الجواهرجي، هو من يتعامل مع الذهب، ويعرف قيمته، ويحدد ثمنه، ويعرف الأصلي منه والمغشوش، أو الفالصو كما يقول العامة، والجواهرجي ليس من يتعامل مع الذهب المعدن فقط، بل من يستطيع أن يكتشف ما بداخل البشر من إبداع وموهبة، حتي ولو علاه التراب، ينفضه عنه، ويقدمه في صورته الحقيقية للناس تستمتع بما يمكن أن يقدمه، هذا ما فعله الراحل أنور وجدي، مع الطفلة فيروز التي رحلت عن عالمنا مؤخرا، اكتشف موهبتها، وقدمها في مجموعة من الأفلام، بعضها يعد من كلاسيكيات السينما المصرية، كم من السنوات مرت علي اكتشاف هذه الموهبة، ولماذا لم تتكرر التجربة، الإجابة ببساطة ليس لعدم وجود مواهب، ولكن لعدم وجود أنور وجدي، فمصر زاخرة بكل المواهب في كل المجالات، و لكن هناك غبار يحتاج إلي من يرفعه، ويكشفه لينكشف ما تحته، من قدرات هائلة علي العطاء وعلي الإبداع، و لكن أين الكشافون والجواهرجية الذين يملكون القدرات العالية لكشف المواهب، أين أمثال أنور وجدي، غياب مثل هؤلاء هو الذي ساهم في انتشار العشوائيات، من حولنا، فالعشوائيات ليست فقط، هي تلك المناطق التي نطلق عليها هذا الاسم، بل العشوائية أو ما يسميه رجال الإدارة «غياب التخطيط»، في كل مجال، هي التي أدت إلي ما نعاني منه الآن في التعليم والصحة والإسكان الخ، في الماضي،أو ما يحلو للبعض منا أن يسميه، بالزمن الجميل نتغني ونفاخر به، كان هناك هؤلاء الكشافون والجواهرجية في كل مكان، وفي كل مجال، ولابد أن نعيد تقاليد هذا الزمن في كشف المواهب و إبرازها ودفعها للأمام فمصر دائما ولادة، وعندما ننظر إلي حال المصريين في كل دول العالم عندما يجدون من ينتبه إلي مواهبهم وينفض عنها التراب، ماذا يفعلون، يجيدون، ويتبوأون أعلي المناصب، في مختلف الإبداعات ، فماذا لو بحثت الدولة عن أمثال أنور وجدي، وسلحتهم بالحوافز والإمكانات، حتي يقدموا، أفضل المواهب في مصر لدعم مسيرة التقدم فيها.