في غضون أيام قليلة, كادت الحياة تتوقف بسبب موجة الصقيع التي قلبت مصر رأسا علي عقب!.. محلات أغلقت أبوابها.. الكثير من الأسر عزفت عن إرسال أبنائها إلي المدارس. موظفون لم يذهبوا إلي أعمالهم.. أزمات مرورية علي الطرق السريعة بسبب الشبورة.. شوارع رئيسية بالقاهرةوالجيزة غرقت في مياه الأمطار.. اسعار الخضر والفاكهة ارتفعت بسبب نقص المعروض نتيجة توقف سيارات النقل عن العمل.. المواني أغلقت أبوابها أمام حركة الملاحة بسبب الطقس السييء. أما حركة الصيد فقد أصيبت بالشلل أيضا!! ولا يخفي علي أحد ما آلت إليه الأوضاع, في أعقاب موجة البرد الشديدة التي ضربت محافظات مصر علي السواء, حيث أغرقت مياه الأمطار الشوارع الرئيسية في أحياء محافظة الجيزة, وتحولت الشوارع إلي برك من المياه والطين, وعلي أثر ذلك قامت المحافظة بشفط المياه بالطريق الدائري, ومحور26 يوليو, وطريق الواحات بعد توقف الحركة المرورية بها تماما نتيجة المياة المتراكمة بمطالع ومنازل المحور.. فيما غرقت شوارع القاهرة أيضا في مياه الأمطار, مما تسبب في إعاقة حركة المرور في الشوارع الرئيسية, فضلا عن سقوط امطار ثلجية في بعض المناطق كالرحاب والتجمع الخامس بالقاهرة, كما شهدت المحافظات موجة شديدة من الطقس السيئ,إلي جانب هطول الأمطار الثلجية علي العديد من مناطق المحافظات, مثل منطقة سانت كاترين بسيناء, مما تسبب أيضا في إعاقة الحركة المرورية في الشوارع والطرق الرئيسية.بينما أدت سرعة الرياح, واضطراب الأحوال الجوية إلي إغلاق بوغاز رشيد بمحافظة البحيرة, و قررت سلطات ميناء الإسكندرية استمرار إغلاق بوغازي الإسكندرية والدخيلة وكذلك مواني السويسودمياط أمام حركة الملاحة نظرا لسوء الأحوال الجوية وزيادة سرعة الرياح, وارتفاع الأمواج, كما أدي سوء الأحوال الجوية إلي إغلاق ميناء دمياط الملاحي, فضلا عن توقف حركة الصيد. سر الصقيع وبشكل عام, فقد تأثرت البلاد اعتبارا من يوم الأربعاء الماضي بحالة من عدم الاستقرار الشديد في الأحوال الجوية انخفضت فيها درجات الحرارة بشكل ملحوظ, وكانت أقل من معدلاتها الطبيعية خلال هذا الوقت من العام بقيم تراوحت بين10 درجات و12 درجة مئوية, كما تكاثرت السحب المنخفضة والتي صاحبها سقوط أمطار غزيرة, ورعدية وصلت إلي حد تساقط الثلوج علي بعض المحافظات, كما نشطت رياح وصلت إلي حد العاصفة مما أدي إلي مزيد من الإحساس بشدة برودة الطقس, واضطراب كامل في حركة الملاحة البحرية. تلك كانت حالة الطقس خلال الأيام الماضية, والسبب في ذلك يرجع كما يقول الدكتور وحيد سعودي مدير عام التنبؤ بالهيئة العامة للأرصاد الجوية والمتحدث الرسمي باسم الهيئة- إلي وجود منخفض قبرص المتحرك فوق البحر الأبيض المتوسط, والذي تزامن مع وجود منخفض جوي آخر في طبقات الجو العليا كان مصحوبا بتيار نفاث شديد البرودة قادم من المناطق القطبية, مما أدي إلي حالة من عدم الاستقرار الشديد في الأحوال الجوية, ومع ذلك, فمن المنتظر اعتبارا من غد الأربعاء حدوث تحسن نسبي آخر في الأحوال الجوية, ومن المتوقع أيضا أن تميل درجات الحرارة نحو الانخفاض ليستمر طقس بارد خلال ساعات النهار, شديد البرودة ليلا, ويصل إلي حد الصقيع في بعض المحافظات( وسط سيناء وشمال الصعيد) مما يؤثر سلبا علي المزروعات, كما ستهدأ سرعة الرياح علي معظم أنحاء الجمهورية, وتنحصرفرص سقوط الأمطار الخفيفة علي القطاع الغربي للجمهورية عند مدينتي الإسكندرية ومطروح, في حين تعاود السحب المنخفضة تكاثرها مرة أخري علي شمال الجمهورية وشرقها اعتبارا من غد الأربعاء يصاحبها سقوط أمطار غزيرة علي السواحل الشمالية, وشمال الوجه البحري وسيناء, في حين يمتد تأثير هذه الأمطار بشكل خفيف اعتبارا من بعد غد الخميس علي بعض محافظات الوجه البحري والقاهرة, وتستمر درجات الحرارة أقل من معدلاتها الطبيعية خلال هذا الوقت من العام, ويستمر نشاط الرياح فوق سطح البحرالأحمر وسلاسل الجبال هناك, ويجب الأخذ في الاعتبار, أن فصل الشتاء لم يبدأ بعد, ولكنه سيبدأ الأسبوع القادم, وتحديدا اعتبارا من يوم21 ديسمبر المقبل, ومن ثم فإنه من الطبيعي خلال موسم الشتاء أن تشهد البلاد برودة في الطقس خلال الساعات المتأخرة من الليل وحتي الساعات الأولي من الصباح, تصل إلي درجة الصقيع( اقل من5 درجات مئوية) خلال الساعات المتأخرة من الليل, ونحذر من الشبورة علي الطرق الزراعية القريبة من المسطحات المائية بدءا من الساعات المتأخرة من الليل وحتي الساعات الأولي من الصباح. وتشير توقعات الأرصاد الجوية إلي موجة باردة قادمة لكنها أضعف من سابقتها, نتيجة تأثر البلاد بمنخفض السودان الموسمي فوق سطح البحر الأحمر يتزامن معه وجود منخفض جوي آخر في طبقات الجو العليا علي ارتفاع5,5 كيلو متر من سطح الأرض مما يؤدي إلي تزايد فرص سقوط أمطار علي السواحل الشمالية وشمال سيناء وسلاسل جبال البحر الأحمر, وسقوط أمطار خفيفة علي بقية المناطق. .. ورحلت نوة قاسم! يتفق معه الدكتور حسين زهدي الرئيس الأسبق للهيئة العامة للأرصاد الجوية والخبير العالمي في المناخ, مؤكدا أن موجة الصقيع التي عاشتها البلاد خلال الأيام القليلة الماضية ستبدأ في الانحسار تدريجيا بعد انتهاء نوة قاسم ورحيلها نحو الشرق باتجاه العراق وإيران, مؤكدا أن موجة الصقيع الأخيرة, جاءت بسبب وصول هواء بارد إلي البلاد حيث الأرض ساخنة نسبيا, فحدثت حالة من عدم الاستقرار الذي شهدته البلاد نتيجة استمرار تدفق الهواء البارد من الشمال إلي جانب وجود منخفض جوي من جزيرة قبرص. ويفسر الدكتور حسين زهدي ما تعرضت له مصر من موجة صقيع بأن حركة الغلاف الجوي بين خطي عرض30 و60 شمالا تكون علي شكل موجات, خلقها الله عز وجل لعمل تنسيق في درجات الحرارة بين الشمال والجنوب, بحيث تنقل الحرارة بفعل الرياح الساخنة من الجنوب إلي الشمال, بينما تنقل الرياح الباردة البرودة من الشمال إلي الجنوب,, وهذه الحركة في الغلاف الجوي تكون واضحة جدا عند مستوي6 آلاف كيلو متر علي سطح الأرض, مؤكدا أن هناك3 موجات موجودة حول الكرة الأرضية طوال العام بطول يتراوح بين8 آلاف و10 آلاف كيلو متر, وهذه الموجات هي التي تنقل البرودة من الشمال إلي الجنوب, والحرارة من الجنوب إلي الشمال, فإذا حدثت إعاقة لهذه الموجات فإنها تتحرك ببطء, وتتحول حركتها من الغرب إلي الشرق ومن الشمال إلي الجنوب, وفي هذه الحال تسمح هذه الموجات خلال حركتها بدخول الهواء البارد من أقصي الشمال إلي أقصي الجنوب, كما يتحول الهواء الساخن من الجنوب إلي الشمال, وفي هذه الحالة تحدث حالات عنيفة من عدم الاستقرار في المناطق الجنوبية, لان الهواء القادم من أعلي الغلاف الجوي عند6 آلاف كيلو متر يكون باردا جدا, وعندما يمرهذا الهواء البارد علي أرض ساخنة, فيسخن في الأسفل عن ملامسته للأرض, ويصبح جزء الغلاف الجوي الملامس للأرض أكثر سخونة من باقي أجزاء الغلاف الجوي الذي يعلوه, فتنشأ حالة من عدم الاستقرار نتيجة وجود كتلة ساخنة خفيفة الوزن أسفل الغلاف الجوي يعلوها كتلة باردة ثقيلة الوزن, فتسعي الكتلة الساخنة للصعود إلي أعلي فتسحب معها بخار الماء إلي أعلي مكونة بذلك السحب الرعدية التي تسقط منها الأمطار الغزيرة. الأمطار الثلجية أما لماذا شهدت بعض المناطق والمحافظات المصرية تساقط ثلوج؟, فذلك يرجع في تقدير الدكتور حسين زهدي إلي أن الأمطار عبارة عن بلورات ثلج في الأساس, وليست قطرات ماء كما هو معروف, وعندما تمر هذه البلورات علي هواء ساخن فإنها تتحول إلي قطرات, فإذا مرت علي هواء بارد تظل كما هي, وتتساقط في صورة بلورات ثلجية, مثلما يحدث دائما قي أوروبا ومثلما حدث في منطقة الشرق الأوسط وبعض المناطق في مصر نتيجة برودة الجو وسقط المطرعلي هيئة بلورات ثلجية, وقد تحركت هذه الموجة نحو الشرق كما ذكرنا آنفا ولكن لايزال هناك هواء بارد يأتي في أعقاب هذه الموجة, وسوف تتحسن الأحوال الجوية تدريجيا قبل نهاية الأسبوع الحالي.. مخاطر السيول قائمة ومع أن موسم الخريف هو الأكثر تعرضا لحدوث السيول خاصة في مناطق جنوبسيناء وسلاسل جبال البحر الأحمر, إلا أنه من المحتمل حدوث سيول في المناطق ذاتها مما يستلزم استعداد الدولة لمواجهة مثل هذه الظاهرة الكارثية. تأثيرات سلبية علي الأسواق وقد ألقت موجة الصقيع بظلالها السلبية علي الأسواق, حيث ارتفعت أسعار الخضر والفاكهة- كما يقول الدكتور عبد النبي عبد المطلب الخبير الاقتصادي ومدير عام التحليل والتوقع الاقتصادي بوزارة التجارة الخارجية- بسبب قلة المعروض في أسواق الجملة والقطاعي, حيث فضل أصحاب سيارات النقل الانتظار بالمحافظات عدة ايام لحين تحسن الأحوال الجوية, مما نجم عنه ارتفاع أسعار الطماطم, والبطاطس, والفاصوليا, و الباذنجان البلدي و الرومي, والبرتقال, كما تعرضت بعض المحاصيل الزراعية للتلف في أثناء نقلها علي الطرق السريعة, نتيجة الحوادث التي تعرضت لها سيارات نقل المحاصيل القادمة من المحافظات إلي القاهرة.. فيما شهدت مبيعات الدفايات رواجا نسبيا بسبب موجة الصقيع التي ضربت البلاد قبل أيام, وزاد الإقبال علي الدفايات الصينية لانخفاض أسعارها عن مثيلتها من باقي الماركات الشهيرة.