د. أحمد عمر هاشم هذه الوصايا باقة حب، لمن يتولي مسئولية كنانة الله في أرضه وهي »مصر« إنها دعوة حق، ونداء صدق، ليقود الربان، سفينته في اطمئنان، ومن أجل أن يحميه الله ويحمي الوطن من إعصار البغضاء، وزمهرير الأضغان فإن العواصف الهوجاء، تكاد تقتلع ما رسخته القرون والأجيال. وأحب بادئ ذي بدء أن أقول للقائد القادم: أعلم ان لم تكن تعلم أن الرياسة غُرم لاغُنم، وتكليف لا تشريف، من أخذها عن مسألة وإلحاح وطلب وكل إليها، ومن جاءته بلا ذلك وفق فيها وبارك الله له. ولقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه حين طلبها: »إنك ضعيف وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة« إلا من أقام حق الله وأدي ما وجب عليه، وبين له أنه لا يولي هذا العمل احد يطلبه ولا احد يحرص عليه. ولنبدأ الآن بتقديم الوصايا العشر للرئيس القادم: الوصية الأولي: توثيق الصلة بالله قيوم السموات والارض وذلك بتقوي الله سبحانه وتعالي، وأقول للحاكم: كن مع الله يكن الله معك وعلي الحاكم أن يكون قدوة لغيره في السلوك والاخلاق، وان يعمل علي نصرة دين الله حتي ينصره الله »إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم«. وعلي الحاكم ألا يستنكف عن سماع نصيحة من ينصحه ويأمره بتقوي الله فقد قال الله تعالي لرسوله صلي الله عليه وسلم: »يا أيها النبي اتق الله« ولطالما كان يأتي احد الاعراب الي رسول الله صلي الله عليه وسلم ويقول له: »اتق الله« فما كان يغضب بل يفسح الصدر والقلب لذلك. الوصية الثانية: إقامة العدل بين الجميع فلا يحابي الأبناء ولا الأقرباء ولا الاصدقاء علي غيرهم، ولا يحابي المسلمين علي غير المسلمين بل يجب ان يقيم العدالة بين الجميع بلا استثناء، حتي الذين بينه وبينهم عداوة، لأن الله تعالي قال: »ولا يجرمنكم شنآن قوم علي ألا اعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوي«. وليعلم الحاكم أن سمة العدل هي اساس الملك وبها يكون أول السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله فأولهم: »إمام عادل« الوصية الثالثة: انتقاء المساعدين وإبعاد بطانة السوء لأن بطانة السوء سبب كل انحراف لأي مسئول، واذا أراد الله بالمسئول خيرا قيض له بطانة خير إن نسي ذكروه، وإن ذكر أعانوه واذا أراد بمسئول شرا قيض له بطانة شر إن نسي لم يذكروه وان ذكر لم يعينوه، بل شاهدنا عبر عصور التاريخ ما كان للبطانة من أثر في انحرافات المسئولين. الوصية الرابعة: وجوب الأخذ بمبدأ الشوري والحذر من الاستبداد بالرأي، لأن الشوري في الاسلام فريضة أمر الله تعالي بها رسوله صلي الله عليه وسلم مع انه نبي ومعصوم ويوحي إليه، فقال الله تعالي: »وشاورهم في الأمر« وذكرها رب العزة بين فريضتين احداهما بدنية وهي الصلاة والثانية مالية وهي الانفاق وذكر الشوري بينهما فقال الله تعالي: »والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شوري بينهم ومما رزقناهم ينفقون« الوصية الخامسة: أن ينظر الي الجميع نظرة متساوية فيجعل من نفسه أبا للكبير وأخا للصغير وأنه مسئول عن الجميع فلا يفضل جماعة أو حزبا أو تيارا علي غيره بل يعدل بين الجميع. الوصية السادسة: ألا يحتجب عن اصحاب الحاجات والمظالم وان ينظر بنفسه في الشكاوي، وأن يحدد يوما حسب إمكاناته يلتقي فيه بأصحاب الحاجات ليتعرف علي نبض الشارع. الوصية السابعة: أن يخصص يوما لمقابلة العلماء ليستضيء برشدهم وهداهم، لأن العلماء ورثة الانبياء . الوصية الثامنة: أن يقرأ بنفسه التقارير العلمية التي أعدتها المجالس القومية المتخصصة، لأن هذه المجالس تضم الصفوة من شوامخ أهل العلم والخبرة، وفيما سطروه من تقارير خلاصة عمر وتجارب حياة. الوصية التاسعة: أن يقوم بنفسه بتفقد أحوال البلاد والعباد، وأن ينظر في حوائج الناس ولا يكتفي بارسال أحد نوابه أو مساعديه، بل عليه ان يطمئن بنفسه علي سير الحياة . الوصية العاشرة: علي الحاكم أو المسئول أن يتسم بالرفق والتيسير والبعد عن العنف والتعسير وألا يشق علي أحد من الناس.