ديني يهودي علي مسجد إسلامي اللهم إلا إذا كان الأهالي قد استخدموه من زاوية اشتراك 70 صحابيا في بنائه. كما قيل في مسجد الفسطاط (80 صحابيا) ولم أجد لها تفسيرا منطقيا إلا أن تكون معلومة مدسوسة من يهودي بالإسكندرية أو خطأ متعمدا من علماء الحملة يمكن أن يكون أساس مشاكل مستقبلية بتذكير المواطنيين بأن أصل الجامع يهودي أو مسيحي والغريب أنهم ذكروا علي جامع العطارين جامع إثناسيوس فقد كان موقعه كنيسة بإسم القديس الذي تولي البابوية في الإسكندرية وأيضا لايعقل أن يطلق المسلمون المصريون اسم قديس مسيحي علي مسجد (الأمر يختلف في إطلاق أسم مريم علي بعض المساجد).
أما جامع الألف عمود فلم أجد تفسيرا منطقيا لذلك إلا مبالغات المصريين أمام الأعمدة الكثيرة دون الحصر الفعلي للدلالة علي اتساع المكان فلو كانت فعلا أعمدة الكنيسة بهذا العدد لكانت مساحتها عشرة أضعاف المساحة الحالية بفرض أن العمود يغطي مساحة حوله من مترين إلي أربعة حسب قوته كما أوضح د. محمد عبد المطلب أستاذ العمارة الإسلامية بجامعة المنصورة فبذلك تشغل كل شارع أبو الدرداء مثلا (يلاحظ وجود شارع الألف عمود في قسم الجمرك تطل عليه مدرسة الباب الأخضر وكانت في الأصل ديرا للراهبات الفرنسسيكان وموقعها ضخم وما تزال بها بقايا أعمدة قديمة).
أما مسجد الرحمة والتي اعتمد فيها الجزايرلي علي كتاب محمود باشا الفلكي (1815 - 1885) (وصف مدينة الإسكندرية القديمة وضواحيها طبع في كوبنهاجن سنة 1872م وترجم 1966) ويقول كان يطلق علي المسجد قبل تجديدات ابراهيم باشا الشيخ (1824م) وأنه موقعه بالفعل ستجد أن الفلكي كان في سن 9 سنوات آنذاك وعندما نفذ دراسته الأثرية بعد 40 سنة مثلا نقل الإسم سماعيا من الأهالي مع احتمال شعبي مصري أن يطلق الاسم ليس علي مسجد عمرو بن العاص الثاني الذي أقيم في الفتح الثاني للإسكندرية 25 ه لكن لقربه من المقابر وصلاة الجنازات به فعنده تطلب الرحمة للأموات أو توزع الرحمة في المواسم والأعياد (فطائر خاصة توزع في زيارة كل مدافن مصر علي الفقراء). أما الحقيقي فكل كتب التاريخ حتي الآن تقول إنه في وسط المدينة ويكرر متخصصو التاريخ الإسلامي في الإسكندرية احتماله في حديقة الشلالات.
وصل ابن العاص للمنطقة بعد استيلائه علي حصن بابليون وتوقيع اتفاقية القبط ومعارك مع الروم في ترنوط (الطرانة) من قري مركز حوش عيسي وكوم شريك بمحافظة البحيرة حاليا ثم الدلنجات و(سنطيس) في جنوب دمنهور ثم دمنهور ثم نقيوس (قرية زاوية رزين بمنوف ثم (حصن الكريون) (بكفرالدوار).
وخلال الشهور الثلاثة للقتال استبطأهم أمير المؤمنين فأرسل إلي ابن العاص.
(إذا أتاك كتابي فاخطب الناس، وحُضَّهم علي قتال عدوهم، وأمُرهم أن يكون كصدمة رجل واحد، وليكن ذلك عند الزوال يوم الجمعة، فإنها ساعة تنزل الرحمة، ووقت الإجابة).
فأوكل ابن العاص قيادة الاقتحام إلي عبادة بن الصامت أحد قادة الجيش ومن الأنصار من "12نقيبا بايعهم النبي([) في العقبة الأولي ثم فاتح طرطوس وقاضي فلسطين ثم واحد من 4 قادة أرسلهم ابن الخطاب مع 12 ألف مقاتل وهو الذي بحث عن قرية السيدة مارية المصرية زوجة الرسول([) في المنيا وبني مكان بيتها مسجدا هو مسجد عبادة الحالي في شرق النيل أمام مركز ملوي في قرية الشيخ عبادة.
ربما جاء من هذه الرسالة ما أطلقه اليهود في مصر بأن في يوم الجمعة ساعة نحس (ردا علي مقولة ابن الخطاب) فقد انتصر المسلمون وتغيرت المدينة التي كانوا يسيطرون علي تجارتها وبنوكها وقروضها فهرب نصفهم للصحراء (20 ألفا) فهي عندهم ساعة نحس لكنها في الإسلام ساعة إجابة الدعاء بنص حديث الرسول([): »خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أهبط منها وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يصلي فيسأل الله فيها شيئا إلا أعطاه إياه«.
خلال أشهر القتال تظهر مغامرات ابن العاص والتي بدأت في حصار فلسطين عندما وجد مراسيله إلي القائد الروماني (الأرطبون) لا يأتون بأخبار عن مواقع إمدادات ومياه الجيش ونقاط الضعف والتعداد فقرر الذهاب بنفسه كرسول ورأي ما يريد وقابل الأرطبون وقادته وحادثهم وغادرهم فعقب الأرطبون أن هذا الرسول هو عمرو بن العاص أو أحد أهم قادته فهو يتكلم كلام القادة، وأمر بقتله فقال الرسل لا تقتله فقال أقتلوه خارج الحصن بسهم ندعي أنه ليس من عندنا وشعر ابن العاص بتحركات مريبة وقال له رجل عربي (أحسنت الدخول فلتحسن الخروج) فعاد للأرطبون ليقول أنا واحد من عشرة يثق بهم أمير المؤمنين (ابن الخطاب) والقائد ابن العاص فما رأيك آتيك بأصحابي التسعة علهم يأتون برأي نستفيد منه دون قتال فوافق بطمع قتل عشرة خير من واحد (تفسير المؤرخون) ونجا.
ومنها في حصار الإسكندرية في أحد اقتحامات أسوارها وتمكن الرومان من ردهم احتجز عدد فيهم ابن العاص ومسلمة بن مخلد (أحد قادة الجيش ووالي مصر 43 - 62 ه) فتحصنوا بمكان وفاوضوهم الرومان كأسري لمبادلتهم بأسرهم فرفضوا وانتهي الأمر بمبارزة فارسين، وإذا فاز الرومي صاروا أسري ولو فاز العربي أطلقوهم فأراد ابن العاص التقدم فقال له مسلمة قولته العبقرية (أتخطئ مرتين تشذ عن أصحابك وأنت أميرهم قوامهم بك ثم تبارز وتتعرض للقتل وذاك بلاء لهم أنا أكفيك) وانتصر مسلمة ونجوا وهو موقف من أخلاق فرسان الحروب القديمة بمبارزة القائدين لحسم المعركة دون تعرض الجنود للموت والذي تكرر مع ابن العاص بعد 17 سنة في معركة صفين عندما نادي الإمام علي بن أبي طالب أبرز يا معاوية إلي ولا تفني العرب بيني وبينك فقال ابن العاص لمعاوية: اغتنمه - فرد معاوية: والله لقد علمت أن عليا لم يقهر قط، أذهب أنت فذهب وألقي سيفه أمام ابن أبي طالب وقال مكره أخاك لا بطل.
ورأيتها مبالغات لولا عن مغامرات القائد الألماني روميل (ثعلب الصحراء الأسطورة) في الحرب العالمية الثانية (1941م) منها دخوله خطأ لمستشفي عسكري إنجليزي في تحركه بمجموعة قتاله في ميدان المعارك فعاملهم كأسراه وناقش مشاكلهم ليسرع بالخروج قبل وصول الشرطة العسكرية البريطانية وإلا لقتل أو أسر كأكبر ضربة معنوية للألمان.
ثم الجنرال الذهبي الشهيد الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية (67 - 1969م) في حربي يونيو والاستنزاف وكان في 7 مايو 1967 (قبل 28 يوما من حرب يونيو) رئيس أركان القيادة العربية الموحدة (بالجامعة العربية) والصدام المسلح مع إسرائيل محتمل في أي ساعة وأراد معاينة أرض المعركة وكسر رهبة العدو في نفوس الجيش وحتي لاتكون الأوامر للجنود بالذهاب بينما الجنرالات في المكاتب والذين يجب أن يكونوا وسط جنودهم ويشعر الضباط والجنود أن القادة معهم في المخاطر وأنهم يرون المواقع ويراجعونهم في معلوماتهم فرافق دورية استطلاع لمدة 3 أيام متعرضا للقبض عليه برتبته ووضعه فاحتفظ بمسدسه لقتال العدو حتي الطلقة الأخيرة التي يطلقها علي رأسه.
وفي 9 مارس 1969في اليوم التالي لضربة المدفعية لبدء معارك الاستنزاف زار جبهة القتال والمواقع الأمامية، فدعاه ضابط شاب ليري الجنود في المواقع رقم 6 بالإسماعيلية (نادي هيئة قناة السويس حاليا) يفصله عن العدو 220 مترا هي عرض القناة وبدأ ضرب مدفعية العدو فنزل إلي حفرة الجنود وانفجرت قنبلة علي الموقع واستشهد وهو أكبر قائد ميداني آنذاك وتحول إلي أسطورة للشجاعة والشرف ومثل أعلي للعسكرية العالمية.
إنها الحرب ورجالها
توقفت عند معاهدتي حصن بابليون للقبط والإسكندرية للرومان والذين أنشأوا الإسكندرية منذ 330 ق . م وعاشوا فيها 970 سنة حتي عام 640م ويعتبرونها رومانية وجزءا من إمبراطوريتهم فقالوا (مصرالملاصقة للإسكندرية) ومعظم أهلها رومان يرون مايسري علي القبط لا يسري عليهم فوافق المقوقس في بابليون (للقبط) بدينارين جزية ويعفي الشيخ والصغير والنساء ووافق عمرو بشروط القبط بعدم التدخل في عباداتهم وكنائسهم وألا يقرب أرضهم ولا أموالهم ولا نساءهم ولا يفرض عليهم نقلهم من قراهم ولا تزيد الجزية في المستقبل (تعداد مصر 6-8 ملايين قبطي ومن تجب عليهم الجزية 2 مليون).
وفي »صلح الإسكندرية« علي انتهاء حكم الدولة البيزنطية لمصر وجلاء الروم وألا يعودوا للإسكندرية (بدأ خروج الروم 9 في سبتمبر 642) ومن يبقي منهم يسري عليه ما يسري علي القبط ويبقي اليهود في الإسكندرية.. وأخذ 150 جنديا و50 مدنيا كرهن حتي ينتهي الجلاء.
لماذا لم تصمد الإسكندرية بأسوارها الحصينة ويحميها البحرالمتوسط شمالا وبحيرة مريوط جنوبا ولها اتصال مباشر بالعاصمة القسطنطينية ودمياط والبرلس ولم تفتحا بعدو بداخلها جيش مع القادة الفارين أمام الفتح ؟
أهم ما في الأمر شيخوخة الدولة وعدم كفاءة رجال بلاطها والصراع الأزلي علي الحكم الذي يضيع فيه الأمن القومي أمام الاطماع والطموحات ففي الفتح الإسلامي (18 - 25 ه) تعرض الإمبراطور هرقل عظيم الروم لمرض أقعده وأدارت البلاد زوجة الثانية الإمبراطورة مرتينا، وكانت تميل لمصالحة العرب لتتفرغ للسيطرة علي الحكم وتوريثه لابنها هرقل الثاني ثم مات هرقل (20 ه) وترك الحكم لابنيه قسطنطين وهرقل الثاني مع مرتينا التي جاهدت للتخلص من قسطنطين فمرض ومات خلال 100 يوم فطالب ابنه قسطانز الحكم ودارت معارك ودسائس انتهت بمقتل هرقل الثاني وأمه، كما شحنت الإسكندرية بخلافات القادة الفارين من الحصون وصراعاتهم العسكرية وازدحمت بالقبط والروم الفارين من القري مع كراهية متأصله ضد الرومان والمقوقس شاركهم فيها أهل الشام بالإسكندرية ثم كراهية اليهود للطرفين مما سهل مهمة المقوقس في الصلح حتي تفوق القسطنطينية لمصيبتها بعد 4 سنوات (25 ه) فيأتي قسطانز باسطوله و يستولي علي الإسكندرية والدلتا لكنه يتلقي هزيمة قاسية علي يد ابن العاص أيضا فقد انتهي بالفعل حكم الرومان لمصر.
وجدت اسم الجامع العمري علي 33 مسجدا في مصر والمنطقة العربية بعضهما بني في الفتح والآخر مع الفاطميين في المدن والمحافظات خاصة الصعيد أو عقب خروج الصليبيين من الشام كرد فعل لهدمهم المساجد بل وصل في قبرص الي الأسطورة واحتفظ بالاسم مهما تكررت التجديدات وإعادة بناء المسجد رصدت 15 في مصر:
في طنطا وقرية محلة مالك غربية والمحلة الكبري وأشمون بالمنوفية وقرية محلة دياي بدسوق كفر الشيخ (مع الفتح الإسلامي).. وفي (الفاطمي 358 - 567 ه). وسميت تيمنا بمسجد ابن العاص بالفسطاط وبني بعضها علي تلال أثرية لمعابد فرعونية وحصون رومانية وكنائس وأعمدتها منها:
في أدفو بأسوان و إسنا بالاقصر وقوص بقنا والمنيا ومدينة قمن العروس بالواسطي بني سويف وطوخ بالقليوبية وقريه شبرابيل بالغربية وقرية شباس الشهداء بكفر الشيخ وديبي بالبحيرة وواحة سيوة.
وفي العالم العربي 16 بعضها في الفتح الإسلامي والآخر علي يد صلاح الدين الأيوبي بعد خروج الصليبيين في حلب وبصري ودرعا بسوريا (أمر ببنائه أبن الخطاب عند زيارته لحوران) وبلدة عقربا من ريف دمشق وبيروت وصيدا وبرجا بجبل لبنان وبعلبك وفي الموصل بالعراق.
وفي القدس والرملة وجباليا ونابلس (في الفتح) وفي غزة (في القرن الخامس الهجري) وفي عمان بالأردن وفي حي العزيزية بالرياض بالسعودية.
ثم (عنتاب) بجنوب تركيا وفي قبرص في مدينة ليفكوسيا في جنوب نيقوسيا بناه الأتراك 1571 ولدي الأهالي أسطورة أن عمر بن الخطاب مر بالمدينة وبات ليلة في كنيسة القديس ماري التي حولوها لهذا المسجد.
ضحك الإسكندراني الأسمر (أصوله نوبية) تعرف بنقولوا هنا اللي ما انصلاش عليه في العمري يبقي ما متش كل أهالي اللبان يصلوا علي موتاهم هنا في زحام صلاتي الظهر والعصر مش علشان القرب من المقابر بس لا.. لا ده علشان مسجد بناه الصحابة وصلوا فيه.. ولسه فيه عطرهم.. تمام.
تمام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.