لا يستطيع أحد أن ينكر أن المسرح المدرسي في الزمن القديم كان بمثابة النواة التي تخرج المواهب في مجالات التأليف والإخراج والتمثيل.. ومن خلاله برزت وظهرت أسماء كثيرة لامعة أثرت الساحة بالمواهب المتميزة التي أسعدت الناس بروائع أعمالها الجيدة التي كانت تحاكي وتلامس نبض قضايا المجتمع.. وبكل صراحة يحق القول إنه انتهي عصر المسرح المدرسي منذ زمن نتيجة التراجع في العملية التعليمية وضعف المناهج وعدم ملاءمتها للواقع ومواكبتها للمتغيرات الاجتماعية والسياسية وكذلك عدم الاهتمام بالفنون والآداب والثقافة داخل المدرسة.. هذا بالإضافة لأن المسألة أصبحت قائمة علي الحفظ والتلقين والابتعاد عن الابتكار والاستنساخ العقلي.. وخلال المراحل التعليمية أصبح الطالب يتخرج ولا يعرف شيئا عن المسرح، في حين كان هذا الأمر في فترات سابقة أحد الأنشطة المهمة في كل مدرسة وتقام لها المسابقات علي المستوي المحلي، وكان ذلك فرصة للاحتكاك الثقافي والمعرفي، ورغم أن هناك مشروعا يسمي "بمسرحة المناهج" إلا أننا لم نر أي نتيجة فعلية له علي الأرض، ونتمني ظهوره حتي يخرج المسرح المدرسي من كبوته التي يمر بها منذ سنوات طويلة.. بالإضافة إلي وجود عيب في المدارس التي تم بناؤها حديثا أنها بلا مسرح ولا يوجد مكان مخصص للعروض المسرحية بخلاف ما كانت عليه المدارس القديمة التي كان المسرح يمثل فيها حجر زاوية للمعرفة والثقافة.. لذا خرجت أجيال متعددة من تلك المسارح التي نمّت المواهب.. ولذا نناشد الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم ونقول له إن المسألة بحاجة إلي تغيير الذهنية القائمة علي وضع المناهج الدراسية القائمة علي العملية التعليمية بشكل عام وذلك لن يتم إلا من خلال تدريب وتأهيل المدرسين ويكون من أساسيات هذه البرامج التأهيلية الاهتمام بالفنون والآداب، وليس النظر إليها بشكل هامشي والتعامل معها علي أنها أمر زائد عن الحاجة.. الفن والثقافة هما أساس التغيير ومناط التقدم.. والمسرح هو أبو الفنون يجمع بين أشكال فنية مختلفة، ويعمل علي بناء الشخصية منذ مراحلها الأولي.