أثار ضعف المؤشرات الأولية لتوريد محصول القمح، حيث لم تتخط - حتي الآن - 3 ملايين طن، انتقادات الخبراء والمتخصصين وبعض نواب البرلمان خاصة في ظل السياسة التي اتبعتها الحكومة في التعامل مع الفلاحين والتي دفعت بعضهم لاستخدام القمح كغذاء للثروة الحيوانية بديلا عن الذرة الصفراء نظرا لارتفاع أسعار الأخيرة والأعلاف عموماً، وبيع المزراعين المحصول للتجار بسبب الإجراءات الروتينية المعقدة في توريد القمح وشراء الحكومة المحصول بسعر أقل بكثير من بيعه للقطاع الخاص. وبحسب الخبراء والمتخصصين هناك نحو 5 ملايين طن من القمح تستغل لتغذية الثروة الحيوانية بديلا عن الذرة الصفراء نظرا لارتفاع أسعار الأعلاف التي تجاوزت الأربعة آلاف جنيه للطن وارتفاع أسعار النخالة بنفس القيمة، فيما بلغ سعر طن القمح نحو 3500 جنيه مما دفع الكثير من الفلاحين لاستخدامه علفا للحيوانات بديلا عن الذرة. اللافت أن إنتاجية القمح تصل إلي "9" ملايبن طن وأن مساحة الأرض المنزرعة بمحصول القمح تصل لنحو 2.9 مليون فدان بمتوسط إنتاجية تبلغ 18 أردبا للفدان وأن استهلاك مصر من القمح يصل إلي أكثر من" 10"ملايين طن سنويا بما يزيد علي الإنتاج المحلي، حيث يتم توفير هذه الزيادة عن طريق الاستيراد من الخارج ،حيث تعد مصر أكثر الدول استيرادا للقمح في العالم بتكلفة تتعدي ال160مليون دولار في العام. برغم قيام الحكومة بوضع يدها علي مواطن الخلل التي كانت تتم في منظومة القمح والتي كانت تقع فريسة للفساد والإهدار المتعمد أو التلف الناتج عن سواء التخرين الذي كان يتم بالطرق التقليدية داخل ساحات الشون الترابية في العراء مما كان يتسبب في خسارة سنوية عن هذا التلف تصل إلي 2.7 مليار جنيه وتبنيها لأكبر مشروع قومي لتخزين القمح من خلال إنشاء صوامع وفق أحدث تكنولوجيا الصوامع في العالم وذلك حفاظا علي جودته وعدم إهداره، إلا أن الإجراءات الروتينية المعقدة أدت إلي وجود نحو 70 في المائة من مزارعي القمح قاموا ببيع محصولهم للتجار بسبب هذه الإجراءات المعقدة وسهولة التعامل مع التجار حيث يقوم التاجر بشراء المحصول من الأرض مباشرة دون تحميل الفلاح أعباء النقل إلي الشون أو الصوامع والانتظار لصرف ثمن بيع المحصول ،ناهيك عن اتخاذ القمح كعلف بديلا عن الذرة الشامية المستوردة بسبب ارتفاع سعرها. يؤكد رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة والأمن القومي بمجلس النواب، أن محصول القمح لهذا العام مهدد بعدم وصول الكمية المستهدفة من التحصيل،حيث لم يتخط توريد المحصول حتي الآن "2" مليون طن رغم أن الدولة استهدفت تحصيل "4" ملايين طن قمح. يضيف أن الأسباب تكمن في تعنت وزير التموين والتجارة الداخلية بعدم معاونة الفلاحين علي بيع القمح للحكومة وذلك لعدم فتح شون قريبة منهم بالمحافظات والضغط علي الفلاحين بوضع القمح في أجولة خيش وهو ما يكلف الفلاح أكثر كما أن من قاموا بتوريد المحصول من الفلاحين مضي علي توريدهم أكثر من "20" يوما ولم يحصلوا حتي الآن علي استحقاقاتهم من الأقماح التي وردوها للحكومة. لافتا إلي أن كل ذلك جعل الفلاح يعزف عن بيع محصول القمح للحكومة وبيعه للقطاع الخاص ومربي الماشية، كما أن سعر الأردب كان أعلي مما وضعته الحكومة. واتهم وكيل لجنة الزراعة بالبرلمان وزير التموين بإهدار أكثر من" 2 "مليون طن مطالبا بمحاسبته، لأن معني ذلك أن الدولة ستضطر للاستيراد الأمر الذي يؤكد انحيازه للمستوردين ويفرض ضغوطا علي الدولة. ويري محمد بدراوي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أن قلة توريد القمح هذا العام سيضطر الحكومة لاستيراد أكثر من" 6" ملايين طن قمح وذلك للتصدي للعجز في القمح الذي ينتج عنه وقوع أزمات تتمثل في غياب "رغيف العيش" في بعض المخابز خاصة أن قضية القمح هامة وسلعة استراتيجية تمثل أمنا قوميا. يضيف أنه سيطرح تساؤلا بشأن خطة الحكومة لتوريد القمح خاصة أن موسم الحصاد حتي الآن لم يسجل أكثر من" 2" مليون طن ونصف مع قرب انتهائه. بينما يؤكد د. شعبان سالم مدير معهد بحوث الاقتصاد الزراعي أن لجوء عدد كبير من الفلاحين إلي بيع محصول القمح للتجار بسبب الإجراءات الروتينية المعقدة بالشون والصوامع عند التوريد حيث يقوم التاجر بشراء محصول القمح من المزارع في الحقل مباشرة ونقله إلي أماكن التخزين الخاصة به علي حسابه الخاص مما لا يحمل الفلاح أي تكلفة سواء الوقت أو الانتظار لصرف مستحقاته إضافة إلي" التبن" الذي يشتريه من الفلاح بسعر"100" جنيه للقيراط مما يدر عائدا اقتصاديا علي الفلاح من التبن يصل إلي 2400جنيه للفدان الواحد من التين، لافتا إلي أن القمح من المحاصيل المريحة جدا للمزارعين والفلاحين خاصة أن "90"في المائة منهم مستأجرون للأرض وليس ملاكاً. يضيف أن الخطير في الأمر هذا العام بعد ارتفاع أسعار الأعلاف حيث بلغ سعر طن النخالة نحو "4" آلاف جنيه وكذلك الذرة الصفراء بنفس السعر مما أدي إلي قيام عدد ليس بالقليل من الفلاحين إلي استخدام القمح الذي يعد من أجود الأنواع في العالم في الأعلاف حيث تصل كمية القمح المستخدمة كعلف إلي نحو 5 ملايين طن إضافة إلي وجود كمية أخري قد تصل إلي 5 ملايين طن مخزنة لدي الفلاحين خاصة صغار الحيازات يحتجزونها للتصرف فيها وقت الحاجة سواء بيعها بسعر مرتفع أو استخدامها في عمل الخبز المنزلي للأسرة. يوضح د.سالم وجود عدد كبير من الفلاحين ومزارعي القمح لاتقل نسبتهم عن 70٪ يلجأون للتجار لبيع محصولهم بنفس سعر التوريد الحكومي وهو "555 جنيها للأردب عند وزن 155" كجم للأردب مع الأخذ في الاعتبار أن معدل التوريد هذا العام لن يتجاوز ال50٪ متسائلا لماذا هذه النسبة؟ رغم أن المساحة المنزرعة قمح تتراوح في تقديري مابين 8.3 مليون طن بانتاج يصل إلي "9 " ملايين طن قمح، لافتا إلي أن حجم التوريد المتوقع هذا العام يتراوح ما بين" 2.5" مليون إلي 3 ملايين طن قمح في جميع الشون والصوامع وأماكن التخزين علي مستوي الجمهورية مع العلم أن أقصي سعة تخزينية موجودة تصل إلي2.9 مليون طن. ويري ممدوح حمادة رئيس مجلس إدارة الاتحاد العام التعاوني الزراعي أن الغالبية العظمي من الفلاحين يبيعون محصول القمح للتجار بسعر يتراوح ما بين "545 و"555" جنيها وبوزن 155كجم للإردب، موضحا بأننا قد طالبنا بدخول التعاونيات الزراعية في منظومة القمح، كما طالبنا برفع السعر بحيث يصل إلي 650 جنيها للأردب علي اعتبار أن السعر العالمي يقترب من ال700 جنيه للأردب فضلا عن الجودة العالية التي يتمتع بها القمح المصري لكن للأسف لم يهتم أحد بمطلبنا، لافتا إلي أنه في ظل انخفاض سعر القمح أمام سعرالذرة الصفراء كعلف حيث يصل سعر القمح إلي 3.5 للكيلو في حين يصل سعر كيلو الذرة إلي 4جنيهات مما يدفع الفلاح لاستخدام القمح كغذاء للثروة الحيوانية بدلا من الذرة الشامية وهذه تعد كارثة. يوضح أن محصول القمح دخل علي طريق حرق الأسعار مثل السلع الأخري وهذا ناتج عن ظروف الفلاح الملتزم بدفع ماعليه من مستحقات ومستلزمات الإنتاج الزراعي سواء للبنك أوغيره من جمعيات زراعية، مشيرا إلي أن التوريد هذا العام لايزيدعن "2" مليون طن. يضيف أن المساحة المنزرعة بمحصول القمح هذا العام أقل من مساحة العام الماضي حيث يوجد البعض من الفلاحين يسجلون أراضيهم ضمن مزارعي القمح ولايزرعونها بهدف الحصول علي الأسمدة المخصصة للقمح. أما مجدي الشراكي رئيس جمعية الإصلاح الزراعي فيري أنه في ظل تبني الحكومة وجهة نظر خاصة برجال الأعمال والمستوردين الذين يحققون الأرباح وإهمال رؤية الفلاح وعدم حل مشاكله وإشراكه في المنظومة عند مناقشتها وأن ماحدث في محصول الأرز العام الماضي من المتوقع أن يحدث مع محصول القمح هذا العام وأن الكميات الموردة ستتراجع مما يشكل خطورة وقيام المستوردين بإدخال قمح درجة رابعة للشعب أو أن التجارالمشترين للقمح المحلي من الفلاحين يقومون بفرض أسعار مرتفعة إضافة إلي وجود بعض الفلاحين يقومون بتخزين القمح وينتظرون انتهاء الموسم وارتفاع الأسعار لبيعه بسعر مرتفع. يوضح أن اتجاه بعض الفلاحين باستخدام القمح كعلف ناتج بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف حيث يصل سعر النخالة إلي "4" آلاف جنيه للطن فيما يصل طن القمح 3.5 ألف جنيه، لافتا إلي أن الخطورة ستزداد في العام المقبل في حالة عدم قيام الحكومة عن وضع خطة تحفز الفلاح علي زراعة القمح وارتفاع سعر توريده بحيث تضع الحكومة سعرا مناسبا للإردب.