يبدو الخلاف عميقا والتوافق بعيدا داخل الجمعية التأسيسية للدستور ، فكل يغني علي ليلاه ..التيار الإسلامي لا يري في الدستور سوي تطبيق الشريعه والتيار المدني لايري في مسودة الدستور أي نفع أو جدوي من الأساس ويري أن عملها باطل ..فهي لاتمثل كل المصريين!.. وتتصاعد يوما بعد يوم حدة الخلافات والتراشقات بين أعضاء الجمعية فيما تؤكد الجمعية أنها ستنتهي من عملها نهاية الشهر الجاري ليتم الاستفتاء قبل نهاية العام وقبل أن تصدر المحكمة الدستورية حكمها في مدي دستورية قانون تشكيل الجمعية التأسيسية وهو ما يهدد الدستور القادم في حالة الاستفتاء عليه بالبطلان.. أين هو الخطأ وهل يقبل الناس الأكروبات السياسية التي تتم في هذه الجمعية وما قد ينتج عنها من مواد لا تحظي بإجماع لدستور سيطبق علي الجميع ؟! في أسوان شن الدكتور محمد البرادعي، رئيس حزب الدستور، هجوما عنيفا علي لجنة وضع الدستور وقال إنها لا تمثل جميع أطياف الشعب المصري، وأن الدستور الذي وضعته لن نقبله ولن يمر مؤكدا أن الثورة لن تكتمل إلا بعد توحد الشعب وموضحا أنه لا توجد دولة مدنية دون الشريعة الإسلامية الوسطية. أما عمرو موسي مؤسس حزب المؤتمر وعضو الجمعية التأسيسية للدستور فقال إنه لا خلاف حول أن تكون مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع كما أن هناك العديد من القوانين المستمدة من الشريعة الإسلامية في المجتمع المصري وفي مسري ومجري حياتنا ولا نختلف مع وجودها مؤكدا رفضه التعجل في التصويت علي الدستور لأن الدستور يجب أن يحكم لسنين طويلة ولذا يجب التروي، فإن لم يكن الدستور توافقيا ومكتوبا بعناية فإن عمره سوف يكون قصيرا. ويتفق موسي مع الانتقادات الموجهة إلي تشكيل التأسيسية التي تضم أغلبية من تيار معين، بالشكل الذي يمكن أن تحاول من خلاله هذه الأغلبية من كتابة دستور علي هواها وتمريره، مشيرا إلي أنهم كممثلين للتيار المدني داخل التأسيسية تقدموا بتعديلات إلي الجمعية التأسيسية علي مسودة الدستور ولم يروا أثرها بعد. ويبرر موسي بقاءه في الجمعية طوال الفترة الماضية بأنه كتيار مدني كان لهم مواقفهم الواضحة للعمل علي وضع دستور سليم ومتوازن، إلا أنه في غيبة كل هذا فإنهم لن يكونوا جزءا من التأسيسية وهذا ليس تهديدا ولكنه موقف واضح، ولا يمكن استخدامهم لبيع دستور مصر. ومن أبرز المقترحات التي تقدم بها عمرو موسي للجمعية، والتي حملت توقيع ثلاثين عضوا، من بينهم الدكتور وحيد عبدالمجيد وجابر نصار وعبد الجليل مصطفي كانت للمادة التي تفسر كلمة مبادئ الشريعة وتخوفهم من هذا التفسير، بالإضافة للمادة »4« التي توجب أخذ رأي هيئة كبار العلماء في كل ما يتعلق بالشريعة، مشيرين إلي أن هذه المواد تكرس الأحادية الثقافية، وتثير القلق الشديد حول اتجاه النية لتغيير هوية المجتمع والدولة من الهوية المصرية الإسلامية متنوعة الثقافات والأديان المنفتحة علي العالم إلي الهوية الدينية المتشددة، ومن دولة القانون إلي دولة ولاية الفقيه. كما تضمنت التعديلات أن يؤخذ رأي الأزهر استشاريا وليس وجوبيا في كل ما يتعلق بالشريعة الإسلامية، حرصا علي عدم التعارض بين المؤسسة الدينية والمؤسسات السياسية أو القضائية وطالبت التعديلات بإلغاء مفهوم الشوري، لأنه لا يتسق مع مبادئ الديمقراطية، وإلغاء دور المجتمع من نص المادتين 9 و10 في حماية التقاليد والأخلاق والآداب العامة، لأن وجود دور للمجتمع في هذا الأمر وفقا للدستور يمكن أن يكون سندا لقوانين تتدخل في حياة الناس. ويري حمدين صباحي مؤسس التيار الشعبي أنه لا يمكن وضع دستور بأقلية أو بأكثرية إنما يجب أن يوضع الدستور بما يعبر عن التوافق الوطني، بسبب العوار الموجود في تشكيل الجمعية التأسيسية كما أن المسودة التي ظهرت تدل علي أننا في مأزق ناتج عن عوار المُنتج والمَنتج معا فلا المسودة صالحة ولا اللجنة محل الرضا الكامل كما أن استخدام الدين في الجدل السياسي يعكس نفسه علي مايحدث في المشهد مضيفا أنه لا صراع حول الشريعة الإسلامية، مدللا علي ذلك ببقاء المادة الثانية للدستور. الموقف من رفض مسودة الدستور ليس محل خلاف بين التيارات القومية والتيارات اليسارية وإن كان اليسار يدفع نحو اتخاذ مواقف تصعيدية داخل الجمعية ومن بين المؤيدين لضرورة تهديد القوي المدنية للانسحاب من اللجنه كخطوة تصعيدية كان عبد الغفار شكر – وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي حيث يري ضرورة تهديد 30عضوا من أعضاء الجمعية التأسيسية يمثلون التيار الليبرالي واليساري بالانسحاب ما لم تتوافر لهم مدة 3 أسابيع لمناقشة مسودة الدستور لأن المعركة الآن بالنسبة للقوي المدنية أصبحت داخل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وليس من خلال التحركات في الشارع. وإذا لم يكن لانسحاب هؤلاء الأعضاء من الجمعية التأسيسية أي تأثير علي عملها فإنه علي الأقل سيضعف من موقفها، فحينما ينسحب 30 عضوا من أصل 100عضو فذلك سيكون من شأنه عدم وجود دستور توافقي بين كل القوي السياسية.