من مشاهير مواليد شهر مارس »برج الحوت« الأسطورة اليزابيث تايلور.. العبقري اينشتاين.. الرسام مايكل انجلو.. الأديب الفرنسي فيكتور هوجو »مؤلف البؤساء« الفنانة القديرة سميحة أيوب.. النجمة الجميلة يسرا.. الفنانة سهير رمزي.. مخرج الروائع حسن الإمام.. المخرجة ذات المشاكل المتعددة ايناس الدغيدي.. المنتج السينمائي محسن علم الدين.. إلي جانب ثلاثة اهرامات كبيرة في الموسيقي العربية: سيد درويش - محمد عبدالوهاب- وبليغ حمدي. ومن اهم صفات الرجل برج الحوت انه يفكر كثيرا ويتكلم قليلا وله موهبة خاصة في الاصغاء العميق لمشاكل الاخرين وله قدرة كبيرة علي امتصاص آلام واحزان الاخرين وكأنها احزانه هو.. وهو كتوم جدا اذا طلب منه الكتمان وهو الصديق الذي يصاحب اولاده وهو ايضا المعجب دائما بكل انواع الجمال ولا يتردد في اشباع هوايته بملاحقة الجمال بنظراته! قلت: كل سنة وحضرتك طيب.. النهاردة عيد ميلادك.. ممكن نحتفل بيه معاك في التليفزيون في برنامج النادي الدولي؟ قال: فيه حد عاقل في الدنيا يحتفل بسنة راحت من عمره! قلت: يعني السنة دي كانت فاضية جدا بالنسبة لك مكانش فيه اي اضافة ليك في فنك أو حتي حياتك الخاصة؟ قال: طبعا فيه.. الخبرة.. خبرة الحياة اللي الواحد بيكتسبها كل يوم.. وعدد جديد من الاصدقاء.. الانسان دائما محتاج لمجموعة حوله تحبه.. محدش يقدر يعيش في عزلة عن اللي حوله! كان هذا جزءا من حواري مع الموسيقار محمد عبدالوهاب عندما كنت اهنئه يوم ميلاده في 01 مارس من كل عام وكانت هذه هي اجاباته دائما لي طوال السنوات وكنت دائما ارسل إليه باقة زهور من الألوان المفضلة عنده الابيض والاحمر.. وهي في رأيه الألوان التي ترمز إلي معاني كثيرة.. الابيض هو النقاء والوضوح في الحب والاحمر هو وهج الحب نفسه الذي لا غني عنه في حياة الانسان. وكان رأي الاستاذ عبدالوهاب ان اسمي درجات الحب هو حب الام أو ست الحبايب فعبدالوهاب والشاعر الكبير حسين السيد كانا يقدسان ألام وكان يبكيان بشدة وتنهمر الدموع من عينيهما كلما استمعا إلي صوت فايزة احمد الحساس وهي تردد الاغنية الخالدة ست الحبايب. وكان عبدالوهاب يصرح دائما ان هذه الاغنية من واقع حبه الشديد للام التي كان يزورها يوميا عندما كانت صحته تسمح بذلك وانه في احدي زياراته لها هم بتقبيلها وجاءت القبلة عفوا في عينيها فقالت له: بلاش تبوسني في عينيا يا محمد بيقولوا البوسة في العين تفرق. واسرع عبدالوهاب وكلم حسين السيد وكانت ميلاد احدي روائع اغنيات فيلمه »ممنوع الحب« وهي الاغنية التي شهدت ميلاد الوجه الجديد في ذلك الوقت سمراء النيل مديحة يسري عندما ظهرت لاول مرة ترقص معه وهو يغنيها قبل انطلاقها سينمائيا بداية »باحلام الشباب« و»شهر العسل« مع فريد الاطرش قبل ان يتبناها يوسف وهبي ويقدمها في »ابن الحداد« و»الفنان العظيم« لتكمل انطلاقتها الكبيرة في عالم السينما. وخلال المرات العديدة التي جمعتني بهذا لعملاق الذي يطربك كلامه وحديثه اكثر من انغامه تعلمت منه اشياء كثيرة افادتني في حياتي الشخصية والعملية. انا لا انسي ابدا ما قاله لي: »الانسان الناجح عمره ما يكره ولا يحقد.. الفاشل بس هو اللي يقضي حياته كلها في غل وحقد وكره وغيرة وعشان كده عمر المسكين ده ما يعرف ينجح ازاي«. سألته ذات مرة: استاذ عبدالوهاب بالفعل تؤمن بما قلته في احدي روائعك الغنائية بفكر في اللي ناسيني وبانسي اللي فاكرني؟ قال بعد فترة تفكير عميق كعادته: مين المجنون الغبي اللي ينسي اللي بيحبه ويفكر في حد ناسيه أو بيكرهه؟ انا دائما افكر بس في اللي يحبني.. افكر دائما فيمن يعطيني الحب.. حتي استطيع انا ايضا ان ابادله واعطيه الحب. الانسان العاقل هو الذي يفكر دائما وفقط في اللي بيحبه.. فالحياة قصيرة لا وقت فيها للكره واتمني دائما لمن لم يعرف الحب.. ان يتعلم كيف يحب.. وان يدرك قيمة الحب.. ايد الحب دايما تبني وايد الحقد تهدم وتدمر! قلت: ما هو في رأيك اسمي درجات الحب؟ هل هو كما قلت »عشق الروح مالوش آخر لكن عشق الجسد فاني؟« قال: كما قلت لك واقول دائما اسمي درجات الحب هو حب ألام انه دائما عطاء بلا حدود! اما بليغ حمدي أو »بلبل« فقد كان النموذج الرائع لمواليد برج الحوت كما كتب عنها في كتب علم الفلك العديدة.. فبليغ كان زي السمكة يجد كل السعادة في السباحة مع التيار وليس ضده ويعتبر السير في اتجاه معاكس امرا شاقا جدا فهو دائما راض بحاضره.. سعيد بيه.. ولا يفكر ولا يهتم ابدا في بكرة.. وكان مبدأ بلبل دائما »عايز اعيش ودماغي رايقة فيها مزيكا بس« لم يكن يعشق المال ولا الوظيفة ولا يعرف الطمع أو الحقد أو الغيرة، وكان يحب جدا كلمات الشاعر السوداني الهادي ادم في رائعة ام كلثوم »اغدا ألقاك« التي قال فيها: قد يكون الغد حلوا انما الحاضر احلي! وكل من عرف بلبل كان يقبله بكل التصرفات البوهيمية الغريبة التي كان يمارسها في حياته فهو مثلا ممكن يوعدك انه جايلك بعد ساعة لتناول الغداء معك.. وبعد ساع يكون بليغ في الطائرة في طريقه إلي بيروت وقد نسي موعده معك تماما! كان مثلا يقول »ايوه يا حياتي.. نص ساعة حكون عندك« ولكنه لا يحضر فقد انشغل بفكرة لحن جديد أو التقي ببعض الناس نسوه معاده معاك.. ومع ذلك كل اللي عرف بليغ وحبه عمره مازعل من تصرفاته لأن كل اللي حب بليغ وفهموه كانوا بيلتمسوا له الاعذار.. وعندما تعرض بليغ لظلم كبير ابعده عن مصر سنوات عاش خلالها متنقلا ما بين باريس ولندن في غربة شديدة الألم والشجن وعبر عنه بألحان كانت تصور حالته النفسية السيئة فعلا وعندما عاد إلي مصر بعد نهاية محنته اقمنا له حفل استقبال كبير في احدي فنادق القاهرة حضره معظم فنانين مصر وكثير جدا من عشاق فنه وعندما وقفت لاقدمه في ذلك الحفل قلت: صعب الواحد يتكلم عن بليغ فقامته الفنية فوق كل الكلمات.. بليغ اعطي فنه الكثير من روحه ودمه وبالتالي فنه اعطاه خلوا زي كل عظماء عصر الفن الجميل. وكان في الحفل بعض اعضاء الفرقة الماسية ورئيسها نقيب الموسيقيين في ذلك الوقت الفنان احمد فؤاد حسن وعزفت الفرقة ووقف بليغ ليغني احلي الكلمات وارق الانغام التي ابدعها وعبر بها عن حبه الشديد لبلده وشوقه إليها ورأيت دموع بليغ وهو يغني معنا »يا حبيبتي يا مصر« وادمعت عيون الحاضرين وازداد حماسهم بالغناء حبا في مصر. وتذكرت كلمات خالد الذكر سيد درويش عندما قال: اهم من حقي في نفسي هو حقي لبلدي لازم ندي بلدنا كل حاجة تقوم بلدنا تقدر تدينا كل حاجة! وسرحت وانا اغني مع بليغ في تلك الليلة في خلود هؤلاء الثلاثة من عباقرة النغم في العصر الذهبي للفن فيكفي سيد درويش انه قال »بلادي بلادي« ويكفي عبدالوهاب »حب الوطن ووطني حبيبي« ويكفي بليغ »علي الربابة ويا حبيبتي يا مصر« لتشتعل قلوبنا ويزداد حماسنا ونؤمن انه لابد لنا هذه الايام ان نضع ايدينا في ايد بعض لنغني معا سيمفونية واحدة في حب مصر ونؤمن بحقوق البلد علينا قبل حقوقنا الشخصية ونردد معا رائعة حلمي بكر »ما تقولش ايه ادتنا مصر ونقول حاندي ايه لمصر«.