علي مدي ثلاثين عاماً مضت تابعت انتخابات نقابة الصحفيين سواء كانت للمجلس أو النقيب ولم اشعر بالتفاوت الكبير بين مكونات الجماعة الصحفية مثلما حدث في الانتخابات الاخيرة.. الامر الذي دعا البعض للحديث عن انقسام بدلاً من المعني الأدق وهو التفاوت. عاصرت انتخابات ساخنة في السبعينيات بين صلاح جلال رحمه الله وبين استاذي حسين عبد الرزاق وصولاً إلي منافسة ساخنة اخري في مطلع الالفية الثانية ما بين الأستاذين صلاح منتصر وجلال عارف.... ولم يحدث في تلك المنافسات ما حدث بين استاذي مكرم محمد احمد وزميلي ضياء رشوان ...و ليأذن لي الاستاذ والزميل أن اقدم ما رصدته واقلقني مقارنة ما بين ما كان يحدث وما حدث . أولاً : خطاب " الرشاوي" خطاب قديم ومتجدد ويستفيد منها الجميع... ولم اعلم طوال ثلاثين عاماً عن أي زميل رفض مثل هذه "الرشاوي" خاصة بدل التكنولوجيا!! ثانياً: كذلك فإن الخطاب المعارض والبرنامجي للزميل ضياء رشوان كان ينصب علي تقديم خدمات ينطبق عليها مصطلح "الرشاوي" ثالثاً: لم تغب السياسة مطلقاً عن التنافس داخل النقابة وكان ذلك يحدث علي خلفية خطاب مهني.. بخلاف الانتخابات الاخيرة التي استخدم فيها خطاب سياسي مباشر.. بل و تداول البعض خطابات شبة دينية وقبلية وجيلية وجهوية للمرة الأولي في النقابة. رابعاً: في الجولة الاولي استخدم انصار الزميل ضياء رشوان التظاهرات والحشد واستخدام الميكرفونات ووسائل اعلام اخري.. وفي الجولة الثانية استخدم الطرفان ذات الاساليب للمرة الاولي في تاريخ الدعاية في النقابة. خامساً: كان الخطاب السابق ينصب علي الاختلاف ما بين المؤسسات القومية وبعضها البعض او ما بين القومية والحزبية ... و في هذه الانتخابات برز للمرة الاولي خطاب (مؤسسات قومية في مقابل الخاصة). سادساً: لم يحدث في أي انتخابات سابقة ان اعلن حزب او جماعة سياسية أو دينية تأييده لاحد المرشحين مثلما حدث من قبل المرشد العام للاخوان المسلمين بتأييده للزميل ضياء رشوان ودعوة صحفيي الاخوان للتصويت له. سابعاً: بروز دور جديد ومؤثر في الدعاية الانتخابية للفضائيات والصحافة الالكترونية والتي لم يخف معد تلك البرامج انحيازهم للزميل ضياء... ووصل الامر لنشر اخبار غير صحيحة عن الاستاذ مكرم محمد أحمد الامر الذي دفع الاستاذ مكرم لتقديم بلاغ ضد هذا الموقع للنائب العام، وفي المقابل انحاز التليفزيون المصري للاستاذ مكرم محمد أحمد دون تشويه للزميل ضياء رشوان في حين كان الاعلام المكتوب فقط هو حلبة الصراع في الانتخابات السابقة: وللحقيقة فقد التزمت معظم الصحف بالموضوعية إلي حد ما في تغطية حملات الطرفين. إن التغيرات المناخية في الجماعة الصحفية لم تحدث فجأة بل حدثت وتراكمت طوال العقد السابق والذي شاهد بروزاً لمنحنيات جديدة في طريق الصحافة مثل الصحف الخاصة وزواج المتعة بين الصحافة والبزنس من جهة والصحافة والإعلام من جهة أخري، وظهور ظاهرة الصحفي التليفزيوني سواء كمذيع أو معد في حين كان الصحفي في السابق إن أراد ان يرفع دخله فعليه بالعمل في الصحف العربية. ومن ثم صار هناك صحفيون يزيد دخلهم الشهري علي 100 الف جنية وآخرون مهمشين يعيشون علي بدل النقابة، ولعب هذا الحراك الاجتماعي ما بين الصحفي المليونير والصحفي (المليوجعان) دوراً اساسياً في التمرد والتصويت السلبي في هذه الانتخابات، كما ان جميع الانتخابات النقابية التي اجريت في العقد الأول بعد الالفية الثانية انصب فيها الخطاب الدعائي علي الخدمات وتنمية المهارات دون أي خطاب او جهد يذكر في تكوين وتدريب الصحفيين علي القيم الصحافية الامر الذي جعل الخطاب الصحفي والإعلامي طوال هذه الفترة يفتقد للكثير من القيم وضارباً بالمواثيق الأخلاقية عرض الحائط.. بل واستخدمت كل الفنون الصحفية من اصحاب المهارات للابتزاز والتشكيك والعبث بهامش الحرية المتاحة نتيجة الاهتمام بالمهارات علي حساب القيم، و كذلك اهتمام النقابيين (بالمهني) علي حساب (المهنة) وأخلاقياتها كل ذلك ادي بالجماعة الصحفية والإعلامية الي السقوط في مستنقعات مثل قضية ( نادين وهبة) التي استوجب الاعتذار عنها فيما بعد من قبل النقابة، او لجوء القضاء لتقويم الخطاب الصحفي عبر حظر النشر في قضية (سوزان تميم - هشام طلعت) ثم مؤخراً اهانة بعض الاعلاميين للشعب الجزائري. أيضاً وبشفافية واحترام فإن من يرصد الخطاب الانتخابي الجديد فسيجد الأجيال الجديدة من الجماعة الصحفية كانت تلوك المصطلحات بطريقة (جهولة): مثل الدولة في خلط مع الحكومة، أو التغيير كمرادف للتمرد، أو الاستقلالية بدون فهم استقلالية عن من؟ أو لمن او لماذا؟ أي ان الاستقلالية في مفهومهم كانت تقترب من معني الفوضي كل ذلك يدفعنا للوعي بهذه الظواهر ودراستها في مؤتمر عام للصحفيين حتي لا يكون مكرم محمد أحمد آخر نقيب لنقابة موحدة، اللهم اني قد بلغب اللهم فاشهد.