هذا المقال ليس جديدا في موضوعه.. فقد كتبت مثله قبل حلول شهر رمضان لسنوات عديدة وفي كل مرة أنوه الي أهمية وضرورة مقاطعة التليفزيون الذي اجتمع فيه شياطين الإنس والجن وقدموا أفضل ما لديهم ليأخذوك منه ويسرقوا أوقاتك فيه. فتخرج منه صفر اليدين بل وانت محمل بالذنوب والسيئات، فكما ان الحسنات تضاعف في هذا الشهر حتي ٧٠٠ ضعف فالسيئات تتضاعف بمثل ذلك ايضا.. مع ملاحظة ان اليوم يقبل الله منك مثقال ذرة من العمل ولكن غدا لن يقبل منك ملء الارض ذهبا إذا امتلكته وأردت ان تفتدي نفسك به من العذاب.. نعم.. فليس معقولا أن يضاعف الله الأجور بهذا القدر ليضاعف لك الجزاء ويعطيك فوق ما تحلم به.. بينما انت تعطي ظهرك لله وكأنك لا تريد!! والحقيقة أننا مضحوك علينا في أخطر سرقة علنية نعاني منها جميعا.. واقول نعاني لانك لو سألت نفسك عما معك من رمضان الماضي من لذة المسلسلات والافلام التي شغلتك عن العبادة فلن تجد شيئا.. بينما تضاعفت اجور الصالحين في رمضان الماضي وثمَّرها الله تعالي لهم فيفرحوا بما عملوا عند لقائه.. والسؤال الآن: ما الفرق بين ما يريده الله لك في رمضان، وما تريده لك القنوات الفضائية؟! والاجابة ستجدها بحذافيرها في هذه الآية الواضحة الساطعة مثل الشمس حيث يقول سبحانه: «والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما».. فالله يريد ان يغفر لنا ويعطينا في هذا الشهر ولكن الذين يكرهون ذلك يبذلون ما يستطيعون ليفسدوا عليك هذا العطاء! والغريب ان كل مسلسل يعرض في رمضان سوف يعاد مرات بعد رمضان اذا اردت المتابعة.. ولكن الذي لن يعاد هو وقت قيام الليل وصلاة التراويح وليلة القدر والرحمة والمغفرة والعتق من النار.. فكلها لا تكون الا في رمضان.. والناس كلها تعرف هذا مع ذلك تترك نفسها لشياطين الانس والجن وكأنهم مخدرون مغيبون يريدون تلك اللذائذ الصغيرة التي حفت بها النار فإذا ما نالوها وانقضت مثل فقاعة الصابون الملونة اذا بهم امام الفاجعة إن رمضان انتهي ويستمعون بحسرة لقول النبي «خاب وخسر من أدرك شهر رمضان ولم يغفر له».. وبالمناسبة فإن المطلوب منك في رمضان ليس صعبا ولا عسيرا.. يكفي ان تبر والديك بزيادة شوية وأن تحسن الي جيرانك بالبشاشة والهدية.. وان تصل ارحامك وان تزيد من جرعة الاذكار فيصبح لسانك ذاكرا طوال الوقت وان تهتم بالقرآن فلا يفارقك وان تجتهد لصلاة المسجد وان تدعو غيرك الي ذلك.. هل هذه الأعمال شاقة أو مجهدة.. هل زيارة مريض او قريب لوجه الله مسألة صعبة اذا لم تكن كذلك فاعلم ان هذا هو الدين.. بسهولته وبشاشته وبساطته.. لا اريدك ان تقرأ كل يوم خمسة اجزاء من القرآن وتخرج في نهاية اليوم وليس في جوفك شئ فهمته مما قرأته.. فليس هذا هو المطلوب.. ولا أريدك ان تصلي الليل ٢٢ ركعة وانت تنتظر ان تفرغ منها وكأنها هم ثقيل علي كاهلك.. فكفاك ركعتين فقط تحسنهما وتجملهما وتخشع فيهما.. لا أريدك ان تنفق وانت كاره وإنما تستشعر انك تستثمر ما تنفقه وتضعه بين يدي الله لينميه لك.. نعم الدين جميل وبسيط ولكن هناك من قسا علي الناس فكلفهم فوق ما يطيقون فكرهوا التدين لان تكاليفه باهظة عليهم.. نعم نأخذ الدين خطوة بخطوة حسبما نطيق وبحب واقبال وعلو همة.. إنما يريد الله منك التقوي وسلامة القلب والدليل ان الذين اشار إليهم النبي واكد انهم من أهل الجنة كانوا من البساطة بما يزرع في قلبك الامل ان تكون مثلهم. والباقيات الصالحات والمعوذتين ولا حول ولاقوة إلا بالله.. كنز من كنوز الجنة.. فمن مستعد ان يستقبل رمضان ويفتح قلبه لمولاه بالجد والعزيمة والإخلاص؟! اسعك تقول.. أنا.