استهلت مصر العام الماضي بثورة أنارت لها طريقها نحو الديمقراطية، واليوم تستهل مصر عامها الجديد باستكمال مسارها الديمقراطي ولكن هذه المرة عبر صناديق الانتخاب . فالي جانب المرحلة الثالثة من انتخابات مجلس الشعب التي جرت الاسبوع الماضي، تشهد مصر نهاية هذا الشهر انتخابات مجلس الشوري التي من المقرر ان تتم علي مرحلتين تنتهي في 22 فبراير القادم . ومع انتصاف العام سوف تتركز الأنظار علي مصر مرة اخري و هي تجري اول انتخابات رئاسية بعد الثورة . وعلي الرغم من ان الرئيس القادم هو الرئيس رقم 5 ورغم من ان هذه الانتخابات هي الثانية من نوعها في تاريخ مصر الحديث ، بعد انتخابات الرئاسة في 2005 الا انها تكتسب ثقلا دولياً مستمد من ثقل مصر الاقليمي وكونها المرة الاولي التي يختار فيها الشعب المصري رئيسه بحرية في انتخابات نزيهة منذ ان تحولت مصر من الملكية إلي الجمهورية. ربما لهذا السبب قررت مجلة الفورين بوليسي الامريكية وضع الانتخابات المصرية في المرتبة الثانية ، بعد الانتخابات الامريكية، وذلك في القائمة التي أعدتها لأهم الانتخابات المقررة عام 2012 والتي قالت انها قد تغير وجه العالم. في أعقاب الثورة ترددت الاقاويل حول تحول مصر الي النظام البرلماني، وذلك ردا علي 30 عاما من الحكم الاستبدادي الذي امسك فيه رأس الدولة بكل تلابيب السلطة ، ومن هنا تسلطت الاضواء علي الانتخابات البرلمانية التي ستفرز مجلسا يحكم البلاد ويضع دستورها ، حيث قال النائب الامريكي الجمهوري ستيف شابوت، رئيس لجنة مجلس النواب الفرعية لشئون الشرق الأوسط وجنوب آسيا " أن نتائج هذه الانتخابات مهمة للغاية وعلينا أن نرقبهاعن كثب" .كما كتبت صحيفة واشنطن بوست تقول ان الانتخابات البرلمانية المصرية لن تحدد مصير مصر فقط ، ولكنها ستحدد مصير العلاقات الأمريكية مع مصر التي كانت حليفا استراتيجيا مهما في منطقة الشرق الأوسط. ومع ظهور بشائر نتائج الانتخابات البرلمانية التي أظهرت هيمنة التيار الإسلامي علي مقاعد البرلمان ، عاد الحديث مرة أخري عن النظام الرئاسي لكن بضوابط تحد من سلطات رئيس الدولة يحددها الدستور. من هنا عاد التركيز ثانية علي الانتخابات الرئاسية وعن الرجل الذي سيقود مصر في المرحلة القادمة.
أوضح تقرير لوكالة رويترز ان عدد من أعلنوا رسميا عن نيتهم في الترشح لانتخابات الرئاسة التي تقرر فتح باب الترشح لها في ابريل القادم ، حوالي 15 مرشحا ، من بينهم وجوه معروفة علي المستوي المحلي كالفريق احمد شفيق والدكتور ايمن نور والدكتور سليم العوا و عبد المنعم ابوالفتوح ، وأسماء أخري معروفة علي المستوي الدولي مثل أمين الجامعة العربية السابق عمرو موسي ورئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق محمد البرادعي ، وهما الاسمان اللذان تصّدرا علي التوالي قوائم استطلاعات الرأي التي أجراها عدد من المؤسسات والمنظمات المحلية والدولية و منها علي سبيل المثال "يو جوف You Gov" و "بيو ريسريش" . وهو ما دعا صحيفة الجارديان لأن تتساءل هل من سيرأس مصر الآن أحد الوجوه المعروفة من الحرس القديم أم وجه سياسي صاعد قد لا يتمتع بالقدر الكافي من الشعبية ؟ وايا كان الشخص الذي سيختاره المصريون في يونيه القادم فانه سيرث تركة ثقيلة قوامها اقتصاد متهاو، وخلافات داخلية وقضايا شائكة علي رأسها العلاقات المصرية مع امريكا واسرائيل التي تأتي في سلة واحدة مع حزمة معونات أمريكية مقدارها 1.3 مليار دولار سنويا .