* المافيا تبيع الوهم للدولة وتخلط القمح المحلي بالمستورد * 3 مليارات جنيه خسائر للفلاحين مع موسم الحصاد من كل عام تتجدد أزمة توريد القمح من الفلاحين، وبدلا من اغلاق الحكومة لباب استيراد القمح من الخارج اثناء توريد المزارعين لمحصولهم يتم فتح باب الاستيراد على مصراعيه لخلط القمح المحلى عالى الجودة والذى حددت الدولة سعر الأردب ب٤٢٠ جنيها بالقمح المستورد والذى لايتعدى سعره ٢٥٠ جنيها وبذلك تحقق مافيا القمح أرباحا طائلة حيث تعدت ارباح المافيا العام الماضى من خلط المحلى بالمستورد ٣ مليارات جنيه حيث تستورد مصر من الخارج ٧ ملايين طن قمح وتنتج ٧ ملايين طن من اجمالى المساحة المزروعة بالقمح والتى تصل الى ٣ ملايين فدان ونستهلك ١٤ مليون طن سنويا. إجراءات الحكومة المتضاربة أدت الى عزوف المزارعين عن زراعة ٥٠٠ ألف فدان هذا العام وإهدار كميات كبيرة من القمح نتيجة عدم استلام الشون المحصول وربما تودى الى تدمير المحصول ارضاءا لمافيا القمح..«اخبار اليوم» ناقشت القضية مع الفلاحين والخبراء والمسئولين فى التحقيق التالى : نقص المساحات المزروعة الرئيسى فى نقص المساحات المزروعة قمح هذا العام بسبب عدم اعلانها عن اسعار استرشادية للمحصول هذا العام وتضارب القرارات حيث اعلنت الحكومة فى البداية عن دعم فدان القمح بمبلغ ١٣٠٠ جنيه ثم تراجعت عن هذا الكلام واعلنت انها ستشرى اردب القمح بمبلغ ٤٢٠ وهذه القرارات المتضاربة جعلت كثيرا من الفلاحين يمتنعون عن زراعة القمح. ويضيف فايز : أواجه أزمة بعد زراعتى لمحصول القمح هذا العام لعدم تسويق المحصول على الرغم من اعلان الحكومة شراء اردب القمح بمبلغ ٤٢٠ وذلك بسبب عدم وجود مراكز تجميع لشراء القمح قريبة من الارض وهو ما جعلنى أقوم بتأجير سيارة وتحميل القمح عليها وبيعه فى الشون التابعة لبنك التنمية والائتمان الزراعى ولكن سياسة فوت علينا بكرة طبقت معى لعدم وجود أموال يتم دفعها للفلاح مقابل استلام القمح وكل ما يعلن فى وسائل الاعلام غير حقيقى لان هناك فلاحين كثيرين وجدتهم بطوابير ينتظرون بيع محصولهم. ويشير فايز إلى انه اضطر الى بيع المحصول لاحد التجار بمبلغ ٤١٠ جنيهات للأردب حتى لا يتعرض لخسائر كبيرة ويستخدمه كعلف للحيوانات بسبب فشل الحكومة فى تسويق المحصول وشرائه من الفلاحين. ويقول محمد أحمد زعفان «فلاح» بيتنا اتخرب يا حكومة ومش عارفين نودى القمح وهناك إجراءات تعسفية من جانب وزارة الزراعة والتموين عند الاستلام ويتم التدقيق على القمح الذى نبيعه لهم على الرغم من جودته أما الأشخاص المقربون للجمعيات ورجال هيئة السلع التموينية فيتم استلام القمح منهم فورا دون الكشف عليه اما نحن فيتم استلام القمح بعد عناء ويتم تسديد ثمنه بعد عدة أيام بعد التسليم.. سماسرة المحصول ويشير زعفان الى ان هناك كميات كبيرة من القمح لم يتم توريدها الى الآن بسبب عدم توفير وزارتى الزراعة والتموين اماكن تجميع قريبة لاستلام المحصول ويضطر عدد كبير من الفلاحين بيع المحصول لسماسرة شراء القمح باسعار اقل من التى اعلنتها الحكومة حتى لا يتعرض محصولهم للتلف ويقوم هؤلاء السماسرة ببيعه لمافيا القمح وخلطة بالقمح المستورد الاقل جودة لتحقيق ارباح من وراء هذا الخلط تصل بالمليارات والمسئولون بوزارة التموين يعلمون ذلك ويشترون القمح من التجار دون الكشف عليه على الرغم من خلطه بالمستورد. ويطالب محمد حسنى « فلاح» الدولة بتوفير الاموال اللازمة لشراء القمح قائلا حصدت المحصول ولا أجد من يشتريه ذهبت الى الجمعيات الزراعية لبيعه قالوا انتظر دورك لان هناك اعدادا كبيرة من المزارعين فى الطابور..ذهبت الى شون بنك التنمية والائتمان الزراعى بالقرية قالوا مفيش فلوس تكفى لاستلام القمح الفلاحين.. متسائلا أعمل ايه حتى لا يتلف المحصول اضطريت أبيع القمح لاحد التجار بسعر أرخص ٥٠٠ جنيه فى الطن حتى لا أستخدم المحصول علفا للحيوانات..مؤكدا انه شاهد كميات كبيرة من القمح بجوار الشون التابعة لوزارتى الزراعة والتموين ملقاة على الارض لاتجد من يشتريها بسبب تشديد اجراءات استلام القمح وعدم وجود اموال..مشيرا الى ان ما فعلته الحكومة هذا العام من تضارب القرارات وعدم تسويق المحصول وكذلك عدم وقف استيراد القمح المستورد وقت موسم الحصاد سيؤدى بكل تأكيد الى عزوف الكثير من الفلاحين عن زراعة القمح العام القادم بسبب السياسات الخاطئة فى الزراعة. شون وصوامع وزارة التموين لا تكفى ويقول د. حسن حلمى الخبير الزراعى : هناك مشاكل كثيرة ظهرت خلال موسم توريد القمح هذا العام منها أن شون وصوامع وزارة التموين والتجارة الداخلية لا تكفى المحاصيل التى تم زراعتها وسيسبب ذلك خسائر طائلة للفلاح تصل الى حوالى ٣ مليارات جنيه خلال هذا الموسم حيث تشترى الحكومة ممثلة فى وزارة التموين أردب القمح بمبلغ ٤٢٠ جنيها ويضطر الفلاح أن يبيع المحصول المتبقى الذى لا تستطيع الشون استلامه بسبب قلة الشون والصوامع للتاجر بسعر يصل الى ٣٨٠ جنيهًا وما هو ما يؤدى إلى خسارة الفلاح حوالى ٤٠ جنيها فى الأردب..وأكد د. حسن أن شون الحكومة سعتها التخزينية، ٣٬٥ مليون طن، بينما ينتج الفلاح ٩ ملايين طن فى السنة مؤكدا أنه يتم بيع محصول القمح للتجار بما يعادل ٥٬٥ مليون طن. واوضح د. حسن ان مافيا القمح تستغل تضارب قرارات الحكومة وكذلك علاقاتها وتقوم بشراء القمح من الفلاحين وخلطه بالقمح المستورد الذى يصل سعره الى ٢٥٠ جنيها وتبيعه لهيئة السلع التموينية ب ٤٢٠ جنيها محققة أرباحا طائلة تصل لاكثر من ٥ مليارات جنيه. واضاف ان ارتفاع سعر الدولار امام الجنيه لم يوثر على سعر القمح لان الدول التى يتم الاستيراد منها لديها كميات كبيرة من القمح اذا لم تبيعه للدول التى تحتاجه سيتم اتلاف القمح داخل هذه الدول فتضطر الى بيعه مع زيادة بسيطة فى الاسعار بسبب الدولار حيث وصل سعر طن القمح المستورد العام الماضى ٢٣٠ جنيها للاردب وهذا العام وصل ٢٥٠ جنيها للاردب ويرجع ذلك لقلة تكاليف مستلزمات الانتاج عكس مصر..مؤكدا انه حتى لو ارتفع سعر اردب القمح المستورد فسيكون اقل بكثير من سعر القمح المحلى وخلطه يحقق المليارات لتجار القمح. ويقول د. احمد محمد بمركز البحوث الزراعية : هناك أربع دول يتم الاستيراد منها هى فرنسا وروسيا وأوكرانيا وهولندا وتكلفة الزراعة فى هذه الدولة رخيصة جداً بسبب اعتمادها على مياه الأمطار فى الزراعة وبالتالى يلجأ اليها مستوردو القمح فى مصر لشراء اقماحهم باسعار قليلة ففى العام الماضى حققت مافيا القمح مكاسب وصلت إلى ٣ مليارات جنيه نتيجة فتح باب الاستيراد فى وقت استلام المحصول المحلى من المزارع لفتح الطريق لخلط القمح المحلى الأعلى جودة باهظ الثمن بالمستورد الأقل قيمة وثمناً وتوريده إلى شون الحكومة والحصول على فارق السعر. خلط القمح المحلى بالمستورد ويقول د. محمد نوفل الخبير الزراعى ورئيس الادارة المركزية للاراضى والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية سابقا أن وزارة التموين هى السبب الرئيسى وراء ازمة خلط القمح المحلى بالمستورد وتدهور المحصول وذلك لسماحها باستيراد الاقماح وقت موسم الحصاد الذى يستمر شهرين من منتصف ابريل حتى شهر يونيو وعدم وجود رقابة صارمة عند استلام المحصول للتأكد من عدم خلطه بالمستورد بل ما يحدث العكس يتم الرقابة على الفلاح صاحب القمح المحلى اما التجار فيتم استلام القمح منهم دون رقابة على الرغم من خلطهم للقمح المستورد للتربح من ورائه ويكون الفلاح ضحية سياسات زراعية خاطئة مما يؤدى الى عزوفه عن زراعة القمح ويبحث عن محصول آخر اكثر ربحية..مشيرا ان السياسات الخاطئة وتضارب قرارات الحكومة قبل زراعة المحصول أدى الى نقص المساحة المزروعة قمحا ٥٠٠ ألف فدان عن العام الماضي..ويضيف د. نوفل ان المساحات المزروعة هذا العام قمحا تصل الى ٣ ملايين فدان وتنتج هذه المساحات ٧ ملايين طن قمح وتستهلك مصر ١٤ مليون طن ويتم استيراد ٧ ملايين طن من الخارج لسد العجز . . وحمل د.نوفل وزارة التموين المسئولية عن إحجام الفلاحين عن القيام بأعمال التوريد الكامل للقمح لصالح الدولة موضحا أن التموين تأخرت فى اعتماد الشون التابعة لبنك التنمية والائتمان الزراعى فضلًا عن قلة هذه الشون بالإضافة إلى خلو مراكز إدارية كاملة من أى شون تستقبل القمح من الفلاحين بالإضافة إلى تعمدها إغراق مصر بالقمح المستورد ورفضها حظر الاستيراد خلال موسم التوريد للمحصول، مؤكدا ان هذه الإجراءات متعمدة لتقليل كميات القمح الوارد من الفلاحين لصالح الحكومة وهو ما يثبت أن وزارة التموين تستهدف اللجوء لاستكمال احتياجات البلاد من الخارج بما يشكل زيادة فى معدلات الاستيراد على حساب الإنتاج المحلي، وإحجام الفلاحين عن التوسع فى زراعة القمح العام المقبل، ومعاودة الأسعار العالمية للارتفاع لتحقيق مصالح مافيا استيراد القمح. ويقول مجدى الشراكى رئيس الجمعية العامة للاصلاح الزراعى ان تسعير الدولة اردب القمح ب ٤٢٠ جنيها لصالح الفلاح فقط وليس اى شخص آخر ولكن ما يحدث حاليا عكس ذلك حيث لا يجد الفلاح من يشترى محصوله ولابد ان تعيد الحكومة النظر فى منظومة تسويق القمح حتى يستطيع الفلاح بيع انتاجه. واضاف الشراكى انه لابد من وقف استيراد القمح من الخارج لمنع خلطه بالدقيق المحلى..مشيرا ان وزارة التموين تقف وراء ذلك، حيث تقوم بعمل نظام جديد اثناء استلام القمح وهو الطحن على «النقرة» بمعنى ان يتم استلام القمح مطحونا وهو ما يستغله مافيا القمح ويقومون بخلط القمح المستورد مع المحلى اثناء توريد ولا تستطيع لجنة الفرز معرفة القمح المحلى من المستورد بعد طحنه لانها تفحص حبوبا وليس دقيقا وهذا النظام يخدم مافيا القمح فى المقام الاول حيث يتم يوميا طحن حوالى ٣٠ ألف طن..مشيرا ان لجنة فرز القمح التابعة لوزارة التموين ثابتة ومعلومة للجميع ويتم تقديم تسهيلات للموردين. وأكد الشراكى انه بنهاية الشهر لن تكون هناك حبة قمح على الارض لدى الفلاح مطالبا الدولة بعد انتهاء موسم الحصاد وتوريد القمح بشراء القمح سواء من التجار او الفلاحين بسعر القمح المستورد وفى حالة تطبيق ذلك سيتم توفير حوالى ٣ مليارات جنيه للدولة مشيرا ان التجار قاموا بتخزين كميات كبيرة من القمح خلال الشهور الماضية الى جانب وجود ٥٠٠ ألف طن مخزن من العام الماضى وذلك لخلطه مع القمح المحلى وتحقيق أرباح طائلة. وفجر عبدالفتاح سراج الدين رئيس الجمعية العامة لاستصلاح الاراضى وعضو لجنة الزراعة بمجلس النواب مفاجأة من العيار الثقيل مؤكدا ان وزارة المالية لم توفر حتى الان الاموال اللازمة لشراء القمح من الفلاحين حيث لم يتم توريد سوى ٢٠٠ مليون جنيه فقط لبنك التنمية والائتمان الزراعى من اجمالى ١٠ مليارات جنيه مخصصة لشراء القمح وهو ما أدى الى تقاعس الشون عن استلام القمح من المزارعين وتكدسه فى الحقول. ويقول د.عصام فايد وزير الزراعة واستصلاح الاراضي: نحن نقاتل من اجل الفلاح وحل مشاكله ودور الوزارة هو الانتاج والبحوث وشراء القمح من اختصاص وزارة التموين ولكن حفاظا على الفلاح والمحصول تم فتح الجمعيات التعاونية العامة للاصلاح والإئتمان والأراضى المستصلحة وفروعها المنتشرة بالقرى والمحافظات المختلفة لاستلام الأقماح من المزارعين وتوريدها بمعرفتها للشون والصوامع والهناجر وأماكن التخزين المختلفة لعلاج مشاكل التكدس والتيسير على المزارعين. واضاف الوزير ان الجمعيات التعاونية ستتولى دفع مستحقات مزارعى القمح طبقاً للضوابط والأسعار التى حددها القرار الوزارى المشترك لوزارات الزراعة والتموين والمالية لافتاً الى انه تم البدء فى تطبيق المنظومة الجديدة بالفعل وان كافة الجمعيات الزراعية، فتحت أبوابها لمزارعى القمح لاستلام المحصول منهم، طبقاً لكشوف الحصر الفعلى وليس الحيازة تيسيراً فى الإجراءات والمساهمة فى رفع العبء عن كاهل المزارعين. واشار الى أن الحكومة حريصة على استلام كافة كميات القمح الموردة من المزارعين على مستوى الجمهورية، لافتاً الى انه تم اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان عدم تسرب الاقماح المستوردة من خلال التلاعب بخلطها بالأقماح المحلية، والاستفادة غير المشروعة من الدعم المالى المقدم للفلاح المصري، وحفاظا على أموال الدولة ووصول الدعم لمستحقيه.. وتابع فايد أنه لن يسمح بأى تلاعب خلال عمليات التوريد، يحول دون حصول المزارع على حقه، والتلاعب بمقدراته، لافتاً الى أن غرف العمليات التى تم تشكيلها بالمحافظات المختلفة، والغرف التابعة لها على تواصل يومى مع غرفة العمليات المركزية بالوزارة لمتابعة عملية التوريد أول بأول وبالتنسيق مع غرفة عمليات مناظرة بوزارة التموين لحصر المشاكل الخاصة بالمزارعين أثناء التوريد وعلاجها على الفور والتيسير عليهم. وقال وزير الزراعة إنه عقد اجتماعا عاجلا بحضور رئيس قطاع الهيئات وشئون مكتب الوزير، ورئيس الاتحاد التعاونى الزراعى المركزى ورؤساء الجمعيات التعاونية العامة والجمعية العامة لمحاصيل الحبوب وبنك التنمية والائتمان الزراعى ورئيس قطاع الخدمات الزراعية والمتابعة للوقوف على آلية جديدة لتنظيم عملية استلام محصول القمح من المزارعين وعلاج المشاكل الخاصة بهم خلال عملية التوريد.. واوضح انه تم تكليف بنك التنمية والإئتمان الزراعى وقطاع الخدمات الزراعية والمتابعة بإعداد حصر واف بالشون الترابية التابعة للبنك واختيار انسبها لمخاطبة وزارة التموين والتجارة الداخلية لفتحها لاستيعاب كميات القمح الموردة من الفلاحين، للتيسير على المزارعين وعلاج مشاكل التكدس..حيث وصلت الكميات الموردة من القمح حتى الآن حوالى ٩٠٠ ألف طن.