إذا لم تستح فاصنع ماشئت، إذا خلعت سترة الحياء فاصنع أيضا ما تشاء، النضال عاريا في شتاء القاهرة قد يكون أكثر ربحا، عن محمد زارع، وجمال عيد، ومحمد لطفي، وجاسر عبدالرازق ومجدي عبدالحميد نتحدث، عن وفد النشطاء المتجه إلي السفارة الفرنسية في الجيزة رافعا شعار »فلنوليك سفارة ترضاها». قد يكون مفهوما أن ترفض ما يتردد عن التعديلات الدستورية لكن الهمس في الأبواب المغلقة علي أرض أجنبية لا يمكن أن يكون له تعريف في قاموس الوطنية. إذا تجاوز الأمر الحديث عن تفاصيل حرب مصر ضد الإرهاب في سيناء وكيل الاتهامات لها في مرافعة استعراضية أمام وفود الدبلوماسية والاستخبارات الفرنسية وصولاً إلي حد التحريض المباشر علي ضرورة إيقاف إمداد السلاح الفرنسي عن مصر. علي الأرض الفرنسية حضرت هيئة الدفاع عن المساس بسيادة الوطن، الجميع ارتدي أفخم ملابسه لربما كان اللقاء مجهزاً من أجل التوثيق، لكنك عندما تعقد العزم علي أن تلتف حول وطنك باسم الحقوق والحريات ستظل عاريا إلي الأبد ولن يستر عورتك السياسية إلا وطنك. يطرح نفسه بقوة.. هل قررت فرنسا التضحية بوفد الاستربتيز السياسي في العرض الأخير علي خشبة مسرح السفارة؟، هل هو الاستخدام الأخير لأعضاء الفرقة العارية؟، هل هم ستار لفرقة جديدة في الكواليس أو خلف الستار؟. هل كان الوفد متحدثاً فقط أم أنه تلقي الرسائل والتكليفات الجديدة التي ستظهر في حساباتهم الإلكترونية من أجل تحريض أتباعهم من الخلايا المستكينة التي طال انتظارها لغطاء سياسي أجنبي لممارسة التعري الجماعي؟، هل نحن بصدد تنظيم »العراة الجدد»؟. صفراء أو من أي لون ذهب وفد العراة الجدد إلي السفارة، لكن الحديث لا يحلو إلا علي امتداد المائدة الفرنسية حيث السمك علي الطريقة الفرنسية والنبيذ الأبيض الفاخر ثم الحلويات الفرنسية الشهية، حالة »فرنساوية» مبدعة تشحذ الهمم النضالية ولكنها لا تستر من قرر ممارسة التعري الجماعي. النضال بلا سترات قد يمنحك خفة الحركة بعض الوقت، لكنها حركة مرصودة التفاصيل تحت عدسة ميكروسكوب الدولة، ما تظنون أنكم تفعلون في فناء السفارة ينادي به فوق أسطح الدولة. ما هي الرسائل الإخوانية التي نقلها هذا الوفد للسفارة؟، وهل كانوا علي وضوئهم السياسي وهم يحملون تلك الرسائل أم أن الوضوء لا يجوز في حالة التعري السياسي؟.. لا أدري. لماذا لم يعلن المجتمعون عن تفاصيل اللقاء، أم أن الاتفاق كان هو عدم الإعلان حفاظا علي السرية ظنا أنها ستظل محجوبة عن الدولة المصرية؟. سأل أحدهم عن مصير المتظاهرين من أصحاب السترات الصفراء الذين تم القبض عليهم في باريس؟ أكاد أُشفق عليهم من البرد القارس وهم دون سراويل تقيهم بؤسهم. إذا لم تستح فاصنع ما شئت انتقل بين السفارات من أبواب خلفية، اجلس علي كل الموائد واشرب الأنخاب الملونة ولا تتعجب من نظرات الوطن المحيطة بك وأنت عار علي رءوس الاشهاد. من قسوة برد الشتاء أو لهيب حرارة الصيف بعد أن خلعت ما يسترك بارادتك التي اعتقدت انها حرة، تنقل بين الاجتماعات الأجنبية كما تشاء ولن تجد ما يستر عورتك السياسية إلا وطنك. علي امتداد المائدة الفرنسية هل سأل أحدهم الرئيس الفرنسي عن مصير الشعب الليبي، عن أعداد المدنيين الذين قتلوا من جراء القصف الفرنسي؟. سأل أحدهم الرئيس الشاب عن مشروعه لإنشاء جيش أوروبي، هل هو بداية لانسحاب فرنسي من تحالف الناتو توبة عن الدماء التي سالت بسلاح التحالف؟ قبل الحديث عن حقوق الإنسان يستوجب الحديث عن الإنسان نفسه، عن حقه في الحياة أولا، عن حقه في ألا يكون أداة للمزايدة في بورصة السياسة الدولية. حقوق الإنسان وجدت لخدمة الإنسان وليس لاستخدامه. سأل أعضاء الوفد الجالس في حضرة السفارة أنفسهم عما إذا كانوا قد جاءوا لخدمة الإنسان أم انهم مستخدمون من أجل ابتذال سياسي لقيمة هذا الإنسان؟. في حضرة السفارة العريقة كان اللقاء، لكن السفارة نفسها قابعة في حضرة أقدم دولة عرفها التاريخ، قامت باسم الإنسان ومن أجل الإنسانية. انتهاء اللقاء وبعد الإذن الفرنسي بالانصراف هل سأل أحد أعضاء الوفد رجال الشرطة الرابضين حول السفارة بسترات الوطن الرسمية عن حقهم في الحياة، عن زملائهم الذين ارتقت أرواحهم برصاص الإرهاب الغادر، عن حجم الدماء المصرية المبذولة نيابة عن الإنسانية، أم أنهم لم يجدوا ترجمة فرنسية لما سيلقي علي مسامعهم؟.