لواء أبوبكر الجندى خلال حواره ل«آخر ساعة» يُعاني الاقتصاد المصري خلال السنوات الخمس الأخيرة العديد من التحديات التي أثرت عليه سلبًا، وتسببت في خسائر عديدة بكافة الأصعدة، إضافة إلي انخفاض معدلات النمو، ومع كل تلك التحديات التي تواجه الاقتصاد، تخطي مؤشر الزيادة السكانية حاجز ال90 مليون نسمة، ما يُنذر بأزمة حقيقية تواجهها مصر. اللواء أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، تحدث ل"آخرساعة"، عن أبرز المؤشرات الاقتصادية الهامة التي توضح حال الاقتصاد المصري علي مدار الخمس سنوات الماضية، مؤكداً أن الخطر الأكبر الذي تواجهه مصر هو الزيادة السكانية التي تتجه نحو كارثة حقيقية مع ارتفاع معدلات المواليد سنوياً بصورة مُرعبة. ما الدور الذي يقدمه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء؟ - جهاز الإحصاء، جهاز وطني مسئول عن توفير الإحصائيات الرسمية المتفق عليها من مجتمع الإحصاء الدولي، ومرجعيتنا هنا اللجنة الإحصائية للأمم المتحدة، التي تحدد الإحصائيات الرسمية في الجانب الاجتماعي والاقتصادي، فبالجانب الاجتماعي نحدد إحصائيات كل ما يخص البشر من عاداتهم وسلوكياتهم ومدي انتشارهم وزواجهم وطلاقهم، أما الجانب الاقتصادي فيتضمن كافة الأنشطة الاقتصادية سواء الزراعة أو النقل أو المواصلات أو غيرها من القطاعات الاقتصادية الهامة، وفي النهاية نهدف إلي تحديد مساهمة هذه القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي. ما مدي استقلالية الجهاز عن الحكومة؟ - الجهاز مُستقل بشكل كامل ولا يوجد أي أحد يتدخل في طبيعة عمل الجهاز أو البيانات التي يصدرها الجهاز، وما ينتجه من بيانات تكون متاحة للعامة، فنحن لا نستأذن أحداً ولا نستشير أحداً في نشر أي من مؤشرات الجهاز، وهذا الأمر مطبق طوال الوقت. هل تتم الاستعانة بأي خبرات أو هيئات دولية في الجهاز؟ - تسعي بعض الجهات الدولية إلي تقديم مساعداتها للجهاز في إطار المسموح، ونحن نرحب بذلك ونقوم بالاستعانة بها لسد بعض الفجوات، مثل أبحاث الهجرة لأنها مكلفة وتحتاج لخبرات كبيرة، وبالتالي هذه المنظمات تلجأ للجهاز ونحن نرحب بها، لأنها تمدنا بالخبرة والمعرفة وتدريب العاملين في الجهاز لسد فجوة البيانات. الجهاز أعد مسحاً مؤخراً عن الهجرة، فما أبرز النتائج التي توصلتم إليها؟ - توصلت نتائج المسح الأخير إلي أن الدول العربية تستحوذ علي 95.4% من جملة المهاجرين الحاليين، ونصيب المملكة العربية السعودية منها 39.9%، بينما تشكل الدول الأوروبية 2.9%، بينما نصيب إيطاليا 2%، بينما تبلغ نسبة المهاجرين إلي أمريكا الشمالية أقل من 1%. ويعد السبب الرئيسي للهجرة هو السبب الاقتصادي والبحث عن فرص العمل بنسبة 87% من المهاجرين الحاليين، والسبب الثاني اجتماعي، وقد سجلت الفئة العمرية ما بين 25-29 سنة أعلي نسبة للمهاجرين، وقد اشتملت عينة المسح علي 90 ألف أسرة مصرية. كيف تُقيم أداء الاقتصاد المصري منذ ثورة يناير وحتي الآن؟ - في الفترة الانتقالية معظم المؤشرات كانت منخفضة، وهذه طبيعة الفترات الانتقالية في حياة الشعوب عقب الثورات، وكانت معدلات النمو قبل الثورة أكثر من 5%، لكن خلال الأربع سنوات الأخيرة لم تتعد ال2%، وخلال 2015 وصلت معدلات النمو إلي 4%، وتتجه هذه النسبة للزيادة خلال الفترة المقبلة. أما مؤشرات البطالة فكانت قبل الثورة 9%، ووصلت إلي 13%، وكلها معدلات طبيعية وفقاً للمرحلة الانتقالية التي نعيشها الآن. وكيف تُقيِّم خسائر قطاع السياحة؟ - قطاع السياحة كان من أكثر القطاعات التي تأثرت سلباً بالأحداث السياسية في 2010 كان لدينا 15 مليون سائح، أما الآن فقد انخفضت أعداد السائحين إلي نحو 9.5 مليون سائح، وحسب بيانات آخر شهر كان هناك انخفاض 37% في قطاع السياحة في أعقاب سقوط الطائرة الروسية. ما أكثر القطاعات الاقتصادية تأثراً بعد أحداث ثورة 25 يناير؟ - قطاع التشييد والبناء كان من أكثر القطاعات تأثراً عقب الثورة، ويليه قطاعا السياحة والصناعة، مما أدي إلي ارتفاع نسبة البطالة نتيجة تأثر مثل هذه الصناعات كثيفة العمالة. ما أسباب ارتفاع معدلات التضخم خلال السنوات الأخيرة؟ - معدلات التضخم تدور خلال السنوات الخمس الأخيرة حول نسبة 10%، وهذا يعد رقماً كبيراً، وهذا الارتفاع جاء نتيجة انخفاض دخل المواطن البسيط وتأثر المعروض من السلع والخدمات، وهذا أدي إلي ارتفاع الأسعار خلال الفترة الأخيرة، ولكن اتجاه الحكومة إلي زيادة السلع المدعومة ساهم في انخفاض معدلات التضخم والذي بدا جلياً خلال الشهرين الأخيرين، حيث بدأت معدلات التضخم تنخفض بشكل نسبي خلال الفترة الأخيرة. ماذا عن حجم تحويلات المصريين في الخارج؟ - في عام 2014 بلغ حجم تحويلات المصريين من الخارج 20 مليار دولار، وكان حجمها قبل الثورة ما يقرب من 9 مليارات دولار، وارتفع بعد ذلك إلي 12 مليار دولار، ثم وصل إلي 18 مليار دولار، وأخيراً بلغ 20 مليار دولار خلال 2014، أما نتائج 2015 فلم يتم الانتهاء منها حتي الآن. ماذا عن التعداد السكاني؟ - إنه انفجار سكاني، فقد بلغ عدد المصريين وفقاً لآخر الإحصائيات نحو 90 مليوناً وما يزيد علي 250 ألف مواطن، وبمعدلات النمو الحالية مصر تسير نحو كارثة حقيقية، لأن هناك زيادة طبيعية تعادل 2.2 مليون مواطن سنوياً، وهذا فوق طاقة أي حكومة، فهناك زيادة 2.7 مليون مولود سنوياً مقابل550 ألف حالة وفاة سنوياً خلال 2014 وهذا يعني زيادة تقدر بنحو 2 مليون و150 ألفاً زيادة خلال عام 2014، ولن تقل هذه المعدلات خلال عام 2015. كما نجد أن هناك زيادة في النمو السكاني حوالي مليون نسمة في أقل من الستة أشهر الأخيرة، وتكمن المشكلة في انخفاض معدلات النمو بعد الثورة حيث وصلت إلي 2% خلال السنوات الأربع الأخيرة مقابل نمو سكاني بنحو 2.5%، وهذا نتج عنه تدني مستوي المعيشة في مصر، وتأتي محافظة القاهرة كأكبر المحافظات في النمو السكاني بنسبة 10.6% بنحو 9.5 مليون نسمة، تليها محافظة الجيرة بنحو 7.8 مليون نسمة، ثم الشرقية 6.6 مليون نسمة. ما توقعاتك لتأثير النمو السكاني علي سوق العمل خلال السنوات المقبلة؟ - وفقاً لإحصائيات الجهاز الأخيرة تشير التوقعات إلي نمو في عدد السكان بنحو ما يزيد علي 125 مليون نسمة خلال 2031، بزيادة أكثر من 38 مليون نسمة، ومن ثم سيرتفع حجم قوة العمل من 29 مليون شخص إلي 39 مليوناً خلال 2031، أي بزيادة نحو 10 ملايين شخص. هل تري أن التوعية بوسائل تنظيم الأسرة أثرت في تلك القضية؟ - آخر إحصائيات صادرة عن الجهاز كشفت عن انخفاض معدلات استخدام وسائل تنظيم الأسرة من نحو 60% عام 2008 إلي نحو 58.5% عام 2014، ويعتبر عدم استخدام وسائل الإنجاب أحد الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع معدلات الإنجاب في مصر. ما حقيقة أن مُعدلات هجرة المسيحيين زادت بعد الثورة؟ - ليس حقيقياً، فمعدلات هجرة الأقباط عقب الثورة لم تزدد علي الاطلاق، ونحن لدينا ما يقرب من 600 إلي 700 أسرة مسيحية مهاجرة سنوياً هجرة مقننة شرعية، وبالتالي لم تزدد معدلات الهجرة بعد الثورة، ونفس المعدلات قبل الثورة هي نفس المعدلات بعدها. ما آخر نتائج مسح الجهاز حول أوضاع الريف؟ - وفقاً لنتائج المسح الأخير الذي تم إعداده لرصد البنية التحتية والاقتصادية للريف المصري علي مستوي كل المحافظات خلال عام 2015، فإننا وجدنا ما يقرب من ثلاثة أرباع القري في مصر لا يوجد بها شبكة مجاري عامة، وحوالي 69.8% من إجمالي القري تتطلب صرفاً صحياً، و66.3% من إجمالي القري تحتاج إلي رصف طرق وبناء جسور، و59.4% من القري تحتاج إلي إنشاء مدارس، وحوالي ثلث القري المصرية تحتاج إلي فصول محو أمية ومخابز. معدلات العنف ضد المرأة ارتفعت في السنوات الأخيرة بشكل كبير، كيف رصدتم ذلك؟ - إحصائيات منظمة العالمية كشفت عن انتشار معدلات العنف في العالم، مشيرة إلي وجود ما يقرب من 35% من السيدات يتعرضن للعنف الجسدي في العالم، وفي مصر كشفت الإحصائيات أن واحدة من كل أربع سيدات يتعرضن للعنف الجسدي من الزوج خلال عام 2014، وحوالي 30% من السيدات التي سبق لهن الزواج تعرضن للعنف الجسدي من الزوج، و19% من السيدات اللاتي يتعرضن للعنف يكون من خلال عنف نفسي، وترتفع نسبة العنف في السيدات اللاتي لديهن تدنٍ في مستوي التعليم، كما نجد أن أكثر من نصف السيدات اللاتي سبق لهن الزواج تعرضن للختان خلال العمر من 7 إلي 10 سنوات، ونجد أن حوالي 6 من كل 10 سيدات يعتقدن بضرورة استمرار الختان. ما أبرز الإحصائيات التي تعرضت للمرأة الريفية؟ - وفقا للإحصائيات الأخيرة هناك ما يقرب من 32.2% من الإناث في الريف أُمّيات، أما من حصلن علي شهادة جامعية فيبلغن 3.2% فقط، كما تصل نسبة الختان بين السيدات اللاتي سبق لهن الزواج في الفئة العمرية ما بين 15-49 عاماً ما يقرب من 95.4% ، كما أن متوسط العمر عند الزواج يقرب من 20 عاماً. ما صحة أن مصر الأعلي في معدلات حوادث الطرق؟ - للأسف حقيقي، فقد بلغ عدد حوادث السيارات خلال النصف الأول من عام 2015، وفقاً لآخر إحصائية أعدها الجهاز نحو 6916 حادثاً مما أدي إلي وفاة نحو 2808 أشخاص، و8946 مصاباً، وتلف نحو 9041 سيارة. كيف تأثر حجم التبادل التجاري بين دول جنوب شرق آسيا ومصر خلال السنوات الأخيرة؟ - هناك انخفاض في نسبة صادرات مصر إلي دول جنوب شرق آسيا بنسبة 20.9%، حيث بلغ إجمالي صادرات مصر إلي دول شرق آسيا وفقاً لآخر إحصائيات عام 2014 نحو 24.7 مليار جنيه مقابل نحو 31.2 مليار جنيه عام 2013، بينما نجد هناك زيادة في الواردات من هذه الدول بنحو 32.2%، حيث بلغ إجمالي الواردات عام 2014 نحو 132.2 مليار جنيه مقابل نحو 108.1 مليار جنيه عام 2013.