سألت الفنانة سحر عبد الله وهي واحدة من أهم فنانات رسوم الأطفال عن مدرس الرسم في حياتها ودوره في تشكيل وجدانها كطفلة فقالت: أذكر جيدا كيف جعلني مدرس الرسم أعشق الرسم وأكبُرعلي محبته فأشاهده يرسم لساعات ويحضر لي الألوان لأرسم بجواره وأختبر الخامات المختلفة فتدهشني الملامس وتتعلق عيني بالألوان فنلعب لعبة الألوان اليومية وأراه ساعات أخري يكتب عن الرسم، عرفت فيما بعد أنه ألف أكثر من 17 كتابا عن مناهج وطرق التدريس للدولة التي ولدت فيها وعمل هو بها. كبرت واقترنت المتعة الخالصة في الفن بالعلم فبدأ يحدثني عن التشريح، والمنظور والتكوين في العمل الفني فيكبر الحلم وأجدني أسير علي دربه وأسعي للالتحاق بإحدي كليات الفنون وكان ذلك... نذهب إلي المعارض والمتاحف الفنية باستمرار ونتناقش لساعات حول كتاب في الفن. وتمر الأيام وقد كبرت علي محبة الفن بسبب مدرس الرسم.. أبي! وقد كان لحضور أبي الطاغي أثره علي دور مدرس الرسم حيث كان هو الملهم الأول، وإن كنت أذكر مدرس المرحلة الاعدادية والثانوية وكيف بعد عودتنا إلي القاهرة ذهبت مع مدرستي لأعرض لوحتي في برنامج »بابا ماجد» للمواهب، واحتفت بنا المدرسة فلم يقتصر دورها داخل حدود حجرة الرسم والتي امتلأت بالخامات المختلفة -التي أصبح وجودها نادرا في السنين اللاحقة - بل امتد خارج أسوارها، وكانت الحلقة مكتملة فمكتبة المدرسة تدعم الطلاب بالكتب وكنا نستمتع بالأنشطة المختلفة بين البستنة والتدبير المنزلي والموسيقي ولم تر إدارة المدرسة أن هذه المواد تكميلية أو إضافية بل إنها تلعب دورا أساسيا في شخصية الطفل التي لا تكتمل دون وجود المواد الإبداعية. تضيف سحر: لا شك أن الفن يشكل وجدان الطفل ويمثل مدرس الرسم الوسيط بين الفن والطفل. والمدرس المبدع يقدم الفن كجزء من الحياة اليومية ويجعله يشتبك مع باقي المواد الدراسية ليتحول التعليم إلي نوع من اللعب وليس التلقين، ويصير الرسم نبض الحياة فتتغير نظرتنا الاعتيادية لما حولنا ونقدر الجمال مبتعدين عن القبح وربما الحروب التي تدمر العالم، خالقا جيلا متذوقا للفن حتي وإن لم يصبح ممارسا له. مدرس الرسم الموهوب يقدم الأعمال الفنية لكبار الفنانين العالميين والمصريين لطفل المرحلة الابتدائية ويجعله مجربا للخامات، مكتشفا جمالياتها دون أن يفرض قواعد الرسم الصحيحة والرؤية الواقعية علي تلك المرحلة التي لها ما يميزها من سمات ويسودها الخيال، فيقويه ويقيم المعارض الفنية لأعمال تلاميذه ليعزز ثقتهم بأنفسهم ثم يخرج الرسم من حيز حجرته الصغيرة ليشمل جدران المدرسة والشوارع المحيطة ليضيء طريقا.