في خطوة غير مسبوقة.. قام أكراد العراق بسحب وزرائهم من حكومة نوري المالكي، ولم يكتفوا بذلك فقط.. بل قرروا أن يعقدوا اتفاقيات للنفط لتصديره لحساب كردستان للخارج، والحصول علي العملة الصعبة بعيدا عن الحكومة المركزية في بغداد! وفي المقابل أدان المالكي تصرفات مسئولي كردستان التي اعتبرها استغلالا للأوضاع في العراق.. واعتبر أن أربيل عاصمة كردستان.. أصبحت ملجأ آمنا لكل من: أعضاء حزب «البعث» المنحل و«القاعدة» و.. «داعش».. ولدعاة إقامة الدولة الكردية التي ستشكل خطرا كبيرا علي المنطقة.. ولم يكن تحذير القيادة المصرية علي لسان الرئيس عبدالفتاح السيسي.. إلا تعبيرا عن واقع ما يحدث من الأكراد في العراق.. ومن أن إقامة دولة كردية هناك.. سيكون «كارثة». والأوضاع.. كما يرصدها رجائي فايد.. الخبير في الشئون الكردية.. ليست بعيدة عما يحدث علي الأرض.. فكردستان العراقية جزء من دولة العراق الاتحادية.. وبنص الدستور.. تماما مثل باقي الأقاليم، وبها كل الوزارات التي تدير الإقليم، عدا الوزارات السيادية، ولكن ما حدث خلال الشهور القليلة الماضية، وللظروف التي تمر بها العراق، لم يستلم موظفو الإقليم مستحقاتهم المالية من الحكومة المركزية في بغداد، وهو ما دعا المسئولين هناك إلي اللجوء لإبرام عقود للنفط مع الخارج، من الإقليم الذي يعوم علي بحيرة من النفط، وذلك بعيدا عن بغداد، والتي كانت تسدد للإقليم 17% من الميزانية للدولة، طبقا لاتفاقية النفط مقابل الغذاء التي أقرتها الأممالمتحدة، وهي النسبة محل الخلاف بين الجانبين.. ويضاف لذلك.. المشكلة المعلقة حول المناطق المتنازع عليها مع الحكومة والحلم الذي يسكن كل كردي، وهو تجميع المجزأ، وإقامة دولة كردستان الكبري في العراقوتركياوإيرانوسوريا.. وهو حلم أهل كردستان التي تعد من أكثر المناطق العراقية أمنا، وتقدما، وتفرض سلطاتها العديد من إجراءات التأمين للقادمين إليها، ولكن هذا الحلم اصطدم منذ زمن بصدام ونظامه، ومازالت ذكريات قصف المناطق الكردية بالكيماوي، ماثلة في أذهان أكراد العراق.. واصطدم كذلك، بنظرات شك من وجود تعاون مع إسرائيل، وإن كان غير معلن، حيث لا توجد كما يقول «رجائي فايد».. أي اتفاقيات أو علاقات معلنة بين إسرائيل وكردستان. إلا أن تركيا التي كانت أكبر عقبة أمام دولة كردية، صرحت علي لسان بعض مسئوليها، بأنها لا تمانع في إقامة هذه الدولة، كي تكون حاجزا بينها وبين دولة «داعش» المزعومة في العراق، وإن كانت لم تصرح عما إذا كانت تقصد دولة كردية عراقية فقط، أم لأكراد المنطقة.. وفي المقابل.. أعلنت إسرائيل عن موافقتها علي إقامة الدولة الكردية في العراق، والسبب هنا هو تنفيذ مخطط التقسيم للمنطقة.. وبالتالي لن يكون غرب الخليج.. سوي كيانات هشة.. في مواجهة كل من إيران وإسرائيل، وهو ما تعارضه كما يقول رجائي فايد.. دول الخليج.. وأمريكا التي تري مصالحها مع هذه الدول. والخطورة.. كما يقول.. أن إقامة دولة كردية.. قد يتلوه إقامة دولة كردستان الكبري.. وإن كان يستبعد ذلك.. خاصة أن التقديرات غير الرسمية تقول: إن عدد الأكراد يتركز في تركيا «ما بين 12 15 مليونا» وفي إيران «ما بين 10 12 مليونا» والعراق ما بين «7 8 ملايين».. وأخيرا في سوريا نحو «3.5مليون». وعلي عكس ذلك.. يري المحلل الكردي هزار محمد والذي يعيش في كردستان أن حق تقرير المصير فكرة شاملة عند الأكراد.. ولكنها لا تعني بالضرورة حق الاستقلال عن الدولة، ويمكن للشعب الكردي.. أن يقرر ما يراه.. ولكن بعد إجراء استفتاء حق تقرير المصير.. وهل سيكون للأكراد تحت مظلة النظام الفيدرالي.. أو مع تشكيل دولة مستقلة؟ مع الأخذ في الاعتبار أن الاستقلال، حق لكل قومية أو أقلية، مادام لديها مقومات الدولة. والملاحظ.. كما يقول.. إن القيادة الكردية.. طالبت البرلمان الكردستاني، بأن يشكل لجنة لتمهيد الأجواء للاستفتاء في المناطق المتنازع عليها مع الحكومة.. والتي يعيش فيها الأكراد وغيرهم.. جنبا إلي جنب.. وهزار.. يؤكد هنا.. أن العراق الحالي.. لا يستوعب فكرة 3 أقاليم.. كردية وسنية وشيعية.. وأن للأكراد مع ذلك حقهم في الدفاع عن مناطقهم ضد «داعش».. كما أنهم لا يريدون بأي حال أن يكونوا جزءا من صراع: المالكي مع السنة. ويؤيد السيد عبدالفتاح رئيس مركز القاهرة للدراسات الكردية هذا الطرح.. ويري أن حلم الدولة الكردية.. يداعب كل كردي في: تركياوإيرانوالعراقوسوريا.. ورغم تصريحات القيادات الكردية عن الاستقلال وإعلان الدولة.. إلا أنه يري أنهم غير جادين، وأن الأمر مناورة سياسية.. لرفع سقف مطالبهم، للحصول علي أفضل المكاسب، كما أنهم يعلمون أن إعلان دولتهم، تواجهه صعوبات، كما أن دولتهم ستكون محاطة بجيران لن يرحبوا بها، ولن يقفوا مكتوفي الأيدي، تجاهها، ويعتقد أن ما يريده الأكراد فعلا، هو أن يظلوا داخل العراق الفيدرالي، ولكن بمكاسب أكبر، خاصة أنهم يتمتعون بشبه حكم ذاتي منذ 23 عاما، ولديهم طفرة اقتصادية ملحوظة، لن يفرطوا فيها، بالمخاطرة بإعلان دولتهم، ويشدد هنا علي أن ظهور دولة كردية عراقية، لا يعني أن تتبعه دول أخري في إيرانوسورياوتركيا، أو إقامة كردستان الكبري، لاختلاف الأوضاع في تلك الدول.. ولا يعني كذلك.. أن تطالب باقي الأقليات بالمنطقة، بدول مماثلة.. كل الأكراد حريصون علي وحدة العراق، هكذا يقول ملا ياسين رؤوف ممثل الاتحاد الكردستاني بالقاهرة.. وأنهم يريدون البقاء ضمن العراق الفيدرالي، ويرفضون في نفس الوقت، المشاركة في أي حكومة يرأسها المالكي.. وهم قد نفذوا المادة 140 في الدستور العراقي.. بأن يتم استفتاء في المناطق المتنازع عليها مع الحكومة المركزية في بغداد.. وأن رئيس الأقليم مسعود برزاني.. يدعو لذلك، كما أن الأكراد.. يشددون علي ضرورة حل الأزمة الحالية بالعراق.. عن طريق الحوار.. وأن تنال كل المكونات العراقية.. حقوقها المشروعة.. وألا يكون هناك أي تهميش أو إقصاء لأي مكون منها. وشدد ملا ياسين رؤوف علي أن من حق الشعب الكردي مع ذلك أن يقرر مصيره وفق ما يراه.