عشقي للعمل التطوعي دفعني لرعاية 28 طفلاً

تركت الفن التشكيلي وأسست دار أيتام.. د.نيفين شحاتة:

لأن ‬الوفاء ‬والعطاء ‬ثقافة ‬اجتماعية ‬متأصلة ‬في ‬موروث ‬المحروسة ‬فإن ‬السجل ‬الاجتماعي ‬لأهل ‬هذا ‬الوطن ‬حافل ‬بعناوين ‬سطرت ‬قصص ‬تفاني ‬أهل ‬هذه ‬الديار ‬في ‬إقرار ‬العرفان ‬بالجميل ‬لكل ‬من ‬سعي ‬في ‬نهضته ‬ونمائه.. ‬ومن ‬هذا ‬المنطلق ‬عشقت ‬العمل ‬التطوعي ‬والغوص ‬في ‬عالمه ‬الإنساني ‬المليء ‬بمحطاته ‬وطاقاته ‬التي ‬تتدفق ‬حيوية ‬فكرية ‬وعلمية ‬برؤية ‬وفعاليات ‬متنوعة ‬مثلت ‬رسالة ‬إكبار ‬وامتنان ‬وتقدير ‬بل ‬ومنصة ‬تكريم ‬وتعزيز ‬لعطاءات ‬وقدرات ‬المرأة ‬التي ‬ربت ‬وتربت ‬في ‬أحضانها، ‬واختارت ‬مجال ‬رعاية ‬الأطفال ‬الأيتام، ‬وقررت ‬أن ‬تكون ‬أما ‬بديلة ‬لأطفال ‬كتبت ‬عليهم ‬الأيام ‬أن ‬يعيشوا ‬في ‬هذه ‬الدنيا ‬دون ‬حنان ‬أم ‬تحبهم، ‬ولم ‬تبال ‬بأي ‬مشكلات ‬تعوقها ‬عن ‬تحقيق ‬هذا ‬الهدف ‬النبيل.. ‬إنها ‬د.‬نيفين ‬أنور ‬شحاتة ‬إحدي ‬بانيات ‬نجاحات ‬اليوم ‬ورائدة ‬تميز ‬الغد ‬في ‬رعاية ‬وإيواء ‬الأطفال ‬الأيتام.‬
من ‬زاوية ‬خاصة ‬جدا ‬فاض ‬العطاء ‬ليعبر ‬الحدود ‬ويثبت ‬أن ‬الوازع ‬الإنساني ‬لغة ‬عالمية ‬تخلط ‬في ‬سطورها ‬الناصعة ‬كل ‬من ‬اتخذها ‬لسانا ‬لما ‬يختلج ‬في ‬وجدانه ‬من ‬قيم ‬عظيمة.. ‬بهذه ‬الكلمات ‬تبدأ ‬د.‬نيفين ‬حديثها ‬وتقول: ‬حياتي ‬تستوعب ‬معظم ‬أشكال ‬التعبير ‬منذ ‬نشأتي ‬بحي "‬عين ‬الصيرة" ‬في ‬القاهرة ‬واستكمال ‬دراستي ‬حتي ‬تخرجت ‬في ‬كلية ‬الفنون ‬الجميلة ‬عام ‬2002 ‬ورغم ‬موهبتي ‬في ‬الفن ‬التشكيلي ‬فلم ‬استثمرها ‬في ‬البداية ‬في ‬الالتحاق ‬بعمل ‬أكاديمي ‬ولكني ‬فضلت ‬بحكم ‬ظروف ‬الزمان ‬والمكان ‬العمل ‬مع ‬والدي ‬رجل ‬الأعمال ‬في ‬مجال ‬منتجات ‬الجلود.. ‬وحققت ‬معه ‬طفرة ‬كبيرة ‬من ‬النجاحات ‬ولكني ‬تأثرت ‬كثيرا ‬بوفاته.. ‬وهداني ‬عقلي ‬إلي ‬أن ‬أعمل ‬له ‬شيئا ‬يعبر ‬فقط ‬عن ‬تجربة ‬ثرية ‬تحمل ‬وجهة ‬نظر ‬لصدقة ‬جارية ‬كأن ‬في ‬الأمر ‬شيئا ‬من ‬القدر ‬من ‬سكة ‬مرسومة ‬له ‬مسبقا ‬خاصة ‬في ‬ظل ‬مداومتي ‬علي ‬زيارة ‬دور ‬الأيتام ‬وتقديم ‬كل ‬الدعم ‬المادي ‬وغيره.. ‬وكنت ‬أعامل ‬كل ‬من ‬فيها ‬مثل ‬أولادي.. ‬ولكني ‬تأثرت ‬من ‬ظاهرة ‬الأمهات ‬البديلات ‬الموجودات ‬في ‬دار ‬الأيتام ‬والمسنين ‬والمعاقين ‬وذوي ‬الاحتياجات ‬الخاصة ‬اللاتي ‬يتخذن ‬من ‬عملهن ‬مصدرا ‬للرزق ‬والتربح، ‬ذلك ‬الأمر ‬الذي ‬يجب ‬أن ‬تلتفت ‬إليه ‬الجمعيات ‬الأهلية ‬والمؤسسات ‬الاجتماعية ‬وتعمل ‬علي ‬التدقيق ‬في ‬اختيار ‬أصحاب ‬دارات ‬الأيتام ‬اللاتي ‬يعتبرن ‬أنفسهن ‬أمهات ‬بديلات ‬وتطبيق ‬كافة ‬الاختبارات ‬النفسية ‬والعلمية.‬
تتابع: ‬رأيت ‬دار ‬أيتام ‬في ‬شارع ‬فيصل ‬بمحافظة ‬الجيزة ‬لا ‬تصلح ‬نهائيا ‬للاستخدام ‬الآدمي، ‬ولهذا ‬بادرت ‬بإعطاء ‬صاحبة ‬المكان "‬فيلا ‬دوبلكس" ‬في ‬عمارة ‬أمام ‬مسكني ‬الخاص ‬ولكني ‬فوجئت ‬بصاحبة ‬الدار ‬تطلب ‬مني ‬كتابة ‬المكان ‬باسمها.. ‬ونصحني ‬المحامي ‬بعمل ‬عقد ‬حق ‬انتفاع ‬لها ‬طوال ‬فترة ‬قيام ‬الجمعية، ‬ولو ‬حدث ‬وتم ‬حل ‬الجمعية ‬لأي ‬سبب ‬تعود ‬الفيلا ‬للشئون ‬الاجتماعية ‬وتتولي ‬الشئون ‬إسنادها ‬لأي ‬دار ‬أيتام ‬بشرط ‬وجود ‬نفس ‬الأطفال ‬فيها.‬
ونظرا ‬لأن ‬صاحبة ‬الدار ‬لم ‬توافق ‬علي ‬اعتبار ‬أن ‬الشئون ‬الاجتماعية ‬لن ‬توافق ‬اضطررت ‬للسؤال ‬بنفسي.. ‬وفوجئت ‬بالشئون ‬تعرض ‬عليّ ‬تولي ‬مهمة ‬إدارة ‬دار ‬الأيتام ‬طالما ‬لدي ‬الإمكانيات ‬اللازمة.. ‬واقتنعت ‬وعملت ‬إشهارا ‬لجمعية ‬اسمها "‬مجد ‬العطاء" ‬إلا ‬أني ‬عانيت ‬الأمرين ‬ودخلت ‬في ‬حرب ‬لإنشاء ‬دار ‬أيتام ‬فترة ‬تولي ‬الوزيرة ‬أمينة ‬الجندي ‬وزارة ‬الشئون ‬الاجتماعية.. ‬وبفضل ‬الله ‬وقلبي ‬العامر ‬بالخير ‬حصلت ‬علي ‬ترخيص ‬دار ‬الأيتام ‬برقم ‬33 ‬لسنة ‬2004 ‬باسم "‬نور ‬الرحمن ‬للأيتام".. ‬وسلموني ‬نوعية ‬أطفال ‬من ‬حالات ‬التفكك ‬الأسري ‬وحتي ‬الآن ‬مازلت ‬أقدم ‬الكثير ‬في ‬هذا ‬العمل ‬التطوعي ‬الذي ‬امتد ‬لقرابة ‬14عاما.. ‬أقوم ‬فيها ‬برعاية ‬جيلين ‬من ‬الأطفال ‬وصل ‬عددهم ‬ل28 ‬طفلا.. ‬خاصة ‬بعد ‬تسليمي ‬البنات ‬لإدارة ‬الشئون ‬ثم ‬لجمعية ‬ثانية ‬بناء ‬علي ‬طلب ‬الشئون ‬لفصل ‬الأولاد ‬عن ‬البنات.. ‬ولكني ‬اهتممت ‬برعاية ‬كل ‬شئون ‬ال28 ‬طفلا ‬ودراستهم ‬لدرجة ‬أنهم ‬يدرسون ‬في ‬مدارس ‬لغات ‬وجميعهم ‬متفوقون ‬خاصة ‬أنه ‬وصل ‬منهم ‬للمرحلة ‬الثانوية.. ‬وجميعهم ‬يعيشون ‬في ‬حجرات ‬خاصة ‬ولديهن ‬حجرات ‬للكمبيوتر ‬وينعمون ‬بكافة ‬الرعاية ‬الصحية ‬والتسهيلات، ‬بالإضافة ‬لتمتعهم ‬جميعا ‬بالرحلات ‬الترفيهية ‬والسياحية ‬وحفلات ‬الموسيقي ‬وعروض ‬السينما ‬والذهاب ‬للسيرك ‬وغيره ‬وتقام ‬أيضا ‬بينهم ‬مسابقات ‬التفوق ‬العلمي ‬والثقافي.‬
وتوضح ‬د.‬نيفين ‬أنها ‬حريصة ‬علي ‬المشاركة ‬في ‬الدورات ‬التدريبية ‬التي ‬تعدها ‬وزارة ‬الشئون ‬لرفع ‬كفاءة ‬عمل ‬الأمهات ‬البديلات ‬اللاتي ‬يقمن ‬علي ‬رعاية ‬الأطفال ‬الأيتام ‬ممن ‬ليس ‬لهم ‬مأوي ‬والأطفال ‬مجهولي ‬النسب ‬بأسلوب ‬علمي ‬منهجي ‬لدعم ‬هذا ‬العمل ‬الإنساني.. ‬وأضافت ‬أنه ‬تم ‬تدريب ‬الأمهات ‬في ‬إطار ‬خطة ‬تم ‬وضعها ‬للارتقاء ‬بمستوي ‬الأداء ‬في ‬جميع ‬النواحي.‬
وتضيف ‬د.‬نيفين ‬أنها ‬تقوم ‬بنفسها ‬بعمل ‬وجبات ‬طعام ‬وطهي ‬أشهي ‬المأكولات ‬للأولاد ‬الأيتام ‬في ‬الدار.. ‬ووصل ‬الأمر ‬إلي ‬أنهم ‬يطلقون ‬عليها ‬لقب ‬الشيف ‬نيفين ‬أميرة ‬المطبخ.. ‬وفي ‬ذات ‬الوقت ‬تؤكد ‬أن ‬سر ‬نجاحها ‬يرجع ‬لتعاون ‬زوجها ‬رجل ‬الأعمال ‬مجدي ‬ربيع ‬معها ‬في ‬عملها ‬الإنساني ‬والوصول ‬بها ‬لمحطات ‬التميز ‬والنجاح، ‬هذا ‬بخلاف ‬أنه ‬إنسان ‬صاحب ‬قيم ‬ومبادئ ‬ويقدس ‬الحياة ‬الزوجية.. ‬ونظرا ‬لكون ‬د.‬نيفين ‬من ‬مواليد ‬برج ‬الدلو ‬الذي ‬يتميز ‬أصحابه ‬بقمة ‬الأناقة ‬في ‬عالم ‬الموضة ‬وعشق ‬الموسيقي ‬فهي ‬تميل ‬بطبعها ‬إلي ‬الهدوء ‬وتقول "‬أكون ‬سعيدة ‬عندما ‬أسعد ‬من ‬حولي"‬