انتشرت الجريمة الإلكترونية في مصر عقب ثورة 25يناير 2011 بصورة كبيرة ، ومن أسباب ذلك الانفلات الأمني الذي عانت منه مصر، لذلك تبذل وزارة الداخلية جهوداً مضاعفة لمحاربة ومنع الجرائم الإلكترونية التي تحتاج إلي تضافر جميع الحكومات في العالم وليس في مصر فقط، لأن الجريمة الإلكترونية تختلف في طبيعتها وأسلوبها عن الجريمة العادية فمسرح الجريمة العالم كله، ولا يشترط وجود الجاني والمجني عليه في مكان واحد ، فجرائم النصب والسرقة والتشهير والسب يمكن أن تتم دون أن يري الجاني المجني عليه ويكون كل منهما مختبئاً وراء الحاسب الآلي ..فما هي الجريمة الإلكترونية وأسبابها ؟، وسمات المجرم المعلوماتي وكيفية ارتكاب هذه الجريمة، الموضوع التالي يجيب عن هذه الأسئلة . يقول اللواء رشدي القمري (مساعد وزيرالداخلية مدير الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق): اختلفت الآراء حول تحديد مفهوم معين للجريمة المعلوماتية لكن التعريف الشامل لها هو أنها الأفعال غير المشروعة التي تشكل جريمة وترتكب من خلال الحاسب الآلي ويشكل فعلها ضرراً بالغاً سواء أدبي أو مادي أو نفسي ينال من المجني عليه، والجرائم المعلوماتية جرائم مستحدثة وتشبه في وصفها الخارجي فقط الجرائم التقليدية المتعارف عليها مثل جرائم الضرب والتشهير والإساءة والنصب والتزوير بأنواعه والسرقة والقتل وخلافه من الجرائم الأخري إلا أنها تختلف اختلافاً كلياً في أساليب ارتكاب تلك الجرائم وأنواعها ومرتكبيها ، ولذلك كانت الإجراءات التي يتم التعامل معها بداية من تحديد مرتكب الجريمة مروراً بضبطه وتفتيشه وإجراءات ضبط الأدلة المستخدمة في الجريمة وطرق حفظ تلك الأدلة وطرق عرضها علي النيابة العامة لإدانته. ويشير القمري إلي أن المجرم المعلوماتي يتسم بالذكاء العلمي في استخدام التقنيات الحديثة وبرامج الحاسب الآلي، والسنة العمرية للمجرم الإلكتروني تتراوح ما بين 14- 30 سنة، فهو يرتكب جرائمه في مأمن لأنه يختبئ وراء الحاسب الآلي وينفذ جريمته في ظروف هادئة غير متوترة، ومن أسباب ودوافع ارتكاب هذه الجرائم الحصول علي المكسب المادي السريع واختراق أجهزة الشركات والمؤسسات بقصد الحصول علي خطط التشغيل، وسرقة المؤلفات والأبحاث العلمية والنتاج الذهني ، وتعمد تحقيق الخسائر للمؤسسات والشركات إما بقصد الإيذاء أو من قبل التنافس بين الشركات، وقد يكون هناك دافع ذاتي لتحقيق التفوق العلمي في استخدام الحاسب الآلي، وكذلك التحدي بين المخترقين في استخدام الإنترنت وتحقيق الغلبة العملية والتكنولوجية، وكل هذه المجموعات أطلق عليها مجموعات الهاكرز أي المخترقين للأنظمة والبرامج المعلوماتية، وهناك مجموعات أخري تسمي مجموعات "الكراكرز" وهم الذين يستغلون الكمبيوتر من أجل التسلية في أمور غير قانونية. ويوضح اللواء محمد أبوزيد (مدير مباحث الإنترنت بوزارة الداخلية) أنه بالنسبة لأي بلاغ متعلق بالإنترنت يتم التعامل معه علي عدة خطوات ، عندما يأتي إلينا المجني عليه في البداية نقوم بفحص البلاغ من الناحية الفنية للتأكد من صحة البلاغ وذلك في حضور المجني عليه والدخول علي حسابه بمعرفته ، ثم يتم تحويل ما هو منشور علي الصفحة إلي مقوم مادي وطبعه علي الصفحة بما يحتويه من أي شكل من أشكال الجرائم المختلفة سواء سب أو تشهير أو صور فاضحة وخلافه، بعد ذلك يتم تحرير محضر بالواقعة وسؤال المجني عليه تفصيلياً عن تفصيلات وظروف وملابسات الواقعة حتي يمكن الوصول إلي مكان ارتكابها ووقت اكتشاف المجني عليه وخاصه أنه فريسة لارتكاب الجريمة التي مورست عليه ، ثم بعد ذلك يتم التعامل مع برامج وتقنيات تكنولوجية معقدة لوصول وتحديد مرتكب الواقعة ، ويتم التنسيق مع النيابة العامة وتقنين الإجراءات لضبطه وسؤاله وعرضه علي النيابة العامة . وحذر أبوزيد من التعامل مع الشركات الإلكترونية التي توهم المواطنين بأنها تقوم بتوظيف الأموال وبعد جمع الملايين من الجنيهات تختفي، قائلاً يجب عدم التعامل مع هذه الشركات، ومن يريد التعامل معها عليه أن يتأكد من تقنين أوضاع هذه الشركة التي يتعامل معها وأنها موجودة بالفعل ولها مقر ثابت فكثير من هذه الشركات يضع عناوين وهمية معتمدة علي أن العميل لن يكلف نفسه ويذهب إلي المقر، وهذه الأيام جاءتنا عدة بلاغات حول بعض الشركات التي قامت بالنصب علي المواطنين وهناك رصد وتتبع لهذه الشركات لضبط أصحابها والعاملين بها. ويشير العميد محمد عبدالواحد (وكيل مباحث الإنترنت بوزارة الداخلية) إلي أنه بالرغم من الفوائد العديدة التي نستفيدها من الحاسب الآلي مثل تسهيل إجراء العمليات الحسابية وتصميم كشوف العاملين ورواتبهم والاستفادة من الأبحاث العلمية وتنزيل الوثائق والأغاني والأفلام.. إلخ ، إلا أن هناك أضرارا عديدة يجب تجنبها والحذر منها مثل إدمان الإنترنت ويجب معالجته بعدم الدخول عليه لساعات طويلة لأن ذلك يحقق الانفرادية أو التوحد ويصيب بالاكتئاب النفسي والبعد عن الناس، ولإنشاء حساب علي الإنترنت يجب تعلم خطوات إنشائه ثم يتم إنشاؤه بعد ذلك بصفة شخصية بالرقم السري الذي يجب عدم إعطائه لأي أحد مهما كان حتي لا يستطيع الدخول علي الحساب والاطلاع علي الملفات ، ويجب عدم وضع أي صور شخصية أو عائلية علي مواقع التواصل الاجتماعي حتي لا تكون منالاً للهاكرز »قراصنة الإنترنت«. في استغلالها وتركيبها وارتكاب جرائم التشهير خاصة بالنسبة للسيدات. وينصح عبدالواحد بأنه يجب وضع ملفات الصور المحملة علي الحاسب الآلي في أسطوانات خارجية وعدم الدخول علي أي مواقع مشبوهه أو مواقع للإعلانات غير معروفة وعدم إضافة أصدقاء غير معروفين، وتغطية الكاميرا سواء كانت خارجية أو متضمنة داخل الجهاز نفسه بجسم معتم "شريط لاصق" لأنه يتم اختراقها وفتحها دون أن تعطي إنذارا أو وميضا، ويجب الحذر من الدخول علي شركات تداول الأوراق أو الخاصة بتوزيع الجوائز العينية أو المادية إلا بعد التأكد تماماً من شرعيتها والحذر من الدخول ب"فيزا كارد" علي أي مواقع خاصة المشبوهة وعند الدخول علي مواقع الشراء يجب عدم وضع مبالغ مالية كبيرة في الرصيد. ويقول اللواء محمد ربيع الدويك (مساعد وزير الداخلية الأسبق والخبير الأمني): الجريمة الإلكترونية جريمة مستحدثة بعد أن أصبح الكمبيوتر مصدرا لتخزين وتبادل المعلومات ثم تلا ذلك الشبكة العنكبوتية المتمثلة في "اليوتيوب، الفيس بوك، والتويتر"، والنفوس المريضة استغلت كل ذلك في ارتكاب الجريمة الإلكترونية التي أول صورها الاستيلاء علي أرصدة عملاء البنوك والسطو علي الحسابات المحفوظة إلكترونياً ، وذلك في البداية للتنسيق مع أصحاب النفوس الضعيفة من موظفي البنوك لتسهيل الاستيلاء علي مبالغ مالية كبيرة من الأرصدة المالية للبنوك حتي أنه تم تصميم بطاقات تشبه بطاقات الصرف الآلي، وأيضاً تعطيل الكاميرات المثبتة أعلي ماكينات الصرف الآلي التي تصور وجه الشخص وعملية السحب. ويضيف الدويك: في سبيل الحرص علي سمعة البنوك تضافرت جهود رؤساء البنوك والفروع للتغطية علي هذه الجرائم، ثم ظهر أخيراً ما يسمي بمواقع التسويق الإلكتروني، وكما تستخدم هذه المواقع في الخير في مجال تسويق البضائع والمنتجات إذ تقوم بعض الجهات باستغلال هذه التقنية في أعمال إجرامية سميت بالجريمة الإلكترونية الحديثة. ويشير الدويك إلي أن الفيصل في ذلك أمران هما: إذا كانت هذه المنتجات التي يتم تسويقها غير مشروعة مثل تجارة الأسلحة والمخدرات والآثار والأعضاء وبمسميات رمزية فهي تجارة غير المشروعة وتعتبر جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات المحلي لكل دولة والدولي أيضاً ، والمتعاملين بهذا الأسلوب هم عصابات وتشكيلات دولية ومحلية تخضع لمسمي "مافيا"، وللأسف الشديد قد ظهر في مصر مؤخراً نوع آخر من هذه الشبكات والتشكيلات العصابية التي تستغل شبكة التسويق الإلكتروني ، لكن إذا كان النوع الأول هو الاتجار في المواد غير المشروعة قانوناً، فإن النوع الثاني هو التسويق والاتجار في مواد مشروعة لكن بقصد استغلال سذاجة وطمع الراغبين في الربح السريع لتكوين سلسلة تضاعفية من عمليات التسويق ، فكل مشترك في شراء سلعة ما مجرد قيامه بإشراك وجلب مشتريين جدد فإنه يحصل علي مقابل ربح ، والعملاء الجدد مجرد قيامهم بإضافة مشتريين جدد يتم الحصول علي عمولة ونسبة من الربح يستفيد منها المشترك الأول والمشتركيين التاليين والجيل الثالث من المشترين أو الزبائن ويظل الربح يتضاعف علي طول هذه السلسلة حيث إن كل مشتر جديد يعتبر تاجراً جديداً ومشتركاً في التجارة وينال نسبة من الربح. ويشير العميد حسين حمودة مصطفي (الخبير في مكافحة جرائم الإرهاب الدولي) إلي أنه في ضوء التطور المذهل لعلم تكنولوجيا المعلومات وعلوم الحاسب الآلي، واعتماد دول العالم لاسيما الدول المتقدمة علي هذه العلوم في البنية التحتية للدول ،فعن طريق الحاسب تدار شبكات الكهرباء وتعمل الأنظمة البنكية وغيرها، لذلك أضحت هناك مكنة للإرهابيين أو الهاكرز باختلاف مشاربهم ونوعياتهم " حسنة أو سيئة" مما شكل لوناً من ألوان الممارسات الإرهابية سمته الولاياتالمتحدةالأمريكية في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001 فيما عرف بالإرهاب الناعم soft terrorism" الذي تمثل في مخاوف الأجهزة الأمنية الأمريكية من قيام الطلاب الشرق أوسطيين كما يسميهم الأمريكان وهم الذين يدرسون هذه العلوم في أمريكا والخوف من استهدافهم للمصالح الامريكية بهذه الأداة الإرهابية الجديدة . وأضاف حمودة أنه اقترح علي القيادي الإخواني د.عصام العريان عندما كان عضواً بمجلس الشعب عقب ثورة يناير 2011م أربع جرائم إرهابية جديدة لكي يتم إصدار تشريعات بشأنها من بينها ما يسمي بجرائم الشبكات "cyber crimeS إلا أنه لم يفعل شيئا ، محذراً من خطورة الهاكرز في الفترة الحالية خاصة بعد اختراقهم مواقع حكومية أجنبية مما يجعلهم قد يستهدفون مواقع وزارات مصرية مثل وزارة الدفاع للحصول علي المعلومات السرية، وقد يكون من أقوي المرشحين لهذه العمليات لاختراق المواقع الحكومية في مصر تنظيم القاعدة الذي يضم عناصر أجنبية من دول متقدمة تكنولوجياً مثل الألمان ، وكذلك أجهزة الاستخبارات المعادية لمصر وعلي رأسها الموساد الإسرائيلي.