أثارت الأعمال الدرامية التاريخية حالة من الجدل في الشارع المصري، لم تكن حول جودة هذه الأعمال من عدمها، بل بسبب الكم الهائل من الأخطاء التاريخية التي شوهت حقائق الفترات التي تناولتها المسلسلات، فتحول العمل الدرامي إلي ساحة تنتصر لشخصية تاريخية علي حساب أخري، هو ما يستشعره المرء من متابعة مسلسل «سرايا عابدين» والذي يعطي صورة أخري لعصر الخديو إسماعيل، بعدما اكتشف الجميع أن المسلسل يستدعي تجربة المسلسل التركي الناجح «القرن العظيم» المعروف عربياً باسم «حريم السلطان». الجدل حول المسلسل دفع «آخر ساعة» للقاء الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس، لتفنيد الأخطاء التي وقع فيها صناع «سرايا عابدين»، الذي أكد أن العمل به الكثير من الأخطاء والأوهام والتشويهات التاريخية، بسبب عدم وجود مراجعة جهة تاريخية علمية معتمدة، لأنهما من إنتاج فضائيات خاصة، مضيفاً: «الخطورة الحقيقية أن هناك نسبة أمية مرتفعة في مصر لذلك يعتمد الكثيرون علي الأعمال الدرامية التاريخية كمصدر لمعلوماتهم التاريخية، ومن هنا تنتج الأزمة». وطالب شقرة بضرورة التفريق بين الدراما العادية والدراما التاريخية والكتابة التاريخية. وأشار شقرة إلي أن مسلسل «سرايا عابدين» يعد من المسلسلات التي تعج بالأخطاء التاريخية التي تتجني علي الحقيقة، فمثلا بدأت أحداث المسلسل بالحديث عن بناء قصر عابدين سنة 1860 في حين لم يتم الانتهاء من عمليات البناء فيه إلا في سنة 1872 ولم يصبح مقراً للحكم إلا في سنة 1874م، والمفاجأة الكبري أن إسماعيل لم يتول الحكم إلا في سنة 1863 ولا وجه للحديث عن خيال المؤلف هنا، فتلك حقائق تاريخية تشكل الإطار الحاكم للعمل الدرامي لا يمكن التغاضي عنها أو تجاهلها. أعتقد - والحديث لشقرة - أن السبب الرئيسي في أخطاء مسلسل «سرايا عابدين» هو استيحاء فكرته من مسلسل «حريم السلطان- القرن العظيم» التركي، الذي ركز علي الصراع داخل الحرملك علي ولاية العرش في عصر السلطان سليمان القانوني، لذلك جاء «سرايا عابدين» محاولة ساذجة لنقل نفس التجربة داخل قصر عابدين في الخديو إسماعيل، واختلاق الصراع علي ولاية العرش بصورة غير حقيقية ولا تعبر عن حقيقة ما جري.. ووصل التسطيح مداه في مسلسل «سرايا عابدين» بالحديث عن أن سعيد باشا تنازل عن حقوق امتياز حفر قناة السويس للفرنسي ديلسبس مقابل طبقين من المكرونة، وهو ما أكد شقرة علي أنه محض افتراء واختصار مخل لحقائق العصر الذي عاش فيه سعيد باشا الذي لم يكن بالسذاجة التي أظهره بها المسلسل.