عاشور: شراكة قوية في مجالات التعليم والبحث العلمي بين مصر وبريطانيا    منها «ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن».. 7 أهداف للحوار الوطني    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    انخفاض أسعار الدواجن اليوم 26 أبريل    ارتفاع أسعار الذهب مع بداية تعاملات اليوم الجمعة 26 أبريل    مواعيد غلق المحلات بعد عودة التوقيت الصيفي اليوم    الجزار: تنفيذ 24432 وحدة بالمبادرة الرئاسية " سكن لكل المصريين "    كاتب صحفي: الدولة المصرية غيرت شكل الحياة في سيناء بالكامل    إزالة 30 حالة تعد ضمن المرحلة الثالثة للموجة ال22 بالبحيرة    الرئيس الصيني يلتقي وزير الخارجية الأميركي    عودة خدمات الإنترنت الثابت لوسط وجنوب قطاع غزة    احتجاجًا على سياسة بايدن بغزة.. استقالة المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية    أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية جديدة إلى أوكرانيا    تشكيل الهلال المتوقع أمام الفتح في الدوري السعودي    المندوه: لاعبو الزمالك في كامل تركيزهم قبل مواجهة دريمز    تواجد مصطفى محمد| تشكيل نانت المتوقع أمام مونبلييه في الدوري الفرنسي    تشكيل ريال مدريد المتوقع أمام سوسيداد في الدوري الإسباني    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    نور الشربيني ل «المصري اليوم»: سعيدة بالتأهل لنهائي الجونة.. وضغط المباريات صعب «فيديو»    حالة الطقس.. أجواء ربيعية ممتعة ونشاط للرياح يلطف الأجواء    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي في الاسكندرية    اقتحموا شقتي.. الداخلية تكشف كواليس «فيديو البيطاش» بالإسكندرية    مأساة في حريق شقة «التجمع الأول».. النيران تلتهم طفلين وتصيب الثالثة (تفاصيل)    ماستر كلاس ل سيد رجب.. فعاليات اليوم الثاني لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    «القومي للمرأة»: «يوميات صفصف» يقدم رسالة وتوعية هادفة للمجتمع    في ذكرى ميلادها.. أبرز أعمال هالة فؤاد على شاشة السينما    موضوع خطبة الجمعة اليوم: تطبيقات حسن الخلق    دعاء صباح يوم الجمعة.. أدعية مستحبة لفك الكرب وتفريج الهموم    الصحة: فحص مليون و688 ألف شاب وفتاة ضمن مبادرة «المقبلين على الزواج»    تنظيم قافلة طبية مجانية ضمن «حياة كريمة» في بسيون بالغربية    طريقة عمل هريسة الشطة بمكونات بسيطة.. مش هتشتريها تاني    نائب وزير خارجية اليونان يزور تركيا اليوم    خبير: أمطار غزيرة على منابع النيل فى المنطقة الإستوائية    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    انطلاق انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء الأسنان بالشرقية    تعاون مرتقب مع كوريا الجنوبية لبناء وحدات بحرية معاونة صديقة للبيئة ومحطة تموين بالغاز الطبيعي    هشام عبدالعزيز خطيبًا.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد النصر بالعريش    حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد الجيش الإسرائيلي يوم الخميس    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان في الولايات المتحدة    أماكن الاحتفال بعيد شم النسيم 2024    جامعة الأقصر تحصل على المركز الأول في التميز العلمي بمهرجان الأنشطة الطلابية    واعظ بالأزهر: الإسلام دعا إلى صلة الأرحام والتواصل مع الآخرين بالحسنى    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟    حكاية الإنتربول مع القضية 1820.. مأساة طفل شبرا وجريمة سرقة الأعضاء بتخطيط من مراهق    التوقيت الصيفي في مصر.. اعرف مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 26 - 4 - 2024    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    وزير الخارجية الصيني يجري مباحثات مع نظيره الأمريكي في بكين    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميًّا    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    نقابة محاميين شمال أسيوط تدين مقتل اثنين من أبنائها    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
صديقي العاقل جداً

قال: »إن إنسانية الإنسانية في نظري، تبدأ منذ اخترع إيديسون لمبته الكهربائية ليضاعف عمر الإنسان..!!»‬
الإثنين :
لي صديق بصداقة ممتدة، لنا فيها تاريخ طويل، وحتي الآن لم أقرر ما إذا كان عاقلاً أو مجنوناً، أو أنه خليط من تعقل وهوس، ولو حاولت إيراد نماذج لسلوكياته لاحتجت لأطنان من الورق، لكني سأكتفي بمسلك أخير في ظل أزمة الكهرباء التي وضعت المصريين في حيرة مفاجئة جعلتهم يقارنون السابق باللحظة، ثم إنه ليس هناك من يخرج علينا بكلام موضوعي عاقل يجعلنا نتجلد ونصبر علي ما بلانا، فالسيد وزير الكهرباء أضاء الله عقله وأدام عليه »‬نور» عينيه، جاء ليكحلها فعماها وجعلها كحلاً، فقد وعدنا الرجل الفاضل بأنه سيحل المشكلة من »‬كفرّيتها» الأساسية في ظرف أربع سنوات فقط، يكون ثلثنا قد رحل، وكبر الأطفال وتزوجوا، ففرح الناس بتفاؤله ورقصوا بجنون كأنهم قبضوا بأيديهم علي »‬سلك عريان» تماماً مثل وزير التموين الذي يتحدث فتحس أن مصر دخلت عهد الرخاء المبين، بينما الناس علي دكاكين التموين يضربون بعضهم وأصحاب المحلات بالسكاكين. ما علينا، هم وزراء أحاول تحاشيهم حين أراهم علي الشاشات كي لا أفقد إيماني بالثورة وتفاؤلي بالزمن الجديد وبأبواب المستقبل التي يحاول الرئيس السيسي فتحها لنا، لا دولة بدون وزراء نابهين مدركين حقيقة وظيفتهم ودورهم في صناعة الغد، ما علينا.
»‬خلينا ف صاحبي» صديقي العاقل كمجنون، والشديد الجنون من حدة ذكائه وألق عقله ونورانيته.
سألته: »‬ماذا تفعل حين ينقطع النور بتكراراته الممضة؟»
قال: »‬أستلقي لا أفعل شيئاً بتاتاً، حتي لو كان هناك طعام علي الموقد أتركه يحترق حتي لو احترق معه الموقد».
قلت: »‬وما المعني؟» قال إن إنسانية الإنسانية في نظري وتعرُّف الإنسان عليها تبدأ منذ اخترع إديسون لمبته الكهربائية ليضاعف عمر الإنسان لأنه صار من الممكن أن يعمل ليلاً ويقرأ ليلاً ويحترم الليل احترامه للنهار، وإذا كنت أستلقي بملابسي ساكناً مع انقطاع الكهرباء المتكرر والمُدد والأوقات التي نفقدها فإنني أعود إلي ما كان يفعل الإنسان الأول: أنام جامداً لا أتحرك ولا أؤدي أي عمل إنساني، ينز العرق من جميع أنحاء الجسد، وإذا ما رن جرس الهاتف لا أمد يدي إليه، ولا أقوم بأي حركة، فكل ما تفعله البشرية ليلاً مدينة به لإديسون ولمبته الكهربائية، فإذا انقطع عنا الضوء ارتددنا لما كان الناس عليه من قبلها!
صمتُّ تعجباً، فجأة قال: »‬لماذا لم تسألني وماذا أفعل بعد أن تعود الكهرباء؟» قلت: »‬قل». قال: »‬أقفز من السرير وأدور في الشقة أضيء (كل) لمباتها وكل الأجهزة الكهربائية، حتي الغسالة أخلع ملابسي التي غرقت في العرق وأديرها، أفتح باب الشقة أطمئن علي لمبة السلم، لا أترك جهازاً واحداً لا يعمل، حتي لعب الأطفال الكهربائية أديرها دون أحد يلعب بها، أدير الخلاط فارغاً، و»‬كاتل» الماء ليسخن، وكل السخانات مع أنه ليس ثمة غيري في الشقة، أضيؤها لتصبح مثل مولد الحسين والسيدة وأضع شاحن الموبايل في الكهرباء حتي لو كان مشحوناً، أحتفي بالكهرباء ولو كنت أجيد مثلك كتابة الأغاني لكتبت أغنية راقصة لعودة الكهرباء ورقصت عليها، أظل كذلك حتي ينقطع النور أي ساعة كاملة فأعود مرة أخري لنومة الإنسان الأول.
قلت: »‬أصحاب العقول في نعيم، ماذا فعلت بصديقي المجنون أصلاً الذي زدته جناناً فوق جنانه» يا وزير الكهرباء..؟
درجات الأعداء
الأحد:
الأعداء درجات..
هناك العدو الأكبر الذي يحلم بالهيمنة علي كل الدنيا، ويعتقد أنه قادر علي أن يهرس كل من يقف في طريقه أو يعطل شهيته في ابتلاع أمثالنا، وهو يرانا هاموشاً ومخلوقات تافهة هشة لا تستحق الحياة بل تعطل أمثاله حين تحوم من حوله ويدخل بعضها في عينيه وأنفه فيزيده كراهية وحماسة للتخلص منها ولكن هيهات!!
وهناك الأعداء الوسطاء، ذلك لأن العدو الأكبر يأنف أن يلوث يديه بأمثالنا فيلجأ لبعض »‬الصُّيَّع» يكتريهم ويحدد لهم وظائفهم وأدوارهم ويقول: »‬كونوا» فيكونوا كلاباً ضارية مسعورة لكنها بلا أنياب وتتمتع بجبن خاص يمنعها عن خوض معارك واضحة، فتلجأ لصرف مال ليس لها به حاجة، فرقعة بلادها ضيقة ولا تحتمل أكثر مما احتملت فتلجأ للرشوة وتمويل الشياطين لتخريب مجتمعات وهدم طموحات وتقويض إنجازات، وهي أعجز من أن تعقر أو تخمش أو تهبش فتلجأ للنوع الثالث من الأعداء.
أقصد به م الأعداء المحليين من ذوي الحدقات الضيقة والمخ المعتم الذين يتآمرون علي وطن لا يؤمنون بكينونته وإنما يعتبرونه مزرعة صغيرة ملحقة بأبعديتهم الوهمية مترامية الأطراف التي تحوي الأفغاني والباكستاني والبرتقاني والشيء الفلاني، لا يؤمنون بما نؤمن ويشككون في إيماننا وفي استحقاقنا الحياة أصلاً، ولهم أحباب وأعوان من نفس الفصيلة من ذوي القرون، والوجوه المغطاة بالشعر الحيواني، ومخلوقات بذيول تكره الإنسان العادي الراغب في حياة بسيطة وتقتله أينما كان وبالذات حماة الوطن.
العقارب أنواع منها الأصفر والأسود والطيّار والقفاز، لكن كلها عقارب سامة هكذا هم.
الثعابين لا يمكن حصر أنواعها وصفاتها إلا في المراكز المتخصصة لكنها جميعاً ثعابين تكره الإنسان ويكرهها الإنسان ولا يمكن أن تصنف في صفوف الأصدقاء.
كل هؤلاء أعداء »‬شرعيون» يكرهوننا ونكرههم ونبادلهم نفس العداء والتوجس والتربص ونرسم الخطط لاصطيادهم كفئران الحقول، كما يرسمون هم خططهم لقتل بعضنا، فهذا من أسمي أهدافهم وغاياتهم الكبري. إنهم يعتقدون بتجنيد الجهلاء والبلهاء من أبناء شعبنا سوف يهزموننا.. هؤلاء الذين فرط فيهم من حكمونا سابقاً، فلا تعليم ولا طعام ولا حياة فصاروا كماً مهملاً ملقي في الطرقات لمن يكتريهم في أعمال الشر بعد أن تبخرت أعمال الخير، والبديل لذلك هجرات الغرق المعروفة سعياً وراء الوهم الأوروبي، أو ما نراه الآن من التشرد القاتل لأبنائنا في ليبيا.
هم يكترون أبناءنا بأموالهم وأموال بؤرة الشر (قطر) العدو الوسيط، فهل كنا نصدق فعلاً أن كل من ازدحم بهم ميدان رابعة كانوا إخواناً؟.. نكون مخطئين جداً، فنحن نعرف كم راجت تجارة الذهاب إلي رابعة لغلابة مصر في القري والمدن الصغيرة حيث كانوا يقبضون علي »‬الرأس» كذا، لقد كانت الأسرة الفقيرة تذهب إلي رابعة كأنه عمل باليومية.
فهؤلاء الأعداء الذين انفضّ سوقهم وتفرق شملهم وتبددت الأحلام وسجن الزعماء وبانوا في حجمهم البشري الضعيف المتهالك يرفعون إشارتهم - التي ابتلعها الزحف الحقيقي للشعب المصري - في ذلة وهزيمة، هؤلاء يعتقدون أنهم سوف ينجحون في الوقوف أمام المسيرة الزاحفة نحو الفجر الجديد.
أما أخطر أنواع الأعداء قاطبة، فهم هؤلاء الذين يعيشون ويعششون داخلنا، داخل صحفنا ومنتدياتنا، وفي قلب تجمعاتنا مدعين حباً غير مسبوق للوطن والثورة بينما يتاجرون بنا ويبيعون الوطن في الخفاء لأصدقائهم أعدائنا، قد نحب وجوههم، وقد نعجب بأقوالهم، بل ونردد أقوالهم لنصحوا علي جرائمهم ابنة ذكائهم المدمر ومخططاتهم السابقة علي الثورة، بل وصداقاتهم لكل ما أوردنا من صنوف الأعداء، هؤلاء كثعبان تربيه في »‬عِبَّك» معتقداً أن إحساسه بالأمان والدفء سيحميك منه، وفي الوقت المناسب ستجده قد غرس الأنياب في القلب وأفرغ سمومه ليبادلك وداً بود.
أما مصر ف »‬ياما دقت علي الراس طبول»، وبرغم كل ذلك السلّم الموسيقي للأعداء فإن المحروسة ستنتصر، بنا وبقيادتها وأهدافها فنحن خلقنا للبناء ونشر الحياة في الأرض كما يدل تاريخنا، وحاول أن تعد علي أصابعك كل من أغار علينا واحتلنا وكيف راح وأفلت شموسه، وظلت شمس مصر الخالدة مضيئة للعالمين!!
مرآة الوطن
الأربعاء:
تبرع د.حسن راتب صاحب »‬سما» بمبلغ 220 مليون جنيه ما بين نقدي وعيني »‬تحيا مصر».. تبرع بمال وأسمنت بكميات مهولة لمشروع قناة السويس الجديدة، وتبرع ببناء أربع مدارس بسيناء الذي هو رائد تعميرها وأول من غامر بمال شجاع في ذلك. كان راتب دائم التبرع وسباقا للمساهمة حتي أيام كانت التبرعات تذهب وينقطع خبرها ولا نعرف أين استقرت وفي جيب من بالتحديد، وربما كانت التبرعات القديمة التي تبخرت من أسباب تردد ونكوص بعض الراغبين في العطاء الذين مازالت »‬تغلوش» عليهم مسألة التبرعات القديمة.
ربما لان د. راتب صعد سلم الحياة من نفس الارضية التي كنا نقف عليها في الستينيات، فمازلت أذكر مساهماته في أمسياتنا الشعرية بين طلاب مصر.
قالوا: »‬هو دائما يحجز موقعا يقيه مع كل نظام جديد قلت ذلك لأن ماله ليس ماله. هو حارس عليه، وما تبرع به هو مما يملك دون أن يمس مال من ائتمنه والسعي لمساعدة الطلاب الفقراء.
تحية للدكتور حسن راتب ولعله يكون قدوة لغيره ممن يملكون، فهو ليس أكثرهم مالا لكنه أكثر اقترابا من هموم وطنه.
فلتقفوا وقفة حقيقية مع بلادكم لنقيها شرور الانهيار في هذا الحصار العالمي والمحلي الذي يستهدف الجميع.
بالمناسبة انا ضد هؤلاء الذين يريدون تعليق قائمة سوداء لكل رجال الأعمال الذين لم يتبرعوا لتحيا مصر، وانما يجب أن نرفع قائمة بيضاء نزينها بأسماء كل من تبرعوا وأعطوا لمصر وبرهنوا علي صدق وعيهم ووطنيتهم، فالمال مال مصر أولا واخيرا ثم هناك الآخرون الذين تبرعوا في صمت فلهم التحية.
فلننظر جميعا إلي وجوهنا في مرآة الوطن نظرة حقيقية، فنحن اقدر الناس علي تقييم ملامحنا!!
سميح القاسم
الخميس:
صمت الجسور الغيور علي فلسطين وراح ليلحق بصديقه العظيم شاعر الأمة »‬محمود درويش».
من كان يعرف سميح القاسم بقوته في الحياة والشعر، لا يتخيل أن يهزم هذا الوحش وحش آخر لكنه المرض اللعين المتربص مرض الشعراء الأقوياء الفرسان الذي هزم من قبل رمز المناضلين »‬أمل دنقل».
لماذا يرحلون هكذا تباعاً كأنهم يحترقون في قصائدهم، ولا يعود لهم أسلحة للمقاومة بعد أن تجردهم القصيدة من كل أسلحتهم وقدرتهم علي المقاومة..؟!
رحل سميح القاسم..
رحل في نفس الشهر الذي نحتفل فيه بذكري رحيل شقيقه »‬درويش» رحل وأرض غزة تضيق بالقتلي، ويئن جوف الأرض من تتابعهم بالآلاف.
مات وكأن الأحلام القديمة تتهشم، واللعبة تعاود التكرار كالخريف السنوي فتصفّر الأوراق الغضة، تموت وتذوي وتتجه إلي الأرض رجالاً ونساء وأطفالاً، وهو لا يعرف إذا ما كان أنينه من علته أو من علة بلاده.
يموت اشتياقاً أو احتراقاً أو اختناقاً، أو تحسراً علي المسافة بين الحلم ومحصول العام.
كلنا كذلك أيها الرجل الذي ما خشي شيئاً، ولا حتي ذلك الوحش الذي ينهش في الداخل، ما آلمك إلا هذا الوحش الذي منذ كنت تحبو علي أرض الطفولة وهو ينهش لحم بلادك، لقد علمك الشعر كراهية عدو، وعلمتك المقاومة، كيف تكون فلسطينياً وعرفت تحت ضوء كراهية عدوك لك أنك »‬سميح القاسم».
ترحل ولا ترحل معك ذكريات لقاءاتنا في بيتي بالقاهرة، مع محمود درويش وتوفيق زياد وسعدي يوسف وزوجاتهم وأصدقائهم المصريين، كيف هرمنا بتلك السرعة؟ وكيف قفزنا من الفتوة للكهولة والشيخوخة بتلك المهارة؟ هو الهم الوطني لا شك، والدنا وحادينا وراعينا الذي سرنا أمامه نعتقد أننا نقاومه فأردانا.
هّم كالموت الواقف علي أبوابنا صبح مساء كما رأيته في أشعارك
(ويكون أن يأتي
يأتي مع الشمس..
وجه تشوَّه في غبار
مناهج الدرس.
ويكون أن يأتي..
بعد انتحارالقحْط
في صوتي.
شيء يروي في الأغاني
طائر الرعد..
لابد أن يأتي
فلقد بلغناها
بلغنا
قمة الموت..)
وداعاً سميح القاسم
قال: »إن إنسانية الإنسانية في نظري، تبدأ منذ اخترع إيديسون لمبته الكهربائية ليضاعف عمر الإنسان..!!»‬
الإثنين :
لي صديق بصداقة ممتدة، لنا فيها تاريخ طويل، وحتي الآن لم أقرر ما إذا كان عاقلاً أو مجنوناً، أو أنه خليط من تعقل وهوس، ولو حاولت إيراد نماذج لسلوكياته لاحتجت لأطنان من الورق، لكني سأكتفي بمسلك أخير في ظل أزمة الكهرباء التي وضعت المصريين في حيرة مفاجئة جعلتهم يقارنون السابق باللحظة، ثم إنه ليس هناك من يخرج علينا بكلام موضوعي عاقل يجعلنا نتجلد ونصبر علي ما بلانا، فالسيد وزير الكهرباء أضاء الله عقله وأدام عليه »‬نور» عينيه، جاء ليكحلها فعماها وجعلها كحلاً، فقد وعدنا الرجل الفاضل بأنه سيحل المشكلة من »‬كفرّيتها» الأساسية في ظرف أربع سنوات فقط، يكون ثلثنا قد رحل، وكبر الأطفال وتزوجوا، ففرح الناس بتفاؤله ورقصوا بجنون كأنهم قبضوا بأيديهم علي »‬سلك عريان» تماماً مثل وزير التموين الذي يتحدث فتحس أن مصر دخلت عهد الرخاء المبين، بينما الناس علي دكاكين التموين يضربون بعضهم وأصحاب المحلات بالسكاكين. ما علينا، هم وزراء أحاول تحاشيهم حين أراهم علي الشاشات كي لا أفقد إيماني بالثورة وتفاؤلي بالزمن الجديد وبأبواب المستقبل التي يحاول الرئيس السيسي فتحها لنا، لا دولة بدون وزراء نابهين مدركين حقيقة وظيفتهم ودورهم في صناعة الغد، ما علينا.
»‬خلينا ف صاحبي» صديقي العاقل كمجنون، والشديد الجنون من حدة ذكائه وألق عقله ونورانيته.
سألته: »‬ماذا تفعل حين ينقطع النور بتكراراته الممضة؟»
قال: »‬أستلقي لا أفعل شيئاً بتاتاً، حتي لو كان هناك طعام علي الموقد أتركه يحترق حتي لو احترق معه الموقد».
قلت: »‬وما المعني؟» قال إن إنسانية الإنسانية في نظري وتعرُّف الإنسان عليها تبدأ منذ اخترع إديسون لمبته الكهربائية ليضاعف عمر الإنسان لأنه صار من الممكن أن يعمل ليلاً ويقرأ ليلاً ويحترم الليل احترامه للنهار، وإذا كنت أستلقي بملابسي ساكناً مع انقطاع الكهرباء المتكرر والمُدد والأوقات التي نفقدها فإنني أعود إلي ما كان يفعل الإنسان الأول: أنام جامداً لا أتحرك ولا أؤدي أي عمل إنساني، ينز العرق من جميع أنحاء الجسد، وإذا ما رن جرس الهاتف لا أمد يدي إليه، ولا أقوم بأي حركة، فكل ما تفعله البشرية ليلاً مدينة به لإديسون ولمبته الكهربائية، فإذا انقطع عنا الضوء ارتددنا لما كان الناس عليه من قبلها!
صمتُّ تعجباً، فجأة قال: »‬لماذا لم تسألني وماذا أفعل بعد أن تعود الكهرباء؟» قلت: »‬قل». قال: »‬أقفز من السرير وأدور في الشقة أضيء (كل) لمباتها وكل الأجهزة الكهربائية، حتي الغسالة أخلع ملابسي التي غرقت في العرق وأديرها، أفتح باب الشقة أطمئن علي لمبة السلم، لا أترك جهازاً واحداً لا يعمل، حتي لعب الأطفال الكهربائية أديرها دون أحد يلعب بها، أدير الخلاط فارغاً، و»‬كاتل» الماء ليسخن، وكل السخانات مع أنه ليس ثمة غيري في الشقة، أضيؤها لتصبح مثل مولد الحسين والسيدة وأضع شاحن الموبايل في الكهرباء حتي لو كان مشحوناً، أحتفي بالكهرباء ولو كنت أجيد مثلك كتابة الأغاني لكتبت أغنية راقصة لعودة الكهرباء ورقصت عليها، أظل كذلك حتي ينقطع النور أي ساعة كاملة فأعود مرة أخري لنومة الإنسان الأول.
قلت: »‬أصحاب العقول في نعيم، ماذا فعلت بصديقي المجنون أصلاً الذي زدته جناناً فوق جنانه» يا وزير الكهرباء..؟
درجات الأعداء
الأحد:
الأعداء درجات..
هناك العدو الأكبر الذي يحلم بالهيمنة علي كل الدنيا، ويعتقد أنه قادر علي أن يهرس كل من يقف في طريقه أو يعطل شهيته في ابتلاع أمثالنا، وهو يرانا هاموشاً ومخلوقات تافهة هشة لا تستحق الحياة بل تعطل أمثاله حين تحوم من حوله ويدخل بعضها في عينيه وأنفه فيزيده كراهية وحماسة للتخلص منها ولكن هيهات!!
وهناك الأعداء الوسطاء، ذلك لأن العدو الأكبر يأنف أن يلوث يديه بأمثالنا فيلجأ لبعض »‬الصُّيَّع» يكتريهم ويحدد لهم وظائفهم وأدوارهم ويقول: »‬كونوا» فيكونوا كلاباً ضارية مسعورة لكنها بلا أنياب وتتمتع بجبن خاص يمنعها عن خوض معارك واضحة، فتلجأ لصرف مال ليس لها به حاجة، فرقعة بلادها ضيقة ولا تحتمل أكثر مما احتملت فتلجأ للرشوة وتمويل الشياطين لتخريب مجتمعات وهدم طموحات وتقويض إنجازات، وهي أعجز من أن تعقر أو تخمش أو تهبش فتلجأ للنوع الثالث من الأعداء.
أقصد به م الأعداء المحليين من ذوي الحدقات الضيقة والمخ المعتم الذين يتآمرون علي وطن لا يؤمنون بكينونته وإنما يعتبرونه مزرعة صغيرة ملحقة بأبعديتهم الوهمية مترامية الأطراف التي تحوي الأفغاني والباكستاني والبرتقاني والشيء الفلاني، لا يؤمنون بما نؤمن ويشككون في إيماننا وفي استحقاقنا الحياة أصلاً، ولهم أحباب وأعوان من نفس الفصيلة من ذوي القرون، والوجوه المغطاة بالشعر الحيواني، ومخلوقات بذيول تكره الإنسان العادي الراغب في حياة بسيطة وتقتله أينما كان وبالذات حماة الوطن.
العقارب أنواع منها الأصفر والأسود والطيّار والقفاز، لكن كلها عقارب سامة هكذا هم.
الثعابين لا يمكن حصر أنواعها وصفاتها إلا في المراكز المتخصصة لكنها جميعاً ثعابين تكره الإنسان ويكرهها الإنسان ولا يمكن أن تصنف في صفوف الأصدقاء.
كل هؤلاء أعداء »‬شرعيون» يكرهوننا ونكرههم ونبادلهم نفس العداء والتوجس والتربص ونرسم الخطط لاصطيادهم كفئران الحقول، كما يرسمون هم خططهم لقتل بعضنا، فهذا من أسمي أهدافهم وغاياتهم الكبري. إنهم يعتقدون بتجنيد الجهلاء والبلهاء من أبناء شعبنا سوف يهزموننا.. هؤلاء الذين فرط فيهم من حكمونا سابقاً، فلا تعليم ولا طعام ولا حياة فصاروا كماً مهملاً ملقي في الطرقات لمن يكتريهم في أعمال الشر بعد أن تبخرت أعمال الخير، والبديل لذلك هجرات الغرق المعروفة سعياً وراء الوهم الأوروبي، أو ما نراه الآن من التشرد القاتل لأبنائنا في ليبيا.
هم يكترون أبناءنا بأموالهم وأموال بؤرة الشر (قطر) العدو الوسيط، فهل كنا نصدق فعلاً أن كل من ازدحم بهم ميدان رابعة كانوا إخواناً؟.. نكون مخطئين جداً، فنحن نعرف كم راجت تجارة الذهاب إلي رابعة لغلابة مصر في القري والمدن الصغيرة حيث كانوا يقبضون علي »‬الرأس» كذا، لقد كانت الأسرة الفقيرة تذهب إلي رابعة كأنه عمل باليومية.
فهؤلاء الأعداء الذين انفضّ سوقهم وتفرق شملهم وتبددت الأحلام وسجن الزعماء وبانوا في حجمهم البشري الضعيف المتهالك يرفعون إشارتهم - التي ابتلعها الزحف الحقيقي للشعب المصري - في ذلة وهزيمة، هؤلاء يعتقدون أنهم سوف ينجحون في الوقوف أمام المسيرة الزاحفة نحو الفجر الجديد.
أما أخطر أنواع الأعداء قاطبة، فهم هؤلاء الذين يعيشون ويعششون داخلنا، داخل صحفنا ومنتدياتنا، وفي قلب تجمعاتنا مدعين حباً غير مسبوق للوطن والثورة بينما يتاجرون بنا ويبيعون الوطن في الخفاء لأصدقائهم أعدائنا، قد نحب وجوههم، وقد نعجب بأقوالهم، بل ونردد أقوالهم لنصحوا علي جرائمهم ابنة ذكائهم المدمر ومخططاتهم السابقة علي الثورة، بل وصداقاتهم لكل ما أوردنا من صنوف الأعداء، هؤلاء كثعبان تربيه في »‬عِبَّك» معتقداً أن إحساسه بالأمان والدفء سيحميك منه، وفي الوقت المناسب ستجده قد غرس الأنياب في القلب وأفرغ سمومه ليبادلك وداً بود.
أما مصر ف »‬ياما دقت علي الراس طبول»، وبرغم كل ذلك السلّم الموسيقي للأعداء فإن المحروسة ستنتصر، بنا وبقيادتها وأهدافها فنحن خلقنا للبناء ونشر الحياة في الأرض كما يدل تاريخنا، وحاول أن تعد علي أصابعك كل من أغار علينا واحتلنا وكيف راح وأفلت شموسه، وظلت شمس مصر الخالدة مضيئة للعالمين!!
مرآة الوطن
الأربعاء:
تبرع د.حسن راتب صاحب »‬سما» بمبلغ 220 مليون جنيه ما بين نقدي وعيني »‬تحيا مصر».. تبرع بمال وأسمنت بكميات مهولة لمشروع قناة السويس الجديدة، وتبرع ببناء أربع مدارس بسيناء الذي هو رائد تعميرها وأول من غامر بمال شجاع في ذلك. كان راتب دائم التبرع وسباقا للمساهمة حتي أيام كانت التبرعات تذهب وينقطع خبرها ولا نعرف أين استقرت وفي جيب من بالتحديد، وربما كانت التبرعات القديمة التي تبخرت من أسباب تردد ونكوص بعض الراغبين في العطاء الذين مازالت »‬تغلوش» عليهم مسألة التبرعات القديمة.
ربما لان د. راتب صعد سلم الحياة من نفس الارضية التي كنا نقف عليها في الستينيات، فمازلت أذكر مساهماته في أمسياتنا الشعرية بين طلاب مصر.
قالوا: »‬هو دائما يحجز موقعا يقيه مع كل نظام جديد قلت ذلك لأن ماله ليس ماله. هو حارس عليه، وما تبرع به هو مما يملك دون أن يمس مال من ائتمنه والسعي لمساعدة الطلاب الفقراء.
تحية للدكتور حسن راتب ولعله يكون قدوة لغيره ممن يملكون، فهو ليس أكثرهم مالا لكنه أكثر اقترابا من هموم وطنه.
فلتقفوا وقفة حقيقية مع بلادكم لنقيها شرور الانهيار في هذا الحصار العالمي والمحلي الذي يستهدف الجميع.
بالمناسبة انا ضد هؤلاء الذين يريدون تعليق قائمة سوداء لكل رجال الأعمال الذين لم يتبرعوا لتحيا مصر، وانما يجب أن نرفع قائمة بيضاء نزينها بأسماء كل من تبرعوا وأعطوا لمصر وبرهنوا علي صدق وعيهم ووطنيتهم، فالمال مال مصر أولا واخيرا ثم هناك الآخرون الذين تبرعوا في صمت فلهم التحية.
فلننظر جميعا إلي وجوهنا في مرآة الوطن نظرة حقيقية، فنحن اقدر الناس علي تقييم ملامحنا!!
سميح القاسم
الخميس:
صمت الجسور الغيور علي فلسطين وراح ليلحق بصديقه العظيم شاعر الأمة »‬محمود درويش».
من كان يعرف سميح القاسم بقوته في الحياة والشعر، لا يتخيل أن يهزم هذا الوحش وحش آخر لكنه المرض اللعين المتربص مرض الشعراء الأقوياء الفرسان الذي هزم من قبل رمز المناضلين »‬أمل دنقل».
لماذا يرحلون هكذا تباعاً كأنهم يحترقون في قصائدهم، ولا يعود لهم أسلحة للمقاومة بعد أن تجردهم القصيدة من كل أسلحتهم وقدرتهم علي المقاومة..؟!
رحل سميح القاسم..
رحل في نفس الشهر الذي نحتفل فيه بذكري رحيل شقيقه »‬درويش» رحل وأرض غزة تضيق بالقتلي، ويئن جوف الأرض من تتابعهم بالآلاف.
مات وكأن الأحلام القديمة تتهشم، واللعبة تعاود التكرار كالخريف السنوي فتصفّر الأوراق الغضة، تموت وتذوي وتتجه إلي الأرض رجالاً ونساء وأطفالاً، وهو لا يعرف إذا ما كان أنينه من علته أو من علة بلاده.
يموت اشتياقاً أو احتراقاً أو اختناقاً، أو تحسراً علي المسافة بين الحلم ومحصول العام.
كلنا كذلك أيها الرجل الذي ما خشي شيئاً، ولا حتي ذلك الوحش الذي ينهش في الداخل، ما آلمك إلا هذا الوحش الذي منذ كنت تحبو علي أرض الطفولة وهو ينهش لحم بلادك، لقد علمك الشعر كراهية عدو، وعلمتك المقاومة، كيف تكون فلسطينياً وعرفت تحت ضوء كراهية عدوك لك أنك »‬سميح القاسم».
ترحل ولا ترحل معك ذكريات لقاءاتنا في بيتي بالقاهرة، مع محمود درويش وتوفيق زياد وسعدي يوسف وزوجاتهم وأصدقائهم المصريين، كيف هرمنا بتلك السرعة؟ وكيف قفزنا من الفتوة للكهولة والشيخوخة بتلك المهارة؟ هو الهم الوطني لا شك، والدنا وحادينا وراعينا الذي سرنا أمامه نعتقد أننا نقاومه فأردانا.
هّم كالموت الواقف علي أبوابنا صبح مساء كما رأيته في أشعارك
(ويكون أن يأتي
يأتي مع الشمس..
وجه تشوَّه في غبار
مناهج الدرس.
ويكون أن يأتي..
بعد انتحارالقحْط
في صوتي.
شيء يروي في الأغاني
طائر الرعد..
لابد أن يأتي
فلقد بلغناها
بلغنا
قمة الموت..)
وداعاً سميح القاسم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.