وزير التعليم: نستهدف التخفيف عن كاهل أولياء الأمور وتحقيق أكبر قدر من التحصيل الدراسي للطلاب    منها تعديل الزي.. إجراءات وزارة الصحة لتحسين الصورة الذهنية عن التمريض    «مدبولي»: مصر تعمل على تطوير البنية التحتية التكنولوجية وفتح أسواق للشركات الناشئة    نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية يتفقد مشروعات العلمين الجديدة    مصر تشهد ارتفاعا ملحوظا فى أعداد السيارات الكهربائية    محاكمة إسرائيل.. العالم ينتظر قرار «العدل الدولية»    أستاذ قانون دولي: قرارات «محكمة العدل» ستكون ملزمة للجميع.. ولا يجوز الطعن عليها    لافروف يكشف تفاصيل المفاوضات بين بوتين وشي جين بينج    فتح: رسائل الرئيس السيسى في قمة المنامة لم تكن كلامية ولكن فعل حقيقي (فيديو)    VAR دقة أكثر مقابل روح اللعبة!    الأهلي يصل ملعب رادس لمواجهة الترجي    مصير تاليسكا من المشاركة ضد الهلال في نهائي كأس الملك    10 محافظات تسجل ارتفاعا غير مسبوق في درجات الحرارة.. تصل ل45 مئوية.. عاجل    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث مروري بالفيوم    السكك الحديد تعلن تشغيل قطارات إضافية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    كورال ذوي الهمم يٌبدعون في اليوم العالمي للمتاحف بالإسكندرية    فصائل فلسطينية تعلن استدراج قوة للاحتلال.. وقتل 5 جنود وإصابة آخرين    أعراض الذبحة الصدرية عند الرجال والنساء، وما هي طرق علاجها؟    عزة مصطفى: عادل إمام شخصية وطنية.. وكل الشرائح العمرية تحب أعماله    الوالدان يستحقان معاملة خاصة.. الأزهر يناقش حقوق كبار السن بملتقى المرأة الأسبوعي    19 صورة لاكتشاف نهر بجوار الهرم الأكبر.. كيف بنى المصريون القدماء حضارتهم    «الصحة» توجه نصائح هامة لمرضى الجيوب الأنفية للحماية من التقلبات الجوية    حصاد تريزيجيه مع طرابزون قبل مواجهة إسطنبول باشاك شهير فى الدوري التركي    المعارضة الإسرائيلية: على جانتس الاستقالة اليوم    مذكرة قواعد اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي 2024.. لا يخرج عنها الامتحان    بالخطوات.. طريقة الحصول على نتيجة الشهادة الابتدائية 2024    وزير التعليم: لدينا 46 ألفًا و994 طفلًا من ذوي الهمم.. و159 ألفًا و825 بمدارس الدمج    أخبار مصر.. غدا طقس شديد الحرارة ورياح والعظمى بالقاهرة 38 درجة    خالد المولهي: جميع الفرق الإفريقية تخشى الأهلي داخل أو خارج أرضه (خاص)    برج الثور.. حظك اليوم السبت 18 مايو: عبر عن أفكارك    تاني تاني.. تغيير جلد ل غادة عبد الرازق وأحمد آدم    كوكا يقود تشكيل ألانيا أمام سامسون سبور في الدوري التركي    رسميًا.. إشبيلية يعلن رحيل مدربه بنهاية الموسم    «معلومات الوزراء» يعلن أجندة وبرنامج عمل مؤتمره العلمي السنوي بالتعاون مع جامعة القاهرة    العلاج على نفقة الدولة.. صحة دمياط تقدم الدعم الطبي ل 1797 مواطن    معلومات عن متحور كورونا الجديد FLiRT .. انتشر أواخر الربيع فما أعراضه؟    حبس المتهم بسرقة مبالغ مالية من داخل مسكن في الشيخ زايد    حزب الله يعلن استهداف تجمعا لجنود الاحتلال بثكنة راميم    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. علي جمعة يوضح    هل مواقيت الحج والعمرة ثابتة بالنص أم بالاجتهاد؟ فتوى البحوث الإسلامية تجيب    مصرع طفلة دهستها سيارة "لودر" في المرج    8 تعليمات مهمة من «النقل» لقائدي القطارات على خطوط السكة الحديد    عاشور: دعم مستمر من القيادة السياسية لبنك المعرفة المصري    مصر تنافس على لقب بطولة CIB العالم للإسكواش ب3 لاعبين في المباراة النهائية    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    السفيرة سها جندي تترأس أول اجتماعات اللجنة العليا للهجرة    «الصحة»: وضع خطط عادلة لتوزيع المُكلفين الجدد من الهيئات التمريضية    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    طلاب الإعدادية الأزهرية يؤدون امتحاني اللغة العربية والهندسة بالمنيا دون شكاوى    محافظ المنيا: استقبال القمح مستمر.. وتوريد 238 ألف طن ل"التموين"    رئيس جامعة بنها يتفقد الامتحانات بكليتي الحقوق والعلاج الطبيعي    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    موناكو ينافس عملاق تركيا لضم عبدالمنعم من الأهلي    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    الفصائل الفلسطينية تعلن قتل 15 جنديا إسرائيليا فى حى التنور برفح جنوبى غزة    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتش عن البلطجي

تحت سماء مصر الآمنة يعيش أكثر من نصف مليون بلطجي، يقايضون من يدفع لقتل من يريد!
ظهر خطر البلطجة بوضوح في موقعة الجمل لتفاجأ مصر بمن يذبح خيرة شبابها فتسيل دماء طاهرة، تروي حرية عطشي للدماء.
وسمح الفراغ الأمني للبلطجية بأن يملأوا الساحات والشوارع والميادين والأزقة ليتم ترويع المواطنين في كل مكان.
ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية ينشط البلطجية كالعادة، فيعودون للعمل بشكل مضاعف، يضعف من إحساسنا بالأمن مع استمرار تربيطات المرشحين مع أصحاب "السنج" و"المطاوي".
وفي بولاق رحنا نقتفي أثر "مسجلين خطر" لنعرف كيف يعيش هؤلاء وما الذي يدفعهم للجريمة بثمن بخس!
لم نكن نتوقع أن نشاهد حالات إنسانية تستحق العطف والرعاية والعلاج أكثر من العقاب..
ومع علماء النفس ناقشنا سيكولوجية البلطجي وإمكانية إعادة إنتاجه ليكون صالحا للمواطنة..
ولم نغفل الطرف عن ظاهرة تحتجب خلف ثوب من الأناقة تعرف ب" البودي جارد" يمتهنها شبان يحملون مؤهلات عليا لكنهم لا يجدون سبيلا إلي الحياة فتحولوا إلي ظلال للأثرياء.
كان رجلا .. صار ظلا: الفتوة المودرن
تحوّل الفتوة إلي بلطجي دليل مهم علي مجتمع مصري فقد اهتمامه بالقيمة، وأنظمة رسخت لمفاهيم برجماتية تقوم علي الاهتمام بتدعيم سلطاتها المطلقة، وكأن إرهاب المواطنين حل وحيد للمحافظة علي الخريطة السياسية الجامدة!
قدم إلينا نجيب محفوظ من خلال ملحمته الحرافيش، عالم الفتوات ليشير إلي حارة مصرية مترابطة، فصور الفتوة علي أنه حامي الحمي، الذي يفرق علي اتباعه مهاما أمنية تمنح سكان المنطقة طمأنينة مطلقة، ونحن نري خضر الناجي يشهر نبوته في وجه من يجرؤ علي ترويع أهله، وسط نظرات معجبة بعضلاته البارزة.. نفس العضلات المفتولة الآن يتم استئجارها من قبل رجال الأعمال لتقف خلفهم إذا تحدثوا، وتمضي في كل مكان، حتي إذا ناموا وقفت تحرسهم خارج غرف النوم.
إنه "البودي جارد" الذي يصاحب رجال الأعمال والأثرياء فضلا عن مشاهير الفن والكرة وكأنه الظل!
الفتوة والبلطجي.. كلاهما ذا بأس وقوة.. لكن لكل منهما أهداف ومسار يختلف تماما عن الآخر ، أحدهما سلاحه عصا ضخمة كانت تعرف باسم "النبوت"، والآخر سلاحه المطاوي والسنج التي لا تفرق بين العين والقلب، ليصبح الفرق هنا بين التأديب والقتل، أحدهما يحمي ويَعدل ويعطي، والآخر ينهب ويقتل ويغتصب، وكان بعض الفتوات يفرضون ما يشبه الضرائب علي الناس وهو ما يعرف ب"الإتاوة " يتم فرضها علي الأغنياء والقادرين لصالح الفقراء والمعدمين، بينما لا بفرق المنطق المجنون للبلطجي في اتباع قيمة معينة باستثناء الحصول علي المال بأي شكل.
ظل الفتوة دوما بمثابة الحاكم في "حارته"؛ يمارس بمعاونة أتباعه كل الأدوار التي تمارسها الحكومات في الوقت الحالي، وخلافا للخدمات الداخلية التي تتم لأهل الحارة، فقد كانت هناك مهام حمائية أخري ضد أي عدوان خارجي من الحارات الأخري، فكان لكل فتوة من الأعوان ما يشبه حرس الحدود حاليا، والذين كانوا يسهرون علي مداخل الحارة ومخارجها لحمايتها من أي دخلاء يهددون أمنها .. وفي القاهرة اشتهرت أحياء بعينها بالفتوات، خاصة بولاق ومصر القديمة وحي الحسينية وكثير من المناطق الشعبية.
أما البلطجي المودرن أو البودي جارد خريج صالات الجيم فيستخدمه رجال الأعمال لزوم الشياكة ويكون أغلبهم من حملة المؤهلات العليا ويتراوح سعر الفرد منهم من 500 إلي 2000 جنيه، وهم لا يدخلون في معارك بل يكتفون بحراسة رجل الأعمال إذا كان مرشحا مثلا كنوع من شياكة الترهيب.
يفسر لنا د. منتصر محمود مجاهد ،أستاذ علم الاجتماع، عودة الفتوة بشكله الجديد قائلا: البعض يؤكدون أن نهاية عصر الفتوات هو مطلع الأربعينات، إلا أن البعض الآخر أكد أن الفتونة كانت موجودة حتي مطلع الخمسينات قبيل انطلاقة ثورة 23 يوليو، وأن إنشاء العديد من أقسام الشرطة في الأحياء قد قضي علي هذه الشريحة التي كانت تمثل قوة الفتوة وقوة القانون في وقت واحد، موضحاً أنه بعد إنشاء أقسام الشرطة كان الفتوة موجودا لكن علي نطاق غير رسمي، وكثيرا ما كانت الشرطة تستعين بهم في أوقات حاجتها لهم؛ مثل البحث عن خارج علي القانون أو القبض علي أحد اللصوص، لتأكد الشرطة بأن الفتوة وجماعته غالبا ما يعرفون مكانه وبإمكانهم السيطرة عليه، وفي بعض الأحيان يكون الخارج عن القانون نفسه أحد أفراد مجموعة الفتوة الذي يصير بعد انتهاء صلاحية الفتوة عاطلا فيعود ليبحث عن رزقه بطريقته غير المشروعة.
يستطرد: إذا قطعنا أن الفتوة قد غاب اليوم تماما، ليحل بدلا منه البلطجي الذي يحكم بقانون الغاب، فيفرض السيطرة وليس السطوة فقط، حتي إن القانون الجنائي قد وضع العديد من المسميات للبلطجة؛ مثل تهمة "فرض سيطرة"، وأصبحت قضايا البلطجة تحتل النصيب الأكبر ضمن القضايا المطروحة أمام القضاء، حيث قدرها بعض الباحثين بأنها وصلت إلي 10 ملايين قضية في ساحات المحاكم، والغريب أن البلطجي أصبح يجد القبول في العديد من الأماكن والأشخاص، مثل بعض الشركات وبعض أصحاب المال وبعض الفنانين والنجوم علي مختلف ألوانهم، فهؤلاء يستخدمون البلطجية لحمايتهم وتصفية حساباتهم مع الآخرين، وحتي في الانتخابات النيابية بعض المرشحين يستخدمون البلطجية في إرهاب المقترعين ومنع أتباع منافسيهم من التصويت، وكل هؤلاء يعتبرون مصاحبة البلطجية لهم في مشاوريهم وتحركاتهم نوعا من الوجاهة و"الشو"، أو كما يطلق عليها البعض "برستيج".
"الفتوة أو البلطجي .. ينشأ نتيجة أزمة معايير أخلاقية تسود المجتمع"، هكذا تري د. سهير عبد العزيز ، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، وتضيف: لا توجد معايير تحكم سلوكياتنا أو كما يطلق عليه علماء الاجتماع اللامعيارية، أي أن المجتمع قد فقد القيم العليا التي تكون مظلة أو مقياسا نقيس به سلوكياتنا، فالإنسان أصبح يتصرف بغوغائية وبلا حدود، ومثال علي ذلك فإنه قديما كان المجتمع يتصرف ويعمل وهو يعلم أنه توجد مرجعية قيمية وأخلاقية تحكمه وتحكم سلوكياته وأفعاله يتصرف في ضوئها، ولكن اليوم أصبح المجتمع يفتقد هذه المرجعية ويتصرف بعيدا عنها، أصبح يتحرك بلا أي حدود أو قيد وأصبحنا نتحرك بلا أي قواعد أو سلوك تحكمنا، وهذا ليس علي مستوي أفراد الشعب فحسب بل وصل الأمر إلي قبة البرلمان والبلطجة بالجزمة.
وتري عبد العزيز بضرورة استغلال القوة والطاقة التي يتمتع بها البلطجي في المجالات التي يحتاج لها سوق العمل لنفع المجتمع، وذلك بتطوير التعليم المهني والاعتماد عليه كركيزة أساسية لتخريج شباب يصلح المجتمع لا أن يخربه.
علي طريقة ضع نفسك بدلا منهم قبل أن تحاكمهم: مريض يشكو من داء البلطجة !
لا تطلق عليه الرصاص، أنظر إنه يرتجف، هذه دموعه تحكي لك عن أسباب جعلته بلطجيا..
إذا أردت أن تدر عواطفك نحو شخص معين.. ضع نفسك بدلا منه..!
نعم.. تخيل أنك بلطجي، الكل يتمني محوك من الحياة، والقضاء عليك بصرف النظر كونك تعاني مشاكل اقتصادية، أو اجتماعية، أو نفسية.
التعميم أيضا وارد في نظرة مجتمع لا يكلف نفسه عناء التصنيف، فأنت مثلا "مسجل خطر" وتم اتهامك في عدة قضايا تم تلفيق أغلبها، يضعك في خانة واحدة مع أعتي محترفي الإجرام.
لا يهم إن كنت قد أُجبرت علي استخدامك تحت تهديد رجال الشرطة أو أسيادهم من رموز النظام السابق.. فالنتيجة واحدة وهي أنك شريك متورط في الجرائم، والقضاء عليك مهمة وطنية..!
مهلا.. هناك من جاء ليمد يده إليك، ويدافع عن إعادة إنتاجك من جديد، لتكون مواطنا صالحا يمكنه العيش في سلام، إنها الدكتورة إيمان قائد أستاد علم النفس بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية التي تقول: ابحثوا عن الأسباب التي أدت بهذا الشخص لأن يمارس البلطجة، وعالجوها، حتي نقضي علي نسل الإجرام..!
إنها تنادي بتغيير البيئة التي ينشأ فيها ، وتدعو إلي تحسين ظروفه وتعديل حالته الاقتصادية، وتطالب الحكومة بتوفير فرص عمل ووظائف يكون عائدها معقولا، لتمنحه حياة كريمة قد تمنعه من البحث عن المال بطرق ملتوية.
بينما يشدد الدكتور عبدالرحمن عبدالعال خبير العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية علي محاكمة بلطجي كخطوة أولي قبل الشروع في إعادة تأهيله، وفقا لوجهة نظره التي تصف القضية بالشائكة، ويضيف: لن نستطيع أن نصل لهذا البلطجي خارج السجن أو في الشارع.
ويتهم عبد العال المال بكونه السبب في الإقدام علي البلطجة من: ترويع المواطنين وإثارة الشغب والرعب، وهو ما يجعلنا مطالبين بالبحث عن أحوالهم وظروفهم كمحاولة إيجاد فرص عمل لهم تعوضهم عن احتياجهم للإنفاق علي حياتهم.
وتتفق معه في الرأي الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية فتحذر من فتح باب تأهيل البلطجية قبل معاقبتهم علي أعمال إجرامية مثل: الاعتداء علي الآمنين والسلب والنهب، وكل مظاهر العنف التي تنامت بعد ثورة يناير خاصة في ظل فراغ أمني أتاح لهؤلاء أن يفعلوا ما يشاءون بلا رادع، وهو ما يمكننا بعد ذلك أن نجري عليهم اختبارات قد تأتي بنتيجة ايجابية، وبالتالي متابعتهم بعد خروجهم من السجون حتي نحمي أصحاب النفوس الضعيفة من التأثر بالمناخ الفاسد مرة أخري للحصول علي الأموال بطرق غير مشروعة.
ويؤكد اللواء فؤاد علام الخبير الأمني علي أن بعض هؤلاء البلطجية من الممكن أن يتم إعادة تأهيلهم خاصة إذا كانوا من المبتدئين أي ليس عليهم أحكام سابقة أو من معتادي الإجرام لكنهم تأثروا أو استغلوا الظروف التي مرت بها البلاد من انفلات أمني ودفع البعض أموالاً لإحداث أعمال شغب أو بلطجة.. ولا ينسي علام أن يلفت إلي أهمية وجود قوانين رادعة لمواجهة الظاهرة وتكثيف الجهد الأمني وما يستلزمه من تدعيم في جميع المناطق للحد من البلطجة.
ويقترح اللواء محمد عنب، عضو هيئة التدريس بأكاديمية الشرطة بعمل لجان للمصالحات مهمتها فحص الأسباب المؤدية للجريمة أو البلطجة.. بالإضافة لإيجاد مجال للعمل، فضلا عن بحوث نفسية حول البلطجي، ومراعاة تصنيف البلطجية بوصفهم شرائح مختلفة حتي نستطيع تنويع عمليات التأهيل ويشير إلي برامج داخل السجون تعمل علي توعية هؤلاء المساجين ويحث علي تفعيلها بطريقة أفضل..
الدكتورة فادية أبوشهبه أستاذ القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية تقول: إن المركز قام بالعديد من الأبحاث عن هؤلاء البلطجية من سنوات عديدة حذر خلالها من خطورة هؤلاء علي المجتمع وطالب ببحث الظروف التي دفعتهم لمثل هذ الأعمال الاجرامية وأكدنا أنهم قنابل موقوتة وإذا جاءت لهم الفرصة فسوف يكون لهم تأثير سلبي شديد علي المجتمع وبالفعل هذا ما حدث.
بينما تصف المناطق العشوائية بالملتهبة، وتحذر من خطورتها بوصفها أرضا خصبة لخروج هؤلاء البلطجية نتيجة احتياجهم للمال وسهولة خضوعهم لمن يدفعون لهم مقابل القيام بأعمال بلطجة.
ويجمع علماء النفس علي أن ظاهرة البلطجة لها جذورا اجتماعية، فهي بالنسبة لمجال الطب النفسي أحد أنواع الانحرافات السلوكية التي تحدث نتيجة الاضطراب في تكوين الشخصية سواء الفردية أو القومية والتي تحتاج إلي التكوين السوي للصفات الانفعالية والسلوكية التي تشكل الشخصية في وقت مبكر، وتتصف بالثبات والاستقرار.
ويري علماء النفس والسلوك أن هذا الاضطراب؛ قد يتحول إلي نوع من الانحراف والجنوح، وهو الذي يطلق عليه "الشخصية المضادة للمجتمع".. ولعل في هذا المصطلح وصف لما يحدث من خروج علي قوانين المجتمع وعدم التوافق مع الآخرين، والاصطدام بالقوانين الاجتماعية والأعراف العامة، وهو ما يوصف أيضا بالشخصية السيكوباتية التي قد تمارس أفعالاً، من بينها البلطجة.
بلطجي علي باب الله !
أسبوع من المفاوضات يستغرقها صديقنا عوني خميس المدرس ببولاق أبو العلا مع بضعة مسجلين خطر من أهل منطقته كي يقنعهم بالجلوس إلينا، لنتحاور معهم حول أحوالهم، والأسباب التي دفعتهم لممارسة البلطجة..
عوني الذي يعرف الكثير عن هؤلاء ويطلع علي مشاكلهم يحكي لنا عن معاناتهم مع الحياة في سبيل الحصول علي لقمة عيش قد لا يجدونها بسهولة، يصف لنا ما لا نصدقه عن مواطنين يعيشون في العراء، يفترشون الأرض ويلتحفون بسماء تظللهم بطقس سيئ.
ويتحدث عن ضباط شرطة لفقوا لهم العديد من القضايا ليتم توظيفهم كعيون لهم، أوكسواعد يتم استخدامها كلما كانت الداخلية بحاجة إلي سواعد إجرامية.
يبتسم عوني بآسي، ثم يقول: هرولوا خلفي حين أخبرتهم بأن نشر حكاياتهم من الممكن أن يجد من يلتفت إليها من مسئولين قد يساعدونهم في الحصول علي أكشاك ينفقون بها علي أحوالهم المعطوبة.. ويضيف: أقصي طموح الواحد منهم حجرة مسقوفة ترد عنه برد الشتاء القادم.
علي أحد المقاهي رحنا نجلس مع مجموعة من البشر أخبرنا عوني أنها تضم بعض المسجلين خطرا!
اعتمادي علي الصورة الذهنية التي رسخها الإعلام حول وجوه المسجلين التي تمتلئ بعلامات مميزة لم تفلح.. ليس ممن نجلس بينهم وجه واحد يوحي بالشر، ويثير بداخلنا الرعب..
يفرق الحاج أحمد محمود، أحد أهالي المنطقة، بين البلطجي والمسجل خطر؛ بقوله هناك الكثير من البلطجية غير مسجلين عند الشرطة التي لم تحاول تجميعهم لإصلاحهم ومنعهم من ممارسة البلطجة والعنف علي الناس.
وفجأة يثور: مفيش حد اتولد بلطجي، الحكومة اللي جعلتهم بلطجية، من أجل استغلالهم في بعض العمليات كالقبض علي عصابات مسلحة أو اقتحام أوكار المخدرات وذلك حتي لا يتعرض أمناء الشرطة للخطر.
وفجأة يقتحم الحوار محمد السيد محمد يوسف - مسجل خطر- والشهير ب "الفلاح" تهوره في الكلام كان واضحا خاصة وهو يسب ويلعن كل من يقاطعه .. مردداً " مش عايز أنسي الكلام انا عندي زمايهر"يقصد ألزهايمر، يتمني الفلاح لو وجد نفسه يوما صاحب حجرة، ترحمه من النوم داخل مدخنة لشوي اللحم يقضي فيها نومته بعد أن يستأذن صاحبها الذي يشفق علي حاله.
وصلت الأحكام علي يوسف الي 80 حكما، يعترف بثلاث قضايا سرقة منها ويضيف: أما باقي الأحكام "ومااعرفش عنها حاجة"، فعندما كانت الشرطة تتعثر في معرفة المتورطين في أي سرقة أو خناقة كانوا يأخذوني ويلفقون لي التهمة.
وعن تعامله المباشر مع الشرطة يقول الفلاح: كانوا يطلبون مني أن أتشاجر مع تجار المخدرات أو أشتري منهم حتي يتم القبض علينا متلبسين، وعندما كنت أرفض مساعدة الشرطة يحبسوني شهرين أو ثلاثة أشهر، ويستكمل: القسم فيه مرشدين كتير فمن السهل علي الشرطة تجميعنا من كل مكان، ويكلفونا بمراقبة بعض المسجلين حتي يتم القبض عليهم ايضاً.
لم ينس الفلاح المؤامرات التي تحدث بين البلطجية والمرشحين والشرطة لتزوير الانتخابات يقول: بدر القاضي عضو مجلس الشعب السابق كان يستعين بالرائد نبيل سليم كي يجمع له مجموعة من البلطجية والحرامية لسرقة صناديق الانتخابات وحرقها فوق سطوح المنازل أو داخل القسم، واستبدال30هذه الصناديق بأخري تحسم النتيجة لصالح القاضي الذي نجح مرتين في الانتخابات السابقة.
بينما يؤكد الفلاح أن الثورة حمتهم من مضايقات رجال الشرطة وتلفيق الاتهامات الكثيرة : إحنا ارتحنا من ظلم النظام السابق الذي أجبرنا علي البلطجة دون إرادتنا.
يفاخر سيد يحيي عبد الهادي المليجي بأنه أول معتقل في بولاق ابو العلا " تخصص خناقات" ولديه 38 إتهاماً، 3 سرقة والباقي بشلة ومخدرات وسلاح، يروي لنا حكاية: بأنه تورط في خناقة للدفاع عن أحد أصدقائه فتم اعتقاله 38 شهرا في طرة.
سيد العاجز لا يستطيع العمل نظراً لإصابته يوماً في حادث أدي إلي تركيب 8 مسامير وشريحتين في ساقه اليمني، غير متعلم ومتزوج لديه طفل يدعي أحمد، اكتفي به قائلا: هجيب عيال تاني ليه عشان أرميهم في الشارع؛ الأوضة اللي فوق السطوح كنت عايش فيها أنا ومراتي وابني سقط عليها طابق من البيت المجاور لنا، فأصبحت بلا مأوي، اكتفيت بحطام الأوضة سرير لي وتبرع أحد الأهالي ببطانية تحميني من البرد ليلاً، وذهبت زوجتي لأهلها لتقطن معهم.
لم يستسلم سيد للظروف ذهب إلي رئيس المباحث مستغيثاً به؛ أن يوفر له كشكا يأكل منه بالحلال، لأنه لا يستطيع الحركة وقلبه الذي أجري فيه عملية قسطرة لم يعد قادراً علي النشاط والبلطجة، لكن خاب ظنه وأبلغه رئيس المباحث أنه لا يستطيع فعل شئ.
بلطجي بالصدفة هكذا يصف لنا فرغلي شوقي محمد حسين نفسه، ويحكي عن فقر مدقع يعيش فيه مع أمه داخل العشوائيات يقول: اعترضني ضابط المباحث يوماً وهددني إما أن أكون مرشداً للمباحث وأدلهم علي تجار المخدرات أو يلفق لي قضية وأتحبس، وبالفعل صرت مسجل خطر!
كان فرغلي من أحد بلطجية الانتخابات الذي كانت مصدر رزق له يقول: كان الضباط يقومون بتجميع كل المسجلين خطر في غرفة فوق سطوح القسم ويخبرونا بأسماء المرشحين الذين يريدون نجاحهم، ثم يأخذونا في عربية إلي لجان الاقتراع بالمدارس لترويع الناس والتعدي عليهم بالسب والضرب حتي لا يدلوا بأصواتهم للمرشحين الآخرين، ولأنني كنت أرفض الدخول في خناقات من هذا النوع الذي نعتدي فيه علي الإنسان فقد كنت أغادر الدائرة أثناء الانتخابات.. في عالم البلطجة لا تندهش من شئ، هناك نساء ورجال وأطفال شاءت الظروف أن يصبحوا مسجلين خطر سواء بقصد أو بالصدفة، سيد طفل يبلغ من العمر 15 عاماً يروي لنا حكايته: كنت ماشي أنا وواحد صاحبي أمام أحد الفنادق الذي لا ندري من هشم واجهته الزجاجية ليتم اتهامنا بكسره وتم القبض علينا وإتحبسنا يومين، وانا لا أملك إثبات شخصية كان عمري وقتها عشر سنوات، وعندما ذهبنا إلي القسم اعتدوا علينا بالضرب والشتيمة، لم يتبق لهم سوي الاعتداء الجنسي علينا، ويتساءل: ينفع عيل صغير يتحبس ويبقي مسجل خطر؟!
يستطرد: خرجت من السجن إلي سجن ابويا، الذي مازال يضربني ضربا مبرحا ويهينني وهو يتهمني بأنني بلطجي، بعد أن حملت هذه الصفة، لأفاجأ بمن يصفني من وقت للآخر بكلمات تؤلمني، ويضيف تركت المدرسة بسبب ظروفي المالية؛ لا أملك مصاريف المدرسة وبشتغل صبي جزار، وأوقات أبيع مناديل في المهندسين، وألمع جزم للي يسوي واللي مايسواش، ويصرخ: احنا بنمسك العشرة جنيه وكأنها الف جنيه، نعمل ايه، نسرق ولا نبيع برشام ؟!
نكشف خطة البلطجية استعدادا للانتخابات البرلمانية
خبير أمني: أحذر من مجزرة
انتخابات برلمانية وشيكة، وفراغ أمني يمهد الطريق لبلطجية اعتادوا منذ زمن طويل علي أن يكونوا جزءاً لا يتجزأ من لعبة سياسية بوصفهم ورقة ضغط استخدمها الحزب الوطني المنحل في وجه الخصوم.
تفكيك الحزب الذي حكم مصر بالتزوير، لم يطل كتائب البلطجية الذين لا ينتمون إلا لمن يدفع لهم، مقابل ترويع الآمنين، بافتعال اشتباكات، ومشكلات أمام لجان الانتخابات وداخلها، للي عنق النتجبة بأي شكل من الأشكال لصالح من يمنحهم النقود.
الاستعدادات الآن تجري علي قدم وساق، وحجز البلطجية من قبل المرشحين، بدأ مبكرا، بينما تشير التنبؤات إلي كارثة تنذر بحرب أهلية إذا ظل الحال كما هو عليه، وغابت الشرطة عن الشارع أو أغمضت الطرف عما يجري حولها من أمور.
"الانتخابات القادمة هي الأسوأ"، بهذه العبارة يبدأ الخبير الأمني عميد محمود قطري الحديث وهو لا يتوقع حسما لنتيجة ما، في ظل فراغ أمني غير مسبوق يوفر مناخا آمنا للبلطجية لكي يستخدموا أسلحتهم التي حصلوا عليها بعد الثورة من أماكن متفرقة وصلت بتهريبها إليهم من الخارج.
لا يستثني قطري جماعة الإخوان المسلمين من استخدام البلطجية في مهمتهم القادمة بهدف السيطرة علي أكبر نسبة من المقاعد في مجلس الشعب، ويلفت إلي أنها ليست المرة الأولي التي يتحالف فيها البلطجية مع الإخوان !
توقعات الخبير الأمني تلفت إلي عدم تورط الجيش في الصراعات التي ستنشأ أثناء العملية القادمة، و بالإضافة إلي انسحاب الداخلية القائم فإن ذلك يعني مجذرة قادمة علي حد قوله.
ووفق الدراسة الجنائية المعنونة ب "الاتفاقيات السرية بين البلطجية" والتي أجراها اللواء رفعت عبد الحميد خبير العلوم الجنائية، التي شملت وقائع لجرائم العنف للبلطجيات والبلطجية في ضوء القصور التشريعي الواضح لقانون العقوبات المصري، وقانون مباشرة الحقوق السياسية مؤكدة أن هذا القصور شجع بعض المرشحين للجوء للعائلات الإرامية والمسجلين خطر للوصول إلي كرسي البرلمان، وإعتمادهم علي البلطجيات لممارسة الردح ضد خصومهم، وتسويد اللجان، وضرب أنصار المرشحين بعاهات مستديمة.
وأسندت الدراسة زيادة جريمة البلطجة والعنف وترويع الآمنين والمباغتة سواء كانت بأسلحة أو القوة البدنية والعضلات المفتولة إلي الفراغ التشريعي في قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937 بالمادة 375 مكرر، والتي أدت إلي عزوف الناخبين عن التوجه إلي صناديق الانتخابات، خاصة أن البلطجة لم يعد يمارسها فقط معتادو الإجرام والمسجلون خطر بل امتدت إلي أفراد ينتمون إلي فئات راقية من ذوي الياقات البيضاء .
وأوضحت الدراسة حالة الفراغ التشريعي أمام مواجهة البلطجية الذين خرجوا من العشوائيات، وعدم وجود نص تشريعي يحدد المسئولية الجنائية للمحرضين علي البلطجة، أو ملاحقة النائب الفائز المستعين بالتشكيلات الإجرامية ومعاقبة كل من يدخل البرلمان علي جثث الضحايا.
وعن أسعار البلطجية، أشارت الدراسة إلي عدم وجود استثناءات للمرشحين؛ لا فرق بين حزب وآخر أو المستقلين طالما كان هدف المرشح الفوز بأي طريقة، وتتجاوز الأسعار قبل الانتخابات بسبب إحماء وتشجيع من بعض المرشحين الجدد، علي الاستعانة بالبلطجة.
وحصلت ممارسات البلطجة من الفضائح بجلاجل وبدون جلاجل علي المركز الأول في قائمة الأسعار، كما تنافست علي نفس المركز فرق هتك العرض والتحرش الجنسي وامتدت عملية البلطجة من المجتمع الحضري إلي المجتمعات الريفية وبعض المجتمعات القبلية في سابقة جديدة من نوعها.
تؤكد الدراسة أن ما يقع من أحداث عنف وبلطجة وانفلات ليس نمطاً جديداً علي المجتمع المصري منذ عهد الفتوة، وليس ظاهرة إجرامية جديدة باستثناء المخدرات والسلاح، لكنها إفرازات مشاكل اجتماعية مزمنة يلزم حلها لأنها أنتجت حالات من التزاوج غير الشرعي بين جرائم النفس الممثلة في البلطجة والعنف مع جرائم المال التي تدفع أجور البلطجة والرشوة والاتجار بالوظيفة العامة، فأختلط المجرم التقليدي والبلطجي المعتاد مع المجرم من ذوي الياقات البيضاء وأنجبوا "مرشحاً مولودًا سفاحا".
وتفسر الدراسة نشأة البلطجة سواء كحالات فردية أو كظاهرة متكررة؛ تتمثل دائماً في المناطق الشعبية والعشوائيات المكتظة بالسكان وإرتباطها بظروف المعيشة وعوامل الحياة ونشأتها كبديل للسلطة التشريعية الغائبة، مع ذلك انحرفت واستبعدت عن النمط الأول لنشأتها وأصبحت نتيجة طبيعية لمشكلة البطالة وانعدام فرص الكسب المشروع فبحثت عن أسالييب مبتكرة في ارتكاب البلطجة، تطفو علي السطح في موسم الانتخابات.
ويري الباحث الجنائي، أن الجريمة في مصر لن تنتهي أبداً طالما هناك مجتمع وحياة تخلق دوافع السلوك الإجرامي وأداة الجريمة ونوعية المجرمين وهي الفقر والبطالة والدراما والإعلام وعزوف مؤسسات المجتمع المدني عن مشاركة الفقراء في مشاكلهم، وعزلة الخبراء والعلماء في علم الإجرام وعلم النفس الجنائي والاجتماعي، وتضارب الخطاب الديني وانتشار التفكك الأسري وسوء التعليم، وانتشار العشوائيات.
تصنف الدراسة أنواع البلطجية إلي: بلطجي بالميلاد أو بالوراثة ممن ينتمون إلي عائلات تقطن في بؤر إجرامية لا يخافون العقاب أو السجون ويعتبرون البلطجة مهنة يعيشون منها، ولهم قانونهم الخاص لغياب التشريعات العقابية، ويعتبر السجن فترة نقاهة واستجمام، ويسمونها بفنادق الشرطة.
أما النوع الثاني فهو: البلطجي المختل عقلياً وهي حالة مرضية لا عتاب عليها، بينما الثالث يكون بلطجيا بالصدفة تكون جريمته وليدة اللحظة والموقف والانفعال. ويعرف الرابع ببلطجي العاطفة الذي يثور لحماية الغير من الفقراء وأصحاب الحقوق المسلوبة، والخامس هو بلطجي مولود سفاحاً أو لقيطاً أو متشرداً أو من أطفال الشوارع أو ضحية التفكك الأسري.
وتعدد الدراسة أنواع البلطجية ومنهم: معتاد الإجرام والمسجل شقي خطر فئة( أ )الذي يمارس فرض السيطرة ومقاومة السلطات ومهاجمة مجموعات من الناس تربطهم وحدة واحدة و يستأجر علي القتل، بالإضافة إلي البلطجي التائب الذي ترك نشاطه واتجه للعمل المشروع والبحث عن القرش الحلال.
ويؤكد الباحث الجنائي علي عودة البلطجيات والبلطجية بعد الانتخابات إلي البؤر الاجرامية بعد تحقيق مكاسب خيالية تقدر بالملايين وتفوق المتوقع وربما تكفيهم حتي عام 2015. ويشير في تهكم إلي أن الفتوات من أمثال؛ عضلات وخلافات تلقوا عمرة مجانية ومرتبًا شهريا من مرشح ناجح، وبالمثل حصلت؛ شر الطريق، ونفتالين بليه، وسم الفار، وسكسكة، علي تعزيزات مالية ومصاريف عمليات جراحية للمصابين وأتعاب محاماة قبل أن يعتزلن المهنة ولو لمدة قليلة.
ولم يتوصل الخبراء - حتي الآن - إلي إحصائيات جنائية حقيقية عما يقع داخل عالم البلطجة، نظراً لسهولة ارتكاب الجريمة وصعوبة ضبطها فور وقوعها وسريتها الدقيقة مثل الرشوة الانتخابية حيث يكون الراشي والمرتشي والوسيط لهم مصالح مشتركة في جني المكاسب غير المشروعة.
وتظهر الدراسة أن كثيرا من الجرائم يتم ضبطها، وتصدر النيابة العامة أمراً ب "ألا يوجه لإقامة الدعوي الجنائية لعدم كفاية الأدلة" طبقاً لظروف كل واقعة، كما أن كثيراً من الجرائم تكتشف ويبلغ عنها وتحال من النيابة العامة للمحاكمة الجنائية وتصدر أحكاماً بالبراءة لأسباب موضوعية يقدرها قاضي الموضوع، وهناك جرائم تكتشف ويبلغ عنها وتحال من النيابة العامة للمحاكمة الجنائية وتصدر أحكاماً بالبراءة أو الإدانة وتستأنفها النيابة العامة أو الخصوم أو يطعن في الجنايات أمام النقض ولم يصدر فيها أحكام جنائية نهائية .
وتتوقع الدراسة أن ينخفض معدلات جرائم البلطجة والعنف والترويع والتخويف بشكل ملحوظ حتي 2013 وترجع ذلك إلي المكاسب الخيالية والملايين المدفوعة من بعض المرشحين.
وتطالب الدراسة بضرورة مراجعة القصور في قانوني العقوبات ومباشرة الحقوق السياسية وعلاج الدور السلبي لمؤسسات المجتمع المدني وإحماء الدور القوي الناعمة في المجمتع، وخاصة الصحافة والفضائيات والمسلسلات الدرامية والخطاب الديني وعلاج أسباب التفكك الأسري وإصلاح التعليم، وإخراج خبراء العلوم الجنائية من عزلتهم العلمية وتنشيط الأبحاث الجنائية ورفع معدلاتها وتنمية مهارات المتهمين بالجريمة في مصر في مؤسسات الإعلام والدراما.
وتضع الدراسة حلولا للبلطجة تعتمد علي مواجهة مصادرها، ودراسة تنوع العائلات الإجرامية والعمل علي تعديل سلوكها، وإخراجهم من العيش في المقابر والعشوائيات، بهدف الاختباء من المباحث وأجهزة تنفيذ الأحكام الجنائية إلي أماكن أكثر تحضرا، تتوافر بها فرص العمل الشريف والتعليم والبعد عن عالم الجريمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.