يفاجأ البعض عند سفره إلي خارج البلاد أثناء تواجده بأي من المطارات أو الموانئ أنه ممنوع من السفر دون معرفة السبب، هذا الأمر تكرر في الشهور الماضية عدة مرات مع بعض الإعلاميين والنشطاء السياسيين، واعتبرت بعض المنظمات الحقوقية أن هذا القرار يعد وسيلة جديدة لتضييق الخناق علي المعارضين وسلب حقهم في حرية التنقل التي كفلها لهم القانون.. الخبراء يوضحون في التحقيق التالي الجهات التي يحق لها إصدار قرار المنع ومدي قانونيته وكيفية التظلم من هذا القرار. مدير أمن الموانئ: المنع ليس مسئوليتنا ودورنا التأمين والتفتيش وكيل الجوازات: جهات قضائية وأمنية مسئولة عن الإدراج لواء صلاح: أطالب البرلمان بسن تشريع ينظم قواعد الإدراج ومدته شهد العام 2015 حالات عديدة طالها قرار المنع من السفر وفوجئوا بهذا القرار أثناء تواجدهم بالمطار، أبرز هذه الحالات كانت في شهر يوليو الماضي عندما تم منع مدير المفوضية المصرية لحقوق الإنسان محمد لطفي من السفر إلي ألمانيا، كما تم منع الشيخ محمد جبريل من السفر إلي بريطانيا في نفس الشهر وتم إبلاغه أن المنع تم بناء علي تعليمات من جهات أمنية، والمدون وعضو حزب الدستور محمود عبدالظاهر الذي تم منعه من السفر في أغسطس الماضي وأعلن بعدها أنه لم يتمكن من معرفة أسباب المنع. وفي بداية العام الحالي وتحديداً في شهر يناير تم منع الشاعر عمر حاذق من السفر وأخبر أن هناك دواعي أمنية وراء قرار منعه من السفر، وكان أحدث وقائع المنع رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد حيث تم منعه في شهر فبراير من السفر ولم يعرف الأسباب، وبعدها زعم عيد أنه توجه إلي مصلحة الجوازات والهجرة بمجمع التحرير لمعرفة أسباب المنع وتم تحديد أكثر من موعد مع أحد ضباط مصلحة الجوازات وفي النهاية لم يتمكن من معرفة الأسباب، وفي نفس الشهر تم منع الكاتب الصحفي عضو برنامج الأممالمتحدة الإنمائي العالمي للمجتمع المدني حسام بهجت أيضاً من السفر، وذلك أثناء توجهه إلي دولة الأردن للمشاركة في اجتماع للأمم المتحدة حول العدالة في العالم العربي وأوضح بهجت في تصريحات إعلامية أنه أبلغ بأن المنع بقرار من النائب العام دون معرفة أي تفاصيل عن القضية المتهم فيها وأنه سافر خارج البلاد قبل ذلك مرتين منذ إخلاء سبيله من المخابرات الحربية والنيابة العسكرية في نوفمبر الماضي حيث كانت موجهة له تهمة تكدير السلم العام المتمثلة في إذاعة أخبار وبيانات كاذبة. يري أستاذ القانون العام د.نبيل حلمي أن قرارات المنع من السفر هي تقييد للحرية ما لم تكن بحكم قضائي، وأنها قرارات تخالف الدستور الذي يمنح الحق في التنقل للشعب كحق أساسي من حقوق الإنسان، موضحاً أنه من العجب أن المنع من السفر لا يعتمد علي أي نص قانوني ينظمه أو ينص عليه لكنه يصدر من بعض الجهات. ويشير حلمي إلي أن التظلم من هذا القرار ليس واضحاً في أي قانون أو بأي طريقة وخاصة أنه يكون مفاجأة لمن يسافر خارج البلاد أو يعود إليها، مطالباً بوضع ضوابط دستورية وقانونية تنظم قرارات المنع من السفر أو ترقب الوصول وكيفية التظلم منها، ويجب أن تشمل هذه الضوابط تحديد أسباب المنع من السفر وإخطار الشخص بمجرد صدور القرار ضده وتحديد السلطة التي تصدره وطرق التظلم منه وأن تكون مدته محددة لأن هناك العديد من الأسماء تظل مدرجة علي قوائم المنع لسنوات عديدة. ويؤكد مساعد وزير الداخلية مدير مصلحة أمن الموانئ اللواء حسام نصر أنه لا دخل للمصلحة بقرارات المنع أو تنفيذها داخل الموانئ والمطارات، لأن المسئول عن تنفيذ تلك القرارات داخل المطارات والمنافذ الشرعية للبلاد هي مصلحة الجوازات، وهي جهة تنفيذية تنفذ قرارات وأوامر الجهات القضائية وليست صاحبة قرار المنع. ويوضح اللواء نصر ل"آخرساعة" أن هناك جهات أمنية عديدة داخل المنافذ والمطارات وكل جهة لها دورها واختصاصاتها أما دور مصلحة أمن الموانئ هو تأمين جميع المنافذ الشرعية للبلاد "الجوية والبحرية والبرية والنهرية"، ما عدا مطار القاهرة وميناء إسكندرية البحري والإدارة العامة لتأمين محور قناة السويس نظراً لكبر نشاطها، وتمتد عملية التأمين إلي تفتيش جميع الركاب لتوفير أقصي درجات الأمان لهم. نفي وكيل عام مصلحة الجوازات والهجرة اللواء مجدي أنور استغلال بعض الجهات سلطتها في إدراج أسماء بعينها علي قوائم المنع من السفر، لأن القانون حدد الجهات التي يحق لها الإدراج وهي المحاكم في أحكامها وأوامرها واجبة النفاذ، والنائب العام، وقاضي التحقيق، ومساعد وزير العدل للكسب غير المشروع، ورئيس المخابرات العامة، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، ومدير إدارة المخابرات الحربية، ومدير إدارة الشئون الشخصية والخدمات الاجتماعية للقوات المسلحة، والمدعي العام العسكري، ومساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن الوطني، ومساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة الأمن العام. وعن طريقة التظلم من قرار المنع من السفر يقول اللواء أنور ل"آخرساعة": يحق لأي شخص تم منعه من السفر معرفة أسباب المنع؛ ويمكنه التقدم بتظلم إلي مصلحة الجوازات بمجمع التحرير، حيث يتم تشكيل لجنة من عدة جهات، وفي حالة ما إذا كان سبب المنع دواعي أمنية فإنه يتم إعادة فحص القرار وقد يتم رفع اسمه من قوائم الممنوعين، لأن اللجنة مشكلة من مساعدي وزير الداخلية لقطاعات الأمن والأمن العام والأمن الوطني ومصلحة الجوازات، أما إذا كان ممنوعاً بقرار من أي جهة أخري أو بحكم قضائي فإنه يحق له رفع دعوي قضائية أمام القضاء الإداري وليس لنا دور في ذلك وأحياناً يستطيع الحصول علي حكم لرفع اسمه وقد يتم رفض الدعوي ويظل اسمه مدرجاً. وحول شكوي البعض من عدم تنقية جداول الإدراج يوضح اللواء أنور أنه يتم تنقية جداول الإدراج بإحدي طريقتين الأولي أن تقوم جهة الإدراج بإخطارنا بزوال الأسباب فنقوم برفع اسمه وهذه القوائم تتسم بالفورية أي تنفيذ القرار فور وصوله لنا، والثانية أنه قبل مرور ثلاث سنوات علي كل اسم مدرج نقوم بمخاطبة جهات الإدراج ونسألها عما إذا كانت الأسباب قد زالت أم مازالت قائمة، وهنا يتم تنفيذ ردود تلك الجهات. وكشف وكيل عام الجوازات ل"آخرساعة" أن ما زعمه الحقوقي جمال عيد حول تقدمه بتظلم ولم يعرف سبب منعه حتي الآن غير صحيح، لأنه فور تقدمه بالتظلم تم فحصه وأخطرناه بأن المنع كان بقرار من النائب العام وأخذ رقم القضية لمتابعتها ولا أستطيع إعلان أي تفاصيل عن هذه القضية لأنها أمور شخصية تخص صاحبها. ويؤكد الخبير الأمني وعضو هيئة التدريس بأكاديمية الشرطة اللواء شوقي صلاح أن الدستور المصري أكد الحق في حرية التنقل، فذهبت مادته (62) إلي أن "حرية التنقل، والإقامة، والهجرة مكفولة ولا يجوز إبعاد أي مواطن عن إقليم الدولة، ولا منعه من العودة إليها، ولا يكون منعه من مغادرة إقليم الدولة، أو فرض الإقامة الجبرية عليه، أو حظر الإقامة في جهة معينة عليه، إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وفي الأحوال المبينة في القانون"، ووفقاً لهذا النص فإن قرار المنع من السفر يصدر بأمر قضائي مسبب من ناحية، وفي أحوال أخري ينص عليها القانون من ناحية أخري. ويرد اللواء صلاح علي من يرون أن تكون سلطة إصدار قرارات المنع من السفر مقصورة علي الأجهزة القضائية المختصة فقط، بأن الدول المتقدمة تمنح بعض أجهزتها الأمنية الحق في إصدار تلك القرارات وفق ضوابط قانونية، ودلل علي ذلك بما طالعتنا به مؤخراً الصحافة العالمية بنشر أخبار؛ منها تصريح وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند بأنَّ نحو 600 بريطاني تم منعهم من السفر وهم في طريقهم إلي سوريا للانضمام لتنظيمات إرهابية، وأن السلطات الأمريكية منعت الصحفية البريطانية "رنا رحيم بور" التي تعمل لدي هيئة الإذاعة البريطانية "بي. بي. سي" من السفر إلي مدينة نيويورك لأسباب أمنية، ومن هنا يتبين أنه من المستقر عليه عالمياً حق بعض الأجهزة الأمنية- وفق ضوابط قانونية- في إدراج أشخاص علي قائمة المنع من السفر أو المنع من دخول البلاد، ويبقي القضاء دائماً هو السبيل المانع من تعسف استخدام تلك الأجهزة لهذه السلطة. وينقسم الإدراج وفقاً لما أكده الخبير الأمني إلي ترقب للوصول ومنع من السفر, وترقب الوصول يطبق علي المصري والأجنبي إذا كان مطلوباً في إحدي القضايا أو هارباً من تنفيذ حكم قضائي أو مطلوب لأي جهة أمنية، بينما المنع من دخول البلاد يطبق علي الأجانب فقط، حيث تقوم السلطات الأمنية بإخطاره بأنه شخص غير مرغوب دخوله البلاد؛ وترقب الوصول ينقسم إلي أنواع وهي ترقب مقترن بالضبط والإحضار للجهة المُدرِجة، حيث يتم القبض علي المُدرَج، أو إخطاره بضرورة التوجه إلي الجهة المُدرجة لمعرفة سبب الإدراج علي القوائم، أما عن المنع من السفر فله أنواع أخري سواء المنع فقط من السفر والسماح للراكب بمغادرة الدائرة الجمركية بعد تَسَلُم حقائبه, أما إذا كان المنع مقترناً بالضبط والإحضار فيتم ضبطه وتسليمه للجهة المُدرِجة. ويوصي اللواء صلاح الأجهزة الأمنية أن تستخدم سلطتها في المنع في أضيق نطاق ممكن، ولأسباب واضحة ومعلنة، وإلا سيؤدي هذا الأمر لعكس مقصده، فأجهزة الأمن من المفترض أنها خصم شريف، ومتابعة الجهات المعنية- التي أصدرت تلك القرارات- القوائم بشكل دوري لتنقيتها وإلغاء المنع حال انتهاء أسبابه، ولا يجوز بأي حال منع أي مصري من الحصول علي وثيقة سفر، أو سحب جواز سفره، مطالباً مجلس النواب بالتصدي للأمر ووضع تشريع جامع ينظم من خلاله ضوابط المنع من السفر، فيحدد الجهات التي لها الحق في هذا المنع، وأسبابه، ومتي ينتهي، وكيفية التظلم من القرار الصادر به، وكذا طرق الطعن القضائي عليه.