جماعة الحوثيين المسلحة التي اقتحمت العاصمة اليمنية صنعاء قبل أسابيع تسعى حاليا إلى السيطرة على مضيق باب المندب ..ماذا سيحدث لو سيطرت على المضيق الذى يعد البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، إلى جانب كونه منفذا رئيسيا يربط الشرق بالغرب ؟ يجيب على ذلك التساؤل اللواء نصر سالم أستاذ العلوم الاستراتيجة ورئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بالقوات المسلحة،فيقول: لو حدث ذلك - لا قدر الله - سوف يتعرض الأمن القومى العربى كله وليس أمن مصر فقط للخطر ، لأن من المعروف أن إيران والشيعة سيكون لهم تأثير سلبيا على أمن اليمن وكل الدول العربية التى تطل على البحر الأحمر، وبالتالى سيكون لها تأثير على قناة السويس، وإذا حدث ذلك سيؤثر على أمننا القومى، وبالتالى لابد أن نضع ما تفعله هذه الجماعة فى الحسبان. وأكد نصر سالم على ضرورة التنسيق مع الحكومة اليمنية أولاً، لأن الشعب اليمنى يحمل للشعب المصرى كل القيم والمعانى الطييبة والعديد من الذكريات ، ومما يدل على ذلك النصب التذكارى للجندى المجهول فى اليمن أفضل من النصب الموجود فى أى دولة أخرى .ومن هنا نجد أن أى تصرف لا يتمشى مع إرادة الشعب اليمنى ويمس الأمن القومى المصرى يستدعى سرعة التحرك بالتنسيق مع كل دول الجزيرة العربية لأن جماعة الحوثيين إذا سيطرت على المضيق سوف تؤثر على أمن الخليج و أمن مصر. وطالب سالم بالحسم الفورى إذا حاولت إيران أن تؤثر على مصلحة مصر، وأن تنهض دول الخليج بمسئولياتها تجاه باب المندب ،لأنها تعلم جيدا أنها شريكة لنا فى الأمن القومى، فنحن لانطلب تدخلا عسكريا بل نطلب موقفا سياسيا دعما لأى تصرف مصرى تجاه إيران إذا حاولت الضرر بالمصالح المصرية. وأكد سالم أن تأثير إيران على المنطقة قد يكون محدودا على بعض السفن البحرية ، لأننا لاننسي أن قناة السويس ممر ملاحى دولى لكل الدول، كما أن هذه الدول لن توافق على أى ضرر بمصلحة مصر، لأنها مستفيدة من الممر الدولى ، ولكن الخطر الحقيقى هو انتشار المد الشيعى فى المنطقة بأكملها خاصة وأنه بدأ بالعراق ومن المتوقع أن يمتد إلى اليمن ، ولو حدث سوف يؤدى إلى تقسيم اليمن التى فشلت فى تقسيمها أى دولة منذ عام 1990 ، لأن إيران تسعى إلى تفتيت الدول العربية وضرب الإسلام فى مقتل . وأضاف أنه يجب علينا أن نتوقع أن وجود إيران فى باب المندب سيعطيها مميزات معينة لدى مصر مثل الضغط السياسي أو الاستراتيجى لكى نتساهل مع إيران فى قضايا أخرى، وفى المقابل مصر تغض البصر عما تفعله إيران فى جزر الإمارات بالإضافة إلى مطامعها فى باب المندب. وأشار سالم إلى أن ما يطمئن مصر الآن أن تصرفات الدول العظمى ليس من السهل أن تأخذ قرارا منفصلا ، ولكن القرارات محكومة بالقوى العالمية وبمصالحها فى المنطقة، وبالتالى ستدافع عن باب المندب من أجل الدفاع عن مصالحها أولاً . ويرى اللواء يسرى قنديل الخبير الاستراتيجى وقائد القوات البحرية الأسبق أن جماعة الحوثيين بدأت تتكشف أمام العالم ويتضح معها أبعاد الدعم الايراني لها، من خلال السعى الحوثى الحالى للسيطرة على العديد من المناطق اليمنية الحيوية والتى تجاوزت العاصمة صنعاء إلى مناطق نفوذ محلية وإقليمية ودولية وفي مقدمتها مضيق باب المندب ، الذى يعد البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، بغرض التحكم بهذا المضيق الإستراتيجى، الذي يعد المنفذ البحرى الرئيسى بين الشرق والغرب. وأشار إلى إن منطقة اليمن مهمة جدا جغرافيا وسياسيا بالنسبة لمصر أكثر بكثير مما يحدث فى سوريا والعراق ، وأن خطر الحوثيين فى اليمن يهدد مصر بشكل مباشر أكبر مما تسببه داعش فى ترتيب التهديدات المباشرة للأمن القومى المصري. ونوه قنديل إلى أن اليمن تتحكم فى خليج عدن وفى مضيق باب المندب وأى تهديد هناك هو تهديد مباشر لسلامة الملاحة فى قناة السويس. ولا يشمل هذا التهديد ما يحدث فى اليمن فقط وإنما أعمال القرصنة على الشواطيء الصومالية مما يستوجب أن تكون ضمن أولويات التخطيط الاستراتيجى لدى سلاح البحرية المصري. وفى ضوء ذلك طالب قنديل بضرورة تحرك كل الدول العربية من أجل التصدى للحوثيين لأن خليج باب المندب هو المتحكم فى حرية وسلامة الملاحه فى البحر الأحمر، وهو المنفذ الرئيسى لمرور البترول لدول الخليج وأوروبا والولايات المتحدة، وقال :نحن نعتبر أن أمن الخليج العربى وخليج عدنوالبحر الأحمر والبحر المتوسط وحدة واحدة أى لو وقع أى شئ فى جنوبالبحر الأحمر فإنه يؤثر على الملاحة فى قناة السويس، وبالتالى فإن وجود الحوثيين فى هذه المنطقة سيؤثر على سيطرة الدول العربية على البحار. وأوضح قنديل أنه لو سيطرت جماعة مناصرة لإيران على اليمن وأحكمت جماعة الحوثيين سيطرتها على مضيق باب المندب يترتب على ذلك تحكم إيران فى المضايق الأساسية فى المياه الإقليمية مما يؤثر على مستقبل نقل الطاقة وتصبح الأمور فى ورطة عالمية كبرى قد تشعل المنطقة برمتها، وهذا الإحكام على المضايق من هرمز إلى باب المندب سيؤدى بالضرورة إلى مواجهة بحرية بين إيران والأسطول الأمريكى المتمركز فى البحرين فى منطقة الخليج . أما إذا حدث ذلك عند باب المندب فسيؤدى إلى مواجهة بين اسرائيل وإيران وبين مصر وإيران .وأعاد قنديل للأذهان كيف كان إغلاق باب المندب من قبل البحرية المصرية أيام عبدالناصر سببا أساسيا فى إشعال الحرب. من هنا ندرك أن ما يحدث فى اليمن هو الخطر المباشر بالنسبة لأولويات الأمن القومى المصرى.وأضاف : نحن كعرب دائماً نصر على أن البحر الأحمر سيبقى دائماً بحيرة عربية ،ولكن بدخول إيران على الخط ووجود الأساطيل الغربية بدعوى ردع إيران ، وحالة الوهن البحرى العربى تجعل فكرة أن البحر الأحمر بحيرة عربية محل شك كبير .وأشار قنديل إلى أنه يجب أن تساند الدول العربية اليمن فى حل المشكلة عن طريق التفاوض مع إيران لكى توقف دعمها لحركة عبدالملك الحوثي قبل فوات الآوان ،وأن تتضافر كل الدول مع بعضها حتى لا نترك اليمن فريسة لهذه الجماعة التى تعد تهديدا للأمن القومى العربى الذى سيؤثر أيضا على أمن مصر.