كنت اعلم انني سوف اكتب لك في يوم من الايام، لكنني لم اكن اعلم الميعاد، وها هو قد حان الان، فانا امرأة شابة عندي 23 سنة والحمد لله علي قدر من الجمال، واحظي بمحبة اهلي واصدقائي ومعارفي، لانني شخصية اجتماعية وخدومة لاقصي درجة واحب الناس. انا يتيمة الاب منذ ان كان عمري 7 سنوات.. نحن 3 بنات وولد وانا الابنة الوسطي.. امي هي كل حياتنا، وهي التي تحملت تربية اربعة اطفال بمفردها دون مساعدة احد، والحمد لله تزوجنا جميعا وانجبنا بفضل الله. تمت خطبتي وانا في الثامنة عشرة من عمري من جار لنا كان يحبني ويكبرني بثمانية اشهر فقط، وتم الزواج بعد ثلاث سنوات من تخرجنا، وكان والده- رحمة الله عليه- يتمتع بسمعة طيبة ويشغل مركزا مرموقا، لكن ابنه »زوجي« لم يشبه اباه كثيرا، كان يهملني ويسيء معاملتي.. كاذبا الي اقصي درجة.. وكانت امه- سامحها الله- تقف دوما الي جواره مهما اخطأ. مضت بنا الايام وانا من سييء الي اسوأ.. كنت اعيش معه في رعب من جبروته وصوته العالي، رغم انني كنت اقدم الخير بمناسبة وبدون مناسبة. رزقنا الله بولد في اول سنة من الزواج، وبعدها عرفت- بل تأكدت- انه يخونني.. كان دائم السهر مع اصدقائه حتي الفجر كل يوم ولما اعترض يقول لي: »كنت في الشغل« حتي تأكدت بنفسي وبطرقي الخاصة. الان انا متزوجة منذ اكثر من عشر سنوات لم اذق فيها طعما للراحة او الامان او المودة او الرحمة، عرفت فيها معني الذل والمهانة والخيانة، وكلما تضيق بي الدنيا اترك بيتي واذهب الي امي واطلب من اقاربي التدخل لحل مشكلاتي، وفي كل مرة يتعهد زوجي انه سيتوب عن افعاله وينصلح حاله، واعود الي بيتي وكلي أمل في ان يصدق هذه المرة لكن يبقي الوضع علي ما هو عليه.. سهر وكذب وخيانة. شبابي ضاع مني، واحلي سنين مرت هباء.. اعيش الان علي المهدئات بأمر الطبيب بعد ان اصابني التوتر والقلق، واثر ذلك علي ضربات قلبي بشدة.. سيدتي.. لم اعد اتحمل اكثر من هذا، لذلك تركت بيتي للمرة الاخيرة بلا رجعة، واسير الان في اجراءات الخلع لانه متمسك بي ولا يريد تطليقي لكن لي عدة اسئلة لك.. هل انا السبب فيما يحدث لاني كنت مؤدبة وخانعة معه علي طول الخط؟ وهل انا محقة في قراري بسلوك طريق الخلع؟ المعذبة »أ« الكاتبة: اشكرك- عزيزتي- علي هذه الرسالة، فهي رسالة الي كل فتاة تقدم علي الارتباط المصيري بالزواج.. والي كل أم وأب يتسرعون ويلتهفون علي اتمام زواج ابنتهم التي في سن الزواج.. والي كل زوج يأخذ مسألة زوجته باستهتار وعدم احترام لهذه الشركة والمؤسسة الزوجية التي لها هيبتها وتقديرها. فأنت مثلك مثل اي فتاة في مقتبل العمر، حلمت بزوج يشاركك حياتك واحلامك، وتمنحينه حبك وحنانك وعطاءك.. ولذلك فعندما التقيت بذلك الشاب فتحت له ابواب السعادة علي قدر ما استطعت فكنت الزوجة والحبيبة.. الام والابنة.. الصديقة والعشيقة، اي انك كنت شريكة بمعني الكلمة. لكنه لم يقدر تلك النعمة ولم يحفظها بل تعامل معها بمنطق ذكوري رجعي، متخلف! منطق حريم السلطان! فهذه زوجة صالحة.. وتلك صديقة خارج مؤسسة الزواج! لقد صبرت عليه اكثر مما يجب، وتسامحت وغفرت خياناته المتكررة، وكان في كل مرة يتوسل ويتعهد بعدم العودة الي خطاياه، ثم تعودين الي منزلك وعشك ومملكتك فاذا به يعود مرة اخري الي فكرة القنص والصيد، وانتهاز كل فرصة للخيانة! لا تلومي نفسك كثيرا علي اصلك الطيب، ولا تندمي لانك يوما غفرت وسامحت املا في ان تحفظي بيتك وتظللي علي اسرتك وابنك. لا تندمي فأنت لست مخطئة بل انت كريمة ونبيلة.. اما المطلوب ان يندم فهو ذلك الرجل الذي لم يصن العشرة الطيبة مع امرأة استثنائية مثلك! ولم يلتزم بالرجوع عن افعاله كما وعد، انه انسان لا يستحقك! لذلك- عزيزتي- لا تترددي في قرارك ولا تلومي نفسك لانك عازمة عليه، فمثل هذا الرجل الذي اعتاد الاعتذار دون الالتزام لن ينصلح حاله.. ولن يتوقف عن افعاله لانه يعرف كيف يتصرف عندما تقع الواقعة وتكتشفين واحدة من خياناته الوقحة، فأنت تغضبين وتطلبين الطلاق ثم تهدئين عندما يطلب منك بتوسل وطلب للمغفرة ان تعودي الي البيت.. الي الحياة معه تحت سقف واحد. وانت- لانك تحبينه وتحرصين علي بيتك واسرتك- توافقين، وتعودين إليه املا في الا يتكرر ما فعل.. لكنه يتكرر وتجدين نفسك تدورين في دائرة مفرغة، وهذا يجعل اي انسان يقع في بئر الاحزان والاكتئاب، ويفقد كثيرا من توازنه النفسي، وصفائه العقلي، ونقائه الانساني، فلماذا تفقدين كل ذلك؟ وهل هذا الزوج يستحق ان تضحي بصحتك وحياتك من اجله؟! اعتقد ان قرارك بالخلع منه صائب.. لا تتراجعي.. وانقذي حياتك من هذا العبث..!