ستة عشر عاما هي عمر حياتي الزوجية . لاأستطيع القول إنها كانت أسعد أيام حياتي أو إنها كانت أسوأها . فقد مضت بشكل عادي ليس بها ذلك القدر من الحب المتدفق الذي كنت ألمحه أحيانا في عيون أخريات تجاه أزواجهن . ولم يكن يميزه أيضا ذلك القدرمن التفاهم الذي كانت تعكسه حوارات كانت تدور بالصدفة أمامي . وللحق أيضا لم أكن أعاني من تلك العلاقة التي يسودها العنف والمشاحنات والشجار التي أيضا كنت أعرفها وتنقلها إليّ صديقات لي .كانت حياتي أكثر مايميزها تلك الحالة من الرضا والطمأنينة والإيمان بالقدر وعليها سارت حياتي هادئة متجنبة، صدمة الخلاف وجرح المشاعر وألم الإهانات . هل كنت سعيدة بتلك الحياة ؟ حتي هذا السؤال لم يخطر علي بالي . فحالة الرضا التي كنت أتعامل بها مع نصيبي جعلتني لاأطمع في المزيد . وكان زوجي لايختلف عني كثيرا صبورا عاقلا لديه قدرة علي تجاوز الأزمات والخلافات فتمر سريعا .هكذا عشت حياة هادئة وإن كنت أشعر الآن بالملل وأنا أصفها لك . هذا الشعور لم ينتابني وقتها وليتني شعرت به ربما لكنت أدركت حجم الخطأ الذي وقعنا فيه أنا وزوجي بعدم المواجهة والمكاشفة والاستسلام للأمر الواقع . لكننا لم نفعل وكم كانت صدمتي عندما اكتشفت وجها آخر لزوجي وللأسف جاء الاكتشاف متأخرا جدا . جاء بعد رحيل زوجي وعرفته بالصدفة بينما كنت أبحث في أوراقه وجدت ورقة زواج عرفي وأخري رسمية لم أكد أفق من صدمتهما حتي فوجئت بصاحبة الوثيقة الرسمية تطرق بيتي تطالب بحقها وحق ابنتها الصغيرة في الميراث . لم أشعر بنفسي إلا وأنا أطردها من بيتي لكنها عاودت الاتصال بي مصممة علي حقها ونصحني والدي بالاستجابة وتنفيذ شرع الله . واستجبت لهما خوفا من عقابه واستعنت بمحام يمت لي بصلة قرابة لتقسيم تركة زوجي وفقا للشرع . واقتضي الأمر أن أتردد علي مكتبه عدة مرات كانت أمي تصحبني في كل مرة ولاحظت شعورا بالإعجاب المتبادل بيننا واجهتني به لكني أنكرته أمامها وإن كنت مدركة لحقيقته جيدا. لأول مرة أشعر بتلك المشاعر التي لم أشعر بها يوما تجاه زوجي. إحساسي بذلك الرجل الذي اقتحم مشاعري كان مختلفا وقويا. زاده اعترافه لي بحبه ورغبته في الزواج مني. رغم سعادتي إلا أنني أشعر بالتردد خشية التسرع وأن يكون دافعي للارتباط بهدف الثأر لكرامتي الجريحة بخيانة زوجي لي لا أدري ماذا أفعل ؟ لصاحبةهذه الرسالة أقول : ترددك بالطبع في محله فقرار الزواج بعد تجربتك هذه ليس بالسهل ويحتاج للتريث حتي تتأكدي من صدق مشاعرك والأهم صدق مشاعر الطرف الآخر. فلاشك أن افتقادك لمشاعر الحب طوال حياتك الزوجية التي سارت علي هذا النحو من الملل والجفاء ربما تدفعك لتدفق مشاعرك في اتجاه آخر تعويضا عن تلك السنوات من الحرمان . لذلك أنصحك بالتريث فقط حتي تتجنبي الوقوع في صدمة أخري فإذا ما تأكدت من صدقه لاتترددي في الزواج منه وثقي أن حياتك الجديدة ستكون الأجمل وستدركين وقتها.. أن تجربة زواجك الأولي لم تكن تستحق تلك التضحية . فكثير منا من يقع في هذا الخطأ ويتحامل علي نفسه في قبول حياة لايشعر فيها بالسعادة فقط من أجل الحفاظ علي الشكل الاجتماعي. وللأسف لاندرك ذلك إلا بعد فوات الأوان .يبدو أنك واحدة من هؤلاء وإن كان القدر أراد تعويضك عن صبرك وتضحيتك فافتحي قلبك للحياة بقوة ولكن بعدما تتأكدين من أن الطرف الآخر بالفعل يستحق هذه المشاعر .