«الداخلية» تسمح ل21 مواطنًا بالتجنس بجنسيات أجنبية    سعر الذهب اليوم الأحد 28 أبريل 2024 وعيار 21 الآن في سوق الصاغة بعد آخر هبوط    الرئيس السيسي يشهد افتتاح مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية    جولة تفقدية لمسؤولي المدن الجديدة لمتابعة مشروعات رفع الكفاءة والتطوير    وزيرة التعاون الدولي تُشارك في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالسعودية    ما آخر موعد لمبادرة سيارات المصريين بالخارج؟.. وزيرة الهجرة تجيب    اعتقال مرشحة للرئاسة الأمريكية خلال احتجاج مؤيد للفلسطينيين بجامعة واشنطن    إسرائيل تقصف أهدافا لحزب الله في جنوب لبنان    روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني    مباريات اليوم الأحد.. الزمالك في الكونفدرالية و«ديربي شمال لندن» ب«البريميرليج»    عاجل.. سر إنقلاب محمد صلاح على يورجن كلوب أمام الملايين (القصة الكاملة)    مصرع شخص وإصابة 23 آخرين في حادث تصادم بصحراوي أسوان    مطروح تستعد لامتحانات الترم الثاني.. غرف عمليات ومراعاة مواصفات الأسئلة    دور الصناعات الثقافية والإبداعية في دعم الاقتصاد.. أولى جلسات مؤتمر النشر بأبوظبي    الجزار: مسئولو المدن الجديدة في جولات موسعة لمتابعة مشروعات رفع الكفاءة والتطوير والنظافة    روسيا تعلن تدمير 17 مسيرة أوكرانية    صباحك أوروبي.. دعم صلاح.. معجزة ليفركوزن.. وميلان يتفق مع لوبيتيجي    العودة في نفس اليوم.. تفاصيل قيام رحلة اليوم الواحد للاحتفال بشم النسيم    حصول 4 برامج ب«آداب القاهرة» على الاعتماد من هيئة الجودة    42 عاما على تحريرها تنمية سيناء رد الجميل لشهداء الوطن    كولر يجهز حسين الشحات لنهائي أفريقيا فى مباريات الأهلي بالدوري    انطلاق دورة دراسات الجدوى وخطط الصيانة ضمن البرنامج التدريبي للقيادات المحلية    أغصان على شكل صلبان وورود.. الآلاف من الأقباط يحتفلون ب«أحد الشعانين» في كنائس المنيا (صور)    غدا.. «بلينكن» يزور السعودية لمناقشة وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن    بعد اتهامها بالزنا.. عبير الشرقاوى تدافع عن ميار الببلاوى وتهاجم محمد أبو بكر    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : شكرا سيدى على الدعوة00!؟    النسوية الإسلامية (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ): فى القرآن.. الناس يسألون النبى! "91"    نصائح هامة لتنظيم ساعات النوم مع التوقيت الصيفي    تحرير 7 محاضر مخالفة ضد أصحاب مخابز بالأقصر    خلال شهر مايو .. الأوبرا تحتفل بالربيع وعيد العمال على مختلف المسارح    تزامنًا مع قضية طفل شبرا.. الأزهر يحذر من مخاطر Dark Web    التصريح بدفن جثة شاب لقى مصرعه أسفل عجلات القطار بالقليوبية    انتوا بتكسبوا بالحكام .. حسام غالي يوجّه رسالة ل كوبر    عاجل.. مدحت شلبي يفجر مفاجأة عن انتقال صلاح لهذا الفريق    بطلوا تريندات وهمية.. مها الصغير ترد على شائعات انفصالها عن أحمد السقا    لا بديل آخر.. الصحة تبرر إنفاق 35 مليار جنيه على مشروع التأمين الصحي بالمرحلة الأولى    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    سيد رجب: بدأت حياتى الفنية من مسرح الشارع.. ولا أحب لقب نجم    السكك الحديد تعلن عن رحلة اليوم الواحد لقضاء شم النسيم بالإسكندرية    مصرع 5 أشخاص وإصابة 33 آخرين في إعصار بالصين    رفض الاعتذار.. حسام غالي يكشف كواليس خلافه مع كوبر    آمال ماهر ل فيتو: مدرسة السهل الممتنع موهبة ربانية ومتمرسة عليها منذ الطفولة    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    تملي معاك.. أفضل أغنية في القرن ال21 بشمال أفريقيا والوطن العربي    العالم الهولندي يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة ويكشف عن مكانه    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بطولات وأسرار
6أگتوبر وملحمة العبور
نشر في آخر ساعة يوم 08 - 10 - 2012


المجموعة 39 قتال
السبت السادس من أكتوبر 3791 الموافق العاشر من رمضان البداية كانت بالعبور العظيم لأكبر حاجز مائي في تاريخ الحروب والأخطر منه الحاجز النفسي الذي ترسخ في نفوس أبناء مصر جميعهم فقد كانت الهزيمة قاسية فلم يتوقع أحد أن ينهار الجيش المصري حتي تم إعادة بنائه علي أسس سليمة.. عملية صعبة وكانت إعادة الثقة إلي النفوس أكثر صعوبة.. حارب الرئيس السادات بضراوة في الجبهتين العسكرية والسياسية وحصن نفسه بإيمانه وثقته في قواته المسلحة وجاءت اللحظة الحاسمة ووقف العالم كله مشدوها يراقب ماذا يفعل المصريون، ويتساءل ماذا يحدث للجيش الذي لا يقهر؟ وشهدت أيام الحرب المجيدة بطولات لقادة وضباط وجنود القوات المسلحة تعجز عن وصفها الأقلام وبعضها لم يكشف النقاب عنه وعندما يزاح الستار عن الكثير سيعرف المصريون أكثر وأكثر أن جيشهم عظيم علي مر العصور (آخر ساعة) قامت بإلقاء الضوء علي البطولات، منها بعض من أفراد المجموعة 93 قتال ثم ولأول مرة تفصح حرم الشهيد أحمد حمدي عن أسرار حياته الشخصية.
اللواء محيي نوح »رفيق الشهيد الرفاعي«
عبد الناصر زارني في المستشفي
أحد ضباط المجموعة 39 قتال والذي انضم إلي قوات الصاعقة عقب تخرجه في الكلية الحربية ليشارك في حرب اليمن بعد حرب 67 طلب منه الرفاعي اختيار أفضل عناصر للعمل بفرع العمليات الخاصه في البدايات الأولي لتكوين المجموعة 39 وكان من ضمنهم رفعت الزعفراني ومجدي عبدالحميد وخليل جمعه خليل وأحمد الجبالي وحملت المجموعة مسميات منظمة سيناء العربيه والكوماندوز المصريين وقامت بغارات علي العدو بلغت 92 أشهرها" لسان التمساح" للثائر للشهيد الفريق عبدالمنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المصرية وقبلها معركة رأس العش الثانية ثم تدمير مطارالطور وغيرها كان ل"آخر ساعة" اللقاء معه لمعرفة المزيد.
متي التحقت بالكلية الحربية؟
التحقت عام61 وتخرجت 1963 وكنت قبلها قد التحقت بكلية الطب ولكن شاهدني العقيد "علي شفيق "مدير مكتب المشير عبد الحكيم عامر وعرض عليّ الالتحاق بالكلية الحربية وكان الفريق محمد فوزي مدير الكلية الحربية محبا للعبة الملاكمة كما كان لتفوقي الرياضي دور في إلحاقي بسلاح الصاعقة وحصلت علي المركز الأول في دورة معلمي الصاعقة وعملت مدرسا بمدرسة الصاعقة.
ثم سافرت إلي اليمن حيث قضيت عامين ونصف العام م64- 1966 لدعم ثورة اليمن ورقيت إلي رتبة نقيب وكانت هذه الفترة بمثابة تدريب لأفراد الصاعقة بالمناطق الوعرة و الجبال والسهول وكنا نحمي سد مأرب وقد أصبت هناك.
وبعد عودتي من اليمن انضممت لتشكيل من الصاعقة المكلفة بحماية منطقة شرم الشيخ بجنوب سيناء.. ولما نشبت حرب يونيه 1967وكان اتجاه هجوم العدو من القطاع الشمالي والأوسط من سيناء فقد تم سحب الوحدة من سيناء إلي الإسماعيلية ثم كلفت بقيادة سرية للتحرك إلي القنطرة شرق ثم التمركز في منطقة جلبانة قبل رمانة لإيقاف تقدم لواء مدرع إسرائيلي في اتجاهه للقناة يوم 6 يونيو.. و تم توزيع القوات وعمل الحفر البرميلية وتم دعمها بعشر دبابات كان من ضمن أطقمها الملازم أول طارق واصل نجل الفريق عبد المنعم واصل. تمكنت هذه القوة من إيقاف اللواء المدرع إلاسرائيلي وكبدته خسائر كبيرة. وفي صباح 7 يونيه هاجم العدو الموقع بطائراته وتمكن من تدمير الدبابات والتشوينات الإدارية.. واستطلعت بعد ذلك طائرات هليوكوبتر للعدو الموقع المصري وتأكدت من الدمار الذي حل به وأبلغت اللواء المدرع الذي قام باقتحام الموقع.. فأعطي أوامره بالاحتماء بالحفر البرميلية وعاد الاشتباك مع العدو عندما يدخل في مرمي نيران اسلحتنا ثم بدأ القتال المتلاحم باستخدام القنابل اللاصقة في باطن الدبابات أثناء مرور الدبابات فوق حفرهم البرميلية وتمكنا من إيقاف الدبابات فاضطررنا للانسحاب تحت ضغط مطاردة طائرات الهليوكوبترللعدو .. واستقربنا المطاف في منطقة الكاب جنوب ثم مدينة بور سعيد حيث التجمع بمدرسة أشتوم الجميل.. وكلفت الصاعقة بإحضار الجنود الشاردين في سيناء وسط قوات العدو التي وصلت إلي ضفة القناة الشرقية.. وبواسطة أحد القوارب وقد ارتديت جلباباً بلدياً أخذنا المياه والمؤن حتي بحيرة البردويل لإحضار الجنود.
ثم بدأت قوات الصاعقة تلقن العدو المتغطرس دروسها بدءا من أول يوليو في معركة رأس العش حيث كلفت ومعي خليل جمعة وعبد الوهاب الزهيري وعدد من الصاعقة بقيادة الرائد سيد الشرقاوي للعبور شرقا لوقف تقدم العدو في محاولته الاستيلاء علي مدينة بور فؤاد و تكبد العدو خسائر وفشل في مهمته في أول مواجهة حقيقية بعد أقل من شهر من نهاية نكسة يونيو.. وكان من ضمن من أبلوا بلاء حسناً في المعركة الملازم أول الجزار والملازم أول نادر عبد الله
وبدأت أحداث رأس العش بتكليفي بتأمين مناطق رأس العش والتينة والكاب.. وفي يوم 8 يوليو شاهدت 4 عربات مجنزرة إسرائيلية ودبابتين أمام منطقة رأس العش في محاولة لإقامة موقع بهذه المنطقة فجهزت الرجال للمهمة ومنهم الضابط محمود حنفي وطاقم قاذف" آربي جيه" وتم الاتفاق علي أن تكون إشارة بدء الهجوم هي أول قذيفة أطلقها. وبالفعل انهالت قذائف الآر بي جيه علي دبابات ومجنزرات العدومن موقعنا في غرب القناة فدمرت عرباته المجنزرة الأربع وإحدي الدبابتين وفرت الأخري جنوباً فخرجت من مخبئي وطاردتها في منظر طريف دبابة إسرائيلية فارة علي الضفة الشرقية، وجندي صاعقة يطاردها علي الضفة الغربية.. وبعد نصف الساعة جاءت طائرات العدو تقصف الموقع في عملية انتقامية شملت المواقع المدنية فضربوا طرق المواصلات والسكة الحديد، وشبكات المياه، وفندق بور سعيد وأزهقوا أرواح أعداد كبيرة من المدنيين، و عدد من جنود حرس الحدود وأثناء القصف احتميت وأفراد المجموعة بالملاحات الخلفية وأصبت ببعض الشظايا فحضر النقيب نزيه لمعرفة ماحدث وحل محلي.
ويضيف اللواء نوح في عام 1968 رشحت للانضمام إلي مجموعة 39 قتال والتي يقودها العقيد إبراهيم الرفاعي الذي كان قد سبق له قيادة مجموعات قليلة العدد عبر بها القناة للقيام بأعمال تدمير واستطلاع للعدو.. وكلفني الرفاعي باختيار أفضل العناصر من كتيبته من ضباط، وصف ضباط، وجنود لضمهم إلي المجموعة التي كان قوامها الرفاعي قائداً للمجموعة، والعقيد عالي نصر طبيباً، والرائد أحمد رجائي عطية، وفصيلة من الصاعقة البحرية، وفصيلة من الصاعقة بالإضافة إلي المجموعة التي اخترتها حتي بلغ عدد أفرادها 200 كانوا يتنافسون فيما بينهم للخروج في عمليات مع قائدهم الرفاعي..الذي يتصف بالجرأة المتناهية التي تمكن من بثها في كل من يعمل معه.. وحملت المجموعة أسماء مختلفة منها مجموعة الكوماندوز المصريين، ومنظمة سيناء العربية، وعندما اكتمل عدد العمليات التي قاموا بها 39 عملية حملت اسم »المجموعة 39 قتال«.
ومن أهم العمليات التي قمنا بها عملية لسان التمساح الأولي في 19 أبريل 1969 رداً علي استشهاد الفريق عبد المنعم رياض في 9مارس 1969.. في نفس الموقع الذي أطلق قذائفه علي الشهيد رياض وتم الاستطلاع الجيد للموقع من الضفة الغربية للقناة من أعلي مبني الإرشاد..و معرفة عدد أفراد الموقع وتسليحه وتم تصميم ماكيت له ثم تشييد موقع هيكلي بنفس التصميم بمنطقة تجمع المجموعة، وتم اختيار المشاركين في المهمة و تدرب كل فرد علي ما سيقوم به في التوقيتات المحددة وكان موقع لسان التمساح مكونا من 4 دشم اثنتان في الأمام واثنتان في الخلف محصنة تحصيناً شديداً يحميها من أي قصف مدفعي فكان تحصينها من فلنكات وقضبان السكك الحديدية وشكاير الرمل يوصل بينها أنفاق لحركة الجنود كي لا يخرج منهم أحد علي سطح الأرض أثناء الاشتباكات وبها مزاغل لمدفعية ثقيلة لضرب الإسماعيلية.. وبعد آخر ضوء من يوم 19أبريل 1969 قاد الرفاعي رجاله في 6 قوارب لعبور بحيرة التمساح تحت قصف مدفعي بطول الجبهة كي لا يعلم العدو اتجاه الهجوم حتي وصلت المجموعة جنوب الموقع بحوالي 100 متر وكان العميد مصطفي كمال هو ضابط الاتصال علي الضفة الغربية فتم طلب رفع ضرب المدفعية عن الضفة الشرقية وتحركه مجموعات الاقتحام نحو أهدافها النقيب محيي نوح ورجاله الإثنا عشر للدشمة رقم 1.. والرائد أحمد رجائي عطية للدشمة رقم 2.. والنقيب وئام سالم للدشمة رقم 3.. والنقيب محسن طه للدشمة رقم 4.. وبدأت كل مجموعة في تنفيذ مهامها.. فبدأنا في إلقاء قنابل الدخان والقنابل الحارقة بالمزغل.. وبدأ العدو في الخروج فتم التعامل معه بجميع أنواع الأسلحة.. رشاشات، وقنابل يدوية، وسلاح أبيض.. وتم القضاء علي كل من بالموقع.. و حرق منطقة الشؤن الإدارية وظل أبطال المجموعة يدمرون الموقع لمدة ساعتين تم خلالها إنزال العلم الإسرائيلي وحرقه، ورفع العلم المصري مكانه، والاستيلاء علي بعض الأسلحة . حتي طلبت منا القيادة العودة لتحرك مدرعات العدو وقواته الجوية . وأثناء الانسحاب اكتشفنا دشمة كانت مخزناً للذخيرة ففجرناها وتطايرت الشظايا فأصبت في ظهري ووجهي وعنقي ونقلت إلي مستشفي القصاصين وفي اليوم التالي نقلت بهليوكوبتر إلي مستشفي المعادي وبمجرد هبوط الطائرة وجدت في انتظاري اللواء محمد أحمد صادق مدير المخابرات الحربية وسألني عن معرفة أسرتي بالإصابة.. وأمر بسيارة أحضرت زوجتي للاطمئنان عليّ ثم جاءني عند المغرب وطلب مني الاستعداد لاستقبال شخصية كبيرة وبعد فترة إذا باللواء صادق يدخل الحجرة برفقة الرئيس جمال عبد الناصر والفريق محمد فوزي وزير الحربية، ولما أرادت أسرتي مغادرة الحجرة طلب منهم أن يظلوا إلي جواري ، وقدمني اللواء صادق للرئيس قائلاً: النقيب محيي نوح من الضباط الممتازين بالاستطلاع والمخابرات ممن قاموا بعملية الإغارة وسأل الرئيس عبد الناصر الطبيب المعالج إذا كانت الحالة الصحية للبطل تمكنه من محادثته فأخبره الطبيب بالإيجاب.. واستمع عبد الناصر لكل تفاصيل العملية والسعادة والرضا والفخر مرسومة علي وجه الزعيم الخالد.. وكيف تم تدمير الموقع بالكامل والقضاء علي أكثر من 40 ضابطا وجنديا إسرائيليا وكانت استغاثتهم مرصودة علي أجهزة التنصت المصرية وكم كانت سعادتي لهذه الزيارة التي أشعرتني بحنان الأب تجاه أبنائه ورعايته لهم.

وخلال زيارة الرفاعي لي علمت منه بموعد العملية التالية وكان قد تقرر لها 8 اغسطس 1969ضد نفس الموقع بعد أن زاد العدو من تحصيناته وتسليحه وعدد أفراده فأصررت علي الخروج من المستشفي للاشتراك في العملية..
كالمعتاد تم استطلاع الموقع واتضح وجود موانع هندسية حوله تمثلت في الأسلاك الشائكة وحقول الألغام مع زيادة تحصين الدشم.. وتم الاتفاق علي مهاجمة الموقع من خلال الثغرات التي تركها العدو في الموانع الهندسية لتحرك جنوده.. وتم الهجوم علي الموقع بنفس التشكيل السابق.. ولكن حدثت المفاجأة فأثناء الهجوم انفجر لغمان فسفوريان في مجموعتي ومجموعة رجائي أصاب اللغم الأول المقاتل الذي كان خلفي إصابة جسيمة وأصبت في ظهري ولكني لم أشعر بها في وقتها وجذبت الجندي الذي سقط لكي لا يعيق حركة باقي المجموعة.. أما الرائد رجائي فأصابه اللغم فأصبح متوهجاً كعمود نيران فما كان من رجال مجموعته وكان من بينهم المقاتل مصطفي إبراهيم إلا أن أسقطوه أرضاً وأهالوا عليه الرمال لإطفائه.. وشعر العدو بالأبطال فأطلقوا الدانات المضيئة لكي يشتبكوا مع رجال المجموعة.. فكان الأبطال ينبطحون أرضاً عند كل إضاءة ويهبون بعدها للاشتباك مع العدو.. وبسرعة حضرت مدرعات العدو إلي المنطقة ودارت معركة شديدة بين الطرفين تكبد فيها العدو الكثير من الخسائر.. وأصدر الرفاعي أوامره لرجاله بالانسحاب من المعركة والعودة إلي الضفة الغربية وقد استشهد من رجال المجموعة 9 شهداء وأصيب 23 مقاتلاً.. ولم تنجح هذه العملية في تدمير الموقع تدميراً تاماً.
ويروي البطل ذكرياته عن عملية تدمير مطار الطور يوم 2 يونيه1970 حيث تم التوجه إلي منطقة الزعفرانة حيث نقطة الانطلاق وتحضير القوات للعبور.. فتم نفخ القوارب وارتداء بدل الغطس.. وتحميل القواذف والألغام.. وبالرغم من ارتفاع الموج إلي 6 أمتار، والجو القارص إلا أن الرفاعي أصر علي تنفيذ المهمة وبعد آخر ضوء انطلقت القوارب في إتجاه الطور.. كنت واقفاً في مقدمة أحد القوارب وإرتفعت مقدمة القارب بشدة إلي أعلي مع أحد الأمواج ثم هبط فجأة بعنف فطرت في الهواء وغصت في الماء أسفل القارب مباشرة في الظلام فتشبثت بحبل تثبيت القارب بشدة من تحت سطح الماء وكنت أسمع ضوضاء رفاص المحرك.. ولو أفلتت يدي لشطرني الرفاص وكنت تحت سطح الماء لا أستطيع التنفس وبدأ الماء المالح يتسرب إلي جوفي . وفي تلك الأثناء شاهدت صورة طفلتي حديثة الولادة أمام عيني مباشرة.. وتجلت عناية الله وأوقف قائد اللنش المساعد علي أبو الحسن القارب عندما اكتشف عدم وجودي فتحركت ورفعت يدي لأعلي فجذبني أبوالحسن وباقي الرجال إلي سطح القارب. ووصلنا للمركب الجانحة بالقرب من شاطئ الطور فنصبنا الصواريخ، وضبطنا الاتجاه والتوقيت.. وقامت مجموعة أخري بتلغيم الطرق المؤدية إلي المطار.. واستمرت عملية قصف المطار 40 دقيقة بعدة قصفات بفارق زمني ضئيل وتكبد العدو خسائر كبيرة بتدمير المطار وملحقاته وممراته وعدد من مجنزراته فضلاً عن الخسائر البشرية. وأثناء العودة ولارتفاع الموج الشديد سقط بطل آخر في الماء ولكنه شوهد فتم محاصرته بالقوارب وإنقاذه وهو الرقيب غريب..وعادت المجموعة بسلام وكان من المفترض أن تزور جولدا مائير هذا المطار في اليوم التالي لرفع الروح المعنوية لجنودها ولكن بعد الدمار الذي لحق بالمطار تم تعديل الزيارة
اللواء محمد بدر:
تسلمت المهمات قبل الحرب ب4 أيام بدون معرفة ساعة الصفر
تخرج في الكلية الحربية عام1972 والتحق بسلاح المشاة وكان قائد فصيلة وقت حرب أكتوبر1973 وعبر بقواته بالقوارب واقتحم موقع تبتي" السبعات والشجرة" ولقن العدو درسا لا ينسي حيث كانت " تبة السبعات " مركز العمليات للعدو علي الطريق الأوسط وقام بقطع خط المرور علي احتياطات العدو لمنع دخولهم الي النقطة الحصينة وكبد العدو خسائر في الأفراد والأسلحة.
وأوضح اللواء بدر أن الجانب الإسرائيلي كان لديه آلة إعلامية في تأجيج المشاعر النفسية وترديد عبارة "إنه الجيش الذي لا يقهر" وكانت لدينا ثقة في تدميره إذا جاءت الفرصة فضلا عن التدريبات الشاقة لأن هدفنا إعادة الأرض التي أخذت بالغفلة وبدون أن يدخل الجيش الحرب مشيرا إلي أن الحرب لم يعرف أحد ميعادها ولكن يوم الثلاثاء ليلا قبل الحرب التي كانت يوم السبت تسلمت المهمات من النقيب الشهيد أحمد النحاس بدون معرفتنا بساعة الصفر وعندما سنحت الفرصة كانت يوم السادس من أكتوبر الساعة 12 ظهرا وتسلم القائد مظروفاً مغلقاً ولابد من فتحه الساعة 2 ظهرا وبدأنا التحرك وبدأت المدفعية في دك حصون العدو وهذا شعور لا يمكن نسيانه ومحوه من الذاكرة عندما كنا نشاهد العدو يتقهقر إلي الخلف وتكبيده خسائر فادحة وعن أشهر المواقف التي يتذكرها ولا يمكن نسيانها وقت عبور القناة قام بحمل سلم الحبال وبعدها اقتحمنا تبة السبعات وفي يوم 8 أكتوبر طورنا من العبور الي تبة الشجرة وتم أسر دبابة "سنتريون"وفي اليوم التالي أراد العدو استردادها بكل ما يملك من قوة ولكننا تصدينا له وصدرت الأوامر بتطوير خطة الهجوم وفي يوم 16 أكتوبر قمنا بإسقاط طائرة إسرائيلية فاحترق قائدها الذي عثرنا معه علي وثيقتين عن بعض المواقع العسكرية الهامة منوها أن قرار وقف إطلاق النار الذي اتخذه الرئيس الراحل أنور السادات جاء في الوقت المناسب بعد أن حققنا أهدافنا وقمنا باسترداد جزء كبير من الأرض لأن العدو استعان بأمريكا فأرسلت إليه جسرا جويا وهذا يحتاج منا إلي إمكانيات كانت في غاية الصعوبة لدينا نحتاج إلي غطاء جوي لأن طموحاتنا كانت أكبر من قدرتنا.
اللواء طيار متقاعد ممدوح حشمت:
في 10 صباح 6 أكتوبر طلعة جوية لرصد مواقع العدو الإعداد لحرب أكتوبر بدأ عقب نكسة 1967 فأخذت القيادة علي عاتقها بناء القوات المسلحة من جديد والإعداد لحرب الاستنزاف التي مهدت الطريق للعبور في حرب 1973 من الإعداد الجيد واستقدام طائرات جديدة والتدريب المكثف هنا ظهر دور القوات الجوية التي قامت بتدمير مطارات العدو في تمام الساعة الثانية وخمس دقائق من بعد ظهر 6 أكتوبر 73 .
يلقي الضوء علي دور القوات الجوية اللواء طيار ممدوح حشمت الذي قال إن القوات الجوية بعد النكسة أخذت علي عاتقها تحقيق أهداف معينة من خلال الطلعات الجوية لرصد كل تحركات ومواقع العدو الحصينة وأن الروح المعنوية كانت مرتفعة من الاستعداد والتدريب القتالي وكنا متوقعين أن المعركة المصيرية اقتربت للثأر خاصة أن كل المعارك الجوية قبل 6 أكتوبر أظهرت تفوق الطيار المصري عندما أخذ فرصته.
وأضاف اللواء كنا صائمين يوم 9 رمضان الموافق 5 أكتوبر ولكن القيادة أعطت لنا الأوامر بالإفطار يوم 6 أكتوبر وجاءت التعليمات الساعة 12 ظهرا وتم إعطاء الأوامر لكل سرب بتجهيز الطائرات وقام كل قائد بشرح المهام عليّ موضحا أنه يوم 6 أكتوبر الساعة العاشرة صباحا قام بطلعة جوية بصفته طيار استطلاع ولتصوير المواقع والدشم الحصينة للعدو وكل الأهداف التي تم تدميرها في الحرب وخص الشهيد طيار عاطف السادات الذي تعامل معه عن قرب كان هادئا ودمث الخلق ولا تلمس فيه بأن شقيقه رئيس الجمهورية.
الرائد سمير نوح
أحضرنا أول أسير إسرائيليشارك في 53 عملية خلال حربي الاستنزاف وأكتوبر والإغارة علي مواقع العدو الحصينة في خط بارليف والكمائن ضد دوريات العدو منها أول كمين قام بنصبه في اغسطس 8691 شرق النصب التذكاري للجندي المجهول والذي تم خلاله أسر أول أسير إسرائيلي وهو العريف يعقوب رونيه وهي العملية التي جن جنون القيادة الإسرائيلية من أجلها وطالب موشيه ديان بمحاكمة الكوماندوز المصريين الذين نفذوا هذه العملية. وزرع ألغام علي طرق المواصلات والمدقات في عمق سيناء. واستطلاع ورصد وتصوير المواقع الإسرائيلية تمهيداً لضربها.
كما شارك في عمليات حرب أكتوبر 1973 بضرب مستودعات البترول في مناطق بلاعيم، وشراتيب، وضرب مطار الطور العسكري عدة مرات، ومهاجمة مواقع العدو برأس محمد بالقرب من شرم الشيخ في أقصي جنوب سيناء.
ثم محاصرة مدرعات العدو وضربها في الثغرة بمنطقتي الدفرسوار ونفيشة ومنعها من دخول مدينة الإسماعيلية وإفشال خططها مما أدي إلي اندفاعها جنوباً في اتجاه السويس.. وإمداد الجيش الثالث بالمؤن والذخيرة أثناء الحصار.
يذكر اللواء سمير نوح بكل الفخر اثنتين من عمليات الإغارة التي شارك فيها، وعملية لسان التمساح الأولي في إبريل 1969 والتي قادها إبراهيم الرفاعي.. حيث تم العبور بالقوارب في التاسعة مساء تحت تمهيد مدفعي من منطقة الإسماعيلية، وبدأ الهجوم علي الموقع الحصين حيث كان نوح ضمن المجموعة التي تسلقت ظهر الموقع ومعه كل من هنيدي والجيزي ومحمد شاكر ومن خلال فتحات التهوية تم إسقاط قنابل دخان وقنابل طرقية صوتية، ولم يستطع أفراد الموقع تحمل الاختناق ففتحوا بوابات الحصن وخرجوا تحت ساتر من طلقات عشوائية لرشاشاتهم وكانت تلك اللحظة التي انتظرها وزملاؤه فكان في انتظارهم مع زميله المقاتل هنيدي عند المدخل يقتلان كل من يخرج وزميلاهما محمد شاكر والجيزي يؤمنانهما حتي أبادوا كل من بالموقع، ثم بدأ الأبطال جميعاً وعلي مدي خمس ساعات في تدمير الموقع حيث قاموا بنسف مخزن الذخيرة، وسيارة جيب مجهزة لاسلكياً، وكل شيء موجود داخل الموقع من أجهزة وأسلحة ومعدات، كما تم تدمير دبابتين للعدو كانتا قادمتين لنجدة الموقع. وقد أصيب في هذه العملية كل من النقيب محيي نوح والمقاتل حسن علي البولاقي وقد زارهما الرئيس جمال عبد الناصر بالمستشفي العسكري بالمعادي. وكانت تلك العملية ثأراً لاستشهاد الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة في شهر مارس من العام نفسه. وكان من بين ماتم الاستيلاء عليه من هذا الموقع رشاش عوزي تم إهداؤه إلي الرئيس السادات عند زيارته للمجموعة عام 1971 والتي منح علم المجموعة خلالها وسام الجمهورية.
فضلا عن ضرب مستودعات البترول برأس شراتيب يوم 14 أكتوبر 1973 وفي اليوم التاسع لحرب أكتوبر المجيدة تحركت المجموعة التي ضمت إبراهيم الرفاعي، والرائد طبيب عالي نصر، والرائد حسني صلاح الدين يسري والرائد بحري وسام حافظ، والرائد رفعت الزعفراني، والنقيب طارق عبدالناصر، والمقاتل عبد العزيز عثمان وعند الدخول لمنطقة الهدف شوهد لنشان للعدو متجهين للجنوب فتم التوقف وعدم لفت نظرهما حتي يبتعدا دون الاشتباك معهما وبعد ذلك تم الوصول إلي الهدف، وقام الجميع بالهجوم بالبنادق الآلية والرشاشات، وقذائف الآربي جيه بكثافة عالية علي مستودعات البترول ولكنها لم تنفجر، واتضح أن الخزانات الأمامية الموازية للبحر فارغة، ولكن عند ضرب باقي الخزانات بالداخل انفجرت واشتعلت النيران فيها، فانكشفت المجموعة للعدو الموجود علي ربوة مرتفعة وبدأوا في تصويب أسلحتهم ضد رجالنا.
وعن ذكرياته مع قائد المجموعة الشهيد إبراهيم الرفاعي يتذكر موقفا إنسانيا، وهو عندما أراد الانتقال مع أسرته إلي سكن قريب من مقر المجموعة بمنطقة الزيتون بدلاً من سكنه بمسقط رأسه بالقناطر الخيرية, وأخبر قائده بصعوبة توفير سيارة لنقل الأثاث ما كان من القائد إلا أن أخرج من جيبه مبلغاً من المال لذلك بعد فترة عندما دخل سمير مكتب قائده لرد المبلغ رفض الرفاعي قائلاً: أن هذا المبلغ هدية من أخ لأخيه..
وبعد انتهاء حرب أكتوبر انضم إلي المخابرات الحربية ثم عمل ملحقاً عسكرياً بسفارة زائير (الكونغو الديمقراطية حاليا) ثم المساهمة في إعداد قاعة المخابرات الحربية بالمتحف الحربي بالقلعة.
حصل نوح علي نوط الجمهورية العسكري من الطبقة الثانية من الرئيس جمال عبد الناصر
نوط الجمهورية العسكري من الرئيس السادات بعد زيارته للمجموعة.
نوط منظمة سيناء العربية عام 1975.
ميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة من القوات المسلحة.
ميدالية أكتوبر والعبور من القوات المسلحة.
اللواء شريف عبدالنبي:
عاملنا الأسري الإسرائيليين وفق المواثيق الدولية
يكشف اللواء شريف عبدالنبي بعضاً من دور وعمل المخابرات الحربية والاستطلاع في حرب أكتوبر .. تخرج في الكلية الحربية سنة 1966وعاصر النكسة وعمليات تطوير القوات المسلحة وإنشاء الدفاع الجوي والإعداد للحرب من خلال حرب الاستنزاف والنجاح في تنفيذ عمليات قتالية علي طول المواجهة من بور سعيد شمالا إلي السويس جنوبا مع الحصول علي معلومات قوية عن الإمدادات في العمق الإسرائيلي وكانت المعلومات تصل إلي القيادة العامة للقوات المسلحة والحقيقة إن 85٪ من حرب الاستنزاف تم البناء عليها لمعركة العبور 37.
وقال إن الدور الأساسي لعناصر المخابرات الحربية والاستطلاع هو فتح نقاط ملاحظة علي طول المواجهة والقيام بأعمال تعرضية علي النقاط الحصينة سواء في المواجهة أو في العمق وعمل هذه الأعمال في تنفيذ كمائن لقطع الإمدادات للعدو من الخلف من عربات لنقل الاغذية وناقلات جند ومدرعات وعربات نقل الذخيرة. والقيام بالإغارة علي بعض النقاط المنعزلة للحصول علي أسير أو تدميرها.
أذكر إننا قمنا بالإغارة علي موقع بالقرب من الكيلو 15 أمام واجهة البلاح وتم تدمير هذه النقطة وتم وضع علم مصر عليها واستمر العلم لفترة طويلة تجاوزت الأشهر الثلاثة.
ولم يستطع العدو الدخول إليها إلا بعد هذه الفترة. واكتشفنا خلال عمليات الإغارة أن الجندي الاسرائيلي ينام وقد ربط خزنة رصاص الرشاش بحبل في ساقه وهو نائم وكان الهدف هو خفض معنويات العدو ومنع احتياطاته من التقدم .
لكن دور الاستطلاع معلوماتي؟
- عنصر الاستطلاع مقاتل أيضا لكن دعني أقول لك إن حرب 1973 كانت حربا معلوماتية فقد شاركنا في إطار خطة الخداع الاستراتيجي علي مستوي الدولة ولكن من خلال نقاط الملاحظة نجحت عناصر الاستطلاع في ربط المواجهة مع القيادة العامة من خلال مناطق مختلفة ترفع تقاريرها إليها لقد رصدنا تحركات قوات العدو ووضعنا الصورة كاملة عن قوات العدو وتحركاتها وأسلحتها ومعداتها أمام القيادة العامة التي اتخذت القرار بالحرب.
لا ينسي التاريخ للعميد شفيق متري سدراك أنه كسر قاعدة أن الضابط خلف قواته ولكنه أصر علي أن يكون أمام جنوده وتقدم بعربة القيادة في موقف نادر الحدوث.
لكن دور الاستطلاع في الحرب مختلف؟
مهام الاستطلاع في العمليات الحربية لا تختلف عنها في أوقات ما قبل الحرب لكنها تختلف من كونها استطلاعا متحركا بدلا من رصد أهداف ووحدات ثابتة.
كيف تم استجواب الأسري الإسرائيليين؟
تم تعييني أركان حرب معسكر تجميع أسري الحرب في مقر السجن الحربي الذي قد سبق تأهيلنا من خلال الحصول علي دورات في اللغة العبرية وبدأوا في الإدلاء بالمعلومات المهمة التي تم إبلاغها إلي القيادة العامة التي كلفت عناصر الصاعقة التي قامت بتدمير هذه الأهداف.
هل لجأتم لأساليب عنف بدني ضدهم؟
- لم يحدث وأتحدي أن يقال إن الضباط المصريين استخدموا العنف ضد الأسري الإسرائيليين ولكن تم معاملتهم وفق المعاهدات الدولية التي تحدد حقوق أسير الحرب.
اللواء بحري وسام حافظ:
السوفييت طلبوا صاروخا فأحضرنا ثلاثةفي 5 يونيو 1967 كان الملازم أول بحري وسام حافظ، أحد أفراد القوات البحرية المتواجدة في ميناء الحديدية باليمن، وبعد أسبوع كانوا يهبطون في ميناء "الأدبية" بالسويس، ومنها بالقطار إلي "أبو قير" بالإسكندرية، وبعد ساعات استدعي إلي مكتب القائد ليصبح أحد أفراد وحدة قوات خاصة بحرية التي تشكلت من النقيب إسلام توفيق، و 26 صف ضابط وجنديا والتي انتقلت إلي منطقة "رأس شقير" جنوب خليج السويس، لتقوم بعملها في مواجهة العدو الإسرائيلي، علي الضفة الشرقية لسيناء.
واتضح أن تقارير الاستطلاع المصرية رصدت قيام الإسرائيليين بنصب شبكة من صواريخ "البازوكا" بطول الضفة الشرقية للقناة، من "رأس العش" شمالا وحتي منطقة "الكاب" جنوبا، وربط هذه الشبكة بدائرة كهربائية، فاستقر رأي القيادات العسكرية علي ضرورة إحضار صاروخ واحد- منها لدراستها، وكيفية إفشالها، وتم تكليف مجموعة صغيرة من القوات الخاصة البحرية، لتنفيذ هذه المهمة من النقيب إسلام توفيق، والطبيب البحري عالي نصر، والشاويش عبد المنعم غوش، وقامت المجموعة بالعبور عند منطقة "الكاب" وبدلا من إحضار صاروخ واحد، أحضرت معها ثلاثة صواريخ.
كان ذلك في بدايات أكتوبر 1967 بعد أقل من أربعة أشهر علي "النكسة"، وقد أدي نجاح هذه العملية إلي تحمس القيادة العسكرية لفكرة المجموعة البحرية الخاصة ونقلت إلي القاهرة، وأسندت مهمة التعامل معها للمقدم إبراهيم الرفاعي رئيس العمليات الخاصة بالمخابرات الحربية".
وكانت عملية تلغيم طرق دوريات العدو من أهم العمليات التي قامت بها المجموعة 39 بعدما برع أفرادها في عمليات العبور وقد أسفرت إحدي العمليات عن أسر جندي إسرائيلي، مات متأثرا بجراحه في أثناء العودة ولتعلن مصر لأول مرة عن تفاصيل هذه العملية عبر أول بيان يحمل اسم "منظمة سيناء العربية.
وفي منتصف فبراير 1969 بدأت القوات المسلحة في تطوير عمليات الاشتباك مع العدو، فتقرر اشتراك قوات الصاعقة، مع المجموعة البحرية الخاصة.
في 19 أبريل من العام نفسه، عبرت قوة من المجموعة، مكونة من 13 قاربا، بكل قارب حوالي 12 ضابطا وصف ضابط وجنديا، تحت ساتر نيران مدفعية الجيش الثاني، الذي كان يقوده المشير "أبو غزالة"، وعندما أصبحت القوات المصرية علي بعد حوالي مائة متر من موقع "لسان التمساح"، صدرت إشارة من المقدم إبراهيم الرفاعي باقتحام الموقع، لكن القوة لم تتمكن من اكتشاف بوابة الموقع الحصين، فاتجهت إلي منافذ التهوية الخاصة به، وبدأت في إلقاء القنابل اليدوية والقنابل الحارقة، فاضطر الجنود الإسرائيليون إلي الخروج، ليجدوا نيران المجموعة في انتظارهم.
وكانت هذه العملية هي المقدمة الحقيقية لحرب الاستنزاف التي أعلن عنها الرئيس جمال عبدالناصر في خطابه في يوليو من العام 1969 .
في أواخر 1969 توجت المجموعة 39 جهودها، بالتسلل إلي ميناء "إيلات" وتلغيم سفينتي الإنزال "بات يام" و"بن شيفع"، وقد نجحت المجموعة في إغراق السفينة "بات يام" أما "بن شيفع" فقد أصيبت وتمكن الإسرائيليون من إصلاحها قبل أن يتم إغراقها بعد ذلك في عملية أخري عند مدخل ميناء الطور.
وقد استمر عمل المجموعة 39 حتي مبادرة روجرز عام 1970 ووقف إطلاق النار، لكنها استمرت في استطلاع، ومراقبة نشاط العدو وتحركاته.
السيدة (تفيدة الأيوبي زوجة) الشهيد أحمد حمدي:
رأيته في الحلم مصابا فسألني عن الكوبري
هذه قصة بطل من قواتنا المسلحة ظل دائما يقاتل في مقدمة جنوده في وحدات الكباري بسلاح المهندسين منح الكباري والعبور كل حياته إنه البطل الشهيد لواء مهندس "أحمد حمدي عبد الحميد"نائب مدير سلاح المهندسين وقائد قوات كباري العبور .. كان ل "آخر ساعة "لقاء مع زوجته السيدة تفيدة الأيوبي لإلقاء ضوء عن البطل و حياته ودوره في حرب اكتوبر.
في البداية نود التعرف علي حياته ودراساته العسكرية؟
ولد في 20 مايو 1929 بالمنصورة وتخرج في هندسة القاهرة قسم الميكانيكا في يونيو عام 1951 والتحق بالقوات الجوية في 18 اغسطس من نفس العام ثم انتقل إلي سلاح المهندسين عام 1954 وأهم دراساته حصوله علي دورة القادة والأركان من أكاديمية فرونز العسكرية بالاتحاد السوفيتي بامتياز ودورة استراتيجية تعبوية بأكاديمية ناصر العسكرية بامتياز ودبلوم الدراسات العليا في الهندسة الميكانيكية من هندسة القاهرة عام 1957 وعن حياته العسكرية عمل بورش سلاح الطيران ثم المهندسين وكان قائدا لإحدي وحدات المهندسين بالمنطقة الشرقية وخلال هذه الفترة شارك في العديد من الأعمال الفدائية وحصل علي فرقة الصاعقة رقم 1 للضباط وفي حرب عام 1967 كان يعمل نائبا لرئيس المهندسين بقيادة المنطقة الشرقية وساهم في التخطيط والتجهيز الهندسي لمنطقة سيناء وكان صاحب فكرة نقط المراقبة علي أبراج حديدية عالية علي الشاطئ الغربي للقناة بين الأشجار لمراقبة تحركات العدو واستمر عمله في الجيش الثاني وتولي قيادة المهندسين المخصص لتنفيذ الأعمال الهندسية بالجيش الثاني والتي كانت القاعدة الأساسية لحرب اكتوبر 1973
ما هي أهم سماته الشخصية؟
من واقع شهادة زملائه تميز بقوة العزيمة ودماثة الخلق والاستقامة كرجل عسكري مؤمن برسالته ومع أسرته كان طيبا وودودا ويقضي وقته القليل في اللعب واللهو مع أولاده أمنية وعبدالحميد ونجلاء وكان يعلمهم الوضوء وقواعد الصلاة وقراءة القرآن وحثهم علي حب الوطن والمذاكرة والنجاح ويصطحبهم إلي الأهرامات ويحكي لهم عن عظمة المصريين ومصر وجمالها.
ما هي انفعالاته عقب أحداث نكسة 67؟
كان لا يتحدث معنا في أمور عمله ولكن أحد أصدقائه قال عقب لقائه بالإسكندرية قبل النكسة مستعرضا حديثه عن أحوال الجيش وقتها وكان يائسا وحزينا بل قال بأن الجيش سيتعرض لنكسة وسيتمزق إذا دخل الحرب وكان يمسك بورقة في يده وقد مزقها بين أصابعه وهو يشير إلي أن هذا ما سيحدث لجيشنا وقد حدث فعلا في 5 يونيو 1967.
ماهو دوره في إعداد وحدات الكباري؟
في عام 1971 كلف بتشكيل وإعداد لواء كباري جديد كامل والذي خصص لتأمين عبور الجيش الثالث الميداني وقام بتشكيل اللواء واستكمال معدات وبراطيم العبور وكانت تصنع بورش المهندسين والشركات المدنية بإشرافه وطور من الكباري الروسية لتلائم ظروف القناة وساهم في التغلب علي الساتر الترابي الذي يشبهها للتدريب علي القيام بالمهام التي سيكلف بها لتأمين عبور الجيش الثالث الميداني مع معرفته بالمصاعب التي ستواجهها وحداته رغم حداثة تكوينها لصعوبة ظروف القناة في القطاع الجنوبي كما كلف بتجهيز مناطق أمامية علي القناة لتمركز وحدات الكباري لينتقل إليها قبل بدء العمليات والتي جهزت بعشرات المئات من الحفر للعربات والمعدات والملاجئ والخنادق والدفاعات وتقدر أعمال الحفر فيها بحوالي 3 ملايين متر مكعب وقامت وحدات لوائه بتجهيزات منازل لإسقاط المعدات وبراطيم العبور علي الشاطئ الغربي للقناة وتم عمل ساحات كبيرة لإسقاط مجموعات كبيرة من المعدات في وقت ومكان واحد نظرا لمعرفته الجيدة والعميقة لظروف القناة وكذلك ظروف العدو
وماذا عن دوره في معركة اكتوبر 1973؟
هذه الفرصة كان ينتظرها بفارغ الصبر وأعد نفسه لها وأحسن الإعداد وعندما رأي أبناء مصر الأبرار يعبرون القناة أدرك قيمة تخطيطه وجهوده السابقة في الإعداد لوحدات المهندسين عامة والكباري خاصة وكان إدراكه السليم لأهمية عمليات المهندسين باعثا أكبر لبذل المزيد من الجهد من أجل تذليل الصعاب التي قابلت وحداته العابرة غير عابئ بما تتعرض له وحداته وروحه من خطر وقاد الشهيد وحدات كباري الجيش الثالث علي أعظم عمليات العبور وأعقدها في الحرب الحديثة والتي شهد لها العالم بأسره الأعداء قبل الأصدقاء وعندما أعلنت ساعة الصفر وعند بدء تحرك وحدات الكباري إلي القناة للإسقاط لتجهيز المعابر والكباري طلب من قيادة الجيش السماح له بالتحرك شخصيا من مقر قيادته إلي القناة ليشارك أفراده في العمل من أول وهلة وبعد وقت قصير بدأت المعركة واستمر طوال الليل بلا نوم وأكل ولاراحة متنقلا من معبر لآخر حتي اطمأن علي بدء تشغيل معظم المعابر والكباري وصلي بعدها ركعتي شكر لله علي رمال سيناء الطاهرة
هل حدث اتصال بينكم وبينه قبل استشهاده؟
في مساء 13 أكتوبر اتصل بنا مكتب المهندسين وكان المرحوم اللواء جلال سري قد ساعدني علي أن أحادثه في التليفون وتكلم معه ابني وقال له خللي بالك من نفسك يابابا.. فرد عليه وانت كمان ياعبدالحميد خللي بالك من نفسك ومن إخوتك ووالدتك؟ وقبلها رأيت رؤيا أثناء إجازته القليلة حيث شاهدته مصابا بجرح وملقي علي الأرض وسط مجموعة من الجنود والضباط واستيقظت من النوم في حالة فزع حتي شعر بي وأخبرته برؤية حلم مزعج ولم أنطق بكلمة واحدة فسألني هل رأيت الكوبري؟ قلت نعم فسألني هل الكوبري سليم؟ قلت له نعم سليم.. فقال" الحمد لله" وسافر للجبهة في صباح اليوم التالي ومنذ ذلك اليوم كان قلبي يحدثني بأن هذا هو ما سوف يحدث؟ وكان دائما يقول إن كل طلقة مكتوبة باسم صاحبها ولا أحد يأخذ طلقة لا تخصه ويردد الآية "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا "
كيف علمت باستشهاده؟
استشهد يوم 14 أكتوبر ولم نعرف إلا في يوم 21 أكتوبر وأحمد الله الذي منحني القوة والصمود وفي هذه اللحظة أدركت أن قلبي كان صادقا في هواجسه وأن عقلي كان يرفض التفكير المنطقي في تفسير غيابه المفاجئ عنا احتضنت أبنائي الثلاثة أمنية 12 سنة وعبدالحميد 10 سنوات ونجلاء 4 سنوات وعاهدت الله علي أن أواصل رسالتي معهم مثلما كان يريد تماما واستشهد أثناء مساهمته بجهده الجسدي بجوار جنوده في إعادة إنشاء كوبري لضرورة عبور قوات لها أهمية خاصة وضرورة تطوير وتدعيم المعركة وأثناء ذلك ظهرت فجأة مجموعة براطيم غارقة متجهة بفعل تيار المياه إلي الجزء الذي تم إنشاؤه من الكوبري معرضا هذا الجزء لخطر التدمير وبسرعة بديهة وفدائية قفز إلي ناقلة برمائية كانت تقف علي الشاطئ قرب الكوبري وقادها بنفسه وسحب مجموعة البراطيم وابعدها عن منطقة العمل ثم عاد لمباشرة استكمال عملية التركيب وفي اللحظة الأخيرة عند الانتهاء من إنشاء الكوبري أصابته إحدي الشظايا المتطايرة وهو بين جنوده وكانت الإصابة الوحيدة والمصاب الوحيد ولكنها كانت قاتلة وارتفعت روحه إلي السماء راضية مرضية .
ونال الشهيد تكريما خاصاً حيث أطلق اسمه علي أول دفعة تخرجت في الكلية الحربية بعد حرب أكتوبر، وتم إطلاق اسمه علي نفق قناة السويس نفق الشهيد أحمد حمدي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.