لأول مرة في انتخابات نقابة الصحفيين تختفي أقوال مثل مرشح الحكومة أو مرشح الحزب الوطني ومصطلحات مثل صراع مؤسسات الشمال والجنوب والتي كان يقصد بها صراع المؤسسات القومية مع المؤسسات والصحف الصغيرة.. وتختفي من البرامج كلمة مثل الخدمات أو وزارة (كذا) ستقدم (كذا) للصحفيين ولا يتحدث أحد المرشحين علي مقعد النقيب عن اتفاقه مع الحكومة علي زيادة البدل أو الجعل كما أطلق عليه النقيب السابق مكرم محمد أحمد خلال اجتماعات ترشيحه في الانتخابات الأخيرة علي مقعد نقيب الصحفيين أو بالأدق تأييده و التي كانت تتم بالأمر المباشر من جانب رؤساء التحرير السابقين . يدخل الصحفيون الانتخابات هذه المرة في ظل ظروف اقتصادية سيئة وتدن في الأجور والمعاشات يعاني منه السواد الأعظم من الصحفيين وتخوف من إلغاء البدل الذي تصرفه الحكومة بالإضافة إلي أزمات متعددة في علاقات العمل في ظل سيطرة رأس المال علي الصحف ووسائل الإعلام بعد الثورة . ولم تظهر التربيطات والتحالفات التي كانت تبدو واضحة في الماضي فقوائم المرضي عنها في الحزب الوطني كانت تلقي هوي رؤساء التحرير وكانوا يتسابقون من أجل دعمها ولعل مشهد الصحفيين الذين جاءوا من كل دول العالم في انتخابات الإعادة بين مكرم محمد أحمد وضياء رشوان أبلغ دليل علي حجم التدخل الحكومي الذي سمح لرؤساء التحرير والمؤسسات الصحفية إلي استدعاء كل المراسلين من أجل انتخاب مكرم محمد أحمد بعد أن استشعر الحزب الوطني أن موقف مكرم ضعيف في مواجهة ضياء رشوان مرشح المعارضة وقتها. إلا أن الهدوء الذي شهدته مرحلة تقديم أوراق الترشيح لم ينجح في وقف العاصفة التي بدت سحبها في التجمع بعد أن دخلت الانتخابات علي خط الصراع بين التيار الإسلامي ممثلا في الإخوان والجماعات الإسلامية وبين التيارات السياسية التقليدية سواء الليبرالين واليساريين والقوميين وغيرهم.. فالإخوان أعلنوا صراحة رغبتهم في الوصول لمنصب النقيب لأول مرة في تاريخ النقابة منذ إنشائها عن طريق ترشيح الزميل ممدوح الولي نائب رئيس تحرير الأهرام والذي يحظي بسمعه طيبة وأداء نقابي متميز خلال فترة وجوده كعضو في مجلس النقابة . ويعتمد الولي علي خبرته الاقتصادية في النهوض بأوضاع النقابة المتعثرة ماليا منذ توقف الدعم الحكومي لمشروعات النقابة الخدمية ودخول النقابة في مشروعات كثيرة وقت النقيب السابق لم تستكمل وتحتاج إلي سيولة مالية فورية من أجل تلبية التزامات بناء مدينة الصحفيين في أكتوبر ونادي الصحفيين بالقاهرة الجديدة. وعلي الجانب الآخر يقف يحيي قلاش سكرتير عام النقابة الأسبق وصاحب التاريخ النقابي الطويل والمحسوب علي التيار القومي (الناصري) ويحظي بشعبية كبيرة كمعارض شرس للنقباء الحكوميين والذي يسعي عبر دعم كل تيارات المعارضة إلي الوصول إلي كرسي نقيب الصحفيين والمحافظة علي وحدة وتماسك النقابة في مواجهة طوفان النقابات المستقلة التي بدأت في تهديد عرش نقابة عبد الخالق ثروت العتيدة. وحينما بدا النزاع السياسي في الظهور بوجهه السافر دعا عشرة من الشخصيات الصحفية والنقابية البارزة مجلس نقابة الصحفيين وأعضاء جمعيتها العمومية إلي تنحية الخلافات والحساسيات الشخصية والحزبية الضيقة عن مسار انتخابات نقابة الصحفيين وإعلاء مصلحة الوطن والمهنة فوق أي اعتبار أو ولاء آخر . وطالبوا في خطاب وقعه نقابيون سابقون وهم جلال عارف وحسين عبد الرازق ورجائي الميرغني ود. رفعت سيد أحمد وسعد هجرس وسكينه فؤاد وعبد العال الباقوري ود. عواطف عبدالرحمن وفريدة النقاش ود. كمال حبيب إلي تضافر جهود كل الصحفيين من أجل إعمال الضمانات القانونية والنقابية والتوافقية دون إبطاء بما يحقق شفافية الإجراءات ونزاهة المقاصد في مختلف مراحل العملية الانتخابية. وقال هؤلاء إنهم يوجهون هذا الخطاب لكافة أعضاء مجلس النقابة والجمعية العمومية انطلاقا من مسئوليتهما المشتركة في تقديم نموذج انتخابي ديمقراطي يليق بالصحفيين ونقابتهم العريقة في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ الوطن ، مؤكدين أن نقابة الصحفيين تمكنت ، حتي في ظل أسوأ عهود الاستبداد وتزييف الإرادة ، من تقديم تجربتها الخاصة في احترام قواعد الممارسة الديمقراطية وحقوق الناخبين والمرشحين. ولأول مرة يتخطي عدد المرشحين في الانتخابات حاجز ال 001 مرشح حيث وصل عدد المرشحين إلي 901 مرشحين بينهم 5 علي منصب نقيب الصحفيين بينهم 21 سيدة فقط، ويشارك فيها من المؤسسات الصحفية المختلفة 42صحفيا من الأهرام، و51 من الجمهورية، و6 من أخبار اليوم، و2 من وكالة أنباء الشرق الأوسط ، و3 من دار الهلال، و2 من الإذاعة التليفزيون، و1 من روزا اليوسف، و1 من أكتوبر ، و2 من المصري اليوم ، و2 من الشروق ، و2 من اليوم السابع ، و1 من الفجر ، و1 من الوفد، و2 من الشعب، و5 من الأحرار، و3 من العمال، و3 من الدستور، و2 من الأسبوع، و6 من العربي الناصري، و2 من الموقف العربي، و2 من الأمة، ومرشح واحد من كل من (النبأ والخميس وآفاق عربية واللواء الإسلامي ووطني والجيل والميدان والموجز ومصر الفتاة والمستقبل والجماهير). ويبرز من الأسماء المرشحة علي مقاعد المجلس عبير السعدي الصحفية بالأخبار رئيس لجنة التدريب التي نجحت في إدارة اللجنة خلال الفترة الماضية وتحظي بدعم كبير من الشباب في النقابة وكذلك محمد عبدالقدوس الذي كان يتوقع الكثيرون أن ينافس علي مقعد النقيب إلا أنه فضل عضوية المجلس ووافق علي الدفع بالولي في منافسة قلاش علي مقعد النقيب ومن بين الأسماء الصحفي جابر القرموطي مقدم برنامج مانشيت أحد أهم برامج عرض الصحف والذي يحظي بدعم كبير من جيل الشباب وأيضا الصحفيون كارم محمود وأبو العباس محمد وجمال فهمي فيما يتنافس تحت السن بقوة خالد ميري من الأخبار وخالد البلشي رئيس تحرير البديل الجديد وشيماء عبدالإله من الجمهورية وأحمد فكري من الدستور وأسامة داود من العربي الناصري ورضوان آدم من الدستور والقيادي في حركة (صحفيون بلا حقوق) وصابر مشهور ومحمد أبو زيد من الشروق. ويري الكثير من المراقبين أن كثرة عدد المرشحين سيحدث تفتيتا كبيرا للأصوات بينهم خاصة أن أغلبهم أسماء جديدة علي العمل النقابي وهذا التفسير رفضه وكيل النقابة الأسبق رجائي الميرغني الذي يري في ذلك ظاهرة صحية علي عكس المتوقع وضخا لدماء جديدة في العمل النقابي مؤكدا أن النقابة في حاجة لدماء جديدة وخاصة من جيل الشباب لقيادة النقابة في السنوات المقبلة . ويري الميرغني ان النقابة بصدد تحديات كبيرة في المستقبل مثل وضع حرية الرأي والتعبير في الدستور القادم وإلغاء الحبس في قضايا النشر ووضع قانون جديد للنقابة يتلاءم مع المتغيرات التي طرأت علي المهنة. أما ممدوح الولي نائب رئيس تحرير (الأهرام) والمرشح علي منصب نقيب الصحفيين فيؤكد أن زيادة بدل التكنولوجيا علي رأس برنامجه الانتخابي، مشددًا علي ضرورة استمراره لما يمثله من أهمية لدي المشتغلين بالمهنة لافتا إلي أن لديه مشروعًا لإقرار حد أدني لأجور الصحفيين، يحقق متطلبات الصحفيين ويفي باحتياجاتهم، بالإضافة إلي عقد العمل الموحَّد لجميع الزملاء. ويضيف الولي أن لديه مشروعًا لحل أزمة البطالة بين الصحفيين، من خلال تعظيم دور النقابة في هذا الصدد، وضمان حياة كريمة للزملاء الذين تعطَّلت صحفهم، وتأمين مصادر لدخولهم. أما يحيي قلاش، المرشح لمنصب نقيب الصحفيين، فيري أن انتخابات النقابة القادمة هي انتخابات فارقة واستثنائية في تاريخ النقابة، لأنها أول انتخابات بعد ثورة 52 يناير مؤكدا أن النقابة في انتظار رسم لمستقبل أفضل للصحفي الذي يتطلع إلي أن يعيش حياة لائقة بأجر كريم وأجواء مهنية محترمة. وأضاف قلاش في أول رسالة منه لجموع الصحفيين بعد إعلانه قرار ترشحه لانتخابات الصحفيين علي منصب النقيب أن دافع ترشحه هو إحساسه بالمسئولية وإدراكه لخطورة الفترة المقبلة علي النقابة وعلي المهنة وأوضاعنا الاقتصادية، موضحا أن التغيير والحرية يعني تحرير مهنة الصحافة وكل القوانين التي تنظم شئونها وهذا ما لم يحدث، مشيراً إلي أن العدالة تقتضي أن يعيش الصحفي حياة كريمة، وأن يرتبط أمنه المهني بأمانه الاقتصادي، وقال إن الصحفي الذي لا يحصل علي راتب يكفي احتياجاته حريته منقوصة، موضحاً أن الشباب الذين كانوا في مقدمة الساعين للتغيير وقدموا الكثير من التضحيات وعندما عاد الصحفيون منهم إلي نقابتهم لم يجدوها سندًا لهم. وأشار قلاش إلي أن شيوخ المهنة الذين أعطوا بلا حساب وتوقعوا الإنصاف لم يجدوا إلا القلق يحيط بما تبقي لهم من فتات لا يليق بقاماتهم في إشارة لتدني معاشات الصحفيين مقارنة بباقي المهن . وجاء ذلك في الوقت الذي أعلن فيه تجمع (صحفيون يستحقون الديمقراطية) رفضه لإجراء الانتخابات تحت إشراف قضائي، مطالبًا باختيار لجنة مشرفة من أعضاء الجمعية العمومية، وذلك لعدم الطعن في قانونية المجلس المقبل الذي سوف ينتخب علي أساس قانون النقابة الذي يقر إشراف الجمعية العمومية للصحفيين علي الانتخابات. كما طالبت حركة (صحفيون من أجل الإصلاح) بتأجيل إجراء الانتخابات، لتعقد يوم الأحد 61 أكتوبر بدلاً من الجمعة 41 من الشهر المقبل، وذلك لضمان حشد الصحفيين. هذه الدعوات رفضها صلاح عبد المقصود القائم بأعمال نقيب الصحفيين، أن مجلس النقابة بدعوته لإجراء هذه الانتخابات العامة التي تسبق الانتخابات البرلمانية والرئاسية تحت إشراف قضائي، يريد أن يقدم نموذجًا ديمقراطيًّا للمجتمع بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، بهدف طمأنة الناخبين والمرشحين علي سلامة العملية الانتخابية وإبراء ذمتنا النقابية والمالية. ويوضح عبد المقصود أن النقابة عندما خاطبت المستشار رئيس مجلس الدولة، قالت في صدر خطابها إنها ستجري الانتخابات طبقًا لقانون النقابة رقم 67 لسنة 0791م، وبالتالي لا علاقة للقانون 001 بانتخابات النقابة، كما أن مجلس النقابة اختار لجنة نقابية من شيوخ المهنة وشبابها والنقابيين السابقين لإدارة العملية الانتخابية، ومنهم علي سبيل المثال: لويس جريس، وعباس الطرابيلي، ومحمد غزلان، وثابت عواد، وشويكار طويلة، وعبد الله نصار، ومحمد نجم وغيرهم. كما رفض عبد المقصود ومجلس النقابة مطالب تأجيل إجراء الانتخابات، لتعقد يوم الأحد 61 أكتوبر بدلاً من الجمعة 41 أكتوبر، وذلك لضمان حشد الصحفيين، قائلاً: إن ذلك يعني عودة للقانون 001الذي تم إلغاؤه بقرار من المحكمة الدستورية العليا، والذي كان يمنع إجراء الانتخابات في أيام العطل الرسمية، أما قانون النقابة فيقول بإجراء الانتخابات في يوم الجمعة.