هذا العنوان ليس جديدا، فمنذ أكثر من خمس سنوات كتبت «تعتعة» فى «الدستور» بعنوان «أولادنا والحزب الوطنى الإخوانى»، سوف أورد نصها بعد قليل، ودار الزمان وكان ما كان، وارتفع الستار عن الإخوان، وأنا أعرف -بحكم سنى- هذه الجماعة بالطول، وبالعرض، وأستطيع الجزم أنها تمثل حاليا مَن تمثل، لذلك لم أرفض هذه الأغلبية التى أتت بها لأنها أغلبية حقيقية حسب قواعد اللعبة، وإن كنت قد أعلنت تحفظى الدائم على آلية ديمقراطية الإنابة بأصوات الصناديق، فهى هى الآلية التى تجعل بوش وشارون وأوباما رؤساء لدولهم يطيحون فى الناس قتلا وكذبا واستغلالا، ولكن -كما علمنى شيخى- بما أنه ما دام ليس عندى بديل إلا ما هو أسوأ، فهؤلاء الإخوان يمثِّلون الأغلبية. حين زاد الهمس، ثم الإعلان عن أن سيناريو الحزب الوطنى يتكرر تحت لافتة إسلامية، تذكَّرت فجأة تلك التعتعة/القصة القديمة التى كتبتها منذ أكثر من خمس سنوات بتاريخ 31 يناير 2007 وهى التى أُورد نصها حالا: (1) قالت البنت: «حزب يعنى ماذا يا أبى؟»، قال أبوها دون أن يلتفت إليها: «حزب يعنى حزب»، قالت «يعنى ماذا بجد؟»، قال «يعنى، قصدى يعنى، حزب يعنى الحكومة». قالت البنت: «حكومة تعنى ماذا؟»، قال: «تعنى حكومة الحزب»، ثم أردف: «ما هذا الذى تشغلين نفسك به؟ كنت أحسب أن هذه أمور لا تخطر على بالكم هكذا، انتهِى من الواجب أولا وسوف أجيبك عن أسئلتك فى ما بعد»، قالت «أنت تضحك علىّ مثل كل مرة، تماما مثل الحكومة»، قال لها: ها أنت تعرفين الحكومة أحسن منى، من أين لك أن الحكومة تضحك علينا»، قالت: «من حضرتك، ومن أمى، ومن خالتى أم عوض زوجة عم علِى البواب ومن عم منصور البقال، كلكم تقولون ليل نهار، إن الحكومة تضحك علينا، ثم سمعت من أخى أن كل ذلك بسبب الحزب، حزب يعنى ماذا يا أبى؟ هل يجوز أنه السبب فعلا؟»، قال لها: «يجوز، فى هذا الزمن كل شىء جائز». (2) قال أخوها الأكبر لأمه: هل الحكومة يا أمى هى الإخوان؟، قالت الأم: إيش عرَّفنى.. اسأل أباك، قال الولد: أختى تقول إن أبى قال لها إن كل شىء جائز، قالت الأم: ربما، ما دام الاثنان هاجا معا على حكاية الحجاب هكذا، قال الشاب: أنت محجبة يا أمى من أجل الحكومة أم من أجل الإخوان؟ قالت له: لا هذا ولا ذاك، أنا محجبة لأنى محجبة، وخلاص، إيش دخّل الحكومة أو الإخوان فى حجابى، قال: لا أعلم، أنا محتار. قالت الأم: عليك بأبيك يحل حيرتك، هو يدَّعى معرفة كل شىء. (3) قالت الأم للأب: مال العيال هذه الأيام يسألوننى أسئلة ليس لى دخل بها؟ قال الرجل: ولا أنا، قالت الأم: أنت السبب، ألم أطالبك بالكف عن شراء الصحف، نحن أوْلى بثمنها، قال لها: وهل فى الصحف شىء؟ قالت: فلماذا تشتريها وتمضى أغلب وقتك تبحلق فيها؟ قال لها: هل تريديننى أن أتفرغ لمشاهدة مريلة مطبخ ست الحسن والجمال؟ قالت له: بطل قلة أدب أحسن لك، وحاول أن تجيب أولادك عما يسألونك عنه، قال لها: وهل أنا أعرف الإجابة؟ قالت له: اسم النبى حارسك يا فالح. (4) قالت البنت لأخيها: لماذا هم لا يفهموننا هكذا؟ قال لها: لأن أمورنا لا تعنيهم، قالت البنت: ولماذا خلّفوننا إذن؟، قال أخوها: كانت الدنيا برد فخلّفونا، بالصدفة، قالت البنت: يعنى ماذا؟ قال لها: حين تكبرين سوف تفهمين، قالت له: هكذا يقول لى أبى باستمرار، ناسيا أنه كبير وما زال لا يفهم شيئا، قال الولد: عيب هكذا، قالت البنت: هل يمكن أن يتصنع أبى أنه لا يفهم حتى لا تغضب منه الحكومة؟ قال الولد: ماذا تقولين؟ الحكومة لا يغضبها حتى ما تفعله إسرائيل بالفلسطينيين ولا أمريكا بالعراق، ثم إنها مشغولة عنهم وعنا بالإخوان، قالت البنت: وهل هناك فرق؟ قال أخوها: فرق بين ماذا وماذا؟ قالت: بين الحكومة والإخوان، الاثنان يريداننى أن ألبس الحجاب وخلاص، قال الشاب: وهل ستلبسينه؟ قالت البنت: لا أعرف، قال لها ومتى تعرفين؟ قالت اسأل أمى. (5) قال الولد لأخته: هل تعرفين لماذا خلعت أمى الحجاب؟ قالت البنت: لقد سألتها، وقالت لى كالعادة، اسألى أباك، قال الشاب: وهل سألتيه؟، قالت نعم، قال الشاب: وماذا قال؟، قالت: ضَحِك، وأعطانى كتابا ضبطه معها فى الموضوع، وقد وضعت فيه ورقة منزوعة من «الأهرام» بها حديث واحدة اسمها الجبالى عن الحجاب، قال الشاب: يا خبر، هل أمى تقرأ كتبا؟ قالت البنت: وهل قراءة الكتب حرام، قال الشاب: لقد كنت أحسبها نسيت القراءة والكتابة رغم الليسانس، أضافت البنت: لكنها قرأت، وفعلتْها، قال الولد: برافو عليها، لكن كيف ستخرج إلى الشارع عارية هكذا؟ صاحت البنت: ماذا تقول؟ قال الشاب: ولا حاجة. (6) سألت البنت أمها: هل أنتِ مع الحكومة أم مع الإخوان؟ قالت الأم: أنا مع ربنا. قالت البنت: وهل هذا هو الذى جعلك تخلعين الحجاب؟ قالت الأم: نعم، ربما لأدعو عليهما هما الاثنين وأنا كاشفة رأسى، هكذا علَّمتنى أمى حتى تُستجاب الدعوة. قالت البنت: وأنا أريد أيضا أن أكون مع ربنا. قالت الأم: يا ليت. ثم بعد خمس سنوات فى 7/4/2012 قالت الأم: هل تذكرين يا حبيبتى؟ قالت البنت: نعم أذكر، قالت الأم: أنا لم أحدد لك السؤال؟ قالت البنت: ليس مهمًّا لكننى أذكر وأتذكر. قالت الأم: هل كنتِ أنتِ وأخوك تتصوران هذا حين فعلتما ما فعلتما، قالت البنت: الحمد لله أننا لم نتصور أى شىء إلا أننا بشر لنا كرامة، ومن حقنا أن نقول «لا» وأن ندفع ثمنها. قالت الأم: وما العمل الآن؟، قالت البنت: كل خير؟، قالت الأم: لكنهم رجعوا تحت لافتة الدين وهذا أخطر. قالت البنت: ولكننا باقون لهم تحت لافتة ربنا ومصرنا. قالت الأم: ولكن متى؟ قالت البنت: حين تصل الإهانات الجديدة والتضليل الأخبث إلى مستوى الانفجار سوف ينصلح الحال. قالت الأم: الانفجار وحده لا يصلح الأحوال. قالت البنت: لكنه يعلن ضرورة التغيير، قالت الأم: أصبحت أشك فى كل شىء، قالت البنت: عندك حق، لكن لا يوجد سبيل آخر، ومن يرد الجميلة يدفع مهرها. قالت الأم: من هى الجميلة؟ قالت البنت: مصر.