يبدو أن بعض المشروبات والأغذية التي تغرق السوق المصرية وبخاصة في المناطق الشعبية، لن تكون بحاجة إلي نطق «البسملة» قبل تناولها، إذ يكفي أن تقرأ الفاتحة علي روحك مقدماً، وذلك ببساطة لأنها تحتوي علي مواد ضارة وخطيرة تصيب بأمراض مزمنة أبرزها السرطان وأمراض الكلي والكبد والألزهايمر. «آخرساعة» حاولت تقديم قائمة للمستهلك المصري «الغلبان» للتعريف بهذه الأغذية المحظورة ومنها العصائر المصنوعة من البودرة المركزة ومشروبات الطاقة والأطعمة «الدايت» ومكعبات مرق الدجاج، التي حذرت تقارير طبية عالمية من خطورتها علي الصحة ورغم ذلك نجدها متوافرة في مطبخ كل ربة بيت تقريباً في مصر. 25جراما من مستخلص الفاكهة يكفي لصناعة برميل عصير مرق الدجاج مصنوع من «الأحشاء المجففة».. ومشروبات الدايت سم مُركز ثقافة المستهلك المصري الذي نادراً ما يدير عبوّة المنتج الذي يهم بشرائه ليقرأ محتوي المكونات التي يتكون منها، دفعت مُصنعي بعض المنتجات الغذائية الأخري لتمرير تحذيراتٍ من هذا النوع لما تحويه منتجاتهم من مواد ومضافات صناعية لا تناسب بعض الفئات. الكارثة الأكبر في انتشار كثير من المنتجات التي تحوي مواد تم حظرها عالمياً، وتغزو الأسواق المصرية دون إشارة لخطورتها. قد تبدو قائمة أغذية «الموت» صادمةٌ لتوغلها في أغلب بيوت المصريين، لتدرك فداحة الأمر ليس عليك إلا الاطلاع علي التقارير والدراسات التي تصدر عن منظماتٍ وجهات بحثية عالمية محذرة من منتجاتٍ اعتدنا استهلاكها دون أن نعرف حقيقة مكوناتها. غير المنتجات التي تُصنّع في مصانع «بير السلم» دون أدني مراعاة لاشتراطات الجودة والسلامة. وتكمن خطورة عصائر البودرة المركزة في كونها مصنعة من مركبات صناعية ومركزات محلاة بمحلول سكري ومكثفة بأشعة الميكروويف، إلا أن خطورتها الحقيقية في احتوائها علي مادة «الفينيل الأنين يوريا» التي تعد من المسببات الأساسية للخلل الجيني وتشوه الأجنة أثناء فترة الحمل، كما ينتج عنها مجموعة من الآثار الفسيولوجية لدي الأطفال مثل فرط النشاط الزائد ومشكلات الانتباه والاستجابة وصعوبات التعلم بحسب ما أشار الخبراء. جولةٌ واحدةٌ في أسواق المنتجات الغذائية الشعبية تكفي لتدرك حجم المأساة، نبدأ بأزقة منطقة العتبة حيث يتراص الباعة الجائلون ومحال البقالة التي تبيع أنواعا مختلفة من عصائر البودرة المركزة، التي يتهافت عليها المستهلكون لرخص أسعارها، حيث يتراوح سعر الكيلو بين 10 و12 جنيها. «العصير دا كويس مش زي السايب» يبادرنا أحد الباعة مشيراً إلي أن أصحاب محال العطارة بدأوا مؤخراً بمنافستهم في هذا المنتج بإنتاج عصير بودرة خام يصنعونه لديهم عن طريق خلط مواد صناعية تباع لدي محال العطور. نلتقط المعلومة بدهشة وننطلق صوب أحد هذه المحال الواقعة بمنطقة العطارين، يخبرنا صاحب المحل أنه يبيع ألوان ومكسبات رائحة ومستخلصات صناعية لنكهات جميع الفواكه إلي مُصنعي العصير السائل والبودرة التي تعد بتجفيف المحلول النهائي، يتابع: الخلطة سهلة للغاية وجميع المُصنعين يتبعونها، 25 جراما من مستخلص الفاكهة يكفي لعمل برميل كامل من العصير بإضافة كيلو سكر مع ملعقة لون صناعي وملعقة ملح ليمون. وفي محال العطارة تري المنتج النهائي لخام العصير البودرة الذي يصنع بطريقة عشوائية تفتقر لأدني اشتراطات السلامة. يفخر عبدالله سلامة صاحب المحل بأن لديه تشكيلة كاملة من جميع العصائر وهو يصف مدي إقبال الجمهور علي «العصير السايب» الذي يعترف بأنه يصنع لديه، ويبرر سلامة ارتفاع سعر الخام الذي يبيعه إلي 16 جنيها لأنه يتبع وصفةً خاصة في إعداده تختلف عن باقي العطارين. يتابع: الناس يقبلون علي عصائر البودرة لأن جميع الفواكه موجودة علي مدار العام، غير المشروبات الرمضانية مثل التمر هندي والعرق سوس الذي نبيعه أيضاً. لا تقتصر قائمة المنتجات القاتلة علي عصائر البودرة فقط بل تمتد إلي منتجاتٍ بدأت تظهر في السوق مؤخراً وحظيت برواجٍ كبير بين المستهلكين الذين لا يدركون خطورتها، مثل «الفنكوش السوري» الذي يعد من قبل بعض السوريين المقيمين بمدينة 6 أكتوبر، ويباع في محال العطارة كما يخبرني صاحب أحد هذه المحال ويعد الفنكوش نوعاً من المقرمشات عبارة عن حلقات صغيرة تشبه حبّات المكرونة يتضخم حجمه بشكلٍ كبير بتسويته في زيت القلي، الكارثة أن محال العطارة تبيع معه مجموعة من النكهات الصناعية بجميع الطعوم التي تضاف إليه أثناء القلي، مثل طعم الدجاج والجبنة والشطة والليمون، وتكمن خطورته كما يشير الخبراء في كونه مادة مالئة تتشبع بالزيوت وتزيد المواد المنكهة التي تضاف إليه من احتمالية الإصابة بالأورام السرطانية. تمتدُ القائمة لتشمل منتجات تعتمد عليها ربة المنزل بشكلٍ أساسي مثل مكعبات مرق الدجاج. حيث أصدرت منظمة الصحة العالمية تحذيراً يتضمن منع استخدامها في طعام الأطفال الأقل من ثلاث سنوات، لما لها من تأثيرات سلبية علي نمو الخلايا العصبية لدي الأطفال، ورغم ذلك مازالت تتداول بكثافة في الأسواق المصرية. وتمتد خطورة المنكهات التي تحتوي عليها مرق الدجاج إلي الشوربة والشعرية سريعة التحضير. ووفقا لدراسة أجراها البروفيسور «جون أولني» الباحث بجامعة واشنطن، يعد عنصر الجلوتامات أحادي الصوديوم (MSG) المكوّن الرئيسي الذي يدخل في مرق الدجاج والشوربة سريعة التحضير، وهو من أبرز الأحماض الأمينية التي تستخدم كمنكهات لتعطي طعم الدجاج، ومن أخطر المواد التي قد تسبب التلف الدماغي وبعض الأمراض العصبية مثل الألزهايمر. «غير مسموح للنساء الحوامل والأمهات المرضعات والمسنين، ومن يقل عمره عن 18 عاماً، ومن يعاني من أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين وداء السكري، والرياضيين أثناء وبعد ممارسة الرياضة».تحذيرٌ مفزعٌ تظنه للوهلة الأولي خاص بأحد الأدوية الطبية ذات الأعراض الجانبية الخطيرة، لكنك ستفاجأ حين تجده ببساطة علي ظهر عبوّات «مشروبات الطاقة» التي تلقي رواجاً هائلاً بين الشباب، ووفقاً لدراسة أجراها فريقٌ بحثي بجمعية أمراض القلب الأمريكية، وُجد أن المشروبات التي تعمل علي إعادة تمثيل الطاقة في الجسم باحتوائها علي تركيزات عالية جداً من الكافيين يمكن أن تكون سبباً مباشراً لحدوث السكتة القلبية المفاجِئة. ويشير الدكتور جميل سيد إبراهيم باحث بقسم كيمياء مكسبات الطعم بالمركز القومي للبحوث إلي أن هناك منتجات لا حصر لها تحوي في تركيبها ألوانا صناعية منعت عالمياً في كثير من دول الاتحاد الأوروبي، حيث حظرت وكالة المعايير الغذائية البريطانية استخدام هذه الألوان التي تنقسم إلي ستة ألوان صناعية تستخدم كمضافات لجميع المنتجات الغذائية وبخاصة حلوي الأطفال، منها صبغة «التارتازين» ولون «أصفر غروب الشمس»، كما أصدرت الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية عدة تقارير لدراسات أجريت عن أخطار الألوان الصناعية التي تم حظرها، لأن بها درجة من السمية تحفز الطفرات الجينية بخلايا الجسم وتؤدي إلي إتلاف الحمض النووي للخلايا ما يزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان. و كل هذه المواد للأسف مصرح بها ولكنها بعد اجراء الدراسات عليها أثبتت خطورتها سواء علي المدي البعيد أو بتأثير مباشر ومع العلم انه يتم استبدالها في الدول الأوروبية بمواد طبيعية إلا أننا حتي الآن نستخدمها لرخص سعرها بالمقارنة بالمواد الطبيعية. ويوضح أن هذه الألوان الصناعية مازالت تستخدم في الصناعات الغذائية المصرية، لأن آخر منشور صدر لمواصفات الغذاء وضع عام 2005 أي منذ عشر سنوات تقريباً ولم يتم تحديثه بآخر نتائج الأبحاث العالمية التي توضح خطورة هذه المواد. ويشير إلي أن البدائل الطبيعية لا تستطيع أن تعادل البدائل الصناعية في الكفاءة وعلي سبيل المثال يضاف علي حلوي الجيلي والمصاصات وحلوي الأطفال الأخري التي تحتوي علي ألوان صناعية غير مستخرجة من مواد طبيعية لأن هناك صبغات ليس لها أصل طبيعي مثل اللون الأزرق والأبيض، وأخطر لون يمكن أن يسبب خطرا علي صحة الإنسان هو الأبيض وأي مادة مبيضة تعد خطيرة نظراً لاحتوائها علي مادة ثاني أكسيد التيتانيوم وهي الموجودة في الحلوي البيضاء والتي تستخدم في تبييض بطاطس الشيبسي وفي المخبوزات وصناعة الحلوي فأي مادة تتعرض لتدهور اللون يتم تبييضها تعد مضرة والخطورة هنا أنها لا يتم اكتشاف وجودها في التحليل فلا يمكن معرفة استخدامها أم لا، وأيضاً مادة ثاني أكسيد الكبريت التي تستخدم في صناعة اللحوم. ونجد أن المواد المضافة للأغذية يرمز لها أحياناً ب (E) وبجانب رقم مثلاً E100 وحرف ال (E)يدل علي إجازة المادة المضافة من جميع دول الاتحاد الأوروبي لسلامتها، وإضافتها بالتركيز المتفق عليه لا يحدث أي آثار سلبية، ويمثل هذا التركيز ما يتناوله الفرد يومياً طوال حياته دون إضرار بصحته، أما الرقم فيدل علي نوع المادة المضافة. ومن ضمن هذه المواد أيضاً المادة التي تنتج أثناء صناعة البطاطس المقرمشة وهي مادة الأكريلاميد هي مركب كيميائي سام يتكون في مجموعة كبيرة من الأطعمة عند طهيها، وهي موجودة في تيل الفرامل ومعيار الجودة ان يستخدم المصنع مواد ليمنع تكون هذه المادة أثناء عملية الطهي ولكن لضعف الرقابة علي المصانع فلا يتم الاهتمام بإزالة هذه المادة، وخطورة هذه المادة في إنها تسبب تشوها للأجنة. ومن ضمن المواد الصناعية التي تسبب خطورة أيضاً منكهات الطعم للفراخ واللحوم مثل التي توضع في مرق الدجاج أو اللحم أو في الشعرية، فهي عبارة عن أحشاء الدجاج يتم تجفيفها ويوضع عليها مادة «جلوتيامت الصوديوم» وبزيادة المادة تصبح منكهة للحم وهذه المادة تستخرج من طحالب يابانية تسمي «لاميناريا جابونيكا» وهذه المادة هي المسبب الرئيسي للطفرات الجينية ولكن هذه المادة لا يمكن منعها لأن الصانع يقول استخدمها بنسبة واحد من مائة في المائة ولكن الضرر في الاستخدام التراكمي مع مرور الوقت تصبح النسبة 10% وهكذا مع العلم أن هذه المادة يتم منعها في الاتحاد الأوروبي إلا أننا نستوردها. وبالنسبة لمشروبات الطاقة فكم شخصا يعلم التحذير الذي يوضع علي العبوة أن هذا المشروب من يتناوله لابد أن يكون فوق سن 18 سنة» ومعظم متناولي مشروبات الطاقة من طلاب الثانوية العامة أي تحت السن بالإضافة لأخطارها علي القلب وعلي الحمل والرضاعة، لأن فكرة مشروبات الطاقة في إعادة تمثيل المواد الكربوهيدراتية في جسم الإنسان والمادة الفعالة هي «فيتامين ب2» لذا فإن تناولها يكون للأعمال الليلية ويجب ألا يتم تناولها مع بذل مجهود عال وإلا سيؤدي إلي تدمير الخلايا. ولا تنحصر المواد الصناعية في هذه المواد فقط ولكن في العصائر التي يظن البعض أنها أكثر أماناً خاصة المشروبات المذابة في الماء، وهي تصنع من العصائر الشفافة وتستخرج من مركبات صناعية ومركزات محلاة بمحلول سكري ويتم إعادة تدويرها لاستخراج سائل شفاف مثل الماء، يتم تكثيفه تحت إشعاع الميكروويف ويوضع عليها منكه اللون والطعم وبيعه في صورة مركزات للعصائر، وهو عصير غير طبيعي فهو مادة مركزة التحضير من مادة صناعية. ويصف الماكولات والمشروبات المخصصة للدايت بمأكولات السم ويقول كأننا نشتري السم بأيدينا لأن تأثيرها سريع فبدلاً من أن أضع ثلاث ملاعق سكر أضع كبسولا والخطر في ذلك مادة الأسبرتام التي تحويها هذه المنتجات المحلاة فالأسبرتام مادة خطيرة أثبتت الدراسات أضرارها لأنها تسبب الأورام السرطانية. ويوصي الدكتور جميل بتشكيل لجنة من وزارة الصحة والتجارة والزراعة لوضع مواصفات جديدة ولتشديد الرقابة علي الصناعة وعلي التطبيق لأن حد الرقابة في مصر يقف عند الصناعة ويتجاهل الرقابة علي السوق والحفظ خاصة أنه في مصر لا توجد أجهزة تحليل لكشف وجود المواد الحافظة أو مواد صناعية معينة. ويقول الدكتور محمد سيد مسعود أستاذ تغذية الإنسان بمركز البحوث الزراعية: معظم الأغذية المصنعة الأكثر مبيعاً في العالم يضاف إليها المواد الحافظة وإضافات أخري، ويوجد حوالي 3000 نوع من المواد التي تضاف إلي المواد الغذائية، وهناك حوالي 2000 نوع منها إضافات صناعية بعضها يوجد كملون أو نكهة للطعم، بغرض سهولة إعداد الطعام ولزيادة مدة الصلاحية، وهذه المواد حتي وإن وجدت بكميات صغيرة فهي ضارة وهي بمثابة سموم، ولكن الجسم لا يقدر علي إخراجها في الحال، كما إنها تتراكم مع ملوثات أخري في خلايا الجسم. أما عن أضرار منكهات الطعم «مونو صوديوم جلوتوميت» التي تضاف إلي مرق الدجاج، وكذلك «الافترتان» وهو محلي صناعي يضاف إلي المياه الغازية والعصائر فأوضح أن هناك عددا غير قليل من العلماء مقتنع أن هذه المركبات تلعب دورا كبيرا في إصابة الإنسان بخلل في الجهاز العصبي فتسبب الإصابة بالألزهايمر والشلل الرعاش وصعوبة التعلم عند الأطفال. ويمكن أن تسبب الحساسية، والصداع النصفي، وزيادة ضربات القلب، والقلق والتوتر والإسهال وإضطرابات النوم. من جانبه يقول السيد حماد أخصائي التغذية العلاجية بالمعهد القومي للتغذية إن المواد التي تدخل في الأطعمة وخاصة المواد التي تحتوي علي صبغات ملونة مع كثرة استخدامها تصيب الإنسان بأورام سرطانية، كما أنها تؤثر علي كفاءة الجهاز المناعي، كما تؤثر علي وظائف الكلي. موضحاً أن هناك أطعمة تحتوي علي مواد ضارة كالإندومي التي تحتوي علي منكهات طعم تتسبب في تلف خلايا المخ وتسبب أوراما سرطانية، وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم. ويقول مجدي نزيه أستاذ ورئيس وحدة التثقيف الغذائي بالمعهد القومي للتغذية رئيس المؤسسة العلمية للثقافة الغذائية إن معظم المشروبات تحتوي علي إضافات كيميائية، لذلك لابد من تنمية الوعي عند المستهلك، حيث إن معظم المستهلكين يستخدم مثل هذه الأغذية بشكل مفرط دون الانتباه إلي خطورتها علي صحة الإنسان وخاصة النساء الحوامل والأطفال.