مسجد سادات قريش 16 درجة سلم رخامية كبيرة قديمة تصعد بك إلي صحن المسجد المقام سقفه أيضا علي 16 عمودا رخاميا أبيض روماني فسفوري قديم قيل تضيء في الظلام لكل منها تاج برسم مختلف غير متكرر في أي عمود منها اثنان قصيران رفيعان علي جانبي المحراب. لكنك تقف قبل ذلك علي الرصيف المرتفع عن الشارع علي مستويين حيث بني علي مرتفع للوقاية من الفيضان حتي عام 1970ويقال إنه أقيم علي بقايا قصر الحاكم الروماني (وإن كنت أري أنه كالعادة في معسكر الجند أيا كان أصله). لتقرأ اسم المسجد بارزا علي أحجار البوابة بسطرين مسجد سادات قريش تأسس سنة 18 ه.. وأسفله لوحة رخامية مستطيلة مكتوب عليها سطران.. أسسه عمرو بن العاص 18 ه.. وتجدد في عهد الأمير مصطفي الكاشف 1002 ه.
وبذلك قد يكون أول جامع في مصر وأفريقيا والخامس عشر في المساجد الإسلامية.
نحن في منتصف شارع بورسعيد الرئيسي ببلبيس أول محطات استقرار قوات الفتح الإسلامي وقد يفلت رصد المسجد لمثلي بين خمسة محلات للملابس المعلقة مع إيشاربات المحجبات والأدوات المنزلية عرفت أنهم (وقف المسجد).. حتي مئذنته التاريخية قد ارتفعت البيوت الملاصقة عن بقاياها فيصعب رؤيتها.. بعد الدرجات الصاعدة يمتد صحن المسجد مستطيلا بمساحة 400 م أعمدته في ثلاثة صفوف وأربعة أروقة موازية للقبلة، قد تكون من تجديدات المأمون بن الرشيد الخليفة العباسي وأطلق عليه اسم جامع المأمون عندما جاء مصر في 10 محرم 217 ه للقضاء علي ثورة القبط من ظلم الوالي عيسي بن منصور (جمادي الأولي 216 المحرم 217 ه) والتي استمرت 8 أشهر. وغالبا في تجديدات مصطفي الكاشف (كاشف إقليم الشرقية) في عهد السلطان العثماني مراد الثالث 982 - 1004) ه) وبني خلفه المئذنة بارتفاع 15مترا و63 درجة داخلية للمؤذن ومن سقف الدور الثالث للمبني الحديث الملحق يمكنك رؤيتها وقد تهدمت قمتها ولها شرفة خشبية قالوا عنها لوحة رخامية بمقاس 57 *55 سم مكتوب عليها (أنشأ هذا المنار المبارك - الجناب العالي الأمير مصطفي الكاشف بالشرقية في شعبان المكرم 1002 ه) والمنزل الملاصق يرتفع 3 أدوار بمتوسط 4 أمتار للأدوار القديمة فالمتبقي منها 12 مترا (أي سقط 3 أمتار تعادل دورا حديثا) علي جدار المئذنة المح تاريخ واسم محفور بآلة حادة لا أعرف لهما دليل (سنة135 علي ومحمد أحمد) وقد أغلقت الآثار بابها ويتوسط الحائط الغربي بعد سقوط أجزائها منذ عام 1968 عن مساحة توازي المسجد (600 متر) بها نخيل ويطالب إمام المسجد بفتحها لصلاة الجمعة بدلاً من الصلاة في الشارع (وأوضح لي بعد ذلك د. إبراهيم المرشدي مدير آثار شرق الدلتا أن المئذنة هي الوحيدة المسجلة، كأثر في بلبيس لأن المسجد وغيره من المساجد القديمة بالمدينة قد تم هدمها وإعادة بنائها عدة مرات عبر الزمن وطمس الكثير من معالمها الأثرية). للمسجد ثلاثة أبواب و21 شباكا ويقال إن أسفل المحراب يوجد سرداب به قبورالصحابة ونهايته في غرب المسجد. وتقول د. سعاد ماهر في كتابها »مساجد مصر« إنه من الصحابة الذين استشهدوا ودفنوا هناك (برتاد بن الأسود ، وجعثم الصدفي).. فسمي المسجد مسجد الشهداء تكريما لاستشهاد 250 منهم 40 صحابيا و210 تابعين ثم مسجد المأمون ثم استقر عند سادات قريش. يتراص في خلفية المنبر صف طويل من الدكك الخشبية أمامها ستاندات للمصحف يجلس عليه من يريد القراءة ويستخدمها كبار السن للصلاة جلوسا ثم أمامك المحراب المغلف بالأخشاب الطولية الحديثة بنية اللون وفي الجانب مكتبة خشبية كبيرة وله ثلاثة شبابيك كبيرة في كل من الواجهة الشمالية والجنوبية كما يضم 25 فتحة تهوية علوية.
وفي غرب المسجد نوافذ زجاجية مستطيلة للضوء وسقفه خشبي مغلف برقائق خشبية بنية اللون بها خطوط صفراء مجدد حديثا بعدما نفذت منه الأمطار الشتوية وله شخشيخة كبيرة 4.5*4.5م مرتفعة عنه بشبابيك للإضاءة ويفتح الجانب الشمالي إلي بابين علي رأس الأيمن حجرة الإمام مفروشة بمكتب وكنب للضيافة ثم تهبط ثلاث درجات إلي ميضأة وضوء وخلفها مساحة للصلاة تخرج إلي حمامات بعرض نصف المسجد والباب الثاني ينزل بنفس الدرجات إلي مساحة كبيرة تقارب ثلثي المسجد للصلاة وينام فيها البعض في قيلولة الظهيرة ومساحة هذا الجزء 200 متر فيصبح المسجد 600 متر ومثلها لساحة المئذنة ثم تخرج عبر باب صغير إلي الشارع ومنه تدلف إلي سلم صغير يأخذك إلي الدور الثاني من مبني حديث ملحق للمسجد حيث مصلي النساء وكتاب تحفيظ قرآن للأطفال أما الدور الثالث فهو أسمنتي حديث تحت الإنشاء لعيادة طبية توقف العمل بها لاعتراض الآثار. في المسجد بروازان كبيران بواجهة زجاجية ومكتوب بالحبر الشيني الأسود بخط اليد في الأولي وأسفل صورة فوتوغرافية للمئذنة (انشا هذا المنار المبارك الجناب العالي الأمير مصطفي الكاشف بالشرقية في شعبان المكرم 1002 ه) والثانية مكتوب عليها (المسجد مقام في شارع بورسعيد ببلبيس عندما جاء جيش الفتح الإسلامي بقيادة عمرو بن العاص وسمي سادات قريش لأنه دفن فيه عدد من الصحابة والتابعين والصالحين). وأوضح لي الحاج صابر العتيق أن للمسجد تبجيلا كبيرا لدي الأهالي فيحرصون علي صلاة الجنازة لموتاهم فيه وهناك أفواج أجنبية تزوره من باكستان وتقديرا لذكري الأمير التركي مصطفي الكاشف، أبدت الحكومة التركية استعدادها لترميمه وسجل التلفزيون التركي فيلما عنه بالاضافة إلي جماعة البهرة الذين يزورونه كثيرا.
هل بني 18 ه ؟ بالتاريخ.. ذلك غير دقيق لأن ابن العاص دخل مصر 9 ذي الحجة 18ه قبل نهاية العام الهجري بحوالي 20 يوما ثم حاصروا الفرما ثلاثة أشهر وأرجح تواريخ وصولهم إلي بلبيس أبريل 640 الموافق جمادي أول 19 ه وذلك لا يؤثر في أنه أول مسجد قبل مسجد الفسطاط 21 ه. فالمنطقي عند استقرار جنود الفتح هو إقامة مسجد للصلاة في معسكرهم علي نمط مسجد الرسول في المدينة جدرانه من الطوب اللبن، وجدار القبلة بصف من جذوع النخل وسقف من السعف والطمي. كما تكرر في مساجد الفسطاط والشيخ عبادة ومسجد عمرو في دمياط وبنفس المساحة 750 مترا وبذلك المنطقي إقامة مسجد في بلبيس ثم البهنسا في المنيا ثم الفيوم قبل الاستقرار في الفسطاط وهذه المساجد بالقطع أقدم وقد تكون اندثرت وكذلك الإسكندرية.
لم أقبل فكرة دفن الصحابة أسفل المسجد إلا إذا أخذنا بفكرة أنه مقر الحاكم الروماني وتعامل المسلمون مع وجود سرداب أسفله ففي باقي المساجد الأولي أقاموا المساجد بنفس نسق مسجد الرسول علي أراض جديدة فكيف يبنون علي مبني قديم كما أنهم دفنوا موتاهم دائماً في منطقة مجاورة للمسجد فهل كان المسجد أصلاً في منطقة المئذنة حالياً وتم تحريكه في أحد التجديدات؟.. أما ما يقوله الأهالي من وجود رفات موتي في حفر أساسات البيوت فهو أمر ينطبق علي كل السابقين من الفراعنة حتي الرومان ولماذا أقيم المسجد أعلي السرداب.
عند خروجي استوقفتني صاحبة محل تجاري تقول منذ كنا صغارا كنا ندخل من ممر في يمين المسجد لنلعب بجوار المئذنة ورغم أن الآثار أغلقته من سنين إلا أن أحد مؤجري المحل الملاصق للممر يخطط لضمه لمحله .. خذوا بالكم.