زيارة البابا تواضروس الثاني للقدس المحتلة، للمشاركة في جنازة الانبا إبراهام مطران القدس والشرق الادني، ربما تحدث شرخا في جدار رفض التطبيع مع العدو الاسرائيلي.. لكنها لا يمكن ابدا ان تحدث شرخا في جدار الوحدة الوطنية التي هي الحامي الأكبر لهذا الوطن في وجه كل المخاطر، وضد كل الأعداء. واذا كانت المشاعر الخاصة للبابا تواضروس قد ذهبت به الي القدسالمحتلة ليشارك في الصلاة علي صديق عمر، وعلي الرجل الثاني في الكنيسة الذي أوصي بأن يدفن في القدس.. فان ذلك لا ينبغي أن يكون نقضا لقرار أجمع عليه المجمع الكنسي منذ عهد البابا كيرلس صاحب القداسة والكرامات، واستمر في عهد البابا شنودة الذي أكد -أكثر من مرة- أن اقباط مصر لن يدخلوا القدس الا بصحبة اخوتهم المسلمين بعد تحريرها من دنس الاحتلال. وهو ايضا ما أكد عليه البابا تواضروس نفسه، رافضا أي تنازل بهذا الشأن. ولا نريد لرحلة البابا تواضروس للعزاء ان تتحول الي موضوع للجدل العقيم أو محاولات شق الصف، أو أن يستغلها البعض لتبرير خرقهم لقرارات الكنيسة المصرية بهذا الشأن. علي العكس من ذلك.. ينبغي استغلال الحدث لفضح الاحتلال الاسرائيلي، ووضع قضية القدس العربية المحتلة امام العالم. واعادة تركيز الاهتمام علي ما يعانيه شعب فلسطين، وما يعانيه المسلمون والمسيحيون في العالم بسبب الاعتداء الصهيوني علي مقدساتهم الاسيرة لدي النازيين الجدد من الصهاينة المحتلين. ومن هنا فان البابا تواضروس الثاني مطالب بالكثير بعد عودته من رحلة العزاء. فهو مطالب بأن يخاطب شعب مصر للتأكيد مرة اخري علي ثوابت الكنيسة المصرية وعلي وحدة شعب مصر كله تجاه الاحتلال الاسرائيلي الغاشم وتجاه تحرير القدس الحبيبة وكل الاراضي الفلسطينية عام 67 وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة. ويستطيع البابا تواضروس في هذه المناسبة ان يفضح الاحتلال الاسرائيلي امام العالم، وأن يبين انه لو كانت القدس العربية في يد اهلها، لذهب المصريون بكل طوائفهم ليودعوا الانبا ابراهام ويباركوا روحه ونضاله ضد العدوان المستمر والاطماع التي لا تنتهي من جانب الصهاينة للاستيلاء علي المقدسات الاسلامية والمسيحية. ويستطيع البابا تواضروس أن يخاطب العالم ليعرف حجم المعاناة التي يقاس منها رأس الكنيسة القبطية لكي يشارك في وداع صديق عمره الذي رعي الكنيسة المصرية في القدس، وكيف يضطر لشرح موقفه امام شعبه المحروم من زيارة القدس بسبب احتلال النازيين الجدد من الاسرائيليين لها. ويستطيع البابا تواضروس الثاني ان يستغل الموقف لمخاطبة كنائس العالم ليشرح لها الموقف وليؤكد لها انه لا سلام في المنطقة الا بعودة الارض الفلسطينيةالمحتلة وتحرير القدس العربية لتكون عاصمة للدولة الفلسطينية. وان كل حديث يتجاهل هذه الحقائق هو باطل في باطل.
ليس المطلوب الجدل بيننا حول رحلة العزاء التي قام بها البابا تواضروس وانما المطلوب ان تتحول لمناسبة لفضح الاحتلال الاسرائيلي، ولتأكيد قرارات الكنيسة المصرية بعدم زيارة القدس إلا بعد تحريرها. حتي العتاب بيننا مؤجل، فالثقة كاملة في وطنية البابا تواضروس والتقدير والمحبة والاعتزاز به وبمواقف كنيستنا الوطنية بلا حدود.