كادت الحياة أن تتوقف في مصر بسبب موجة البرد والثلوج التي قلبتها رأسا علي عقب، فالمحلات أغلقت أبوابها، والكثير من الأسر عزف عن إرسال أبنائه إلي المدارس، ما أثر سلبيا علي التعاملات الاقتصادية وتسبب في ارتفاع أسعار الخضر والفاكهة كما أن الموانئ أغلقت أبوابها أمام حركة الملاحة بسبب الطقس السييء أما حركة الصيد فقد أصابها الشلل. ولا يخفي علي أحد ما آلت إليه الأوضاع في أعقاب موجة البرد الشديدة التي ضربت محافظات مصر علي السواء حيث أغرقت مياه الأمطار الشوارع الرئيسية في أحياء محافظة الجيزة وتحولت الشوارع إلي برك من المياه والطين وعلي إثر ذلك قامت المحافظة بشفط المياه بالطريق الدائري، ومحور26 يوليو وطريق الواحات بعد توقف الحركة المرورية بها تماما نتيجة تراكم المياه بمطالع ومنازل المحور. في حين غرقت شوارع القاهرة أيضا في مياه الأمطار مما تسبب في إعاقة حركة المرور في الشوارع الرئيسية، فضلا عن سقوط أمطار ثلجية في بعض المناطق كالرحاب والتجمع الخامس بالقاهرة كما شهدت المحافظات موجة شديدة من الطقس السيئ إلي جانب هطول الأمطار الثلجية علي العديد من المناطق في بعض المحافظات مثل منطقة سانت كاترين بسيناء مما تسبب أيضا في إعاقة الحركة المرورية في الشوارع والطرق الرئيسية. بينما أدت سرعة الرياح واضطراب الأحوال الجوية إلي إغلاق بوغاز رشيد بمحافظة البحيرة وكذلك مواني السويسودمياط أمام حركة الملاحة نظرا لسوء الأحوال الجوية وزيادة سرعة الرياح وارتفاع الأمواج كما أدي سوء الأحوال الجوية إلي إغلاق ميناء دمياط الملاحي فضلا عن توقف حركة الصيد. وتسببت موجة الصقيع في ارتفاع أسعار وتلف بعض المحاصيل بسبب تعذر توريدها مسببة ارتفاعات مفاجئة في الأسعار حيث سجلت الطماطم 2.5جنيه للكيلو بزيادة جنيه كما لم يتمكن عدد كبير من المزارعين من توريد محاصيلهم لعدم اكتمال دورة النضوج ولعدم قدرتهم علي نقلها مما تسبب في 60٪ عجزاً بالأسواق وتوقع مزيد من ارتفاعات الأسعار. وفي المنيا، ضرب الطقس البارد معظم المحاصيل الزراعية وشكا معظم الفلاحين من توقف نمو البرسيم وقال حسام عبد الرازق مزارع بقرية زهرة: إن قرابة 40 فداناً بأحواض الحوشة وكستور والنجاح مزروعة بالبرسيم تلفت محاصيلها تماماً، بسبب الطقس، مشيراً إلي أن انخفاض درجات الحرارة أفاد محاصيل أخري ووفر علي زرّاعها تكاليف باهظة، موضحاً أن قصب السكر يحتاج إلي أكثر من رية خلال فصل الشتاء غير أن برودة الطقس جعلت مدد الري متباعدة، مما وفر علي الفلاحين تكاليف الري الباهظة التي تصل إلي 220 جنيهاً للرية الواحدة للفدان. وأضاف إن أغلب قري المنيا ومنها يونس صميدة والكوم الأحمر والخياري تعتمد علي زراعة الطماطم، غير أن برودة الجو أدت إلي شل عملية نمو المحصول وبالتالي سنضطر إلي ترك المحصول بالأرض لفترة أطول لاكتمال نموه وحتي لا يتم بيعه بأسعار متدنية وقد يفوت ذلك علي الفلاحين فرصة زراعة المحصول الجديد في الموسم المقبل. وشهدت أسواق الخضر بالمنيا ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار بعض المحاصيل ومنها الطماطم والبطاطس والبسلة أرجعه التجار إلي توقف عملية جني الثمار بشكل ملحوظ بسبب سوء الأحوال الجوية، فضلاً عن ارتباك حركة النقل بالطرق الزراعية والصحراوية وهطول الأمطار وسيطرة الشبورة المائية في معظم الأوقات علي الطرق. وفي الفيوم أثرت برودة الجو وحالة الطقس السيئة سلبا علي إنتاجية الطماطم بنسبة 30٪ وأدي البرد الشديد إلي حرق سيقان نبات الطماطم مما أدي إلي تلف الثمار. ومن جانبه قال الدكتور حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية الأسبق إن أزمة المحاصيل الزراعية كان سببها قلة المعروض في أسواق الجملة والقطاعي حيث فضل أصحاب سيارات النقل الانتظار بالمحافظات عدة أيام لحين تحسن الأحوال الجوية مما نجم عنه ارتفاع أسعار الطماطم والبطاطس والفاصوليا والباذنجان البلدي والرومي والبرتقال. وأضاف أن بعض المحاصيل الزراعية تعرضت للتلف أثناء نقلها علي الطرق السريعة نتيجة الحوادث التي تعرضت لها سيارات نقل المحاصيل القادمة من المحافظات إلي القاهرة فيما شهدت مبيعات الدفايات رواجا نسبيا بسبب موجة الصقيع التي ضربت البلاد قبل أيام وزاد الإقبال علي الدفايات الصينية لانخفاض أسعارها عن مثيلتها من باقي الماركات الشهيرة. وأكد عبدالعظيم أنه لا توجد لدي الحكومة إحصائيات بالخسائر التي وقعت الأسبوع الماضي بسبب موجة البرد القارص مشيرا إلي أن الاقتصاد تأثر بشكل غير مباشر جراء هطول الأمطار التي تسببت في ارتباك حركة المرور داخل المحافظات ومابينها بالإضافة إلي وقوع عدد كبير من الحوادث بسبب الشبورة بالإضافة إلي زيادة الاستهلاك من البنزين والسولار بسبب سوء حالة المرور. وأكد أن الشائعات عن أن الموجة الفائته وكونها الأسوأ منذ 60 أو 100 أو 120عاما جعل أولياء الأمور يعزفون عن نزول أبنائهم إلي الشارع وتم منعهم من الذهاب إلي المدارس التي سجلت أيضا نسب غياب مرتفعه.. مشيراً إلي أن إجمالي الدخل القومي لم يتأثر بالتأكيد من موجه البرد الفائتة كما أنه لم يحدث أي انقطاعات في الاتصالات موضحا أن الموجه الماضية علي الرغم من شدتها إلا أنه تم التضخيم فيها بشكل كبير. وطالب عبد العظيم الحكومة بتشديد تعليماتها للمحافظين بضرورة عمل دوريات لمتابعة المناطق التي يوجد بها مياه راكدة لإزاحتها وكذلك أن يتم التشديد علي المحليات بضرورة متابعة المناطق الأكثر تضررا من الأمطار وكذلك الاهتمام بشبكات الصرف الصحي لإزاحة المياه إليها. وأقترح أن يكون هناك فرق طوارئ لنزح المياه الراكدة من الشوارع والمتبقية حتي الآن في عدد من الشوارع وأن يكون هناك ماكينات كالتي يتم استخدامها لشفط المياه من الشوارع في جميع دول العالم المتقدم. في المقابل، لم تؤثر الأمطار الكثيفة الأخيرة علي المحاصيل الزراعية في محافظة الدقهلية خاصة أن الفلاحين انتهوا من زراعة القمح وهو في هذا الوقت يحتاج إلي تلك الأمطار بديلاً عن رية المحاياة التي تكون غالبًا بعد 21يومًا من الزراعة أو تكون مياه الأمطار بديلاً عنها. وكان أكثر الناس تأثرًا بالأمطار والرياح الأخيرة هم أصحاب الصوب الزراعية الذين تأثروا نتيجة تطاير البلاستيك "المشمع" من علي الصوب وتعرض النباتات للهواء والأمطار مباشرة وذلك في مناطق بلقاس وجمصة وشربين. وعلي النقيض توقفت مظاهر الحياة بمدينة دمياط نتيجة هطول الأمطار الغزيرة الأسبوع الماضي، حيث شهدت دمياط شللاً مرورياً وتعطلت أعداد كبيرة من السيارات، كما شلت الأمطار حركة الأسواق وتوقف البيع والشراء، بالإضافة إلي توقف حركة الصيد. كما استمر إغلاق ميناء دمياط الملاحي أيضاً لمدة ثلاثة أيام علي التوالي بسبب سوء الأحوال الجوية، واستمرت السفن في منطقة الغاطس ولم يسمح لها بالدخول إلي الميناء بسبب الأمواج المتلاطمة وسرعة الرياح التي تصل إلي 30 عقدة. وطالت أيضاً موجة الصقيع والطقس السيئ مدينة سانت كاترين بجنوب سيناء وتعرضت لموجة شديدة البرودة وانخفاض في درجات الحرارة يصل إلي 8 تحت الصفر، مما تسبب في تراكم الثلوج علي الطرق المؤدية للمدينة بحوالي 20سم. وقال مواطنو المدينة إن موجة الصقيع التي تتعرض لها المدينة تسببت في صعوبة خروج المواطنين من منازلهم. ودعا مؤسس حزب مصر الخضراء محمد برغش المعروف ب »الفلاح الفصيح« في لقاء له مع إحدي الفضائيات الدولة إلي تحمل خسائر الأراضي الزراعية التي تأثرت بشكل كبير جراء هطول الامطار خلال هذه الفترة الماضية، وتسببت في إفساد المحاصيل الورقية مثل القمح والفاصوليا والبقوليات وغيرها. وأضاف "برغش" إن الدولة ليس لديها أي وسائل لمنع هطول الأمطار أو حماية الأراضي الزراعية، وعليها تعويض الفلاح عن الخسائر التي تسببت فيها مياه الأمطار بحيث تتحمل جزءا من هذه الخسائر. وتشير توقعات الأرصاد الجوية إلي موجة باردة جديدة تضرب البلاد خلال الأسبوع الجاري لكنها أضعف من سابقتها نتيجة تأثر البلاد بمنخفض السودان الموسمي فوق سطح البحر الأحمر يتزامن معه وجود منخفض جوي آخر في طبقات الجو العليا علي ارتفاع 5.5كيلو متر من سطح الأرض مما يؤدي إلي تزايد فرص سقوط أمطار علي السواحل الشمالية وشمال سيناء وسلاسل جبال البحر الأحمر وسقوط أمطار خفيفة علي بقية المناطق ولكن المشكلة تكمن في عدم استعداد الدولة لتلك الموجة.