الإهمال الذي تفشي بأبشع صوه وصل إلي حد الكلاب المسعورة المتروكة في أحيائنا عشوائيةً كانت أو غنية فهي لا تفرق بين كبير وصغير ولا بين غني وفقير ويمكن أن تكون هذه هي الحسنة الوحيدة في وجودها "المساواة"!!. لم يعد وجودهم "ظاهرة" كما كان منذ أكثر من 4 أعوام ولكنه أصبح أسلوب حياة، فاعتاد المصريون أن يسمعوا عن رجل عقره كلب، أو امرأة ذهبت للتسوق فهجم عليها واحد ليأكل قدميها!!، مأساة بكل المقاييس لا يمكن أن يتحملها أحد والحكومة لا تزال عاجزة عن الحل فبعد أن أصيب أكثر من 10 أطفال في أسبوع واحد بمنطقة المقطم لم يتحرك لأحد ساكن كالعادة والمصري وحده هو الذي يدفع الثمن..، لذلك قررت »آخر ساعة« أن تجوب شوارع العاصمة لعلها تجد حلاً للحفاظ علي حياة المصريين من "عض الكلاب" . جمعيات الرفق بالحيوان: »لا للقتل الرحيم .. نعم للعزل« الأهالي يطلقون حملة: »سلم كلب وخد 10 جنيه من الحكومة« »اللهم إنك قلت إن بني آدم أذكي وأكرم مخلوقاتك.. اللهم أنزل شيئاً من رحمتك في قلوبهم لعلهم يرحمون من هو أضعف من مخلوقاتك« بتلك الكلمات بدأت سالي شهاب الدين حديثها معنا كونها عضوا فعالا بجمعية »لف آنيمال« للرفق بالحيوان، مؤكدةً رفضها لما يسمي ب"القتل الرحيم" للكلاب المصابة بالسعار. وقالت سالي: لا أعتبر ما يسمي بالقتل الرحيم لهذه الكلاب حلاً، فقتلها بإطلاق النار عليها وتسميمها هو عمل غير إنساني، فالكثير منها يصاب بجروح فقط ويترك ليموت موتًا طويلاً مؤلمًا، كما أن السم يسبب ألمًا شديدًا لها. الحل هو في احتجازها في أقفاص وتعقيمها وهناك بعض الكلاب التي يعاد تأهيلها وتطعيمها ووضعها في بيوت جديدة، وخاصة تلك التي هجرها أصحابها. وأكدت سالي أن الحل يتلخص في أن يقوم أطباء متخصصون بعمل عمليات تعقيم لعدم تكاثر الكلاب وكمان تطعيمها ضد السعار، وبعد كده يرجعون الكلاب إلي المكان الذي أخذوها منه وأنا مستعدة أن أتولي هذه الحملة، وبهذا نكون وصلنا لحل رحيم وعلمي لمشكلة الكلاب غير أنها لن تتكاثر وتخلص خالص. الأهالي يصرخون واستنكر أهالي منطقة صفط اللبن ببولاق الدكرور الطريقة التي تستخدمها الحكومة في التخلص من الكلاب وهو الرمي بالرصاص، وقال الحاج محمد الكواوي تاجر أقمشة:" لماذا لا نريح أنفسنا ويتم إعدام تلك الكلاب بحقن أو سم مثلا أو علي الأقل بعيداً عن أعين الناس كما كان يحدث قديماً ؟ فمعظم من يشاهدون عملية إعدام الكلاب بالشارع من الصغار مما قد يشكل صدمة لديهم". والأمر اختلف كثيراً مع سكان منطقة المقطم التي يعاني أطفالهم من العض " ليل نهار" من الكلاب المسعورة، فهم لا يعرفون إلي الآن ما إذا كانت تلك الحيوانات كلاباً أو غير ذلك مما تجلب الصحراء فقربهم من جبل المقطم جعل أطفالهم عرضة لهذا الخطر طوال الوقت وكالعادة الحكومة "لا حياة لمن تنادي". واتفقت معه في الرأي سمية محمود عضو بجمعية حماية البيئة حيث قالت : أضرار قتل الكلاب في الشارع كبيرة جداً وتفوق خيال المصريين، حيث إنها تتسبب في إحداث منظر دموي بشع لا يتحمله كبير أو صغير فضلاً عما تسببه من إزعاج المواطنين . وأضافت محمود : " تكلفة التخلص منهم مكلفة جداً لأن طلقة الخرطوش في حدود 12جنيها .. ويا صابت يا خابت، ومن ناحية أخري قالت : " الكلاب لمدة لا تقل عن يوم في الشارع ولا أدري لماذا لا يأخذها من يقتلها لدفنها بل تحتاج العملية لجهة أخري كي تقوم بالنقل !! مما يؤدي لتلوث بيئي وبصري وانتشار الأمراض". حملة سم الكلاب وبعد أن طفح الكيل بأهالي منطقة المقطم من تكرار حوادث عض الكلاب "المسعورة" للكبار والصغار دون تفريق قرر "إسماعيل محمد" مهندس كمبيوتر أن يحل الأزمة بنفسه دون أن ينتظر مجهودات الحكومة التي لا تفيد بل تضر أكثراً . قرر محمد وبمساعدة بعض جيرانه أن يطلقوا حملة : " "سم كلاب شارعك ومتستناش حد"، مشيراً إلي أن تلك الحملة لم يتم إطلاقها إلا بعد أن طفح الكيل بأهل المقطم، حيث إنهم اعتادوا علي عدم النوم بسبب أصوات الكلاب، كما أن وجودهم بالشوارع "أكثر من البني آدمين" تسبب في إحداث حالة ذعر بين الأطفال والنساء مما منعهم من النزول لأشغالهم ولمدارسهم صباحاً. وأكد محمود أنه اتصل أكثر من مرة بمسئولي الحي التابع له كي يخلصوهم من تلك الأزمة، وقال : " اللي بيحصل بعد ما بنتصل بالحي يقوموا باعتين لنا نفرين معاهم بندقية لعبة يضربوا علي كلب واحد والعشرين كلب الباقيين يجروا كلهم طبعا وبعد كده النفرين دول ياخدوا بعضهم ويروحوا ده غير انهم بيسيبوا الكلب ده يواجه مصيره "يموت قدام أي بيت بقي مالهمش دعوة". واستطرد في حديثه قائلاً: " أنا عن نفسي عملت شيء ايجابي في شارعنا ونزلت سميت الكلاب ومن ساعتها مشوفتش كلاب بعدها في شارعي بس ولا يزال طبعاً خطرهم يواجه المصريين جميعاً". ومن ناحية أخري أطلق محمد حنفي مبادرة أخري تحت عنوان " سلم كلب للحكومة وخد 01 جنيه"، مشيراً إلي أن الحكومة لديها ميزانية للقضاء علي الكلاب وحتي الآن لم تتمكن من القضاء عليها أو حلها . لذلك أطلق حنفي مبادرة في منطقة "عزبة النخل" للقضاء علي كلاب الشوارع نهائياً وتتلخص في : " سلم كلب حي أو ميت وخد 01 جنيه، بداية المواطن هو اللي يمسك الكلاب ويسلمها الي الحكومة، وأول حاجة طبعاً الحكومة تعمل دعاية للموضوع وده تكلفته بسيطة جداً مقارنة بتكاليف التخلص من الكلاب غير المجدية". وتابع قائلاً: " طبعا الناس هتنزل علي الكلاب ويتخانقوا عليها خصوصاً اللي بيقعدوا تحت الكوبري أدينا هنشغلهم برضه وتاني حاجة طبعا الحكومة توفر أماكن وأرقام تليفون للمواطنين في خلال هذه الحملة وسيارات تيجي تاخد الكلاب وتعمل إرشادات وتوعية وطرق مسكها وقتلها يعني لازم نتعب شوية وبعد كده هنرتاح كلنا. واختتم حديثه قائلاً: أعتقد أن الحكومة هتصرف فلوس كتير بس المرة دي هيكون لها فائدة وفي خلال شهر انسوا لو شفتوا كلب ضال ماشي في الشارع. 100 ألف ضال أكدت الدكتورة نبيلة الدغيدي أستاذ الأمراض المعدية بالمركز القومي للبحوث أن تعداد الكلاب في مصر يقدر بالملايين وأنه لم تنجح حتي الآن كل الجهود المبذولة للقضاء علي هذه الظاهرة.، لافتة إلي أن المشكلة تكمن في أن الكلاب الضالة تنقل أمراضًا خطيرة إلي الإنسان مثل مرض " السّعار"، الذي يحمله فيروس يتسلل إلي الجهاز العصبي للإنسان ويؤدي إلي وفاته، إضافة إلي مشاكل أخري تسببها هذه الكلاب من إزعاج وضوضاء للمواطنين طوالَ الليل. وأوضحت الدغيدي أن القتل بالرصاص أو بالسم غالباً ما يكون متعباً وشاقاً، كما أن اتباع هاتين الطريقتين يشكل خطورة شديدة علي البشر، فمن جهة، قد يصيب الرصاص بعض الأفراد إذا أخطأ الرامي هدفه، ثم إن استعمال مادة " الإستراكينين" السامة لقتل الحيوان تلوث البيئة، وقد يترك الحيوان الطعام المَخلوط بهذه المادة وربما تقع في أيدي أطفال أو عمال نظافة أو تلقي كيفما اتفق في مصارف المياه لتتحول إلي مصدر ضرر علي الإنسان. يأتي بعد ذلك أن كل الطرق القديمة للتخلص من الكلاب فيها الكثير من الوحشية وعدم الرحمة. فمن المحتمل عند استخدام الرصاص أن يُصاب الحيوان إصابة غير قاتلة ويظل ينزف ويتألم لساعات طويلة. ومثل هذه الطرق تتناقض مع ما نصت عليه الشرائع السماوية التي أوصت بالرفق بالحيوان. وقالت : " هناك أمر لم يكن متوقعًا، وهو أن تتعرض مصر لانتقادات أجهزة الإعلام في عدد من الدول الأجنبية بسبب ذلك، مما أدي إلي امتناع العديد منها -ومِن بينها استراليا- عن تصدير حيواناتها إلي مصر بصفتها "دولة متوحشة تنتهك حقوق الحيوان" . حدث ذلك بسبب صورة كلبة تظهر عليها علامات الحمل وقد أصيبت بطلق ناري في بطنها، وهو ما أزعج منظمات الرفق بالحيوان علي مستوي العالم وجعلها تتبني حملة إعلامية لصالح هذه الأم". وأوضحت الدغيدي أن مصر تأتي ضمن المناطق الأكثر خطورة التي يهددها مرض "السعار"، لافتةً إلي أن أعداد الكلاب الضالة وصلت لأكثر من 001 ألف كلب "ضال" كما يتعرض المواطنون في مصر إلي 052 ألف حالة عقر كلب سنويا، وتليها الجزائر ، حيث لا تزال تسجل سنويا ما بين 51 و 02 حالة وفاة بسبب هذا الداء، كما أن هناك 001 ألف جزائري يتعرضون للعض من طرف الحيوانات سنوياً. وأكد الدكتور أسامة وجدي أستاذ الطب الببطري والوقائي أن مرض السعار برغم أنه يظهر في حالات فردية، ولكنه من الخطورة التي لا يستوعبها الكثير من الناس فهو مرض فيروسي ممكن أن يصاب به أي حيوان، وفي حالة عقر الإنسان من أي حيوان بداية من الفأر إلي الجمل لابد أن يأخذ العقار فورا، ونحن كأطباء طب بيطري نشجع علي تربية الكلاب، ولكن بشكل صحيح وبترخيص من مديريات الطب البيطري مع الاهتمام بأخذ الأمصال بانتظام حتي نحد من أمراض عديدة أهمها وأخطرها مرض السعار مع مطالبتنا بمكافحة الكلاب الضالة، ولكن بشكل حضاري. وأشار وجدي إلي ضرورة التوعية اللازمة للأهالي ومربي الحيوانات، لافتاً إلي أن نقابة البيطريين تشترك مع مديريات الطب البيطري وأجهزة الدولة في وضع الخطط والتوجهات لمكافحة الكلاب الضالة ومرض السعار خصوصا في المناطق المتاخمة للصحراء، وما يظهر من وقت لآخر من ظهور السلعوة وهي أحد الحيوانات المفترسة والتي تكون غالبا مريضة بالسعار.