تعليم الفيوم يحصد 5 مراكز متقدمة على مستوى الجمهورية فى المسابقة الثقافية    «مصادرة الآلة وإلغاء مادة الضبط».. إحالة 12 طالبًا ب«آداب وأعمال الإسكندرية» للتأديب بسبب الغش (صور)    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في أول أيام عمل البنوك    أسعار البيض والفراخ فى الأقصر اليوم الأحد 19 مايو 2024    الاحتلال الإسرائيلي يرتكب 9 مجازر في اليوم ال226 للعدوان على غزة    الدفاعات الجوية الروسية تدمر 61 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليلة الماضية    قبل زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا اليوم    اليوم.. الزمالك يسعى للفوز على نهضة بركان للتتويج بالكونفيدرالية للمرة الثانية في تاريخه    بعد نشرها على «شاومينج».. «التعليم» تكشف حقيقة تداول امتحان اللغة الأجنبية في الإسكندرية    مصرع 6 أشخاص وإصابة 13 آخرين في تصادم أتوبيس على الدائري بشبرا الخيمة    كشف تفاصيل صادمة في جريمة "طفل شبرا الخيمة": تورطه في تكليف سيدة بقتل ابنها وتنفيذ جرائم أخرى    الإثنين المقبل.. إذاعة الحوار الكامل لعادل أمام مع عمرو الليثي بمناسبة عيد ميلاده    دراسة طبية تكشف عن وجود مجموعة فرعية جديدة من متحورات كورونا    ترامب: فنزويلا ستصبح أكثر أمانًا من الولايات المتحدة قريبا    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 19 مايو    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    ماس كهربائي وراء حريق أكشاك الخضار بشبرا الخيمة    الأهلي ينشر صورا من وصول الفريق إلى مطار القاهرة بعد التعادل السلبي أمام الترجي    الفنان سامح يسري يحتفل بزفاف ابنته ليلى | صور    حظك اليوم وتوقعات برجك 19 مايو 2024.. مفاجأة للجوزاء ونصائح مهمة للسرطان    جانتس يطالب نتنياهو بالالتزام برؤية متفق عليها للصراع في غزة    تعرف على سعر الدولار اليوم في البنوك    ظاهرة عالمية فنية اسمها ..عادل إمام    بأسعار مخفضة.. طرح سلع غذائية جديدة على البطاقات التموينية    انخفاض أسعار الفائدة في البنوك من %27 إلى 23%.. ما حقيقة الأمر؟    خبير اقتصادي: صفقة رأس الحكمة غيرت مسار الاقتصاد المصري    رامي جمال يتصدر تريند "يوتيوب" لهذا السبب    8 مصادر لتمويل الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وفقًا للقانون (تعرف عليهم)    استهداف قوات الاحتلال بعبوة ناسفة خلال اقتحامها بلدة جنوب جنين    الخارجية الروسية: مستقبل العالم بأسرة تحدده زيارة بوتين للصين    القومي للبحوث يوجه 9 نصائح للحماية من الموجة الحارة.. تجنب التدخين    "التنظيم والإدارة" يكشف عدد المتقدمين لمسابقة وظائف معلم مساعد مادة    بوجه شاحب وصوت يملأه الانهيار. من كانت تقصد بسمة وهبة في البث المباشر عبر صفحتها الشخصية؟    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    بن حمودة: أشجع الأهلي دائما إلا ضد الترجي.. والشحات الأفضل في النادي    مع استمرار موجة الحر.. الصحة تنبه من مخاطر الإجهاد الحراري وتحذر هذه الفئات    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    باقي كام يوم على الإجازة؟.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    شافها في مقطع إباحي.. تفاصيل اتهام سائق لزوجته بالزنا مع عاطل بكرداسة    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    إجراء من «كاف» ضد اثنين من لاعبي الأهلي عقب مباراة الترجي    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    رقصة على ضفاف النيل تنتهي بجثة طالب في المياه بالجيزة    أخذتُ ابني الصبي معي في الحج فهل يصح حجُّه؟.. الإفتاء تُجيب    مدافع الترجي: حظوظنا قائمة في التتويج بدوري أبطال أفريقيا أمام الأهلي    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    وزير روسي: التبادلات السياحية مع كوريا الشمالية تكتسب شعبية أكبر    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفي الرزاز:الأستاذ إيميل يكتب تقريرا يطالب بمراقبتي ومنعي تماما من الرسم
نشر في أخبار الأدب يوم 20 - 10 - 2018


مصطفي الرزاز في مرسمه
ربما كان أكثر ما لفت انتباهي أثناء عملي بهذا الملف هو ثراء حكايات الأجيال القديمة عن مدرسي الرسم إذ لا تزال ذكرياتهم طازجة وثرية بينما تغيم تلك الذكريات رويدا رويدا حتي تكاد تختفي في ذاكرة جيل الشاب، إذ يحكي الفنان مصطفي الرزاز عن تجربته الكبيرة والمتميزة مع مدرسي الرسم قائلا:
في هذا النص أستعيد ذكريات ماثلة في رأسي منذ أكثر من ستين عاما ومازالت حاضرة بقوة حول معلم التربية الفنية في المرحلتين الاعدادية والثانوية وقصدت إيضاح أن معلم التربية الفنية لاينشط برسالته إلا في مناخ مدرسي مؤهل بالإمكانات المادية والمكانية المجهزة، واهتمام الوزارة والنظار اهتماما حقيقيا بتنمية المواهب والملكات المتنوعة بالتوازي مع التميز الدراسي،كان ذلك في مدرسة محمد فريد الاعدادية الثانوية بشارع الترعة البولاقية بشبرا، وكان التعليم راقيا وحماسيا وكان برنامج الدراسة يشتمل علي مقررات في الرسم والأشغال الفنية والموسيقي والمسرح المدرسي وكانت المدرسة تحتفل بملكات الخطابة والمعلوماتية والشعر، أمور كانت نتيجتها أن لم نسمع عن تطرف ديني ولا إرهاب. وكان المصريون المتلقون لهذا النوع من التعليم يواصلون صفات السماحة والأريحية والرضا والوطنية وحب العمل والزهو بمنجزاته.
هذه ليست قصة مدرس ولكنها مسيرة نظام تعليمي محترم ومؤثر وملهم، وناظر نبيل، ومعلمين مستنيرين أصحاب رسالة.
كان من ثمار فصول هذه المدرسة في دفعتي من أصبحوا نجوما في المجتمع في مجالات مختلفة، أشير من بينهم إلي الأنبا بسنتي أسقف حلوان والمعصرة والدكتورجودة خليفة والدكتور قدري حفني والدكتور محفوظ صليب. كل منهم أصبح نجما ساطعا وثروة وطنية يعتد بها، العامل المشترك بينهم هو المدرسة الكائنة في حي فقير والتي كانت تترجم سياسة تعليمية نشطة، طموحة ورفيعة.
كانت بالمدرسة الاعدادية ثم الثانوية قاعات متسعة للرسم والزخرفة وقاعات مجهزة للنحت والخزف والنجارة والمعادن والنسيج والأشغال الفنية، كانت عالما وملاذا للتلاميذ لاكتساب المهارات واحترام العمل اليدوي والابتكار في تطويع الخامات فضلا عن الرسم والتلوين والتعبير وابتكار الرموز، كان هناك نخبة ممتازة من الموجهين يزورون المدرسة من بينهم الأساتذة نظير خليل وأبوصالح الألفي. وكانوا متعاطفين وملهمين حقا.
وكان بالمدرسة مكتبة عامرة تشجع التلاميذ علي القراءة الحرة وعلي استعارة الكتب وكان بها مسرح تعرض فيه الافلام التعليمية والخيالية والبيئية والإرشادية المؤثرة - وعليه تعقد الحفلات من آن لآخر.
في العام 1951 كنت في الصف الثاني الابتدائي بمدرسة البطانحي بروض الفرج، كان مدرس الرسم صولا متقاعدا بالجيش وهو نفسه مدرس الألعاب.
كان تدريس الرسم عقيما ومضجرا يعتمد علي استنساخ نماذج مطبوعة ورسم أشكال هندسية متقنة، وكانت الخرزانة إداة المدرس لعقاب من لا يؤدي بالدقة المطلوبة. كان ذلك كفيلا بأن أكرة الرسم ودروسه.
وفي عام 1954 كنت في بداية المرحلة الاعدادية، في مدرسة محمد فريد الاعدادية الثانوية بشارع الترعة البولاقية بشبرا.
كانت المدرسة ملهمة تحتفي بالمواهب وتشجعها، وكان تدريس الرسم مختلفا تماما ولا يخلو من جاذبية. جميع المعلمين مهتمين بالمواهب فهذا هو الأستاذ »فتيحة»‬ مدرس التاريخ يأخذنا لأول مرة لزيارة المتحف المصري القديم بميدان التحرير، ويشرح لنا الأعمال المعروضة بتمكن وشغف.
وكان مدرس الفلسفة يكلفني بعمل تمثال لأرسطو، فأحضر لي شيكارة جبس وأطباقا واسعة مخلطة بالماء وتشكيل التمثال وكنت مكلفا برسم اللوحات التوضيحية لدروس التاريخ والجغرافيا والفلسفة.
الأستاذ إيميل مدرس اللغة الفرنسية كان مسئولا عن الفصل، وكان يرسل كتيبا صغيرا كتقرير شهري عن أداء كل تلميذ، يطلب ضرورة توقيع ولي الأمر عليه كل شهر، في بداية العام أرسل ملحوظة تقول: مصطفي تلميذ موهوب وأرجوكم دعم موهبته بشدة.
وفي الشهر الثاني كتب: شكرا للأسرة علي رعايتهم للموهبة وفي الشهر الثالث كتب "»‬أحذر بشدة، إن لم يتوقف عن الرسم تماما لا أضمن أن ينجح في هذا العام، لابد من مراقبته ومنعه تماما».
في الصف الثالث الاعدادي تعرفت علي أستاذ (عدلي يسي) مدرس التربية الفنية- كان خريج قسم عمارة فنون جميلة ولكنه كان مدرسا مطبوعا محبا للفن ولفنون الأطفال.
قدوة حقيقية دافعة بلاد حدود، السجائر وفناجين القهوة، والتوجيه وتقديم الخامات والأدوات.. كان منها ملهماً ومحفزاً محبا واثقا في تلاميذه، وكان اهتمامه بالمهارة والممارسة مقرونا بالثقافة والمعرفة، فخصص قاعة للمتحف علق فيها مستنسخات ممتازة لأعمال الفنانين العالميين والمصريين مع نبذات تحت كل منها، وكان لديه مجلد يضم مقالات مكتوبة من مجلات الهلال وغيرها عن الفن، وشجعنا علي شراء مجلة الهلال لمتابعة ما يكتب فيها لعبدالرحمن صدقي، وأبوصالح الألفي وآخرين عن الفن وفنون التراث المصري والعالمي.
كان زملاؤه من معلمي التربية الفنية بالمدرسة، تقليديين ولم يتمتعوا بكاريزميته وحيويته وحماسه. فكنا نلتف حوله دونهم.
وتعرفت بزوجته الرقيقة في زياراتي لمنزله، وكنت أقابلها بعد أن تخرجت من الكلية وأصبحت فنانا نشطا في الحركة الفنية، من آن لآخر في حي المنيل حيث كانت عائلتها تعيش، وكان موضوع الحوار دائما حول الأستاذ عدلي وأفضاله علي، بينما تشير إلي محبته لي وحماسته لتقدمي.
في نفس العام المدرسة تدعو الفنان الشهير (حسن حشمت) الخزاف القدير كأستاذ زائر بالمدرسة بينما تدعو الفنان حمدي غيث للاهتمام بمحبي المسرح والغناء. وكان مدرس الموسيقي بالمدرسة.. الاستاذ أحمد حلمي ملحنا معروفا لحن لنجاة الصغيرة ولشادية وغيرهما وكان يدرس لنا النوتة الموسيقية.
تابع حشمت مع مجموعة منا تأسيس ورشة الخزف، وبناء فرن فوق سطح المدرسة بالوقود الخشبي، وأنتج معنا أعمالا من الفخار وطلاها بالجليز مع حرصه باعتبار أن هذا من أسراره، وكان خفيف الظل فأحببناه كثيرا، وكلفني بعمل لوحة جدارية 2x3 متر من الخزف - فردت الطينة في أرضية إحدي حجرات الرسم، وكبرت الرسم، ثم عكفت علي نحتها، وعندما ترك المدرسة تابعني الأستاذ عدلي إلي أن انتهت، وأحضر الجليزات وطلبناها معاً، ثم حرقناها في فرن السطح، وثبتناها في مدخل المدرسة، كانت بعنوان العلم نور، وهي عبارة عن أسرة ريفية تحت شجرة عليها طيور وفي يد الأب كتاب عليه هذه العبارة- ومازالت اللوحة موجودة إلي الآن بمدرسة محمد فريد الاعدادية الثانوية بشارع الترعة البولاقية بشبرا..
وبينما كنت عاكفا علي إنهاء الجدارية الخزفية المنحوتة، وفي أحد الأيام مر ناظر المدرسة علي مكان العمل وقابل الاستاذ عدلي، وقال له بصوت مسموع فيما يشبه التعليمات، (يا أستاذ عدلي- إذا لم يحصل الرزاز علي مجموع القبول في المدرسة الثانوية، سنقبله عندنا بأي مجموع).
ولم أحقق مجموعا مناسبا وعندما ذهبت إلي المدرسة أقول لهم أن الناظر وعدني- قالوا لي هذا غير ممكن لأن المسألة تتبع قانون ومعايير لا يمكن تجاوزها.
ولم يكن أمام أبي إلا أن يلحقني في مدرسة ثانوية في قرية (كوم النور) وكنت أقيم مع أبناء عمي في قرية علي مسافة عدة كيلو مترات من المدرسة، واشتري لي دراجة لاذهب بها وأعود يوميا.
كانت تقطع القرية ترعة تمر أمام المدرسة، وعليها قناطر صغيرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.