حماية المنافسة: تحديد التجار لأسعار ثابتة يرفع السلعة بنسبة تصل 50%    رئيس «مصر العليا»: يجب مواجهة النمو المتزايد في الطلب على الطاقة الكهربائية    نشرة منتصف الليل| الحكومة تسعى لخفض التضخم.. وموعد إعلان نتيجة الصف الخامس الابتدائي    محافظ بني سويف: الرئيس السيسي حول المحافظة لمدينة صناعية كبيرة وطاقة نور    بعد الانخفاض الكبير في عز.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد بالمصانع والأسواق    غارات إسرائيلية تستهدف محيط مخيم النصيرات في غزة    معين الشعباني: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    وسام أبو علي: نسعى للتتويج باللقب في جولة الإياب أمام الترجي    نجم الأهلي السابق: الزمالك يستطيع حصد لقب كأس الكونفدرالية    محمود أبو الدهب: الأهلي حقق نتيجة جيدة أمام الترجي    باقي كام يوم على الإجازة؟.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    شافها في مقطع إباحي.. تفاصيل اتهام سائق لزوجته بالزنا مع عاطل بكرداسة    الأرصاد تكشف موعد انخفاض الموجة الحارة    حظك اليوم برج العذراء الأحد 19-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    سامح يسرى يحتفل بزفاف ابنته ورقصه رومانسية تجمعهما (صور)    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    «الداحلية» تكشف تفاصيل قيام قائدي السيارات بأداء حركات استعراضية بموكب زفاف بطريق «إسماعيلية الصحراوي»    إجراء من «كاف» ضد اثنين من لاعبي الأهلي عقب مباراة الترجي    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    قفزة جديدة ب160 جنيهًا.. سعر الذهب اليوم الأحد 19 مايو 2024 بالصاغة (آخر تحديث)    بعد ارتفاعه.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 19 مايو 2024    مدرسة ناصر للتربية الفكرية بدمنهور تحصدون المراكز الأولى في المسابقة الرياضية    أوكرانيا تُسقط طائرة هجومية روسية من طراز "سوخوى - 25"    رئيس الموساد السابق: نتنياهو يتعمد منع إعادة المحتجزين فى غزة    رقصة على ضفاف النيل تنتهي بجثة طالب في المياه بالجيزة    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    مدافع الترجي: حظوظنا قائمة في التتويج بدوري أبطال أفريقيا أمام الأهلي    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    ماجد منير: موقف مصر واضح من القضية الفلسطينية وأهداف نتنياهو لن تتحقق    أخذتُ ابني الصبي معي في الحج فهل يصح حجُّه؟.. الإفتاء تُجيب    صرف 90 % من المقررات التموينية لأصحاب البطاقات خلال مايو    تزامناً مع الموجة الحارة.. نصائح من الصحة للمواطنين لمواجهة ارتفاع الحرارة    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    الهبوط والعصب الحائر.. جمال شعبان يتحدث عن الضغط المنخفض    البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي الأمريكي سيبحث مع ولي العهد السعودي الحرب في غزة    «غانتس» يمهل نتنياهو حتى 10 يونيو لتحديد استراتيجية واضحة للحرب.. ورئيس الحكومة يرد: هذه هزيمة إسرائيل    على متنها اثنين مصريين.. غرق سفينة شحن في البحر الأسود    تونس.. ضبط 6 عناصر تكفيرية مطلوبين لدى الجهات الأمنية والقضائية    مسلم يطرح أحدث أغاني ألبومه الجديد «اتقابلنا» (تعرف على كلماتها)    «فايزة» سيدة صناعة «الأكياب» تكشف أسرار المهنة: «المغزل» أهم أداة فى العمل    حدث بالفن| حفل زفاف ابنة الفنان سامح يسري ونجوم الفن في عزاء زوجة أحمد عدوية وإصابة مخرج بجلطة    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    حريق بالمحور المركزي في 6 أكتوبر    مصرع شخص في انقلاب سيارته داخل مصرف بالمنوفية    إعادة محاكمة المتهمين في قضية "أحداث مجلس الوزراء" اليوم    وزير روسي: التبادلات السياحية مع كوريا الشمالية تكتسب شعبية أكبر    نقص أوميغا 6 و3 يعرضك لخطر الوفاة    أدعية مستحبة خلال مناسك الحج.. تعرف عليها    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    نموذج إجابة امتحان اللغة العربية للصف الثالث الإعدادي محافظة الجيزة    إطلاق أول صندوق للطوارئ للمصريين بالخارج قريبًا    «الأوقاف» تفتتح 10 مساجد بعد تجديدها الجمعة المقبلة    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخيمات "الهايكستب": 196 أسرة بلا مأوى تصارع الجوع والمرض

طردتهم الحكومة من مساكن النهضة وأسكنتهم خياما بمركز شباب الهايكستب ووعدت بنقلهم إلى أماكن أخرى، ولكن مرت الأيام والأسابيع والشهور وتبين أن وعود المحافظة مجرد وعود..!
تحول الأمر إلى أزمة إنسانية فهناك 196 أسرة تعيش في خيام داخل مركز شباب ينامون في العراء وسط الثعابين والكلاب الضالة، حياتهم صحراء لا يشعر بهم أحد، لا عمل ولا دخل ولا مأوى ولا تعليم للأطفال.
ضاعت أحلامهم البسيطة بين أمواج وتقلبات المعيشة الصعبة التي أظهرت بؤسهم وضعفهم علي مدار 3 أشهر، ينظرون إلى أبنائهم الذين أجبرتهم ظروفهم المضطربة على ترك مدارسهم ويجلسون يندبون حظهم الأسود الذي ربط مصائرهم بوعود حكومية، اعدادهم تقترب من 1000 فرد تركوا منازلهم الصغيرة بالنهضة عنوة بعد أن قامت محافظة القاهرة باستخدام القوه في إخراجهم منها برئاسة محافظ القاهرة د.جلال السعيد.
بدءوا فصلا أخر من مشاهد تحمل بين ثناياها كل أشكال العذاب والفقر والجوع داخل مركز شباب الهايكستب.
بوابة أخبار اليوم ترصد في هذا التحقيق المأساة التي يعيشها سكان مخيم الهايكستب وموقف محافظة القاهرة منها.
تقول ميرفت محمد من سكان مخيم مركز شباب الهايكستب إن محافظ القاهرة استعان بقوات الأمن لطرد أكثر من 250 أسرة كانوا يعيشون في مساكن بالنهضة ووعد الأهالي بأنهم سيستلمون وحدات سكنية بديلة خلال ثلاثة أيام مقابل إخلاء الشقق في هدوء، كما وعد الأهالي بالإقامة في مخيمات بمركز شباب الهايكستب لحين توفير الوحدات السكنية البديلة، لكننا حتى الآن لم نستلم شيئا، لنتأكد أنها كانت وعودا كاذبة خدعت الأهالي من أجل التهجير القسري لهم دون مقابل.
وأضافت: "إحنا مصريين ومش عارفين هم بيعاملونا كده ليه؟! رمونا في مركز الشباب من 3 شهور ومحدش سأل فينا.. بناتنا بيتعرضوا للتحرش وعرضنا أتكشف والناس بتبص علينا وإحنا بنستحمى.. كلاب السكك والثعابين بتنهش فينا ومحافظة القاهرة ضحكت علينا، وتضيف أن يومها تقضيه في حراسة بناتها الثلاث اللاتي أخرجتهن من المدارس بسبب الظروف وبعد المكان.
العودة إلى المدرسة
يستيقظ طيلة يومه ليحمي والده ووالدته من الحشرات التي أصبحت تدخل عليهم الخيام على مدار اليوم.. والده مريض بالقلب يجلس على كرسي ولا يستطيع التحرك.. أما والدته فتستيقظ منذ الساعات الأولى من الصباح تحاول إبعاد الحشرات عن الخيمة التي ينامون بها والتي أصبحت تنغص عليهم حياتهم.. هو محمود السيد الذي ينتمي لأسرة مكلومة جارت عليها محافظة القاهرة من ضمن 196 أسرة شردت بأبنائها وأطفالها بعد طردهم من شققهم التي لا تتعدى ال 67 مترا.
محمود له شقيق آخر يدعي سمير ولكنه الصغير وهو الذي يعمل "ارزوقي" وينفق عليه وعلى والديه، اما محمود فيظل على مدار اليوم بأكمله بجانب والديه.. محمود اصطحبنا إلى دورة المياه المشتركة التي لا تتعدى مترا في متر داخل مركز شباب الهايكستب الذي يقطنون به لنفاجأ بمجموعة من الأطفال يخرجون منها علي الرغم من أن مساحتها لا تستوعب هذا الكم.. أما الخيام فقد أحاطتها القمامة برائحتها الكريهة من جميع الاتجاهات والتي أصابت والده بمرض صدري إلى جانب مرض القلب والتي جعلت الحشرات تهاجمهم داخل الخيام بشكل مستمر مما عرض حياتهم للخطر.
محمود وأسرته كل ما يتمنونه أن يعودوا إلى شقتهم الصغيرة مرة أخرى بالنهضة خشية تعرض حياة والده المريض للانهيار أكثر وأكثر.. وحتى تتمكن شقيقته الصغيرة من العودة إلى المدرسة التي أجبرتها الظروف على تركها حيث أنها تقع بالنهضة وتبعد مسافة كبيرة عن المكان الذي يقطنون به حاليا.
احنا الغلابة
أما رمضان صالح الذي يبلغ من العمر 59 عاما فقد اضطرته هذه الظروف الصعبة إلى أن يترك أبناءه الأربعة في أماكن شتى بعيدا عن الغرق في تلال القمامة والجلوس بجانب الحشرات والقمامة.
يجلس وحيدا داخل خيمته التي لا تتسع سوى لنومه فقط، فمنذ 3 أشهر أي الفترة التي خرجوا فيها من شققهم وجلسوا داخل مركز شباب الهايكستب لم ير أبناءه الأربعة ولو مرة واحدة.. فهو حتى لا يملك قيمة المبلغ الضئيل الذي من خلاله يذهب حيث أودعهم ليطمئن عليهم، حتى عمله ك"أرزقي" بالموسكي وخان الخليلي لم يستطع الذهاب إليه بسبب ضيق ذات اليد الذي أجبره على عدم الخروج من مركز الشباب نهائيا.
عم رمضان يطلب من الله أن يعود سريعا إلى شقته بالنهضة حتى يستطيع أن يعيد أبناءه من جديد ليعيشوا معه خاصة أن الشتاء على الأبواب ولن يستطيعوا البقاء داخل ساحة مركز شباب الهايكستب وسط أمطار الشتاء القارس وبرودة الطقس التي تشهدها الأيام المقبلة.
وبعث عم رمضان برسالة إلي الرئيس عبدالفتاح السيسي جاء فيها "يا سيادة الرئيس إحنا الغلابة اللي انتخبوك وأحبوك خلي بالك مننا".
ذكريات
حسنين عبد الخالق 62 عاما هو عمره الذي أفناه في البحث عن الرزق لينفق على بناته اللاتي تركتهن له زوجته وهجرته بدون رجعة، مصدر رزقه انقطع بسبب انقطاعه عن الذهاب إليه لضيق ذات يده منذ أن طرد من شقته بالنهضة هو وبناته.. حياته الأليمة جعلته يجلس داخل كل خيمة بمركز الشباب ليتسول لقمة العيش.
ترك شقته ومعها ذكرياته البسيطة ومتعلقات بناته لعله يرجع إليها قريبا، اضطر أن يودع بناته الأربع في منزل أهل والدتهم التي انفصلت عنه منذ فترة ليست قصيرة، طالب حسنين رئيس الجمهورية بأن يتدخل مباشرة لحل مشكلة 196 أسرة مصيرهم ومصير أبنائهم يتعلق بكلمة منه تجعل حياتهم الجحيمة جنة داخل شقة لا تتعدى 67 مترا .
لا ننام
"ارحمونا واغيثونا حرام والله اللي بيحصل فينا ده عيالنا اتشردوا وماتوا من الجوع" بهذه الكلمات بدأت حديثها أمنية سيد من سكان المخيمات والتي تعاني من مرارة الحياة داخل المخيمات.
قائلت: "والله ما بنعرف ننام من الخوف والقلق فالحياة تحولت إلى جحيم وكل أحلامنا بيت يسترنا ويحمينا من الحر والبرد والفقر والمرض، مضيفة أنها تعاني من مرض السكر ومن قلة المال وضعف الحال جعلها توفر ثمن الدواء لكي تطعم أولادها.
وأضافت: "الشقق التي تم انزالنا منها اتباعت وإحنا واقفين قدام عينينا"، مناشدة الرئيس السيسي بضروة توفير حياة آدمية لهم.
عربية الزبالة
وتقول سعاد محمد من سكان المخيمات نقلوا عفشنا في عربيات الزبالة من مساكن النهضة وتركونا في مركز الشباب نعاني الآمرين "بنخرج نشحت من الشارع علشان نأكل عيالنا".
وأوضحت انه في أيام رمضان كانوا يذهبون إلى موائد الرحمن القريبة من مركز الشباب حتى أن صاحب المائدة طردهم من كثرة عددهم.
وترى أن ما يحدث لا يرضي أحدا وان هناك أناسا كثيرين جاءوا إليهم وطالبوهم بالخروج والتظاهر في شوارع مصر وأمام مجلس الوزراء ولكنهم رفضوا خوفا على مصلحة البلد.
وتضيف حمدية رمضان من سكان الخيام قائلة: "بناتي مقعداهم عند البيوت اللي بيشتغلوا فيها خوفا عليهم من هذا المكان الخطر، مش عايزين بعد ما مشينا خطوة نحو الاستقرار نرجع تاني للمظاهرات".
خوف وضلمة
وأوضحت رضا أحمد من سكان المخيمات: "خدنا الشقق على الطوب الأحمر وقعدنا فيها وقمنا بتشطيبها علشان تصلح للحياة وبعد كده خدوها منا.. أنا مريضة بالسرطان وكمان أصبت بشلل رباعي في هذا المكان.. نروح لمين ؟.
وأكدت: "بليل بنخاف نروح إلى دورات المياه خوفا من الكلاب والثعابين والمتربصين المتواجدين بالمنطقة"، وأضافت أنهم امسكوا بأحد الشباب ينظر عليهم من الشباك أثناء الاستحمام، وتضيف انه لا مياه ولا نور هنا.
تهديد بالطرد
من جهة أخرى كشفت المفوضية المصرية للحقوق والحريات أن هذه الأسر "تعيش حياة غير آدمية"، بعد نقلها إلى هناك في 26 يونيو الماضي بواسطة قوات الأمن إلى مركز شباب الهايكستب، وإخلائهم قسرا من وحداتهم السكنية بمساكن منطقة النهضة بمدينة السلام، بدعوى أنهم "غير مستحقين لها".
أضافت: "الحكومة ألقت بتلك الأسر في حياة أشبه بحياة اللاجئين، حيث يبيت الأهالي داخل خيام مصنوعة من البطاطين والملاءات، فضلاً عن معيشتهم في وضع غير إنساني، حيث تستخدم جميع الأسر دورة مياه واحدة للرجال والنساء معًا، ما يعرض النساء لمخاطر عدة، كما لا يوجد إلا صنبور واحد فقط لمياه الشرب".
وأشارت إلى أنه بعد إجلائهم قسرا من منطقة النهضة، وعدتهم محافظة القاهرة بإيجاد حل لهم خلال 3 أيام من الإخلاء، وهو ما لم يحدث خلال شهرين كاملين، موضحة أن القوة التي عينتها الحكومة لحراستهم رحلت بعد 3 أيام من الإخلاء، كما أن مديرة مركز الشباب تهددهم بالطرد يوميًا.
وأكدت المفوضية أن تلك الأسر "وقعت ضحية التخبط الحكومي"، خاصة أن المساكن التي أجلتهم منها كان سكنهم فيها بمعرفة موظفي المحافظة في 2011 حتى يتم بحث حالاتهم، بينما ترى المحافظة أنهم غير مستحقين لوحدات سكنية، رغم وجود دعاوى قضائية مازالت منظورة أمام المحاكم ضد طردهم.
وطالبت المفوضية محافظة القاهرة بسرعة حصر الأسر الموجودة بمركز شباب الهايكستب، وتوفير مساكن بديلة ملائمة لهم أو تعويضهم، ووقف التهديد بإجلائهم قسرا من المركز لحين حل قضيتهم.
حصر.. وفحص
من جانبه أكد نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية اللواء ياسين طاهر انه تم حصر أعداد الأسر بمخيمات مركز شباب الهايكستب وتبين أن عددها 196 أسرة.
وقال إنه يجرى فحص ملفات هذه الأسر لتحديد المستحقين منهم لوحدات سكنية تمهيدا لتوفير الشقق اللازمة لهم، مؤكدا أن وجودهم داخل مخيمات في مركز الشباب مؤقت لحين حل مشكلتهم، مضيفا أن نقلهم لمركز الشباب أفضل من تركهم في الشارع.
طردتهم الحكومة من مساكن النهضة وأسكنتهم خياما بمركز شباب الهايكستب ووعدت بنقلهم إلى أماكن أخرى، ولكن مرت الأيام والأسابيع والشهور وتبين أن وعود المحافظة مجرد وعود..!
تحول الأمر إلى أزمة إنسانية فهناك 196 أسرة تعيش في خيام داخل مركز شباب ينامون في العراء وسط الثعابين والكلاب الضالة، حياتهم صحراء لا يشعر بهم أحد، لا عمل ولا دخل ولا مأوى ولا تعليم للأطفال.
ضاعت أحلامهم البسيطة بين أمواج وتقلبات المعيشة الصعبة التي أظهرت بؤسهم وضعفهم علي مدار 3 أشهر، ينظرون إلى أبنائهم الذين أجبرتهم ظروفهم المضطربة على ترك مدارسهم ويجلسون يندبون حظهم الأسود الذي ربط مصائرهم بوعود حكومية، اعدادهم تقترب من 1000 فرد تركوا منازلهم الصغيرة بالنهضة عنوة بعد أن قامت محافظة القاهرة باستخدام القوه في إخراجهم منها برئاسة محافظ القاهرة د.جلال السعيد.
بدءوا فصلا أخر من مشاهد تحمل بين ثناياها كل أشكال العذاب والفقر والجوع داخل مركز شباب الهايكستب.
بوابة أخبار اليوم ترصد في هذا التحقيق المأساة التي يعيشها سكان مخيم الهايكستب وموقف محافظة القاهرة منها.
تقول ميرفت محمد من سكان مخيم مركز شباب الهايكستب إن محافظ القاهرة استعان بقوات الأمن لطرد أكثر من 250 أسرة كانوا يعيشون في مساكن بالنهضة ووعد الأهالي بأنهم سيستلمون وحدات سكنية بديلة خلال ثلاثة أيام مقابل إخلاء الشقق في هدوء، كما وعد الأهالي بالإقامة في مخيمات بمركز شباب الهايكستب لحين توفير الوحدات السكنية البديلة، لكننا حتى الآن لم نستلم شيئا، لنتأكد أنها كانت وعودا كاذبة خدعت الأهالي من أجل التهجير القسري لهم دون مقابل.
وأضافت: "إحنا مصريين ومش عارفين هم بيعاملونا كده ليه؟! رمونا في مركز الشباب من 3 شهور ومحدش سأل فينا.. بناتنا بيتعرضوا للتحرش وعرضنا أتكشف والناس بتبص علينا وإحنا بنستحمى.. كلاب السكك والثعابين بتنهش فينا ومحافظة القاهرة ضحكت علينا، وتضيف أن يومها تقضيه في حراسة بناتها الثلاث اللاتي أخرجتهن من المدارس بسبب الظروف وبعد المكان.
العودة إلى المدرسة
يستيقظ طيلة يومه ليحمي والده ووالدته من الحشرات التي أصبحت تدخل عليهم الخيام على مدار اليوم.. والده مريض بالقلب يجلس على كرسي ولا يستطيع التحرك.. أما والدته فتستيقظ منذ الساعات الأولى من الصباح تحاول إبعاد الحشرات عن الخيمة التي ينامون بها والتي أصبحت تنغص عليهم حياتهم.. هو محمود السيد الذي ينتمي لأسرة مكلومة جارت عليها محافظة القاهرة من ضمن 196 أسرة شردت بأبنائها وأطفالها بعد طردهم من شققهم التي لا تتعدى ال 67 مترا.
محمود له شقيق آخر يدعي سمير ولكنه الصغير وهو الذي يعمل "ارزوقي" وينفق عليه وعلى والديه، اما محمود فيظل على مدار اليوم بأكمله بجانب والديه.. محمود اصطحبنا إلى دورة المياه المشتركة التي لا تتعدى مترا في متر داخل مركز شباب الهايكستب الذي يقطنون به لنفاجأ بمجموعة من الأطفال يخرجون منها علي الرغم من أن مساحتها لا تستوعب هذا الكم.. أما الخيام فقد أحاطتها القمامة برائحتها الكريهة من جميع الاتجاهات والتي أصابت والده بمرض صدري إلى جانب مرض القلب والتي جعلت الحشرات تهاجمهم داخل الخيام بشكل مستمر مما عرض حياتهم للخطر.
محمود وأسرته كل ما يتمنونه أن يعودوا إلى شقتهم الصغيرة مرة أخرى بالنهضة خشية تعرض حياة والده المريض للانهيار أكثر وأكثر.. وحتى تتمكن شقيقته الصغيرة من العودة إلى المدرسة التي أجبرتها الظروف على تركها حيث أنها تقع بالنهضة وتبعد مسافة كبيرة عن المكان الذي يقطنون به حاليا.
احنا الغلابة
أما رمضان صالح الذي يبلغ من العمر 59 عاما فقد اضطرته هذه الظروف الصعبة إلى أن يترك أبناءه الأربعة في أماكن شتى بعيدا عن الغرق في تلال القمامة والجلوس بجانب الحشرات والقمامة.
يجلس وحيدا داخل خيمته التي لا تتسع سوى لنومه فقط، فمنذ 3 أشهر أي الفترة التي خرجوا فيها من شققهم وجلسوا داخل مركز شباب الهايكستب لم ير أبناءه الأربعة ولو مرة واحدة.. فهو حتى لا يملك قيمة المبلغ الضئيل الذي من خلاله يذهب حيث أودعهم ليطمئن عليهم، حتى عمله ك"أرزقي" بالموسكي وخان الخليلي لم يستطع الذهاب إليه بسبب ضيق ذات اليد الذي أجبره على عدم الخروج من مركز الشباب نهائيا.
عم رمضان يطلب من الله أن يعود سريعا إلى شقته بالنهضة حتى يستطيع أن يعيد أبناءه من جديد ليعيشوا معه خاصة أن الشتاء على الأبواب ولن يستطيعوا البقاء داخل ساحة مركز شباب الهايكستب وسط أمطار الشتاء القارس وبرودة الطقس التي تشهدها الأيام المقبلة.
وبعث عم رمضان برسالة إلي الرئيس عبدالفتاح السيسي جاء فيها "يا سيادة الرئيس إحنا الغلابة اللي انتخبوك وأحبوك خلي بالك مننا".
ذكريات
حسنين عبد الخالق 62 عاما هو عمره الذي أفناه في البحث عن الرزق لينفق على بناته اللاتي تركتهن له زوجته وهجرته بدون رجعة، مصدر رزقه انقطع بسبب انقطاعه عن الذهاب إليه لضيق ذات يده منذ أن طرد من شقته بالنهضة هو وبناته.. حياته الأليمة جعلته يجلس داخل كل خيمة بمركز الشباب ليتسول لقمة العيش.
ترك شقته ومعها ذكرياته البسيطة ومتعلقات بناته لعله يرجع إليها قريبا، اضطر أن يودع بناته الأربع في منزل أهل والدتهم التي انفصلت عنه منذ فترة ليست قصيرة، طالب حسنين رئيس الجمهورية بأن يتدخل مباشرة لحل مشكلة 196 أسرة مصيرهم ومصير أبنائهم يتعلق بكلمة منه تجعل حياتهم الجحيمة جنة داخل شقة لا تتعدى 67 مترا .
لا ننام
"ارحمونا واغيثونا حرام والله اللي بيحصل فينا ده عيالنا اتشردوا وماتوا من الجوع" بهذه الكلمات بدأت حديثها أمنية سيد من سكان المخيمات والتي تعاني من مرارة الحياة داخل المخيمات.
قائلت: "والله ما بنعرف ننام من الخوف والقلق فالحياة تحولت إلى جحيم وكل أحلامنا بيت يسترنا ويحمينا من الحر والبرد والفقر والمرض، مضيفة أنها تعاني من مرض السكر ومن قلة المال وضعف الحال جعلها توفر ثمن الدواء لكي تطعم أولادها.
وأضافت: "الشقق التي تم انزالنا منها اتباعت وإحنا واقفين قدام عينينا"، مناشدة الرئيس السيسي بضروة توفير حياة آدمية لهم.
عربية الزبالة
وتقول سعاد محمد من سكان المخيمات نقلوا عفشنا في عربيات الزبالة من مساكن النهضة وتركونا في مركز الشباب نعاني الآمرين "بنخرج نشحت من الشارع علشان نأكل عيالنا".
وأوضحت انه في أيام رمضان كانوا يذهبون إلى موائد الرحمن القريبة من مركز الشباب حتى أن صاحب المائدة طردهم من كثرة عددهم.
وترى أن ما يحدث لا يرضي أحدا وان هناك أناسا كثيرين جاءوا إليهم وطالبوهم بالخروج والتظاهر في شوارع مصر وأمام مجلس الوزراء ولكنهم رفضوا خوفا على مصلحة البلد.
وتضيف حمدية رمضان من سكان الخيام قائلة: "بناتي مقعداهم عند البيوت اللي بيشتغلوا فيها خوفا عليهم من هذا المكان الخطر، مش عايزين بعد ما مشينا خطوة نحو الاستقرار نرجع تاني للمظاهرات".
خوف وضلمة
وأوضحت رضا أحمد من سكان المخيمات: "خدنا الشقق على الطوب الأحمر وقعدنا فيها وقمنا بتشطيبها علشان تصلح للحياة وبعد كده خدوها منا.. أنا مريضة بالسرطان وكمان أصبت بشلل رباعي في هذا المكان.. نروح لمين ؟.
وأكدت: "بليل بنخاف نروح إلى دورات المياه خوفا من الكلاب والثعابين والمتربصين المتواجدين بالمنطقة"، وأضافت أنهم امسكوا بأحد الشباب ينظر عليهم من الشباك أثناء الاستحمام، وتضيف انه لا مياه ولا نور هنا.
تهديد بالطرد
من جهة أخرى كشفت المفوضية المصرية للحقوق والحريات أن هذه الأسر "تعيش حياة غير آدمية"، بعد نقلها إلى هناك في 26 يونيو الماضي بواسطة قوات الأمن إلى مركز شباب الهايكستب، وإخلائهم قسرا من وحداتهم السكنية بمساكن منطقة النهضة بمدينة السلام، بدعوى أنهم "غير مستحقين لها".
أضافت: "الحكومة ألقت بتلك الأسر في حياة أشبه بحياة اللاجئين، حيث يبيت الأهالي داخل خيام مصنوعة من البطاطين والملاءات، فضلاً عن معيشتهم في وضع غير إنساني، حيث تستخدم جميع الأسر دورة مياه واحدة للرجال والنساء معًا، ما يعرض النساء لمخاطر عدة، كما لا يوجد إلا صنبور واحد فقط لمياه الشرب".
وأشارت إلى أنه بعد إجلائهم قسرا من منطقة النهضة، وعدتهم محافظة القاهرة بإيجاد حل لهم خلال 3 أيام من الإخلاء، وهو ما لم يحدث خلال شهرين كاملين، موضحة أن القوة التي عينتها الحكومة لحراستهم رحلت بعد 3 أيام من الإخلاء، كما أن مديرة مركز الشباب تهددهم بالطرد يوميًا.
وأكدت المفوضية أن تلك الأسر "وقعت ضحية التخبط الحكومي"، خاصة أن المساكن التي أجلتهم منها كان سكنهم فيها بمعرفة موظفي المحافظة في 2011 حتى يتم بحث حالاتهم، بينما ترى المحافظة أنهم غير مستحقين لوحدات سكنية، رغم وجود دعاوى قضائية مازالت منظورة أمام المحاكم ضد طردهم.
وطالبت المفوضية محافظة القاهرة بسرعة حصر الأسر الموجودة بمركز شباب الهايكستب، وتوفير مساكن بديلة ملائمة لهم أو تعويضهم، ووقف التهديد بإجلائهم قسرا من المركز لحين حل قضيتهم.
حصر.. وفحص
من جانبه أكد نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية اللواء ياسين طاهر انه تم حصر أعداد الأسر بمخيمات مركز شباب الهايكستب وتبين أن عددها 196 أسرة.
وقال إنه يجرى فحص ملفات هذه الأسر لتحديد المستحقين منهم لوحدات سكنية تمهيدا لتوفير الشقق اللازمة لهم، مؤكدا أن وجودهم داخل مخيمات في مركز الشباب مؤقت لحين حل مشكلتهم، مضيفا أن نقلهم لمركز الشباب أفضل من تركهم في الشارع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.