ترتبط قصة وادى الحيتان بتغيرات حدثت قبل وأثناء وبعد تكون صخور الوادى منذ 40 مليون سنة عندما غيرت عمليتان جيولوجيتان - كما يقول الخبراء - وجه الأرض، ففى الأولى أرست الشكل القديم لها وبالثانية طرأت تغيرات عليها وكان البحران التيثى والأبيض المتوسط القديم واللذان يقعان بشمال القارة الأفريقية ويربطهما مع المحيط الهادى ما يعرف بالسعودية أو الجزيرة العربية.. واستمر وجود البحر التيثى سنوات عديدة حتى تغير مناخ الأرض وتكون الثلج بالقطب الجنوبى وتحول المحيطات إلى ثلوج وجفاف البحر التيثى وظهور أرض مصر. الدراسات الجيولوجية أشارت إلى أن صخور وادى الحيتان تكونت من 42 مليون سنة عندما رسبت مياه البحر التيثى رمالاً وغريناً وطيناً وهى التى حفظت رواسب بقايا النباتات والحيوانات القديمة التى كانت تعيش بالبحر فى ذلك الوقت ومن بينها الحيتان التى تحولت بقاياها مع ملايين الأعوام إلى حفريات نراها اليوم ونستمتع برؤيتها داخل أول متحف من نوعه فى الشرق الأوسط، وتم افتتاحه ترويجا للسياحة البيئية. يضم متحف وادى الحيتان حفريتين عظميين كاملتين لهيكلين لحوت الباسيلوريوس إيزيس والأطراف الخلفية والأصابع والكاحل وغطاء الركبة وعظام القدمين الأمامية والخلفية مما يدل على تطور الحيتان من حيوانات أرضية إلى ثدييات بحرية وبه حفريات من عصور مختلفة لأصداف وقنافذ وقرود وأشجار تشبه غابات الأمازون ونبات الشورة المتحجر وذلك داخل صخور لينة ثم أصبحت صحراء.. وهو بيئة طبيعية للحيوانات المهددة بالإنقراض ومنها الغزال الأبيض والمصرى وثعلب الفنك والرمل والذئب والطيور المهاجرة النادرة صقر شاهين والغزال والحر والعقاب النسارى والبط والسمان والتفلق والبلشون والعنز والنباتات البرية الأتل والرطريط الأبيض والعاقول والسمار والغاب والبوص والغردق والحلفا وكان جبل جهنم يشكل قاع البحر التيثى القديم والذى يذخر بثروات طبيعية ويرتبط بمصب لأحد أفرع نهر النيل القديم وذلك للعثور على حفريات لغابات المانجروف. منذ سنوات أعلنت منظمة اليونيسكو وادى الحيتان بأنه منطقة تراث طبيعى عالمى ومن أهم المواقع فى عرض التغيرات التى حدثت للأرض وتظهر سجل الحياة عليها وترسم صورة حية لشكلها أثناء انتقال الحيوانات التى تعيش على اليابسة إلى أخرى توجد بالبحار والمحيطات وتعيدنا إلى ملايين السنين للوراء فى رحلة عبر الزمن لن يستطيع أى مكان آخر بالعالم أن يأخذنا إليها وتتميز بنظام بيئى فريد، فبها الأراضى الرطبة والتراكيب الجيولوجية والعيون المائية والحفريات النادرة فنحن نعيش فوق كنوز وتاريخ لم يصل له شعب آخر.. تحيا مصر وللحديث بقية.
