قرار حظر النقاب فى جامعة القاهرة أولى أزمات العام الجديد تلك هي أولي أزمات العام الجامعي الجديد التي بدأت مع القرار (رقم 1448 لسنة 2015) الذي تم اتخاذه من قبل "الدكتور جابر نصار.. رئيس جامعة القاهرة "بحظر ارتداء عضوات هيئة التدريس النقاب داخل قاعات المحاضرات بشكل نهائي.. ونص في مادته الأولي علي أنه "لا يجوز لعضوات هيئة التدريس والهيئة المعاونة بجميع كليات الجامعة ومعاهدها إلقاء المحاضرات والدروس النظرية والعملية أو حضور المعامل والتدريب العملي وهن منتقبات وذلك حرصا علي التواصل مع الطلاب وحسن أداء العملية التعليمية وللمصلحة العامة". القرار أثار حالة من الجدل ليس في جامعة القاهرة فقط ما بين موافق ورافض للقرار.. بل انتقل الي بقية الجامعات الأخري التي امتنع رؤساء الجامعات الأخري عن إصدار هذا القرار في التوقيت الحالي نظرا للظروف السياسية التي تمر بها مصر حاليا والخوف من أن تستغل بعض التيارات السياسية هذا القرار لإثارة الأزمات مع الدولة وهو ما حدث بالفعل باعتراض حزب النور وبعض التيارات السياسية و"الشيوخ" ومحاولتهم نقله لحالة تقودنا لجدل سياسي جديد. علي الأرض وداخل كليات الجامعة تسبب القرار (رقم 1448 لسنة 2015) في إثارة حالة من الجدل وردود الأفعال المختلفة.. حيث تحايل البعض علي التنفيذ بارتداء كمامات تغطي الوجه بالكامل وتعهد البعض الآخر بخلع النقاب داخل المدرجات فقط والعودة إلي ارتدائه خارج قاعات الدرس والتدريب.. وكان هذا الأمر واضحا في كليات الطب والعلوم والصيدلة والآداب ورياض الأطفال حيث ارتدت بعض عضوات هيئة التدريس النقاب أثناء تواجدهن مع الطلاب داخل قاعات المحاضرات والمعامل والمستشفيات.. المفاجأة أن أكثر الكليات التي شهدت التزاما بالقرار هي كلية دار العلوم حيث خيرت إدارة الكلية نحو 13 من عضوات أعضاء هيئة التدريس ومعاوناتهن بين خلع النقاب داخل قاعة المحاضرات والسكاشن أو الاعتذار عن جميع المهام التدريسية، وتعهدت خمس من أعضاء الهيئة المعاونة بخلع النقاب داخل قاعة المحاضرات بينهن معيدة بقسم الشريعة.. وتضمن التعهد الكتابي إقرارا منهن بعدم ارتداء النقاب داخل الحرم الجامعي وليس داخل قاعات المحاضرات فقط كما نص قرار رئيس الجامعة.. بينما تنتوي بعض عضوات رفع دعاوي قضائية عاجلة أمام القضاء الإداري لإبطال قرار رئيس الجامعة استنادا إلي أحكام القضاء الإداري الصادرة لعدد منهن بتمكينهن من ارتداء النقاب بعد قرار المجلس الأعلي للجامعات بحظره في لجان الامتحانات والمحاضرات عام 2009.. حيث أصدر وقتها المجلس الأعلي للجامعات برئاسة "الدكتور هاني هلال.. وزير التعليم العالي السابق" قرارا بمنع المنتقبات من الطالبات وكذلك من أعضاء هيئة التدريس والموظفات من دخول لجان الامتحان وهو ما نفذته العديد من الجامعات وفي مقدمتها جامعة القاهرة الأمر الذي دفع عدة طالبات منتقبات إلي إقامة دعوي أمام مجلس الدولة ضد وزير التعليم العالي ورئيس الجامعة لوقف قرارها بمنعهن من دخول الامتحانات ما لم يخلعن النقاب.. وبالفعل حصلت عضوات هيئات التدريس علي حكم قضائي بتمكينهن من ارتداء النقاب من محكمة جنح المعادي بحبس وعزل رئيس جامعة القاهرة السابق الدكتور حسام كامل يوم 27 ديسمبر 2010 لمدة 3 شهور بدعوي امتناعه عن تنفيذ حكم القضاء الإداري الصادر لصالح المنتقبات.. لكن كل الأحكام القضائية المرتبطة بنقاب عضوات هيئة التدريس المتلاحقة تمت إحالتها قبل ذلك إلي دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا بعد صدور أحكام متناقضة من محاكم القضاء الإداري حول دعاوي طالبات وعضوات هيئة تدريس المنقبات. وفي هذا الإطار أكد بيان منسوب لما أطلق عليه "رابطة عضوات هيئة التدريس المنتقبات بجميع الجامعات المصرية"، أن هناك (77) من عضوات هيئات التدريس المنتقبات بجامعة القاهرة قررن اتخاذهن إجراءات رفع دعاوي قضائية عاجلة أمام محكمة القضاء الإداري لإبطال قرار الدكتور جابر نصار رئيس الجامعة بمنعهن من ارتداء نقابهن داخل قاعات المحاضرات والمعامل.. وطعن البيان المنسوب للمنتقبات في دستورية قرار رئيس الجامعة مؤكدات تعارضه مع 8 نصوص دستورية هي المواد: "2 و8 و11 و14 و53 و64 و92 و99".. وأشرن في بيانهن إلي أن المادة 2 تنص علي أن الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع بينما تنص المادة 8 علي تكافؤ الفرص وعدم التمييز بين المواطنين، وتنص المادة 11 بحسب قولهن علي مساواة المرأة والرجل في الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتزيد المادة 14 علي أن الوظائف العامة حق للمواطنين علي أساس الكفاءة ودون محاباة أو وساطة بينما تنص المادة 53 علي أن المواطنين لدي القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوي الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو الجغرافي أو لأي سبب آخر.. واستشهدت المنتقبات بالمادة 64 التي تنص علي أن حرية الاعتقاد مطلقة وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية حق ينظمه القانون وتأكيد المادة 92 أن الحقوق والحريات اللصيقة بالمواطن لا تقبل تعطيلا أو انتقاصا ولا يجوز لأي قانون ينظم الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها وتنص المادة 99 من الدستور علي أن كل اعتداء علي الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور جريمة لا تسقط الدعوي الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم. ويقول الدكتور أحمد مهران، أستاذ القانون ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، المحامي الذي يتولي رفع الدعوي إن قرار رئيس الجامعة "غير دستوري ومخالف للقانون ومعيب لا يتفق مع دولة القانون ولا مع الحقوق والحريات ويشكل تمييزاً عنصرياً بمخالفته للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.. واللبس حرية شخصية ولا يجوز لأحد أن يقيد هذه الحرية تحت أي مسمي وأن الأمن القومي المصري لا يهدده النقاب بأي صورة من الصور. الدكتور جابر نصار، سألناه عن سر توقيت القرار وأن البعض يري فيه قرارا مسيسا ويثير أزمة حساسة في توقيت حرج مع اعتراض بعض التيارات السياسية عليه؟!، فقال لنا، القرار لا يستهدف تقييد حرية ارتداء النقاب ولا يعني حرمان المنقبات من دخول الجامعة سواء كن أعضاء تدريس أو طالبات لكنه يستهدف ركنا أساسيا يلزم تحققه في المحاضرات العلمية وهو التواصل بين الطالب وعضو هيئة التدريس ولا يمكن حدوث هذا التواصل بشكل سليم في حالة ارتداء عضو هيئة التدريس النقاب أثناء المحاضرات وقاعات البحث والدروس العملية.. والقرار ليس عشوائيا فالقرارات داخل جامعة القاهرة يتم اتخاذها علي قاعدة تعليمية محضة كما أنه لا يخالف الدين لأن الجامعة لم تناقش النقاب من منظور فقهي ولم تمنعه في المطلق ولكن تم المنع في إطار جغرافي وزمني محدد وهو المحاضرة وذلك لصالح جودة التعليم.. وهناك تقارير وصلت لإدارة الجامعة تتحدث عن أن هناك صعوبة تواصل في الدراسة بين الطلاب وبين عضوات هيئة التدريس المنتقبات لا سيما في المواد التي تحتاج إلي تواصل بين عضو هيئة التدريس والطلبة مثل تدريس اللغات الذي يقتضي التعبير بمخارج حروف معينة وتعابير الوجه.. ويمكن لعضو هيئة التدريس خلع النقاب داخل قاعات الدرس فقط أو الاعتذار عن جداول محاضراتهن حرصا علي تحقيق المستهدف من العملية التعليمية.. والقضاء سيكون الفيصل في هذا الموضوع وأن كل النصوص الدستورية التي ذكرت سلفا لم تمسها الجامعة لأن القرار لا يقيد حق ارتداء النقاب ولا يمنع عضوات التدريس من ارتداء النقاب داخل حرم الجامعة بل يمنعهن فقط من ارتدائه أثناء محاضرة الطلاب في المقررات التي تلزم تواصلا مباشرا بين المحاضر والطالب. من جانبهم امتنع رؤساء الجامعات عن اتخاذ قرار مماثل لقرار رئيس جامعة القاهرة .. مستندين إلي اعتبار أن هذا الأمر لم يتم مناقشته في اجتماعات المجلس الأعلي للجامعات أو اتخذ به قرار.. كما أنه ليس هناك قانون ملزم لهم بذلك. يقول"الدكتور عبدالحكيم عبدالخالق رئيس جامعة طنطا": إنه لا جديد في موضوع ارتداء النقاب داخل الجامعة.. ولكن علي جميع المنتقبات الالتزام بتعليمات الأمن الإداري..و لم تحدث أي مشكلة في أي مدرج أو داخل المباني الإدارية بسبب النقاب.. طالما هناك التزام باللوائح والقوانين التي تنظم العمل بالجامعات. ويؤكد "الدكتور رمضان طنطاوي.. رئيس جامعة دمياط": إن الطالبات المنتقبات، أو عضوات هيئة التدريس ممن يرتدين النقاب لا عائق من دخولهن كليات الجامعة ولن نمنعهن طالما لم يقمن بإثارة المشاكل أو الاشتراك في المظاهرات أو الخروج عن الأعراف والتقاليد المتبعة داخل حرم الكليات..ومن يثبت خروجه علي نظام الجامعة أو مشاركته في التظاهر أو التحريض علي التظاهر سيتم محاسبته فورا.. ويشير"الدكتور عبدالحكيم نور الدين..نائب رئيس جامعة الزقازيق لشئون التعليم والطلاب والقائم بأعمال رئيس الجامعة" إلي أن قرار منع إلقاء المحاضرات من ارتداء النقاب الصادر من جامعة القاهرة ليس ملزما لغيرها من الجامعات.. طالما أنه لا يوجد قانون أو تشريع يمنع المنتقبات من ممارسة عملهن بزيهن الذي اخترنه بمحض إرادتهن الحرة فلا يمكن لجامعة الزقازيق أن تصدر مثل هذا القرار.. والمعيار الوحيد الذي لا يقبل أي نقاش و يطبق فورا هو الالتزام بالقانون والقيم والسلوك الجامعي وعدم التجاوز من الجميع. أحد القيادات بالمجلس الأعلي للجامعات - الذي فضل عدم الإفصاح عن اسمه - قال لنا عندما سألناه عن هذا الموضوع: أليس من الأفضل مناقشة بنود مسودة قانون الجامعات الجديد بدلا من افتعال مشاكل وهمية تشتت جهود أعضاء هيئة التدريس لتحسين المستوي التعليمي بجامعاتهم؟!.. أليس من الأفضل احتواء المشكلة داخل كل كلية بالتواصل مع كل عضو هيئة تدريس منتقبة تمت الشكوي منها والتشاور معها لإيجاد حلول؟!. يقول "الدكتور هاني الحسيني..عضو حركة 9 مارس من أجل استقلال الجامعات": لست ضد المبدأ ومقتنع أن النقاب عائق فعلي للتعليم وأن الطلاب لن يكونوا مستريحين تعليميا مع الدكتورة المنتقبة.. لكن في نفس الوقت أنا ضد قرارات المنع وأن مثل هذه الأمور الحل لها هو الإقناع والضغط الاجتماعي لأن الموضوع اجتماعيا معقد ويحتاج للإقناع والتعقل.