تقدم شعبة بحوث الصناعات الغذائية والتغذية بالمركز القومي للبحوث حلولا غير تقليدية هدفها سد الفجوة في العديد من المحاصيل الرئيسية، واضعة نصب أعينها مواكبة التقنيات الحديثة في مجال بحوث الإنتاج والتصنيع من أجل تقديم غذاء صحي وآمن للمصريين من كافة الفئات العمرية. في هذا الإطار حاورت »آخرساعة» الدكتور أحمد محمد سعيد حسين رئيس شعبة بحوث الصناعات الغذائية والتغذية بالمركز القومي للبحوث، وإلي نص الحوار: في ظل التطور المستمر في تقنيات تصنيع وإنتاج الغذاء عالميا.. كيف تواكب شعبة البحوث الغذائية هذا التطور؟ - شعبة البحوث الغذائية والتغذية تتكون من 6 أقسام، قسم الألبان وقسم الصناعات الغذائية وقسم التغذية وعلوم الأطعمة، بالإضافة إلي قسم مكسبات الطعم والرائحة، قسم سموم وملوثات الغذاء، وقسم الزيوت والدهون، ونحن من جانبنا نحاول أن نتعامل مع التطورات الجارية في كل هذه المجالات ونقابلها بكل ما هو جديد في الفكر وطرق الإنتاج، مع الأخذ في الاعتبار أن كل منتج غذائي له طبيعة وتقنية خاصة للتعامل معه فما ينطبق علي منتجات اللحوم لا ينطبق مع منتجات الأسماك أو الألبان. كيف يتم تقييم مستويات التلوث الغذائي؟ - هناك عدة أنواع من التلوث الغذائي منها تلوث ناتج عن تعرض الطعام للهواء، أما التلوث الميكروبي فهو ينتج عن بكتيريا أو فطر ينمو علي المادة الغذائية ليفرز سموما يمكن أن تؤدي إلي وفاة الإنسان عند تناول الطعام الملوث، بينما يحدث التلوث الكيمائي في الغالب عن طريق استخدام المبيدات أو الهرمونات بطريقة غير آمنة عند رش المحاصيل الزراعية، لذلك نجد أن هيئة سلامة الغذاء حددت نوعية الكيماويات التي يمكن استخدامها في الزراعة والقواعد التي تستعمل هذه الكيماويات وفقا لها لضمان وجود منتج غذائي آمن. ما سبل الاستفادة من النواتج الثانوية للصناعات الغذائية؟ - هذا الأمر يمكن تحقيقه عند استغلال المخلفات الناتجة عن عملية التصنيع الغذائي، فمتبقيات صناعة الأرز مثلاً يمكن أن تدخل في الصناعات الطبية ومستحضرات التجميل، فيما يمكن دمج مخلفات عملية طحن القمح مع منتجات غذائية أخري مفيدة لمرضي القلب والضغط، كذلك الحال بالنسبة لمخلفات نبات البنجر التي تحتوي علي ألياف مفيدة للغاية للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع نسبة الكوليسترول . ما المقصود ب »الأغذية الوظيفية»؟ - هي أغذية تساعد في علاج بعض الأمراض مثل السمنة والضغط والكوليسترول والنحافة والأنيميا وحساسية الجيلوتين وحساسية الكازين (الألبان)، ونحن بدأنا في إنتاجها بالفعل ولكن قبل عملية الإنتاج كان لابد أولا من إطلاق حملات توعية وندوات تثقيفية للجمهور لتعريف المواطنين بأهمية هذه النوعية من الأغذية، فعلي سبيل المثال في حالات مرضي السكري تم استبدال مكون السكر في الأغذية الوظيفية بالمحليات الطبيعية بحيث لا يكون هناك ضرر عند تناولها، وفي حالات مرضي السمنة تم إنتاج مقرمشات صحية بزيادة نسبة الألياف في مكوناتها، كما تم استخدام النشاء غير المحور في إنتاجها والذي يعطي إحساساً طبيعياً بالشبع، أما في حالات الأشخاص الذين يعانون من حساسية الجلوتين أي أنهم لا يستطيع تناول أي طعام يدخل القمح ضمن مكوناته تم اللجوء إلي مصادر غذائية بديلة قائمة علي مكونات مثل الذرة والأرز والشوفان والكينوا والكسافا تحتوي علي ذات القيمة الغذائية. كيف تري استخدامات تقنية »النانو» في صناعات الأغذية؟ - النانو تكنولوجي - تقنية الجزيئات متناهية الصغر ، تعد واحدة من التقنيات الحديثة التي أثبتت كفاءتها في القطاع الدوائي وكذلك في صناعة مستحضرات التجميل، أما في قطاع صناعة الغذاء فنحن مازلنا لا نعلم تأثير تركيز المادة الغذائية علي الصحة العامة للإنسان، فحتي الآن لم يتم إثبات درجة أمان هذه التقنية بصورة مؤكدة. هل هذا يعني أن الشعبة ليس لها تجارب فعلية في هذا المجال؟ - أنتجنا منتجات باستخدام تقنية النانو بالفعل لكنها مازالت في مرحلة الاختبار علي فئران التجارب حتي يتم التأكد من أنها لا تسبب أي آثار ضارة علي صحة الإنسان علي المدي الطويل. أين وصل مشروع إنتاج رغيف خبز من الشعير؟ - من المعروف أن إنتاج رغيف الخبز يعتمد بصورة أساسية علي محصول القمح، وإنتاج مصر من هذا المحصول حوالي 10 ملايين طن سنوياً وهي نسبة لا تكفي متطلباتنا المحلية، لذلك كنا نستورد نحو 55% من احتياجاتنا، ما دفعنا للبحث عن مصادر بديلة لسد الفجوة فوجدنا مبتغانا في محصول الشعير، فهو محصول يمتاز بقصر دورته الزراعية وتجود زراعته في جميع الأراضي كما أنه يتحمل ظروف الجفاف، فبدأنا في مشروع مشترك مع أكاديمية البحث العلمي، وبعد اختبار المنتج في وحدة التجارب النصف صناعية بالمركز القومي للبحوث نجحنا في إنتاج رغيف صحي قيمته الغذائية مرتفعة. ماهي المحافظات التي يمكن التوسع في تجربة المشروع بها؟ - عند البحث عن المناطق التي يمكن تطبيق المشروع بها نجد أماكن مناسبة مثل الساحل الشمالي ومحافظة مرسي مطروح وأيضا بعض المناطق المستصلحة حديثا بحيث يتم توفير احتياجات المواطنين السنوية بها من خبز الشعير وهذا الأمر يمكن أن يتم بالتعاون مع وزارة الزراعة. وما هي نسبة القمح المتوقع توفيرها حال تعميم هذه المشروع؟ - كمية الشعير المزروعة في مصر تكفي 10% من عملية الاستبدال أي أننا نستطيع خفض نسبة الاستيراد إلي 45% بدلا من 55% ومع التوسع في عمليات زراعة الشعير يمكن استيراد 25% فقط من احتياجاتنا من القمح. ماذا عن تصنيع بدائل الزيوت والدهون؟ - نحن نستورد 90% من احتياجاتنا من زيت الطعام وحتي نسد هذا النقص كان لابد من إيجاد بدائل للزيوت والدهون تعطي ذات القيمة الغذائية دون أن تحتوي علي معدل سعرات حرارية مرتفع وهي تسمي أيضا مستحلبات أو محسنات غذائية. للشعبة جهود بارزة في مكافحة سوء التغذية لدي الأطفال حدثنا عنها ؟ - خلال زيارتنا إلي بعض المحافظات مثل القليوبية لاحظنا معاناة الأطفال من الأمراض الناتجة عن سوء التغذية مثل التقزم والأنيميا فقمنا بالاشتراك في مشروع مع مؤسسة (مصر الخير) يهدف إلي تقديم أغذية مدعمة بالبروبيوتيك والحديد للأطفال، إلي جانب تنويع إنتاج وجبات مدرسية ذات قيمة غذائية عالية، فمشكلة تلك الوجبات في بعض الأحيان تكمن في انخفاض قيمتها الغذائية كما أن طعمها غير مستساغ للطفل لذلك بدأنا في إنتاج وجبات متوازنة العناصر ذات طعم مقبول يقدر عددها باثنتي عشرة وجبة، وهي تراعي الاحتياجات الغذائية والسعرية التي يحتاجها الأطفال من سن 6 إلي 12 عاما.