جبل الخشب أو الغابة المتحجرة، هي إحدى المناطق التي تحتوى على ثروة طبيعية نادرة وفريدة، وتعتبر أثراً جيولوجياً لا يوجد له مثيل في العالم من حيث اتساعه. وكما يقول مستشار وزير البيئة للمحميات، الجيولوجي محمد إبراهيم، فإن الغابة المتحجرة تكونت عبر ملايين السنين منذ العصر الأوليجوسيني ما بين 32-35 مليون سنة، وهى جزء من التاريخ الجيولوجي العام النادر حدوثه . وقد أصدر رئيس الوزراء قراره رقم 944 لسنة 1989، بإعلان منطقة جبل الخشب محمية طبيعية، وهى تقع على بعد 18 كيلو متر، شرق مدينة المعادي وتبلغ مساحتها سبعة كيلومترات مربعة. وتعتبر هذه المحمية مصدر اهتمام العلماء وطلبة الأبحاث بأقسام الجيولوجيا والنبات بكليات العلوم المصرية والعالمية والمهتمين بتاريخ الأرض وكنوزها وبعلوم التاريخ الطبيعي، وبدراسة الرواسب القارية والحفريات التي ترتبط دراستها بالكيمياء الجيولوجية والفيزياء الجيولوجية. وتذخر منطقة الغابة المتحجرة بوجود سيقان وجذوع الأشجار المتحجرة بكثافة ضمن تكوين جبل الخشب، وهي غنية ببقايا وجذوع وسيقان الأشجار الضخمة المتحجرة والتي تأخذ أشكال قطع صخرية ذات مقاطع اسطوانية تتجمع مع بعضها على شكل غابة. ولكن كيف تكونت هذه الغابة، هنا يرى د.محمد إبراهيم في كتابه الرائع المحميات الطبيعية في مصر، والذي صدر عن وزارة الدولة لشؤون البيئة هذا العام، إن هناك رأيين لتكوين الخشب المتحجر، الرأي الأول يشير إلى أن مادة الرمل " ثاني أكسيد السليكون"، لها دور في عملية الاستبدال للرمل محل المادة الخشبية، فالرمال لا تذوب إلا في حامض الادروفلوريك وهو حامض يصحب الانبعاثات الأرضية الحارة والمائية التي قد تكون على شكل بركاني أو إرهاص بحدوث بركان، فإذا ما خرج هذا الحمض إلى سطح الأرض وأذاب بعض الرمال تشبعت به المياه الجارية والجوفية وعندما تغمر هذه المياه المشبعة بالسليكا تصيب الأوعية الخشبية بما يشبه التصلب أي تصير خشباً متحجراً . أما الرأي الثاني، فهو أنه حدث استبدال جزئ سليكا وبعض المعادن، مثل الحديد والمنجنيز والكبريت محل المادة الخشبية، فيتحول الخشب إلى حجر مع احتفاظه بكل تفاصيله من أنسجة وخلايا نباتية . ويجمع العلماء على أن جذوع وسيقان الخشب نقلت بواسطة مياه الأنهار إلى أماكن تجمعها الحالية حيث تم تحجرها، ومن هنا يرجح أن تكوين الغابة المتحجرة بالمعادي يرجع إلى أن أحد فروع نهر النيل القديم في العصور الجيولوجية السحيقة، قد حمل هذه الأشجار إلى مسافات طويلة وألقاها في هذا المكان ثم تحجرت فيه، وأصبح الخشب المتحجر نوعاً من أنواع الحفريات التي تساعد على دراسة وتسجيل الحياة القديمة للأرض . ويعاني جبل الخشب من اعتداء أصحاب المحاجر الذين يقطعون هذه الكتل الصخرية الحفرية ضمن أعمال استخراج الرمل والزلط والأحجار من المنطقة، ولهذا فإن المطلوب زيادة الاهتمام بما تبقى من هذا الجبل النادر حتى يمكن إلقاء الضوء على التاريخ الجيولوجي القديم والنباتات المتحجرة. ولابد أيضاً من إصدار حصر عن تلك الأشجار المتحجرة ومقارنتها بالخشب المتحجر في وادي النطرون وغرب الأهرام بالجيزة والغابة المتحجرة بالفيوم وعمل خرائط مساحية وجيولوجية وجيومورفولوجية لتوزيع الخشب المتحجر على أرض مصر والاستفادة من هذه الظاهرة في الجذب السياحي للمهتمين بهذه الظواهر، إلى جانب إتاحة الفرصة للدارسين والباحثين للتعرف على هذا التراث الجيولوجي النادر على مستوى العالم .