سقوط صنعاء في أيدي الحوثيين الشهر الماضي.. ذهبت التحليلات إلي أن مدينة الحُديدة ستكون وجهتهم القادمة.. وبالفعل بدون مقاومة استولي الحوثيون علي المدينة التي تعتبر مقرا للعديد من الألوية العسكرية.. ورغم أنها ذات أغلبية سنية ولا تعتبر بيئة خاصة للحوثيين.. إلا أن السيطرة عليها كان هدفا استراتيجيا للجماعة تضمن لها منفذا علي البحر إضافة إلي أنها تعتبر معبرا مهما في طريق الوصول إلي مضيق باب المندب ذي الأهمية الدولية والذي تعبر منه سنويا ملايين البراميل من الوقود. وتعني سيطرة الحوثيين علي هذه المنطقة، سيطرة إيران بشكل غير مباشر علي هذا الممر الاستراتيجي، مما قد يمثل خطورة علي الأمن القومي المصري خاصة في ظل المساعي المصرية لاستكمال مشروعها الملاحي في قناة السويس الجديدة. التهديد الحوثي الجديد لمصر أثار العديد من التخوفات وهو ما دفع رئيس هيئة قناة السويس الفريق مهاب مميش بالتأكيد علي أن مصر لن تسمح للحوثيين بالسيطرة علي مضيق باب المندب لما له من تأثير علي قناة السويس وحركة الملاحة.. كذلك أشار وزير الخارجية سامح شكري في تصريحات له.. إلي أن القوانين الدولية تكفل حرية الملاحة وبالتالي فإن تهديد الحوثيين في اليمن ليس مباشرا وإنه حال تحول الأمر لتهديد مباشر فمصر لن تتأخر عن ضمان أمنها القومي. فهل أصبح «باب المندب» كلمة السر التي وقعت في يد جماعة الحوثيين المسلحة لتستخدمها في السيطرة علي شريان الحياة في قناة السويس وبالتالي التأثير علي أمن التجارة الدولية بشكل عام والأمن القومي المصري بشكل خاص؟! وبرغم أن الوضع في اليمن يتجه لعقد صفقة بين الحوثيين والسلطة إلا أن الدكتور معتز سلامة رئيس وحدة دراسات الخليج بمركز الأهرام للدراسات السياسية يتخوف من أن بالضعفا أصبح هو الصفة اللصيقة بالدولة اليمنية ويري أن محاولة الاستيلاء علي السلطة تتكرر بنسبة كبيرة ربما من جانب الحوثيين مرة.. وربما من الجماعات المتطرفة والمسلحة الأخري في الجنوب.. وربما من الجماعات الجديدة المنبثقة عن تنظيم القاعدة.. وفي ظل هذه التهديدات التي لاتستطيع الدولة اليمنية بضعفها أن تتصدي لها، تخوف دكتور سلامة من أن يحدث تنسيق واتفاقات بين الجماعات المسلحة هناك وشباب المجاهدين في الصومال الذين هددوا البحر الأحمر بالقرصنة في فترة ما.. لا يمثلون خطورة نفس النقطة ينطلق منها السفير معصوم مرزوق عضو حزب التيار الشيعي لكنه يري أن الحوثيين لايمثلون خطرا علي قناة السويس أو علي سير الملاحة بها مبررا رأيه بأن الحوثيين لا قدرة عسكرية لهم في السيطرة علي باب المندب من الأساس نظرا للسيطرة الدولية التي يحظي بها باب المندب في الوقت الحالي لحمايته من سيطرة جماعات القرصنة الصومالية المنتشرة هناك. ويشير إلي أن الخطر الحقيقي من التحركات الحوثية والتطورات الدراسية في اليمن يكمن في استدعاء القوي الاستعمارية الخارجية للتدخل والسيطرة علي دولة عربية كاليمن. فيما يظل سقوط اليمن في أيدي إحدي جماعاتها المسلحة دون مقاومة تذكر من قوات الجيش وبمباركة بعض الوزراء.. لغزا يحاول كثير من المحللين فك شفرته.. ففي الوقت الذي تسعي فيه بعض دوائر إعلامية للترويج لفكرة أن الشعب اليمني هو من استدعي الحوثيين لحمايته.. وأن الحوثيين ينتشرون بلباسهم العسكري في العاصمة صنعاء بكل مقارها الحكومية وفي الحُديدة أكبر وأهم ميناء تنطلق منه 07% من تجارة اليمن، إنما فقط لتأمين هذه المناطق الحيوية التي لم تعد تلقي تأمينا كافيا من الدولة اليمنية ويؤكدون أن الحوثيين لايريدون السيطرة علي تلك المناطق إنما فقط حمايتها.. وهو مايتفق عليه إلي حد بعيد المحلل السياسي اليمني عبدالله قاسم الشرعي ويري أنه علي دول الخليج أن تساهم في دعم الحكومة الحالية ودعم الحوار الوطني وإيجاد حلول توافقية حتي تصل اليمن إلي بر الأمان ومن ثم تحصل المنطقة الخليجية علي الأمن هي الأخري.. فلابد أن يكون هناك دعم مالي وتوافق آراء بين القوي المتصارعة لا أن تظل اليمن بين ويلات الحرب وبين طريق المبادرات السياسية وسط أجواء ملبدة بالغيوم.. فلاشك أن هناك صراع إيرادات خارجية بين إيرادات إيرانية وإيرادات خليجية أخري.. ولعل النفوذ السعودي في اليمن لايخفي علي أحد بعلي حد قولها.. ويري أن تضاؤل التواصل السعودي في اليمن وانشغالها في مشكلة داعش هو الذي أدي إليه في العاصمة صنعاء وسقوطها وتلاها مدينة الحُديدة ومضيق باب المندب. الأمن القومي المصري وبالعودة لخطر سيطرة الحوثيين علي مضيق باب المندب علي الأمن القومي المصري يقول اللواء محمود خلف الخبير العسكري إن التحكم في المضايق الاستراتيجية سواء برية أو بحرية هو ظاهرة خطيرة حيث إن من يتحكم فيها يستطيع أن يفرض سيطرته علي الجميع مهما كانت إمكاناته محدودة وسلاحه بسيطا.. مضيفا أن غلق أو السيطرة علي مضيق باب المندب، هذا الممر الدولي، إنما يستدعي تدخلا دوليا من كل الدول، لاسيما أنه مجري ملاحي دولي تحكمه قوانين واتفاقيات دولية.