ينتهي مزاد أجور النجوم كل مرة بكارثة قومية لا تصيب العاملين في الفن فقط ولكنها تتجاوز ذلك إلي وجه مصر الثقافي حيث يتضاءل الإنتاج السينمائي أو يتوقف بشكل شبه تام كما حدث في نهاية الثمانينات ولكن ارتفاع أجور نجوم دراما رمضان 2011 بشكل عبثي لن يدمر صناعة الدراما المصرية التي تواجه منافسة شرسة في المنطقة فقط ولكنه يستفز جمهور ومعجبي نجوم السينما والتليفزيون الذين لا يصدقون وجود أجور تصل لهذه الأرقام في الدنيا ويعانون الأمرين للحصول علي الكهرباء لمشاهدة نجومهم. وإذا كان الفنان الكبير نور الشريف يؤكد دائما ان نصف حب المعجب للفنان رغبة في القفز مكانه والتمتع بالشهرة والنجومية فإنه من المحتمل أن ينقلب هذا الإعجاب والحب إلي حالة غضب إذا كان ارتفاع الأجور لأرقام فلكية لا يأتي تلبية لمتطلبات حياة النجم بقدر ما يأتي في ظل غيرة و"نفسنة" بين كبار النجوم فهناك المثلث المعروف "عمرو تامر حماقي« وإن كان الثالث بعيد عن الدراما فإن البيانات التي يصدرها الهضبة وتامر قد لا يدركان أثرها علي الجمهور من عشاقهما بل وعلي الشعب المصري نفسه وإن جاءت في إطار كيد كل منهما للآخر. وكما يقف يحيي الفخراني دليلا لطابور الممثلين في التليفزيون ليتقاضي غيره أجره بناء علي ما يتقاضاه باعتباره الاعلي فإن نجوم السينما الشباب جاءوا إلي الشاشة الصغيرة بقواعدهم الخاصة وفي نيتهم إزاحة الكبار والتربع علي الشاشة الصغيرة وقتا يكفي لامتصاص ميزانيات الإنتاج والفرار إلي السينما مرة أخري بعد خراب مالطة. خمسة وثلاثون مليون جنيه هو الأجر الذي من المقرر أن يتقاضاه عمرو دياب عن مسلسل يقدمه في رمضان 2011و18مليونا أخري يتقاضاها كريم عبد العزيز عن مسلسل "ضد مجهول" و12 مليونا لمحمد سعد عن مسلسل "ألف لمبي ولمبي" ... وكان الأعلي أجرا لعام 2010 هو محمد فؤاد عن مسلسل "أغلي من حياتي" حيث حصل علي عشرة ملايين جنيه أما "تامر حسني" فقد أعلن أنه سوف يدخل سباق دراما 2011 بأعلي أجر تقاضاه ممثل في التليفزيون وهو ما أعلنته هيفاء وهبي أيضا أما الفنان محمد هنيدي فيكتب له السيناريست يوسف معاطي مسلسل رمضان مبروك أبو العلمين ليستنزف آخر قطرة في نجاح فيلمه قبل الأخير أما عادل إمام فاشترط أن يتقاضي عن مسلسل "العراب " ثلاثين مليون جنيه. الأرقام الفلكية التي وقع النجوم عقودا بها للعام المقبل تشبه وحشا اقترب كثيرا من الدراما المصرية التي تترنح – أساسا- ليفترسها وينهي آخر ما بقي من قدرة علي الإنتاج لدي صناعة الدراما المصرية. ولن تكون القصة غريبة في هذه الحالة لكن الغريب أن تتكرر قصة انهيار صناعة السينما أمام أعين الجميع وبالأيدي نفسها دون أن يتحرك أحد ففي نهاية الثمانينات من القرن الماضي قضت أجور النجوم علي صناعة السينما ليصبح معدل الإنتاج السينمائي لا يتجاوز عشرة أفلام حتي بدايات القرن العشرين عندما لمع نجم الشباب فجأة وأقبل عليهم الجمهور ليهجر الكبار السينما إلي التليفزيون ويرفعون الأجور لأرقام كبيرة جدا ثم يأتي الشباب إلي الشاشة الصغيرة مع نهاية السنوات العشرة الأولي من القرن الجديد ويرفعون الأجور مرة أخري إلي أرقام مستفزة ومدمرة ويرافقهم هذه المرة نجم غنائي كبير مثل عمرو دياب قدم للسينما والتليفزيون ثلاثة أعمال فشل اثنان منها ويتقاضي رقما فلكيا يصلح لإنتاج سبعة أفلام! والمدهش أن عمرو دياب أعلن أنه قد اشترط علي الشركة المنتجة أن يختار ممثلي العمل بنفسه وهي مهمة المخرج طبقا لقيم صناعة الدراما وبالتالي فإن شرط عمرو ليس جزءا من نجوميته بقدر ما هو تخريب لأسس صناعة الدراما. عرض وطلب ممدوح الليثي رئيس جهاز السينما ورئيس اتحاد النقابات الفنية يري أن سوق الدراما التليفزيونية أضعف من سوق السينما، وبالتالي لن يتحمل كثيرا، وسينهار بسرعة علي عكس السينما التي قاومت كثيرا قبل أن تنهار، ويضيف الليثي أن المنتجين يحتاجون لتعلم فن الإنتاج لأن جهلهم هو السبب وراء هذه المهزلة، فالمنتج الذي يقبل علي هذه الخطوة يضر نفسه قبل أن يضر غيره فهو لن يستطيع الحصول علي مبلغ الأجر في العام التالي ويقترح الليثي أن يحصل المنتجون علي دورات تعليمية في مهنتهم بدلا من هدم الصناعة علي رؤوسهم ورؤوس غيرهم. ولممدوح الليثي تجربة ناجحة في قطاع الإنتاج بالتليفزيون المصري أنتج خلالها عددا من الأعمال الناجحة جدا بينها ليالي الحلمية وزيزينيا وغيرهما وحتي الأعمال التي أنتجت بعد تركه القطاع بسنوات مثل "أم كلثوم " كان قد وقع عقود إنتاجها في عهده. والليثي هو أول وأعنف من نادي بتحديد أجور الممثلين وعدم المبالغة فيها حتي أن عددا كبيرا من النجوم تعرضت علاقتهم به للتوتر أثناء توليه القطاع أو جهاز السينما حاليا للسبب نفسه وكان الليثي قد شن حملة جبارة علي النجوم بسبب رفعهم لأجورهم مع بدء انفراجة أزمة السينما ولم يتوقف عن التحذير من رفع أجور النجوم الجدد لكنه في النهاية يري أن المنتج الذي يقبل هذه الأجور المستفزة يستحق ما يمكن أن يواجهه فيما بعد. ويتفق المنتج عصام شعبان مع سابقه ويري أن قصر نظر المنتج سوف يؤذيه لأنه يمكن أن يربح من ظهور النجم السينمائي لأول مرة علي لكنه سيصطدم في العام التالي بمزايدات باقي الممثلين الذين يطالبونه برفع أجورهم كما فعل معه ، ووقتها سيدمر سوقه وسوق المنتجين من حوله. نفسنة عشرة مسلسلات لم تجد فرصة عرض واحدة هذا العام ولم ينجح منتجوها في تسويقها وهي مرشحة للارتفاع العام القادم ولعل أحد أهم الأسباب لارتفاع أسعار أجور النجوم "الغيرة" و"الكيد " و"المنافسة " أو الثلاثة معا ولعل المتابع للتصريحات والبيانات التي تصدر من تامر حسني وعمرو دياب يجد أنها ترد علي بعضها في حوار مستمر فالمطرب الهارب من التجنيد والذي حكم عليه وقضي عقوبة بسبب هذا الهروب يتحدث عن ترشحه لعضوية مجلس الشعب ثم يعود ليعتذر مشيرا إلي أن دوره لا يقل عن دور عضو مجلس الشعب ولكن سنه لا تصل إلي سن الترشيح ويعلن في البيان التالي مباشرة عن استعداده لاقتحام سباق الدراما الرمضانية بأعلي أجر تقاضاه ممثل ولان عمرو دياب هو الكبير وهو صاحب المصداقية الاعلي فإنه يطرح علي جمهوره معلومات محددة يمكن التأكد منها ويتحدث عن ظهوره في دراما 2011 بعد أن يكون قد وقع العقد فعلا وترد هيفاء علي الاثنين بتصريح مشابه لتصريح تامر حسني ولكن أجرها سوف يكون أعلي أجر لممثلة في تاريخ التليفزيون. ولعل الفنان يحيي الفخراني قد لمس الجرح حين قال : عملت مع أحد المنتجين لثلاثة أعوام لم يزد أجري خلالها وفوجئت بإحدي الزميلات تحدثني وتطلب أن ارفع أجري لأنهم كلما طالبوا برفع أجورهم قيل لهم أن يحيي الفخراني يتقاضي أقل من ذلك وهو الأعلي في معدل الإعلانات علي مسلسلاته. لذلك يري المنتج محمد السبكي أن المسألة عرض وطلب، ويحاول الإجابة عن سؤال حول قدرة النجوم الكبار علي الاستمرار بنفس الأجور في حالة تقاضي الشباب هذه الأرقام وهي معركة جديدة في ظل لعبة الكراسي الموسيقية التي يلعبها الكبار مع الصغار وبينما يمثل الشباب هذا العام هند صبري ومصطفي شعبان وأحمد رزق وشريف منير فإن القوة الضاربة المكونة من السقا وهنيدي وكريم قادمة بجبروتها لنسف الكبار.