شهور مرت كالدهر عكرت ربيع ثورتنا.. من مليونية لأخري، ومن جبهة إنقاذ إلي جبهة ضمير، ومن إعلان دستوري إلي استفتاء علي الدستور الجديد.. وجميعنا حائرون.. نتساءل.. أين نهاية الطريق؟!.. جميعنا كنا ننتظر الوصول لمحطة الإعلان عن الاقتراع لأول مجلس نيابي يمثل جموع المصريين، بعد ثورة يناير، ليكون إيذاناً بالإعلان عن وصول قطار المرحلة الانتقالية لمحطة النهاية، باكتمال مؤسسات الدولة وإعلان اكتمال الثورة. أعلن رئيس الجمهورية، الدكتور محمد مرسي، بدء الانتخابات النيابية في 22 من أبريل المقبل، بعد أن كان مقرراً إجراؤها بدءاً من 27 و28 أبريل، وهو التاريخ الذي يتزامن مع بداية أعياد القيامة المجيدة، لتتم الانتخابات علي أربع مراحل، المرحلة الأولي في محافظات القاهرة، البحيرة، المنيا، بورسعيد، شمال سيناء، وتجري عملية الانتخاب في دوائرها يومي الإثنين والثلاثاء الموافقين 22و23 أبريل، وفي الحالات التي تقتضي إعادة الانتخابات، تجري الإعادة يومي الإثنين والثلاثاء، الموافقين يومي 29 و30 أبريل. أما المرحلة الثانية، فتجري في محافظات، الجيزة، الإسكندرية، سوهاج، بني سويف، أسوان، السويس، البحر الأحمر، الوادي الجديد، يومي السبت والأحد، الموافقين 11و12 مايو، وفي الحالات التي تقتضي إعادة الانتخابات، تجري الإعادة يومي الأحد والاثنين الموافقين 19 و20 مايو، بينما تكون المرحلة الثالثة في محافظات الدقهلية، القليوبية، المنوفية، قنا، دمياط، الأقصر، مطروح، جنوب سيناء، وتجري عملية الانتخاب في دوائرها يومي الثلاثاء والأربعاء الموافقين 28 و29 مايو، وفي الحالات التي تقتضي إعادة الانتخابات تجري الإعادة يومي الأربعاء والخميس، الموافقين 5 و6 يونيو. بينما تجري المرحلة الرابعة والأخيرة في محافظات الشرقية، الغربية، أسيوط، كفر الشيخ، الفيوم، الإسماعيلية، وتجري عملية الانتخاب في دوائرها يومي السبت والأحد الموافقين 15 و16 يونيو، وفي الحالات التي تقتضي إعادة الانتخابات، تجري الإعادة يومي الأحد والإثنين، الموافقين 23 و24 يونيو. ودعا رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد في الساعة 11 من صباح يوم الثلاثاء، الموافق 2 يوليو 2013. نفذ الرئيس مرسي ما وعد به من خطوات دستورية، وأكمل ما بدأه من مراحل أقرها الدستور الجديد، غير أن المجلس النيابي المنتظر، يواجه العديد من المخاطر التي ربما تودي بمصيره لنفس مصير نظيره السابق "المنحل"، بعد أن كشف عدم الاتفاق علي دستورية بعض مواد قانونه عواراً تشريعياً ينبئ باحتمالات تهدد ببطلانه. بعض الخبراء والفقهاء الدستوريين، يرون أن ما انتهي إليه مجلس الشوري من صياغة نصوص قانون الانتخابات الجديد بعد أن ردته إليه المحكمة الدستورية لتعديل بعض النصوص، التي رأت أنها غير دستورية، لا يعد ترجمة حقيقية لتوصيات وحيثيات المحكمة الدستورية بحكم تخصصها في الرقابة السابقة علي القوانين المكملة للدستور، حيث يوجد كثير من العوار في النصوص التي تم تعديلها، مما يهدد ببطلان الانتخابات البرلمانية المقبلة، وحل المجلس للمرة الثانية، وذلك بممارسة الرقابة اللاحقة في حال طعن أي من المتضررين علي قانون الانتخابات بعد فتح باب الترشيح. قابل للطعن ويري قانونيون، أن التعديلات التي أجرتها اللجنة التشريعية بمجلس الشوري حول مسودة مشروع أحكام القانون رقم 38 لسنة 1972 الخاص بانتخابات مجلس النواب لا تتناسب بشكل نهائي مع الملاحظات التي أقرتها المحكمة علي القانون، وهو ما يعني مخالفتها للدستور الجديد، وبالتالي يكون القانون قابل للطعن عليه سواء من الناخبين أو المرشحين ذوي الصفة في حالة ما إذا تم إقراره بهذه الصيغة دون العودة إلي المحكمة مرة أخري لمراجعته. ويؤكد أستاذ القانون الدستوري، الدكتور رأفت فودة، أن مشروع القانون الذي وافق عليه مجلس الشوري بتعديل بعد أحكام القانون 38 لسنة 1972 بشأن مجلس النواب، وقانون 73 لسنة 1956بشأن تنظيم مباشرة الحقوق السياسية بناء علي التعديلات التي أرسلتها المحكمة الدستورية العليا يشوبهما البطلان، وذلك لعدم التصويت عليهما مادة مادة. ولفت فودة إلي أنه جري أخذ الموافقة النهائية دون أن يتلو المقرر القانون علي النواب، وبالتالي فإن القانون باطل في تلك الحالة، وبالتالي فالانتخابات التي ستجري بناء عليه باطلة، مشيراً إلي أن القانون تجاهل أيضاً بعض ملاحظات المحكمة الدستورية مثل تقسيم الدوائر، ومواد العزل السياسي، مما يهدد القانون بالبطلان. وأكد الفقيه الدستوري، الدكتور إبراهيم درويش، أن أعضاء مجلس الشوري الذين قاموا بإجراء التعديلات علي قانون الانتخابات، فصلوا الدستور، وارتكبوا خطأ شنيعا في الدستور من مادته الأولي وحتي مادته الأخيرة ثم جاءوا في قانون انتخابات مجلس النواب، وقاموا بتفصيله ولكنه في نهاية الأمر اصطدم مع الدستور، واعتبر أن اليوم الذي ناقش فيه أعضاء الشوري ملاحظات المحكمة الدستورية هو من أسوأ أيام مصر من حيث البذاءات التي وجهها الأعضاء إلي المحكمة الدستورية خاصة أنها جاءت من أساتذة يدعون أنهم فقهاء دستوريون، حيث إن هؤلاء هاجموا المحكمة لمجرد أنها عدلت القانون وفق دستور لم تخترعه المحكمة من عندها. رقابة قضائية وقال درويش، إن النص الخاص بتصويت المصريين والذي ينص علي وجود رقابة قضائية كاملة علي التصويت أمر غير سليم، وكان من الأولي أن يقوموا في الدستور الجديد بإزالة هذه العبارة إلا أن الإخوان وضعوها وهم لا يعلمون أنها ستسبب كارثة في حالة مالا يتم تطبيقها وإرسال قضاة إلي الخارج للإشراف علي الانتخابات. بينما أكد القيادي بالحزب المصري الديمقراطي، خالد شعبان، أن قانون الانتخابات الحالي حتي بعد التعديل يوجد به شبهات غير دستورية، وهو ما سيدفع القوي المدنية للطعن عليه، وحتي إذا تم العمل وتم تشكيل البرلمان سيتم عليه الطعن، خاصة أن تقسيم الدوائر لم يكن بالعدل والمساواة بين كل المحافظات وبالنظر إلي الكثافة السكانية والتقسيم الجغرافي، مضيفاً أن تقسيم الدوائر جاء غير عادل بالمرة حيث تم تقسيمها وتعديلها ليتناسب مع جماعة الإخوان المسلمين وقال شعبان، إن الجماعة قامت بسلق قانون الانتخابات لخدمة مصالحها في الانتخابات. وأوضح أن عددا كبيرا من القوي المدنية قد تتجه لمقاطعة الانتخابات بل ورفع دعاوي بإبطال القانون إذا استمر علي الوضع الحالي، منوهاً لضرورة احترام كل القوي السياسية في الشارع وعدم السعي نحو المصالح الشخصية دون الاهتمام بالغير. بينما توقع رئيس حزب التجمع، الدكتور رفعت السعيد، أن يحدث صداماً بين المحكمة الدستورية، ومجلس النواب المقبل، في حالة عدم مطابقة قانون الانتخابات للدستور الجديد، مشيراً إلي أنه إذا كان رئيس الجمهورية يريد إجراء الانتخابات بقانون جيد وصحيح، فعليه أن يرسل القانون مرة أخري للمحكمة الدستورية لتحدد مدي تطابق التعديلات التي أقرها مجلس الشوري مع صحيح الدستور أم لا، حتي لا نتعرض لنفس الخطأ الذي وقعنا فيه خلال الانتخابات الماضية، وانتهت بحل البرلمان. قانون سليم في المقابل أكد الفقيه الدستوري، الدكتور رمضان بطيخ، عضو اللجنة التشريعية بمجلس الشوري، أن الخطوات التي اتبعها مجلس الشوري خلال جلسات مناقشة تعديلات قانون الانتخابات، والتي أرسلتها المحكمة الدستورية سليم تماماً، ولا يؤثر في القانون أو المؤسسات التي تبني عليها، مشدداً علي أن القانون دستوري ومبني علي دعامات رئيسية، ولا يوجد به أي ثغرات، موضحاً أن ما حدث من مخالفات داخل جلسات مجلس الشوري لا علاقة له بدستورية القانون من عدمه، وقال إن القانون تم تعديله كما أرادت المحكمة الدستورية وستجري الانتخابات وفقاً له، وبشكل منظم دون أن يحدث أي مخالفات لذلك. وقال بطيخ، إن مجلس الشوري لم يلتف علي ملاحظات المحكمة الدستورية، فيما يتعلق بمادة ترشح المتهربين من التجنيد للبرلمان، وإنما استند إلي قانون العقوبات الجنائية، موضحاً أن التصريحات عن إمكانية الحكم ببطلان قانون الانتخابات، عبارة عن رأي شخصي، أو نصيحة، موضحاً أن مواد الدستور لا تنص من بعيد أو قريب علي حق المحكمة الدستورية العليا، في الرقابة اللاحقة علي قوانين الانتخابات. كما أكد أستاذ القانون الدستوري، وعضو مجلس الشوري، الدكتور جمال جبريل، أن دعوة الرئيس للانتخابات يجب أن تكون بقانون، معرباً عن شكه في أن يكون الرئيس وقع في الخطأ الجسيم بالدعوة من دون قانون، مشيراً إلي أن إعادة القانون إلي المحكمة الدستورية غير مطلوب علي الإطلاق، وهو ما نصت عليه المادة 177 التي تطالب بالعرض قبل إصدار القانون وليس بعده. وأشار إلي أن المحكمة الدستورية ليس من حقها النظر في أي طعن من الطعون في دستورية القانون بعد إقراره من مجلس الشوري، ولو كان هناك أي عوار في القانون تكون المسئولية سياسية فقط لمخالفة الدستور وليس للدستورية التدخل. وأوضح جبريل، أن مجلس الشوري استعان بقرار وزير الدفاع باستثناء أداء الخدمة العسكرية، مشيراً إلي أن الفئات المستثناة لاعتبارات أمن الدولة ومصلحة الدولة والتي تتركز في الإسلام السياسي، ورفض جبريل، حرمان الشخص من الترشح في الانتخابات بقرار إداري لمجرد كتابة أحد المخبرين تقريراً فيه في أمن الدولة سابقاً، مشيراً إلي أن القانون أكد ضرورة صدور حكم قضائي. وأشار إلي أن هناك اتجاها شديدا لهدم مؤسسات الدولة، وعدم استكمالها التي هي أمر حتمي وضروري، مؤكداً أن العصيان المدني في بورسعيد له أسبابه ويجب إزالتها، وأن مجلس الشوري التزم بكل ما ذكرته المحكمة الدستورية، لافتاً إلي أن تقسيم الدوائر يجب أن يكون تبعاً لتمثيل السكان والمحافظات، وهو ما تم تبعاً للمادة 113 منوهاً إلي أن هناك زيادة في المقاعد من أجل الوصول إلي حالة العدالة في تقسيم الدوائر.