شهدت خريطة القنوات الفضائية في الفترة الأخيرة تغيراً في خريطتها بتقليص مساحة برامج التوك شو لحساب البرامج الترفيهية وبرامج النجوم بعد أن أصبح «التوك شو» محل هجوم من متابعيها بل ومن بعض أجهزة الدولة حيث أدركت الوكالات الإعلانية الكبري التي تقوم عليها الفضائيات احتمالية تراجع المعلنين أو تضامنهم مع الرأي العام مثلما حدث مع برنامج ريهام سعيد «صبايا الخير» فكانت البدائل الأخري هو الاستعانة بعدد من نجوم الفن لتقديم برامج أسبوعية توجه للأسرة المصرية. وكانت البداية بالإعلامية نجوي إبراهيم علي قناة النهار وتبعها برنامج «مفيش مشكلة خالص» علي قناة سي بي سي للفنان محمد صبحي وحسين فهمي علي قناة الغد العربي ببرنامج «حكايات حسين» وهو ما يشير إلي احتمال انتقال الظاهرة للقنوات الأخري.. فهل الأمر بداية لتغيير جلد الفضائيات أم بداية للعبة إعلانية جديدة ؟ كارت محروق في البداية يري د.صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة أن إعلامنا حاليا يعاني مشكلة محورها الإعلاميون أنفسهم حيث أصبح عدد كبير من مقدمي برامج التوك شو «كارتا محروقا» وصار عليهم خلافات عديدة ولم تعد لهم الجاذبية التي كانت تتحقق في فترات سابقة لأسباب مختلفة كاختلاف طبيعة المرحلة واتخاذ بعضهم مواقف أثرت بالسلب علي جماهيريتهم إضافة لتبنيهم قضايا لم تعد لها ذات الأولوية ولم تعد تناسب المرحلة وبالتالي صارت بعض القنوات تبحث عن شخصيات تستعيد حالة من البريق والجماهير لهذه القنوات وطبعا من السهل جدا أن تجد القنوات شخصية فنان له جماهيرية وخبرة ومثقف وكل هذه الشروط تنطبق مثلا علي حسين فهمي ومحمد صبحي وغيرهما، وبالتالي يجذب الجمهور بسهولة والإعلانات أيضا.. ولو غيرت القناة جلدها مثلا بمذيع بديل لاحتاجت وقتا لبناء جماهيرية له عكس الفنان الذي يجد برنامجه صدي من الحلقة الأولي. وحول وجود بعد إعلاني في الموضوع قال بالطبع هي قضية متوازية تحتاج إنفاقا كبيرا وبالتالي تحتاج تمويلا مصاحبا ولو عرض الأمر علي وكالة إعلانية لما ذكر اسم البرنامج أو طبيعته والاكتفاء فقط باسم النجم للترويج، فعلي الأقل تضمن الحلقات الأولي تمويلها وتبقي الصعوبة في القدرة علي الاستمرار وهل يجد الفنان صعوبات تجعله يعود إلي التمثيل أسهل. واختتم العالم كلامه مؤكدا أن مثل هذه البرامج يكون لديها القدرة علي إعادة تجميع الأسرة المصرية حول الشاشة خاصة أن الفنانين مقدمي البرامج يجيدون مخاطبة الجمهور بما يملكه من رصيد معهم. تجديد دماء وتقول د.ماجي الحلواني عميد كلية الإعلام الأسبق إن القنوات الفضائية تحتاج إلي تجديد دمائها كل فترة ببرامج جديدة واستعانتهم بفنانين مثل محمد صبحي وحسين فهمي أو إعلاميين كنجوي إبراهيم وإسعاد يونس وغيرهم يأتي لأن الناس كل فترة تحن للقديم أو ما تربت علي أعمالهم وأظن أن قرار تلك القنوات بالاستعانة بمثل هذه النوعيات من البرامج يأتي بعد دراسة واستطلاعات للرأي حيث اكتشفوا أن الجمهور ملَّ من برامج التوك شو التقليدية التي أصبحت تشبه بعضها بعضا وليس لها غرض إلا إشعال الخلافات والفتن وليس لها علاقة بالتوعية والتثقيف الذي يعد الدور الأهم للإعلام ولم تعد برامج الفنانين توصف بالخفيفة مثل السابق ولكنها أصبحت تحمل مضمونا ولها دور مهم في تثقيف ولم شمل العائلة. وأضافت أن الغرض الأساسي من الاستعانة بالأسماء المعروفة من الفنانين والإعلاميين يأتي لرغبة تلك القنوات في جذب عدد من المشاهدين والمعلنين، وهذا ليس عيبا لأن تلك القنوات لديها التزامات ورواتب لموظفين لابد أن تدفع كما أنهم يستحقون الإشادة لمحاولتهم جذب المعلنين ببرامج محترمة تحترم عقلية المشاهدين بعيدة عن الإسفاف والابتذال. أعمال محترمة وأكدت د.ليلي عبد المجيد عميد كلية الإعلام الأسبق أن كل قناة فضائية دائما ما تبحث عما تستطيع أن تنافس به القنوات الأخري ويجعلها متصدرة للساحة لذلك تلجأ معظم القنوات إلي تجديد برامجها وتجري تلك القنوات تقييم كل فترة لتعرف ما هي البرامج التي استنفدت أغراضها أو التي فقدت جماهيريتها لتحاول أن تجد البديل لها لذلك وجدت تلك القنوات أن البديل المناسب هو الاستعانة بالوجوه المعروفة للناس سواء فنانين أو إعلاميين بشرط أن يكونوا غير محروقين أو لهم آراء واتجاهات تجعل الجمهور ينفر منهم فشاهدنا تجارب لمحمد صبحي الذي استطاع أن يجذب الجمهور حوله وبالرغم من أن الغرض الأساسي من البرنامج هو جذب المعلنين إلا أنه برنامج متميز له رسالة اجتماعية مهمة جدا ويعد برنامج توك شو حقيقياً يقدم نقداً بناء ولا يهدف إلي الإضحاك فقط. وأضافت عبد المجيد أن القنوات الفضائية إذا لجأت للمنافسة ببرامج من نوعية برامج صبحي ونجوي إبراهيم وإسعاد يونس فهم بذلك يؤكدون أن الإعلام في طريقه الصحيح ويثبتون أنهم يستطيعون جذب الجمهور بأعمال محترمة لها رسالة اجتماعية ولابد أن يدخل التليفزيون في هذه المنافسة ويقدم هذه النوعية من البرامج التي ستساهم في عودة مكانته وريادته مرة أخري.