اليوم.. أرجو ان تتقبلي اعتذاري يا أعز الناس.. فلن أستطيع ان أقف أمامك في اجلال واحترام وأقدم لك هدية رمزية تعبيرا عن حبي واعترافا بفضلك.. وأطبع قبلات فوق يديك وخديك. اليوم.. لن استطيع ان أناديك بأحلي نداء.. وارتمي بين احضانك.. أتزود بعطفك وحنانك.. أنعم بدفئك وأخلاصك. اليوم.. يتراءي امام عيني شريط ذكريات عمر جميل.. عشته في جنتك الطاهرة منذ حملتيني في أحشائك.. كنت لي خلاله بحر عذوبة وحنان وكرم.. كنت السند والمدد.. أول من ألجأ إليه اذا ضاقت بي الدنيا.. وأول من استشيره اذا ما غلبتني الحيرة.. فهل أنسي خوفك الدائم علي.. واتصالك الدائم بي طوال اليوم.. ولا يهدأ لك بال الا عندما تتأكدين من خلودي الي النوم عند انتصاف الليل؟.. أم لهفتك وأنت تنتظرين وصولي من القاهرة بشرفة منزلنا وعندما تلمحينني تهللين فرحا كطفل صغير فرح بقدوم أمه؟.. أم قلقك علي إذا تأخرت في العودة ليلا.. أو يجافي النوم عيني؟! مفتقدك جدا يا أمي بعد فراقك فقدت الاحساس بطعم الدنيا.. كل شيء تغير.. الناس.. المكان.. تركتيني وحدي في دنيا لا ترحم.. حتي من أحسنت إليهم وكنت تثقين بهم لم ألق منهم سوي الجحود والنكران.. آه يا حبيبتي لو تعرفين ما خلفه فراقك من مرارة تسكن حلقي.. ربما لأني لم اقابل ما يعوضني عن رحيلك.. أو يشبهك في حنانك وصفائك ومروءتك.. لم يعد لي صديق سوي الحزن والانكسار. اليوم.. أتذكر لحظة فراقك قبل ثلاث سنوات.. لحظة غيبك فيها الموت وانا اقف علي بابك.. لم يمهلني ثواني حتي أودعك الوادع الاخير.. هنيئا لك بالجنة بقدر ما قدمت من الخير لكل من عرفك.. سآتي لك يوما في دار الحق والايمان.. التصق بعظامك.. التحف بكفنك.. اليوم أقف امام قبرك محني الرأس.. لن ينطق لساني سوي كلمة واحدة ممزوجة بدموعي : وحشتيني!