«الداخلية» الآن تُدار من خلال السلطة القائمة والممثَّلة فى الرئيس محمد مرسى الذى أصبحت لديه صلاحيات أكبر من أى رئيس أو مَلك لمصر، بالإضافة إلى جماعته التى ينتمى إليها والتى ما زالت تحتفظ بتنظيمها «السرى» على الرغم من إنشائها حزبا سياسيا.. أصبح الحزب الحاكم. ولم تتعلم «الداخلية» الدرس من الثورة، والتى كانت ممارستها عبر سنوات طويلة فى القهر والقمع والاعتقالات العشوائية وتزوير الانتخابات من أجل السلطة الحاكمة ورعاية مشروع التوريث، فضلا عن التعذيب الممنهج فى أقسام الشرطة والمعتقلات وأماكن الاحتجاز.. فكانت تلك الممارسات وقودا للثورة على مبارك ونظامه. وعادت الداخلية إلى ممارسة هذا العنف والقهر ضد المواطنين مرة أخرى. وبعد تغيير «يافطة النظام» من حسنى مبارك وحزبه الوطنى الفاسد إلى محمد مرسى وجماعة الإخوان وتنظيمها السرى الذى لم يتخيل حتى الآن أنه فى السلطة وأنه صاحب القرار.. فيريد أن يكون أيضا فى المعارضة ويوجّه المعارضين والقوى السياسية الأخرى من أجل الرضا بأفكار «تافهة» وشخصيات عاجزة لإدارة البلاد. وما العنف الذى تمارسه «الداخلية» الآن فى شوارع محمد محمود ويوسف الجندى وقصر العينى والشوارع المحيطة منذ يومين فى احتفال الثوار بالذكرى الأولى لأحداث محمد محمود -التى سقط فيها شهداء على يد العسكر والشرطة واتهامات الإخوان للثوار بالبلطجة والفوضوية وتنفيذ أجندات أجنبية من خلال تمويلهم وحصولهم على أموال خارجية- إلا استمرار عنف الشرطة الذى تنفذه الآن لصالح جماعة الإخوان.. والرئيس محمد مرسى. والغريب حالة الصمت المريبة التى سيطرت على الرئيس محمد مرسى الذى لا يترك مناسبة إلا ويتكلم فيها.. حتى عزاء شقيقته تكلم فيه عن غزة، ولم يتكلم عما يجرى فى «محمد محمود» وكذلك قياداته فى الجماعة، دعكم من شخصيات فقدت سيطرتها، وأصحبت «جعجاعة» لم تفرّق كثيرا عن قبضايات الحزب الوطنى.. والتى ما زالت تردد ما كانت تقوله الجماعة عن الثوار فى أحداث «محمد محمود» 2011. وحتى بعد أن سقط أول شهيد فى الذكرى الأولى لمحمد محمود.. وهو جابر صلاح الشهير ب«جيكا»، لم يخرج الرئيس محمد مرسى وجماعته ليتحدث أو يقدم تعازيه إلى أهله والشعب المصرى والثوار.. وهو الذى ادّعى أنه ممثل الثورة واستطاع أن يقتنص الرئاسة باعتباره ممثلا للثوار. وإنما أرسل محمد مرسى رئيس وزرائه هشام قنديل، فى رعاية وزير الداخلية أحمد جمال الدين لزيارة المصابين من الشرطة وشكرهم على ما يفعلونه فى المظاهرات من إطلاق القنابل المسيلة للدموع والخرطوش الذى أصاب الشهير جابر صلاح فى مخه.. ولم يفكر الرجل فى زيارة المصابين من الشباب والثوار فى الأحداث وكأنهم تحولوا إلى الأعداء والبلطجية. لكن مسؤولية سقوط الشهير جابر صلاح تقع على مَن الآن؟! بلا شك كما اتهمت المحكمة مبارك والعادلى بالمسؤولية عن سقوط شهداء فى ثورة يناير.. فإن محمد مرسى وأحمد جمال الدين مسؤولان مسؤولية كاملة وجنائية عن الشهيد. وستظل هذه الجريمة ملتصقة بهما، ولن ينساها التاريخ، كما هو الآخر مع مبارك والعادلى. لقد كان الشهيد جابر صلاح يتوقع استشهاده وترك وصية لزملائه لاستكمال الثورة والحصول على حقوق الشهداء. وقد ترك رسالة مؤثرة لعل محمد مرسى وجماعته وجنرالات الداخلية قرؤوها -أو يقرؤونها: «دون آخر بوست هاكتبه لحد ما أرجع بكرة من شارع عيون الحرية «محمد محمود» ده لو رجعت: أنا نازل عشان خاطر دم إخواننا وعشان الثورة. نازل عشان أعز صاحب ليا اللى شيلته بإيدى وهو مقتول أسامة أحمد. نازل عشان عيون أحمد حرارة.. نازل عشان أرجّع الثورة اللى راح عشانها آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من المصابين. نازل عشان محمد طه وأحمد يوسف صحابى اللى راحوا فى بورسعيد. نازل عشان بلدى ترجع لنا تانى. لو مارجعتش بقى ماليش غير طلب واحد هو الناس تكمل الثورة وتجيب حقنا». دم الشهيد جابر صابر فى رقبة محمد مرسى وأحمد جمال الدين.