تكرارأزمات انقطاع الكهرباء، التي عطلت عجلة الإنتاج، نتيجة نقص إمدادات الغاز، بالقاهرة والمحافظات، بدءاً من المنازل وحتي توقف محركات المصانع، أثار البحث عن حلول بديلة للكهرباء وكانت الحكومة قد وافقت علي استخدام الفحم وإدخاله ضمن منظومة الطاقة المصرية، واستخدامه كحل لتوليد الكهرباء ، وكأنها تدير ظهرها عن عمليات سرقة الكهرباء التي تحدث في وضح النهار من قبل الباعة الجائلين وبالمناطق العشوائية. وافقت الحكومة في بيان لها علي استخدام الفحم ضمن منظومة الطاقة المصرية وذلك لسد العجز في الوقود الحفري وتطبيق مزيج طاقات يضمن أمن الطاقة في مصر ويساهم إلي حد كبير في الحد من أزمة نقص الطاقات في مصرخلال المرحلة الحالية. فقد أصبحت أزمة الطاقة تهدد محطات توليد الكهرباء بين الحين والآخر ولم يكن أمام الحكومة، سوي التفكير في استخدام الفحم في تشغيل المحطات، لتجنب الأزمات المفاجئة، لاسيما أن نقص الغاز أو المازوت يصيب المحطات بالشلل، كما يهدد مختلف القطاعات التي تعتمد في تشغيلها علي الكهرباء، خاصة المصانع، ووحدات الإنتاج المختلفة، إلا أن ذلك القرار أثار تحفظ الكثيرين نظراً لتأثيره علي الشأن البيئي، وصحة المواطنين، فيما يري آخرون أنه الحل البديل لمواجهة نقص الطاقة في مصر. وفي تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة تملك مصر احتياطيا مؤكدا من الفحم يصل إلي 52 مليون طن، فإن الفحم الحجري سيبقي المصدر الرئيسي للطاقة في العالم حتي عام 2020 وتوقع التقرير أن يزداد استهلاك الفحم بنسبة تتجاوز 4500 مليون طن مكافئ بترول خلال العشر سنوات المقبلة. إلا أنه يشير إلي أن انبعاثات الفحم الحجري تقتل 20 ألف شخص في الاتحاد الأوروبي كل عام، ويؤكد التقرير أن ثمن معالجة الأمراض الناجمة عن تلوث الهواء بانبعاثات الفحم الحجري قد تجاوزت 42 مليار دولار. كما يري طارق عيد أستاذ علوم البيئة أن استخدام الفحم كأحد البدائل السريعة والرخيصة لتأمين احتياجات مشروعاتها المستقبلية، بعد تكرار أزمات الغاز ونقص الوقود بمحطات توليد الكهرباء، أمر لا مفر منه مشيراً إلي انشاء أول محطة مصرية عملاقة تعمل بالفحم بمنطقة سفاجا وبقدرات تصل إلي أكثر من 1950 ميجاوات، علي أن يتم استيراد الفحم المطلوب لتشغيلها من الخارج. مؤكداً إن الفحم من البدائل اللازمة لتأمين تشغيل محطات توليد الكهرباء من الوقود، وتلبية احتياجات المواطنين من الطاقة الكهربائية، خاصة بعد الأزمات الأخيرة التي تعرضت لها محطات توليد الكهرباء، والتي أدت إلي تكرار أزمات انقطاع التيار الكهربائي، موضحاً أنه يمكن لتفادي الأضرار الصحية استخدامه لتوليد الطاقة في المحطات البعيدة عن المدن السكنية، مؤكدًا أن الأثر البيئي للفحم يتضاءل أمام الاحتياجات العاجلة للطاقات. أما عن الأضرار التي تسببها الانبعاثات الناتجة عن حرق الفحم يقول رفعت عبد الوهاب أستاذ العلوم البيئية إنها تتسبب في العديد من الأمراض منها سرطان الرئتين وسرطان الدم وتشوه الأجنة. موضحاً أن المركبات الناتجة عن احتراق الفحم «أكاسيد النيتروجين وأكاسيد الكبريت» لها تأثير ضار جدا علي صحة الإنسان و البيئة، كما أن استخراج الفحم ينطوي علي مخاطر عديدة مما سيتسبب في إصابة الملايين بالأمراض الصدرية والسرطانات. إلا أنه وعلي الرغم من كل هذه الأخطار، وتجاهل ما سيسببه الفحم من أضرار صحية، يتم أيضاً تجاهل المشروعات التنموية التي تعتمد علي إرساء قواعد لمحطات الطاقات المتجددة «الطاقة الشمسية وطاقة الرياح» والتي ستساعد وبشكل كبير في إنتاج الطاقة والحد من استخدام الفحم في المستقبل، وتفادي ما يحدث من تكرار انقطاع التيار الكهربائي كذلك سرقة التيار الكهربي التي أصبحت ظاهرة واضحة في الشارع المصري بل انتشرت بشكل بالغ الخطورة لتضع علامة استفهام كبيرة وسط غياب الأجهزة الرقابية التي تعد المسئول الأول عن هذا الإهدار الرهيب للمال العام. كما تتركز معظم السرقات في الأسواق العشوائية، والباعة الجائلين المنتشرين في الشوارع، الذين يحصلون علي التيار بدون وجه حق، من خلال الوصلات غير الشرعية. وتأتي العشوائيات في مقدمة سرقة التيار الكهربي من خلال آلاف الأسر التي تعيش في العشوائيات، فغالباً ما تستهلك كل أسرة الكهرباء عن طريق وصلات مباشرة بالأعمدة والمحولات يؤدي ذلك لسحب التيار الكهربي بشكل هائل حيث إن آلاف المنازل تعتمد علي تلك الطرق في الحصول علي الكهرباء يؤدي ذلك أيضا لإضعاف المحولات الكهربائية لأن تلك المحولات تعمل بجهد محدد بحسب كم المنازل المعتمدة عليها في حين أن المنازل العشوائية تستمد أيضا الكهرباء من تلك المحولات مما يؤدي لجهد زائد وغير محسوب علي تلك المحولات يسبب مع الوقت إضعافها ويعرضها للإتلاف، وهو ما يحدث بدوره من خلال الباعة الجائلين وأصحاب الأكشاك. يقول إبراهيم محمد صاحب محل تجاري إن غياب الدور الرقابي للدولة أدي إلي ازدياد الظاهرة بصورة لم يسبق لها مثيل لدرجة أن الباعة الجائلين يسرقون التيار حول الشركة القابضة للكهرباء، فإن كان هذا هو الوضع أمام الشركة القابضة فما بال الأوضاع في باقي أنحاء الجمهورية والمناطق النائية البعيدة عن كل اشكال الرقابة.. بل إن غالبية سارقي التيار من المواطنين أو البلطجية أو الباعة الجائلين يقومون بعمل وصلات من الكابلات الأرضية والأعمدة لإضافة أعداد هائلة من اللمبات ويستخدمون تلك الوصلات نهارا لتشغيل السماعات، وبدلا من فرض الرقابة تبحث الحكومة عن حلول ترجع بنا للخلف وليس للأمام، فالمواطن المصري ليس في حمل أن يتعرض للأمراض والمخاطر يكفي ما يتعرض له يومياً من فوضي وسرقة. ويقول ياسين محمد - صاحب محل ملابس - قبل أن تقوم الحكومة بتطبيق هذا القرار عليها أن تنظر في البداية إلي الكهرباء التي يتم سرقتها من قبل بعض البائعة الجائلين، والتي يتم أخذها من أعمدة الكهرباء الحكومية، في وضح النهار، وذلك منذ عدة سنوات. مضيفاً أن هذه الأعمدة الكهربائية، قد تظل مشتعلة في وضح النهار، دون حاجة إليها، في حين أنها قد تجدها مغلقة طوال الليل دون إنارة، في عدد من الطرق وقد تعرض المارة للعديد من الحوادث، دون أدني مسؤولية من الحكومة. وحسب إحصائية أشار خالد المتولي أستاذ الهندسة الكهربائية إلي أن قيمة الخسائر السنوية لقطاع الكهرباء ثمانية مليارات جنيه من سرقات التيار، التي تبلغ نحو12% من إجمالي القدرات الكهربائية المنتجة سنويا (200 مليار كيلووات)، مشيرا إلي أن هذه السرقات تهدد أمن واستقرار الشبكة القومية، بالإضافة إلي ما تمثله من إهدار للمال العام. موضحا إمكانية توفير مليار و800 مليون جنيه سنويا من تنفيذ برامج الترشيد وأن هذا المبلغ يضاعف 5 مرات إذا تم حسابه بالأسعار العالمية حيث يبلغ سعر المليون وحدة حرارية14 دولارا في حين ما تحصل عليها الكهرباء5.1 دولار. وقال إن الاستهلاك المنزلي بلغ 43% من إجمالي الاستهلاك مقابل 13% للقطاع الصناعي وهو مؤشر غير طبيعي والمفروض أن يكون العكس وأن مصر لديها44 ألف كيلومتر خطوط جهد فائق وعال و500 ألف كيلومتر للجهد المنخفض والمتوسط. مؤكدا إنه لابد من تكاتف كل الجهود للقضاء علي تلك الظاهرة التي تؤثر علي الشبكة القومية وعلي ما يصل للمواطن من كهرباء لذا تم عمل بروتوكول مع وزارة الأوقاف تقوم فيه الأخيرة بدورها في حث الناس من خلال الوعاظ والأئمة بالمساجد للدعوة لترشيد الاستهلاك وتحريم السرقات للتيار دينيا. وأشار إلي أنه يمكن تفادي الأزمة عن طريق نظام تركيب العدادات الكهربائية وتوصيل التيار للعشوائيات لمواجهة ظاهرة سرقة الكهرباء وخفض الفاقد والتصدي لنظام الممارسة الذي كانت تطبقه شرطة الكهرباء مؤكدا أن القواعد المنظمة لتوصيل التيار الكهربائي للمباني تشترط ألا يكون العقار مخالفا للقانون. وأكد أنه يجري حاليا اتخاذ العديد من الإجراءات وتفعيل القرارات والقوانين للتصدي بكل قوة لظاهرة سرقات التيار، والتعدي علي مكونات الشبكة الكهربائية، مع عمل تنسيق كامل مع وزارة الداخلية والمحافظات للتصدي لهذه الظاهرة وضبط كل من استحل المال العام وتقديمه للمحاكمة أو التصالح من خلال دفع قيمة ما تم سرقته. أكد مدير الإدارة العامة لشرطة الكهرباء اللواء سامي الميهي أن ضبط قضايا سرقة التيار الكهربائي من قبل الباعة الجائلين بالشوارع ليس من اختصاص مباحث الكهرباء، لكن المسئول عن ذلك الوحدات المحلية التي تقع بنطاقها تلك الأمور ومديريات الأمن متمثلة في إدارات شرطة المرافق علي مستوي الجمهورية، واختصاص الإدارة العامة لشرطة الكهرباء هو ضبط قضايا سرقات التيار الكهربائي بالمنازل والمحلات والمصانع. ويشير اللواء الميهي في تصريحات ل»آخرساعة» إلي أن جهود شرطة الكهرباء تضاعفت لأكثر من 50% في مكافحة سرقات التيار الكهربائي وذلك باعتراف من رؤساء شركات الكهرباء، نافياً ما يثار حول تقاعس ضباط المباحث عن عملهم ، موضحاً أن ضباط وأفراد الإدارة يقومون بحملات يومياً وأنهم خلال شهر مارس الماضي حققوا أعلي نتائج ومجهود في ضبط قضايا سرقة التيار الكهربائي منذ إنشاء إدارة شرطة الكهرباء، موضحاً أنه يومياً يتم ضبط حوالي 4500قضية. ويقول مدير الإدارة العامة لشرطة مرافق القاهرة اللواء إبراهيم الزيات: لا نترك سارقي التيار الكهربائي من الباعة الجائلين رغم أن ذلك الأمر يدخل في نطاق عمل شرطة الكهرباء التي تحرر محاضر لهؤلاء الأشخاص إلا أنني أفصل عنه الكهرباء حيث أصطحب أثناء الحملة عاملا كهربائيا من الحي وآخذ معي الكابل لكنني لن أرفع عمود الإنارة، موضحاً أنه يتم إزالة الأكشاك غير الحاصلة علي تراخيص من جذورها لما تمثله من إشغالات وإغلاق للشوارع وسرقة للتيار الكهربائي، والحملات مستمرة بشكل يومي. وكشف اللواء الزيات في تصريحات ل«آخرساعة» عن وجود اجتماعات كثيرة يتم عقدها مع محافظ القاهرة د.جلال سعيد ونوابه الأربعة والسكرتير العام للمحافظة بحضور شرطة المرافق ويتم دراسة الأماكن المكتظة بالباعة الجائلين لبحث إمكانية توفير أماكن بديلة لهم، وهو ما طلبه المحافظ من نوابه لكن هناك بعض الأماكن مثل رمسيس وطلعت حرب غير متاح توفير أماكن بديلة بها، لكن قد يتم توفير أماكن قريبة منهم بشرط عدم إعاقة المرور وعدم أخذ الرصيف بالكامل مثل السبتية ومنطقة تسمي الشرطة العسكرية وهذا إجراء تقوم به المحليات وهي صاحبة الاختصاص، ودورنا مقتصر علي تأمينهم أثناء الحملات .