وسط حالة الانفلات الأمني التي تعيشها مصر بعد الثورة، وجد مزورو العملات فرصتهم الذهبية في السوق المحلي.. البداية كانت بأوراق من فئة 50 جنيها رصدها عدد من موظفي الكاشير في المراكز التجارية، ثم تطور الأمر إلي تزوير فئات ال 100 جنيه وال 200 جنيه ورصدها العاملون في محطات البنزين. وما كشفه المتعاملون في السوق أكدته مباحث الأموال العامة مؤخرا، بعد الإعلان عن ضبط تشكيل عصابي قام بتزييف مبالغ تجاوزت مليوني جنيه من فئات ال 100 وال 200 جنيه. ومثل هذه المعلومات تثير قلق الكثيرين من الوقوع فريسة لتلك الأموال خاصة ان المواطن العادي لا يستطيع التحقق من سلامة الأموال وماذا يفعل لو أنه شك في احدي أوراق النقد؟ هذه الاسئلة وغيرها يجيب عنها المهندس خالد عبد المنعم وكيل محافظ البنك المركزي لشئون طباعة النقد. هناك حالة من الكر والفر تعيشها الجهات المسئولة عن إصدار النقد ومحترفي التزييف علي مستوي العالم.. هذا ما أكده المهندس خالد عبد المنعم في بداية حديثه، ويقول هذه الحالة مستمرة، فالسلطات النقدية في كل دولة تسعي لتأمين عملتها قدر المستطاع، في المقابل تجتهد عصابات تزييف العملات لاختراق نظم التأمين والتغلب عليها، قد تساعدهم قوانين السوق في بعض الحالات، فعلي سبيل المثال بعض أنواع الأحبار التي تستخدم في طباعة النقد تكون محمية لفترة زمنية معينة، وبعدها يسمح بطرح هذه الأحبار في الاسواق وتكون متاحة للجميع، وهنا يتوجب علي سلطات النقد أن تغير نوع الأحبار التي تستخدمها، وبصورة عامة تكون سلطات النقد علي اتصال دائم بالسلطات الأمنية لرصد كل عناصر التأمين التي قد ينجح المزيفون في اختراقها، وتكون في حالة تطوير دائمة لعناصر تأمين عملاتها، وهو ما نعمل عليه حاليا. ولكن كيف يستطيع المواطن العادي أن يتعرف علي النقود المزيفة؟ خاصة وأن ما تم الاعلان عنه من ضبط للمزيفين لم يؤكد ضبط كل الاموال التي قاموا بتزييفها؟ - قال: هناك مجموعة من العناصر التأمينية التي يسهل علي الانسان العادي التأكد منها، ولم تتمكن عصابات التزييف من تقليدها.. منها علامات متواجدة في فئات أوراق النقد بداية من فئة 5 جنيهات وحتي فئة 100 جنيه، مثل عين حورس، حيث يظهر جزء منها فقط عند النظر الي أحد وجهي الورقة بشكل عادي، ولكن عند رفعها أمام الضوء يتكامل هذا الجزء مع الجزء الاخر المطبوع علي ظهر ورقة النقد، لتظهر عين حورس كاملة عند رفعها والنظر اليها أمام الضوء، والنقود المزيفة يستحيل ان يتحقق فيها هذا التطابق بين جزءي عين حورس، فاذا رفعتها أمام الضوء ستجد فروقا بين الجزءين، هناك أيضا علامة مميزة جدا تظهر بوضوح في النقود فئة 100 جنيه و200 جنيه، وهي الطباعة باستخدام حبر ( أو. في. آي ) وهو حبر متغير اللون، وهي موجودة علي شكل رسمة شبيهة بالنجمة، ويتغير لونها مع تحريك الورقة، هذه العلامة لا تستطيع توفيرها الطابعات العادية التي تستخدم في التزييف، وهي من العلامات التي يسهل جدا التحقق منها، وبالاضافة الي ذلك توجد علامات تأمين تتميز بها ورقة النقد فئة 200 جنيه، منها رقم 200 وهو مكتوب بنفس طريقة عين حورس، حيث تظهر أجزاء منه فقط للعين علي كل وجه من وجهي الورقة، وعند النظر الي الورقة في الضوء يكمل الوجهان بعضهما البعض ويظهر الرقم 200 كاملا، وإلي جانب ذلك تتمتع ورقة 200 جنيه بوجود ستة خطوط صغيرة وبارزة علي طرفي الورقة في اليسار واليمين، يستخدم فيها " الانتاليو" الذي يعطي ملمسا مميزا بارزا وخشنا لا يستطيع المزيفون تقليده.وبالطبع هناك عناصر تأمينية أخري لكن هذه العلامات يستطيع الاعتماد عليها الشخص العادي. قبل عدة سنوات قامت احدي عصابات تزييف العملات بغسل أوراق نقد من فئات صغيرة واعادة طباعتها بفئة 100 جنيه، وبالتالي فقد كانت تحمل كل العلامات المائية بشكل صحيح، فهل يمكن تكرار ذلك الان؟ - قال : لا، علي الاطلاق.. ذلك كان في الماضي، فكما سبق وقلت كلما حقق المزيفون تقدما نسعي للتغلب عليهم، وتفادي نقاط الضعف، وهذا ما حدث، فمنذ عام 2006 تم ادخال عنصر تأميني جديد علي أوراق النقد بكل فئاتها بما فيها الفئات الصغيرة كالخمس جنيهات، حيث أصبحت جميع أوراق النقد المصرية مغطاة بطبقة لا تسمح بغسل الألوان عن ورقة النقد أو اعادة الطباعة عليها. ماذا يفعل المواطن لو شك في ورقة نقد بأنها مزيفة؟ - قال: يتوجه بها الي البنك المركزي حيث سيتم استبدالها بنقود سليمة، واعدام النقود المزيفة... وعملية التبديل هنا لا تقوم بها البنوك التجارية العادية، فالوضع يختلف تماما عن أوراق النقد القديمة أو التالفة. يواجه كثير من العملاء بعد الثورة مشاكل مع البنوك في استبدال اوراق النقد القديمة أو التالفة، فهل هناك نقص في طباعة أوراق النقد الجديدة؟ - قال : لم يحدث أي قصور في استبدال نقد تالف بنقود جديدة، وعلي العكس من ذلك فهناك توجيهات من د. فاروق العقدة محافظ البنك المركزي للبنوك باستبدال أي نقد تالف، لأن البنك المركزي يستهدف الانتهاء تماما من استبدال أوراق النقد التالفة بنهاية هذا العام، فاذا واجه العملاء اعتراض من البنوك ورفض لاستبدال نقد تالف، فذلك يكون تقصيرا من البنك الذي يتعامل معه العميل وليس نقصا في الأموال الجديدة. هل نتوقع تعديلا قريبا علي أوراق النقد بعد ضبط عمليات التزييف الأخيرة؟ - قال: نحن بصدد اضافة عدد من العناصر التأمينية الجديدة لأوراق النقد، ومن المقرر أن يطرح الإصدار الجديد من النقد بالعلامات الحديثة للتداول خلال شهرين، هذه العلامات لن تغير الشكل المتعارف عليه لأوراق النقد بمختلف فئاتها، ولكنها ستزيد من تأمينها ضد التزييف، وفي الوقت ذاته سيكون التعرف عليها أكثر سهولة ويسرا للمواطن العادي.