يرتبط التصنيف العالمي للجامعات ليس فقط بعدد العلماء والنابهين من خريجيها أو اساتذتها أو بما تضمه من تخصصات دقيقة ولكن ايضا بما يتمتع به اعضاء هيئة التدريس والطلاب من الاستقلال العلمي. وحتي يكون الاستقلال العلمي واقعا ملموسا فلابد من تمتع الجامعة بالاستقلال المالي والاداري. ولعل اهم متطلبات الاستقلال الاداري هو مبدأ تقاسم الادارة الذي يضمن اعطاء اعضاء هيئة التدريس دورا مهما في تحديد السياسة التعليمية وتطوير المناهج وتوزيع المهام العلمية والادارية واذا ما تحدثنا عن دور الطلاب في الادارة فإن ذلك قد يثير الجدل للعديدمن الاعتبارات اهمها عدم قناعة الاساتذة بمشاركة الطلاب في تقييم ادائهم، كما ان وجود الطلاب وجود مؤقت حيث لاتزيد مدة بقائهم عن بضع سنوات ثم التخرج ومن المعلوم ان الطلاب يمكن ان يلعبوا دورا هاما في النواحي التي تتعلق بحياتهم الجامعية ثم ادارة الاسكان الطلابي والخدمات الطلابية والانشطة الرياضية والثقافية وحتي يمكنهم المساهمة في بعض النواحي الاكاديمية حتي يتم تدريبهم علي ابداء الرأي في القضايا العامة بما يمكنهم من التزود بالخبرات اللازمة خلال فترة الدراسة. ومن أهم متطلبات الاستقلال الاداري ايضا هو طريقة اختيار اعضاء هيئة التدريس والعاملين الاداريين والذي يتطلب شرط الجدارة الاداريةخاصة عند شغل المناصب الادارية واختيار الاكفاء وليس الاكثر صداقة او قربا من متخذي القرار كما ان طريقة اختيار القيادات الادارية يجب ان تخضع لاعتبارات وقياسات مختلفة عن تلك التي يتم اتباعها في قانون العاملين المدنيين بالدولة. ولطبيعة الادارة الجامعة من خصوصية تتطلب استقلال الجهاز الاداري باعتبار ان استقرار الاوضاع الادارية جزء من متطلبات تقدم الجامعات ولانعني بمفهوم الاستقرار هو بقاء القيادات الادارية في مواقعها دون تغيير للافراد ولكن نعني استقرار السياسات والنظم واعداد الكوادر اللازمة لتشغيلها وتحويل الجامعات من مؤسسات تدار طبقا للمعايير الشخصية إلي نظام اداري مؤسسي يسير علي قواعد راسخة واخلاقيات وقيم جامعية يضمن حيدة القرارات الادارية وان تصبح ادارة الجامعات ادارة ديمقراطية وليس ادارة توازنات للحفاظ علي المصالح الشخصية وتبادل المنافع كما ان اوضاع العاملين لاتقل حساسية عن اوضاع هيئة التدريس وان تطويرهم ودعمهم هو دعم للعملية التعليمية والبحثية. واذا تحدثنا عن الاستقلال الاداري فلابد ان نتطرق إلي مفهوم يجب ان يسود وهو ان سلطات المجالس الجامعية اعلي من سلطات رؤساء المجالس ومن ثم يجب وجود رقابة ادارية فعالة من سلطات اشرافية يتحقق بموجبها وجود رقابة علي القرارات الادارية ولاتكون هذه الرقابة ايضا علي الحرية الاكاديمية او النشاط الطلابي.وهو ما يجب كفالته قانونيا بموجب قواعد تضمن مسائلة جميع المستويات الادارية في حالات سوء استغلال النفوذ أو تضارب القرارات وغيبة العدالة أو عدم تحقيق التقدم المطلوب خلال فترة تولي المنصب الاداري وبما يضمن جودة الاداء. واذا ما تحدثنا عن الاستقلال المالي فإن الجامعات في حاجة ماسه إلي موارد مالية لمساعدتها علي اداء رسالتها بشكل جيد يسمح بالنمو المنتظم ومواجهة تطورات المستقبل والواقع ان عدم الاستقرار المالي وضعف الامكانات هو اهم معوقات الادارة الجيدة. وبطء تنفيذ السياسات الجامعية الضامنة للتقدم. أن اهمية التعليم الجامعي انه سلعة اقتصادية يجب ان يسايرها استثمار عام يجعل من الجامعات مؤسسات قادرة علي القيام بمسئولياتها. ومن المنطق ان تكون الجامعات مسئولة مالية امام من يمولها سواءكانت جهات حكومية او خاصة ولاتتضمن المحاسبة المالية التدخل في الشئون الاكاديمية أو الطلابية ولكن تكون مقصورة علي مراقبة الاداء المالي والاداري وقد يكون ذلك من خلال اجهزة جامعية مستقلة مهمتها مراجعة النجاح والفشل بطريقة محايدة وان تكون الادارة طبقا لمبدأ معايير الاختبار المنتظم والدوري المطابق لمعايير الجودة وبطريقة مستمرة طبقا لنظم المحاسبة المؤسسية. وان من شأن تحقيق الاستقلال الاداري والمالي احداث نقلة نوعية في الخدمات العلمية وتقليص التكاليف وذلك يقتضي ادخال تغيرات اساسية في نظم الادارة وتغير المعتقدات العتيدة وتغير الاتجاهات السلبية وجعلها اكثر ملائمة للتطور التكنولوجي الحديث.